شبكة الإنترنت جعلت عالمنا صغيرا، كما أنها نظمت تاريخنا وجعلته أفضل فهرسة وتبويبا، وأكثر قابلية للبحث فيه. إلا أن مثل هذه التطورات لا تعود بالنفع دائما علينا، خصوصا إذا كانت مقرونة مع الظاهرة الغريبة المتمثلة في تخلي معظم الناس عن المنطق المعقول، عندما يتعلق الأمر بنشر الصور والأسماء والمعلومات الخاصة بهم.
ويتناقش الخبراء في السبل التي تتيح لمستخدمي الإنترنت تحسين سمعتهم على الشبكة، وكيفية حماية خصوصياتهم عليها، لا بل كيفية الاختفاء كلية من الشبكة! وكان إيريك شميدت، المدير التنفيذي لشركة جوجل، قد قال في حديث صحافي سابق له: «لا أعتقد أن المجتمع يتفهم ما يحصل عندما تكون جميع الأمور متوفرة ومتيسرة ومعروفة ومسجلة من قبل الجميع في جميع الأوقات». وأقترح أنه يتوجب على الناس في نهاية المطاف تغيير أسمائهم للإفلات من الإحراج الذي ينجم عن تواريخهم الموثقة جدا على الإنترنت! الاختفاء من الإنترنت.
وبدلا من اللجوء إلى برنامج حماية الشهود، أو تغيير الاسم، في ما يلي الخطوات الخمس حول كيفية الاختفاء من الإنترنت، كما أوردتها مجلة «بي سي وورلد» الإلكترونية:
الخطوة الأولى: اعرف عدوك.. قبل القيام بأي إجراء يجب معرفة ما الذي تريد التخلص منه. أولا قم بإجراء بحث يتناول اسمك، ولا تكتف فقط ببوابة «غوغل»، بل قم بالبحث في المجموعات الأخرى من المواقع المهتمة بالأسماء والعناوين وما شابه في الولايات المتحدة أو في أوروبا، مثل «زابا سيرش» ZabaSearch، و«إنتليوس» Intelius، و«بيبل» Pipl، و«سبوكيو» Spokeo.
ابق بعيدا عن الشبكة
الخطوة الثانية: ابق بعيدا عن الشبكة.. من المؤسف أن شطب كل ما يتعلق بكل أثر من آثارك على الشبكة هو أمر مستحيل. يمكن إزالة المعلومات ورشوة الآخرين للقيام بذلك أيضا، لكن هنالك المئات من شبكات الكومبيوتر المسخرة التي جرى الاستيلاء عليها، فضلا عن مواقع للمحتويات والمعلومات، ومحركات البحث التي تتصيد معلومات الشبكة. وبذلك فإن أفضل طريقة لإزالة نفسك من الشبكة كلية هي في عدم ذكرك، أو وجودك فيها في المرتبة الأولى. ومثل هذا الامتناع يتطلب قرارا حازما وجديا.
وفيما يلي بعض النصائح حول كيفية إبقاء حياتك الشخصية بعيدا عن الشبكة:
- استخدم اسما مستعارا إذا لم ترغب أن يكون اسمك موجودا في جميع أنحاء الشبكة.
- استخدم اسما صوريا، أو اسم قلم لإجراء معاملاتك على الإنترنت. وتأكد من تدبير عنوان خاص بالبريد الإلكتروني ينسجم مع الاسم المستعار.
- كذلك قم برصد ومراقبة أصدقائك، لأن الأمر بات يتعدى شخصك. واطلب منهم ومن أفراد عائلتك وغيرهم من المعارف عدم نشر معلومات، أو صور لك على الشبكة من دون تصريح واضح من قبلك. ولا تضع نفسك في مواقف، أو صور محرجة ونشرها على «فيس بوك».
لكن القول إنه ينبغي عليك الامتناع عن الزواج مثلا، أو التقدم بطلب للحصول على قرض مالي، أو اقتناء هاتف جوال هو قول فيه الكثير من التشدد والتطرف، وذلك ينطبق أيضا على محاولة الامتناع عن استخدام الإنترنت. لكن لنواجه الحقائق: فالكثير من سجلات اليوم باتت رقمية إلى درجة أنه يتوجب على الإنسان أن يكون ناسكا منعزلا في غابة إذا ما أراد الابتعاد عن الإنترنت وشبكاتها. ويمكن هنا اللجوء إلى صناديق البريد العادية لإخفاء عنوان المسكن والعمل، وإجراء ترتيبات الزواج في بلد بعيد، واستخدام الأموال النقدية مباشرة، واللجوء إلى أرقام الهاتف القديمة الموجودة في مدن أخرى إن أمكن، بحيث تضعك الكثير من محركات البحث في مدينة سبق أن كنت تقطن فيها بدلا من المدينة التي هربت إليها! شطب المعلومات.
