الجمعة، يوليو 01، 2011

الحظ من الكلمات التي يرددها كثير من الناس عندما يفشلون في أداء عمل أو إنجاز مهمة، أو عندما يكبو بهم قطار الحياة في أي مرحلة من مراحل محطاته . ومن الصعب أن نشرح أو نعرّف كلمة الحظ , فالحظ قد يكون صدفة ربما تحدث, وكثيراً مالا تحدث ... وقد ذكر الحظ في القرآن الكريم في عدة مواقع , فحظ قارون وصفه القرآن الكريم بالحظ العظيم : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) سورة القصص الآية 79 , الجزء العشرون.
وهناك حظ الآخرة وهو جنة النعيم (وَمَايُلَقَّاهَا إلّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) سورة فصلت35, الجزء الرابع والعشرون .
وهناك حظ المواريث في قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) سورة النساء الآية 11 , الجزء الرابع .
ويمكن تصنيف الحظ إلى قسمين , قسم يتعلق بالحظ الداخلي , وهو الحظ الذي يأتي نتيجة للوراثة مثل الجمال الجسدي كما يوجد عند بعض الجميلات أو التناسق والقوة البدنية كما يوجد عند بعض الرياضيين البارزين , أو التفوق العقلي والذكاء عند العلماء والنابغين من الناس , أو القوة الحيوية التي تظهر من خلال الصبر ومقاومة الظروف الصعبة , وهناك الحدس وهو التي نطلق عليه أحياناً الحاسة السادسة التي تجعل الإنسان يختار المواقف الصحيحة أمام الظروف الغامضة , والتي تجعله يتدارك الأحداث السيئة قبل أن يقع فيها , أو الأحداث الحسنة حتى يستفيد منها .
أما القسم الآخر فهو الحظ الخارجي والذي يشمل المحيط أو البيئة التي يعيش فيها الإنسان , فكلما كانت البيئة جيدة فإنها تؤثر بشكل إيجابي في مصير الإنسان . كما أن الإمكانات المادية ذات أثر فعال في مصير الإنسان , فكلما كانت هذه الإمكانات أكبر , حصل الإنسان على تعليم أفضل أو تدريب أحسن وأوفر.
ومن أجل جذب مزيد من الحظ فإن الإنسان يحتاج إلى صناعة حظه بالاعتماد على نفسه وإرادته , فالإرادة تجعل الإنسان أكثر قدرة على الوصول إلى أهدافه مع الصبر والإصرار , والأمثلة على هذا كثيرة , فهيلين كيلرالأمريكية البكماء والعمياء والخرساء تغلبت على كل المعوقات , وحصلت على درجة الدكتوراه وألفت عدداً من الكتب , وأصبحت معجزة من معجزات القرن العشرين..
ومن وسائل جذب الحظ أن يكون الإنسان متسلحاً بالمعرفة والثقافة لأنهما وسيلة من وسائل العلاقات الاجتماعية , وأن يفتح الإنسان قلبه وعقله للناس حتى يستفيد من خبراتهم , وأن يغتنم الفرص، وأن يعمل من أجل الآخرين , وأن يتحمل المسؤولية ويثق في أن الله مع المجتهدين العاملين وليس مع الخاملين الكسالى.. إن الإنسان يمكن أن يصنع الحظ الجيد بالتفكير الناضج في تحديد هدف واقعي , والعمل الجاد والمخلص على تحقيقه , فالحظ لا يأتي من خلال انتظار الصدفة وحدها. ويقول الدكتور أرنولد دي ماير في كتابه (منطق الحظ) :" الحظ مجرد لعبة تخضع لما يتخذه الإنسان من قرارات , تحقق مصالحه وتجعله محظوظاً ".. فالحظ الجيد هو نتيجة لما تتخذه من قرارات إيجابية ومزيد من العمل الجاد لمصلحة الفرد والمجتمع .