الثلاثاء، ديسمبر 13، 2011

البكتيريا الصديقة كغذاء وعلاج للوقاية من الأمراض

تزايد الوعي الغذائي في السنوات الأخيرة، فأصبح الفرد مدركا للعلاقة القوية بين الغذاء والصحة، خاصة بعد أن أكدت العديد من الدراسات العلمية على تأثير تناول الغذاء في تزويد الجسم بالطاقة وزيادة المناعة ومقاومة أو تجنب الأمراض، وفي الوقت الحاضر بدأ الاتجاه نحو تناول الأغذية العلاجية التي تحتوي على مكونات نشطة Active components والتي تقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض وتحسن الصحة العامة، وقد تزايدت الأدلة العلمية على التأثيرات الصحية والعلاجية للأغذية الحيوية، وعلى فعالية بعض الأنواع الغذائية التي تحتوي بعض أنواع الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتريا والخميرة الصديقة التي تستخدم كغذاء وكعلاج وذلك للوقاية من عدد من الأمراض.
الكائنات الحية الدقيقة لمكافحة مرض السرطان:
ترجع أسباب مرض السرطان إلى عدد من العوامل، مثل تناول الأغذية غير الصحية (مثل الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو البروتين أو المعالجة كيميائيا) والعوامل الوراثية للأفراد إضافة إلى تناول الأغذية الملوثة بمواد مسرطنة. ولكن مايقارب من 33% من حالات السرطان ترجع إلى أسباب تناول الأغذية غير الصحية، فمثلا نجد أن الوجبة الغذائية غير الصحية تمثل 80% من أسباب الإصابة بسرطان القولون، وبصفة عامة فقد تمت ملاحظة أن الأغذية الغنية بالدهون والبروتين تؤدي إلى زيادة نشاط الأنزيمات المسرطنة داخل جسم الإنسان، ولكن التجارب المعملية أكدت أن البكتريا الصديقة تتسبب في تقليل مخاطر السرطان، كما أن كثيرا من الأبحاث أثبتت أن تناولها في صورة غذاء علاجي يقي الإنسان من حالات السرطان وقد يعالجها أيضا، وقد وجد أن الخلايا الحية لها تأثير مضاد للسرطان أفضل من الخلايا الميتة، وقد أثبت كثير من الأبحاث قدرة البكتريا الصديقة على تثبيط نمو أنواع من السرطان. ويمكن إيجاز ميكانيكية عمل الميكروبات العلاجية ضد الخلايا المسرطنة بصفة خاصة، بتأثيرها القوي بتحفيز الجهاز المناعي وتكسير المركبات المسرطنة وخفض أعداد البكتريا الممرضة ومركباتها الأيضية المسرطنة، كما أنها تتسبب في تغيير الظروف الفيزيائية والكيميائية في القولون وبالتالي خفض فرص تكون المواد المسرطنة، كما أن لها دورا في تثبيط المركبات المسرطنة الموجودة في الأمعاء. وتتواجد العديد من الأدلة العلمية والتجارب الطبية التي تؤكد أن البكتريا الصديقة لها تأثير مثبط للمواد المكونة للطفرات التي تؤدي إلى حدوث السرطان، ولها القدرة على خفض بعض الأنزيمات الميكروبية المطفرة أو المسرطنة التي توجد في البراز والبول. وهناك بعض الآراء التي توضح أن البكتريا العلاجية لها القدرة على منع التطفر وبالتالي لها مايسمى بالتأثيرات المضادة للسرطان Antimutagenic، حيث إن استخدام اللبن العلاجي المتخمر بواسطة بكتريا البفيدوبكتريا يؤدي إلى منع الطفرات، ويعتمد تأثير ذلك على عدد من العوامل مثل عملية التخمر وعدد خلايا الكائنات الحية الدقيقة الصديقة المتواجدة في المنتج النهائي، كما أن وجود البكتريا الصديقة أو المواد الناتجة عن نشاطها يمنع تحول مولدات السرطان إلى مواد مسرطنة.
