تكمن أهمية الخلية الجذعية في قدرتها على التشكل على شكل أي نوع من خلايا الجسم الأخرى
تقوم مؤشرات الخلية بدور مهم في تنمية الجسد من بويضة واحدة ملقحة وفي توجيه تكون أنواع خلايا الجسم العديدة بما فيها الخلايا الجذعية التي تصلح الأنسجة البالغة، وهي طينة الجسد الحية التي ينحت منها الجسم ويرمم. الخلايا الجذعية هي خلايا غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام لا تشابه اي خلية متخصصة وتكمن أهميتها في قدرتها على التشكل على شكل أي نوع من خلايا الجسم الأخرى، وتكون قادرة على تكوين خلية بالغة بعد ان تنقسم عدة انقسامات في ظروف مناسبة. من وظائف هذه الخلايا إصلاح وتعويض خلايا الجسم التالفة بشكل مستمر كما تمتلك القدرة على البقاء على حالتها الأساسية أو التخصص لتصبح خلايا اكثر تعقيدا مثل خلايا العظم أو العضلات. وهكذا فإن الخلايا الجذعية تعتمد بدورها على ما يسمى ب«العمر الجنيني» للجسم. فهناك الخلايا الجذعية الشاملة والتي لديها القدرة لصنع اي شيء، ثم هناك الخلايا الجذعية «الكلية القدرة» التي تستطيع صنع اكثر انواع الانسجة، ثم هناك الخلايا الجذعية البالغة التي تتكاثر لتصنع نسيجا خاصا محددا للجسم مثل الكبد او نخاع العظم او الجلد.. الخ وهكذا. ومع كل خطوة نحو البلوغ اي التخصص في الإ نتاج، فان النجاحات التي تحققها الخلايا الجذعية تكون اضيق. وفي مرحلة البلوغ، لا تولد خلايا الكبد الا خلايا كبد اخرى، وخلايا الجلد تولد خلايا جلد اخرى. ومع ذلك فان دلائل الابحاث الحديثة تشير الى انه يمكن التعديل على الخلايا البالغة لإرجاعها الى الوراء وتمكينها من انتاج مختلف الأنسجة، مثل تحويل خلايا عظمية لإنتاج انسجة العضلات. وبشكل مجمل فان جميع انواع الخلايا الجذعية تشترك في ثلاثة عوامل رئيسية:
1- لديها القدرة على الانقسام والتجدد.
2- ليست متخصصة في أي نوع من الوظائف الحيوية.
3- لديها القدرة على إنتاج خلايا تخصصية جديدة.
وتتواجد الخلايا الجذعية على شكلين هما :
اولا : الخلايا الجذعية الجنينية :(embryonic stem cells)
يتم الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية من الجزء الداخلي للكيسة الأريمية (blastocyst ) والتي هي احدى مراحل انقسامات البويضة المخصبة بالحيوان المنوي ، حيث تكون البويضة عندما يتم تلقيحها بالحيوان المنوي خلية واحدة قادرة على تكوين انسان كامل بمختلف اعضائه، توصف هذه بأنها خلية كاملة الفعالية تنقسم فيما بعد عدة انقسامات لتعطي في اليوم الرابع او الخامس مرحلة تعرف بالبلاستوسست (blastocyst ). وتتكون البلاستوسست من 50-150 خلية موزعة في طبقة خارجية من الخلايا المسؤولة عن تكوين المشيمة والانسجة الداعمة الاخرى التي يحتاج اليها الجنين اثناء عملية التكوين في الرحم ، وطبقة من الخلايا الداخلية يخلق الله منها انسجة جسم الكائن الحي المختلفة . ولهذا فان الخلية الجذعية المستخلصة من الطبقة الداخلية للبلاستوسست لا تستطيع تكوين جنين كامل لأنها غير قادرة على تكوين المشيمة والانسجة الداعمة الاخرى التي يحتاج اليها الجنين خلال عملية التكوين على الرغم من قدرة هذه الخلايا على تكوين اي نوع اخر من الخلايا الموجودة داخل الجسم .
ثانيا : الخلايا الجذعية البالغة : ( Adult stem cells)
هي خلايا جذعية توجد في الانسجة التي سبق وان اختصت كالعظام والدم، وتوجد في الاطفال والبالغين على حد سواء . وهذه الخلايا مهمة لإمداد الانسجة بالخلايا التي تموت كنتيجة طبيعية لانتهاء عمرها المحدد في النسيج، والى هذه اللحظة لم يتم اكتشاف جميع الخلايا الجذعية البالغة في جميع انواع الانسجة.