اشطب كل ما تستطيع
الخطوة الثالثة: اشطب كل ما تستطيع.. إذا شطبت كل حساباتك من المواقع الاجتماعية فقد تفقد كل اتصال مع أصدقائك ومعارفك. لكن دعونا نراجع كيفية التراجع من بعض هذه المواقع والخدمات.
- كيفية التخلي عن «فيس بوك»؟ ادخل إلى الموقع، وإلى تسجيلك هناك، وإلى ترتيبات التسجيل Account Settings، وفي أسفل الشاشة الأولى Settings هنالك رابط يؤدي إلى «تعطيل إبطال حساب التسجيل». نعم تتيح «فيس بوك» لك التعطيل قبل الشطب والإلغاء كلية. انقر على هذا الرابط لتشاهد شاشة مليئة بصور أصدقائك ورسائلهم إليك. اختر سببا للمغادرة أو التعطيل، وتأكد من قيامك برفض تلقي رسائل بريدية إلكترونية مستقبلية من «فيس بوك». وعليك ترك حسابك هذا معطلا، وعدم الدخول إليه لمدة أسبوعين قبل أن يقوم «فيس بوك» بإلغائه وشطبه.
- كيف تفعل الشيء ذاته مع «تويتر»؟ ادخل إلى الشبكة، وبعدها إلى ترتيبات الإعداد Settings، وبعدها الحساب المسجل Account. وفي أسفل الصفحة هنالك رابط يقول «عطل حساب التسجيل». انقر عليه للذهاب إلى صفحة التحقق من الهوية. انقر على «أوكيه» لتعطيل الحساب ليصبح فورا باطلا ولاغيا ولا يمكن استرجاعه.
- كيفية التخلي عن «لينكدلن»؟ ادخل إلى الحساب وإلى ترتيبات الإعداد Settings، وبعدها الحساب Account، وبعدها «إغلاق الحساب» لتجد نفسك في صفحة التحقق من الهوية حيث «لينكدلن» ستسألك: لماذا تريد أن تفعل ذلك. اختر سببا ثم انقر على «استمر» لشطب الحساب ولإلغائه.
وعلى الرغم من أن الشبكات الاجتماعية هي مواقع جيدة في إلغاء الحسابات والمعلومات الموجودة عليها، لكن من المستحسن تغطية قواعدك يدويا عن طريق إلغاء وشطب ما تستطيعه من الصور والرسائل والمعلومات، قبل إلغاء التسجيل. وإذا رغبت أن لا تفعل ذلك بنفسك، اكشف على «سويسايد ماشين» Suicide Machine على موقعه «ويب 2.0 سويسايد»، ليقوم بذلك نيابة عنك أمام ناظريك. وعليك أيضا حذف كل حساباتك من أي أدوات للشبكات الاجتماعية مثل «هووت سويت» التي تستخدمها للحفاظ على شبكاتك الاجتماعية.
نزع الاسم
الخطوة الرابعة: انزع اسمك.. هنالك شركات مثل «ريبيوتيشن دوت كوم» و«ريموف يور نايم» تزعم أنها قادرة على إعادة تأهيل سمعتك على الشبكة. فإذا كانت قادرة على ذلك، فأنت قادر أيضا. ومثل هذه الشركات تستخدم أسلوبين لتحسين سمعة زبائنها. فهي تسأل مواقع الشبكة تسجيل معلومات جرمية تتعلق بزبائنها، وما يخص قضايا خاصة بالقانون والمال. ثم تقوم بتقليص وحجب المحتويات السيئة منها في نتائج البحث عن طريق تحميل المحتويات الجيدة. والأسلوب الأخير لا يطاله هذا المقال لكونه يركز فقط على إزالة المحتويات من الشبكة، وليس تحميل المزيد منها. لكن الأسلوب الأول أساسي.
الخبر الجيد هنا أنك تستطيع القيام بذلك بنفسك، أما الخبر السيئ فهو أنه يستغرق الكثير من الوقت والتصميم. وسؤال المواقع إزالة المعلومات المتعلقة بك هو سهل للغاية. فقط ابدأ بإرسال الرسائل الإلكترونية إلى أصحاب المواقع طالبا منهم نزع هذه المعلومات. لكن توقع أن تواجه الكثير من المقاومة، فالكثير من أصحاب المواقع لا يملكون الوقت الكافي لذلك، أو الميل نحوه. ومن غير المحتمل أن تصل إلى أي مكان مع محركات البحث لكونها مراكز تجميع، وليست قواعد بيانات. ويمكن اختيار «سبوكيو»، لكن احذر من بقاء معلوماتك هناك على الرغم من عدم ظهورها على الموقع.