الأغذية العلاجية:
تغطي منتجات الألبان أكثر من 20% من مجموع الأغذية العلاجية، وتعتبر أوروبا هي المنطقة الأولى في العالم في إنتاج الألبان المتخمرة العلاجية، ولعل أشهر الألبان المتخمرة هي الزيادي واللبن الرائب وحليب البفيدس ولبن الأسيدوفيللس ولبن الكوميس ولبن الكيفير، وسنتطرق إلى لبن الكيفير حيث من الملاحظ بدء انتشار استخدامه وتصنيعه في المنازل، لعدم دخول صناعة هذا المنتج تجاريا في الأسواق المحلية.
لبن الكيفير :
يعد الكيفير من أقدم أنواع الألبان المتخمرة وأشهرها في بلاد القوقاز، فهو مشروب فوار ويطلق عليه مسميات عديدة لبن الفطر الهندي وتالاي وميودو كيكيا ولبن الكفير وبلجاروس' ، فهو من الألبان المتخمرة التي لها أهمية تجارية و كثر الإدعاء بفوائدها العلاجية الكبيرة خاصة في روسيا وبعض الدول الأوربية، ويتم صناعتها من حليب الأبقار و الماعز والأغنام وذلك بعد تلقيحها بحبوب الكيفير Kefir grains وهي عبارة عن حبوب قطرها يتراوح بين 1-3ملليمتر، وعادة مايكون لونها أبيض يميل للصفرة ، ومكوناتها الأساسية هي كازين الحليب وعدد من الكائنات الحية الدقيقة إذ تحوي مجموعة متنوعة من البكتريا والخمائر أهمها بكتريا حامض اللاكتيك وبكتريا حامض الخليك وتكون موزعة في طبقات داخل الحبة، وبعد استخدامها تتكتل في شكل حبيبات تشبه القرنبيط، فينتج مشروب لبن غازي. وقد شاع تناول لبن الكيفير في الولايات المتحدة وكندا واستراليا وبعض الدول الأوربية مؤخرا لفوائده الصحية الجمة حيث يتوافر في المتاجر التي تبيع الأغذية الصحية.
صناعة لبن الكيفير:
الطريقة التقليدية لصنع الكفير هو تخمير حبوب الكفير في اللبن في درجة حرارة الغرفة لليلة كاملة. وينتج عن ذلك تحول سكر الحليب (اللاكتوز( إلى لبن غازي وحامضي إلى حد ما وله قوام شبيه باللبن الرائب.
تستخدم حبوب الكيفير كبادىء (مثل الخميرة) في تحضير لبن الكيفير المتخمر، علما بأنها لاتذوب في الماء وتطفو على السطح عند التخمر نتيجة وجود غاز ثاني أكسيد الكربون المتكون، ويكون لون الحبوب أصفر قليلا وهي جافة ويتغير لونها إلى اللون الأبيض أثناء فترة نشاطها، ورغم أنها تسقط إلى القاع عند بداية تلقيح الحليب ولكنها سرعان ماتطفو على السطح، وتتلخص طريقة صناعة اللبن الكيفير كما يلي:
1. تنقع حبوب الكيفير الجافة في ماء دافئ على درجة حرارة تتراوح من 25-30 ْم طوال الليل، وخلال تلك الفترة يجب تغيير الماء من 2-3 مرات.
2. بعدها تنقل حبوب الكيفير المنتفخة إلى حليب مبستر درجة حرارته 21 ْم بنسبة جزء واحد من الحبوب المنتفخة إلى عشرة أجزاء من الحليب.
3.بعد فترة زمنية تقارب اليوم (24ساعة)، نلاحظ خلالها حبوب الكافير تطفو على سطح الحليب.
4.يتم بعدها تصفية الحليب من خلال غربال (منخل) معدني معقم، حيث يستخدم هذا الحليب كبادئ لتلقيح الحليب لصناعة الكيفير، بينما الحبيبات فإنها تحجز لاستخدامها مرة أخرى في تحضير كمية أخرى من البادئ.
5.يضاف البادئ إلى الحليب المبستر على درجة حرارة من 20-22 ْم لمدة 14-16 ساعة.
6.بعدها يتم حفظ الحليب على درجة حرارة من 12-16 ْم لمدة 4ساعات.
7.وأخيرا يتم حفظ الحليب في الثلاجة حيث تكون صالحة للاستهلاك.