يتم الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية من الجزء الداخلي للبلاستوسست
ويواجه العلماء فى أبحاث الخلايا الجذعية بعض المشكلات مع الخلايا البالغة لأنها ذات قدرات محدودة على التجدد والتحول الى خلايا متخصصة كما ان وجودها بكميات قليلة يجعل من الصعب عزلها وتقنيتها ، كذلك عددها قد يقل مع تقدم العمر بالانسان، كما قد تحتوي على بعض العيوب نتيجة تعرضها لبعض المؤثرات كالسموم ، لذا يميل العلماء الى استخدام الخلايا الجنينية فى أبحاثهم لأنها ذات قدرات هائلة على التحول والتخصص الى 220 نوعا مختلفا من الخلايا بسهولة. ولكن تكمن المشكلة فى الناحية الاخلاقية و الاجتماعية لهذا المنهج حيث انه يعني أخذ خلايا جنينية من جنين عمره لا يتعدى 5 أيام وذلك بعد قتله، لذا فالمبدأ مرفوض أخلاقيا ومع ذلك يصر العلماء على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية ولكن عن طريق عمليات استنساخ خلايا جنينية فى المعمل باستخدام الحمض النووي لنفس جسم المريض المراد زرع الخلايا فيه وبذلك يتم الحد من عمليات القتل الجائر للأجنة، ويطلق على عمليات الاستنساخ هذه اسم" الاستنساخ العلاجي".
بعض العوائق في طريق الخلايا الجذعية:
يواجه الباحثون في مجال الخلايا الجذعية عددا من التحديات والمصاعب و يمكن تقسيمها الى ثلاثة محاور:
1) تحديات طبية:
ومن اهم هذه التحديات من الناحية الطبية ايجاد طرق فعالة للتحكم بالخلايا الجذعية وجعلها تنقسم متى ما احتيجت وعلى الشكل الذي يراد كذلك ايجاد طريقة او طرق لمنع الجهار المناعي من رفض هذه الخلايا بعد زرعها داخل جسم المريض اذا ما تم اخذها من مانح آخر.
2) تحديات تقنية:
يحتاج الباحثون لعدد كبير من الاجهزة المعقدة والمكلفة، كما ان البحث يكلف الكثير من الاموال الأمر الذي ادى الى الحد من انتشار بحوث الخلايا الجذعية واقتصارها على مراكز محدودة في العالم.
3) تحديات اجتماعية:
وهو ماتمت الإشارة اليه اعلاه فالمجتمع العالمي متخوف من الاستخدام غير الشرعي لهذه التقنية ولذلك نجد ان معظم الدول الغربية وضعت قيودا و قوانين معقدة لمن يريد البحث في هذا المجال، وهو ما ادى الى وقف الدعم الفيدرالي في عهد الرئيس الامريكي الاسبق وهو ماتم الغاؤه في عهد الرئيس الحالى وساعد في دفع عجلة البحث في هذا المجال مؤخرا.
الاستخدامات المحتملة للخلايا الجذعية:
هناك العديد من التطبيقات والاستخدامات للخلايا الجذعية ومن أهم الاستخدامات:
• دراسة الخلايا الجذعية الجنينية تساعد العلماء على فهم كيفية تطور نمو الإنسان من خلية واحدة الى جسم كامل. هذه الدراسات سوف تساعد العلماء على فهم كيفية حدوث الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية.
• تتيح الخلايا الجذعية للعلماء والباحثين القدرة على تجربة الأدوية الطبية بطريقة متميزة، حيث إنهم بمساعدة هذه الخلايا يستطيعون تجربة الدواء مباشرة على خلايا جسم الإنسان في المعامل الطبية دون أية مخاطر وبتكلفة قليلة. ذلك لأنهم قادرون على إنتاج خلايا متخصصة داخل المختبرات بالتأثير على الخلايا الجذعية وجعلها تنقسم على الشكل الذي يريدونه.
• اهم استخدام للخلايا الجذعية هو استخدامها في انتاج خلايا متخصصة جديدة يمكن زرعها داخل أعضاء جسم الإنسان المصابة واستبدال الخلايا التالفة. يسمى هذا النوع من العلا ج ب (cell passed therapies) أي علاج عن طريق الخلايا.
في الوقت الحالي يلجأ الأطباء لزراعة الأعضاء في مكان الأعضاء التالفة ولكن الطلب على هذه الأعضاء أكثر بكثير من الكمية المتواجدة، وفي حال نجاح تجارب الخلايا الجذعية الحالية في انتاج وزراعة الخلايا التخصصية سيتمكن الأطباء من علاج عدد كبير من الأمراض المزمنة حيث وجد انه عند زرع الخلايا الجذعية في العضو المصاب تقوم هذه الخلايا باستبدال وإصلاح الخلايا التالفة في ذلك العضو مما يغني الأطباء عن استبداله بعملية زرع للأعضاء. وفي هذا السياق نشير الى النجاحات في مجال خلايا القلب والكبد والأعصاب ومؤخرا أنسجة الكلى والأمل معقود ان تتيح هذه التقنية حلا جديدا لمشاكل الإنجاب عند الجنسين