وإذا اخترت «سبوكيو» توجه إلى الموقع وابحث عن اسمك. انقر على اللائحة التي تود إزالتها. قم بتسليط الضوء على عنوان الموقع الإنترنتي الخاص بنتيجة البحث وانسخه، ثم انقر على «الخصوصية» Privacy والصق عنوان الموقع الذي نسخته في الإطار المخصص لذلك، وأدخل عنوان بريدك الإلكتروني ورمز CAPTCHA المطلوب، ثم انقر على لائحة الإزالة، لتتلقى بعد ذلك رسالة تحقق من الهوية. وعندما تنقر على الرابط في البريد الإلكتروني تزول اللائحة فورا.
وإذا رفضت مواقع هذه الشبكة التعاون، يمكن الاستعانة بالقانون، أو يمكن تقديم المال. وتقوم جوجل بإزالة نتائج البحث إذا تمكنت من إقناع فريقها أن موقعها يخالف أو يتدخل في ملكيتك الفكرية. وثمة إمكانية أخرى هي تقديم تسويات خاصة بمواقع الشبكة لإزالة المحتويات. لكن لسوء الحظ فإن هذين الخيارين يتطلبان دفع المال وغالبا الأفضل ترك الأمور بيد المفاوضين المحترفين والمحامين. وهنا تكون المواقع الدفاعية الشهيرة مفيدة.
الهروب من المعلنين
الخطوة الخامسة، هي الاختفاء من المعلنين.. والآن بعدما قمت بما يتوجب عليك للاختفاء من جمهور الإنترنت العام إليك كيفية إخفاء وجهك الخاص من الشركات الساعية إلى شراء منتجاتك. فمميزات المتصفحات المصممة لمساعدتك على التخلص من الإعلانات لا تزال في مراحلها الأولى لأن بعض الترتيبات والإجراءات تعتمد على المعلنين المتطوعين للامتثال مع طلب التخلص هذا. ومع ذلك يمكن التخلص من الإعلانات الموجهة إليك خصيصا في متصفح «موزيلا فايرفوكس 4» و«مايكروسوفت إنترنت إكسبلورر 9».
وعندما تشغل مزية «لا تتعقبني» في متصفح «فايرفوكس»، يقوم الأخير بإرسال رسالة إلى كل موقع زرته مبلغا إياهم أنك غير راغب في أن يتعقبك أحد. لكن الامتثال لهذا الطلب واحترامه يبقى أمرا تطوعيا كما تلاحظ «فايرفوكس».
ولتشغيل مزية «لا تتعقبني» في «فايرفوكس 4» ينبغي التوجه إلى «العدد والأدوات»، و«الخيارات»، و«متقدم» Advanced. وتحت بطاقة «عام»، تحقق من الإطار الموجود بجانب «بلغ مواقع الشبكة بأنني غير راغب في أن يتعقبني أحد». وهذا من شأنه تبليغ مواقع الشبكة بهذا الأمر. لكن إذا رغبت في اختيار مواقع الشبكة التي تتلقى هذه الرسالة، يمكن تنزيل «لا تقم بالتعقب+» من «أباين».
وتختلف مزية الوقاية من التعقب في «إنترنت إكسبلورر 9» من مزية «لا تتعقب» من «فايرفوكس». فبدلا من إرسال معلومات إلى هذه المواقع، يقوم متصفح «إنترنت إكسبلورر 9» بتحديد مواقع الطرف الثالث الذي يقوم متصفحك بالدخول إليها من دون إذنك الصريح، وبذلك يجري تقييد فرص الفريق الثالث هذا من تعقبك. ومثال على موقع للفريق الثالث هو الإعلان الذي تراه على صفحة الشبكة.
من الناحية الفنية، هذا الإعلان هو جزء من صفحة الشبكة التي تنظر إليها، لكنه في الواقع جزء صغير من صفحة أخرى للشبكة. وتقوم مزية الحماية من التعقب في «إنترنت إكسبلورر 9» بسد الطريق على هذه الإعلانات لتقليل احتمالات تعقبك. ولتنشيط مزية حماية التعقب في «إنترنت إكسبلورر 9»، اذهب إلى «عدد وأدوات» - السلامة - حماية التعقب. كما تحتاج أيضا إلى إضافة اللوائح الراغب في وقايتها من التعقب، لمنع ظهور محتوياتها.
وهكذا فإن شطب ذاتك من الإنترنت ليس سهلا، وقد يكون في حالات كثيرة مستحيلا. لكن اتباع ما ذكر سلفا، قد يجعل حضورك عليها أقل بروزا.