الحظ من الكلمات التي يرددها كثير من الناس عندما يفشلون في أداء عمل أو إنجاز مهمة، أو عندما يكبو بهم قطار الحياة في أي مرحلة من مراحل محطاته . ومن الصعب أن نشرح أو نعرّف كلمة الحظ , فالحظ قد يكون صدفة ربما تحدث, وكثيراً مالا تحدث ... وقد ذكر الحظ في القرآن الكريم في عدة مواقع , فحظ قارون وصفه القرآن الكريم بالحظ العظيم : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) سورة القصص الآية 79 , الجزء العشرون.
وهناك حظ الآخرة وهو جنة النعيم (وَمَايُلَقَّاهَا إلّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) سورة فصلت35, الجزء الرابع والعشرون .
وهناك حظ المواريث في قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) سورة النساء الآية 11 , الجزء الرابع .
ويمكن تصنيف الحظ إلى قسمين , قسم يتعلق بالحظ الداخلي , وهو الحظ الذي يأتي نتيجة للوراثة مثل الجمال الجسدي كما يوجد عند بعض الجميلات أو التناسق والقوة البدنية كما يوجد عند بعض الرياضيين البارزين , أو التفوق العقلي والذكاء عند العلماء والنابغين من الناس , أو القوة الحيوية التي تظهر من خلال الصبر ومقاومة الظروف الصعبة , وهناك الحدس وهو التي نطلق عليه أحياناً الحاسة السادسة التي تجعل الإنسان يختار المواقف الصحيحة أمام الظروف الغامضة , والتي تجعله يتدارك الأحداث السيئة قبل أن يقع فيها , أو الأحداث الحسنة حتى يستفيد منها .
أما القسم الآخر فهو الحظ الخارجي والذي يشمل المحيط أو البيئة التي يعيش فيها الإنسان , فكلما كانت البيئة جيدة فإنها تؤثر بشكل إيجابي في مصير الإنسان . كما أن الإمكانات المادية ذات أثر فعال في مصير الإنسان , فكلما كانت هذه الإمكانات أكبر , حصل الإنسان على تعليم أفضل أو تدريب أحسن وأوفر.
ومن أجل جذب مزيد من الحظ فإن الإنسان يحتاج إلى صناعة حظه بالاعتماد على نفسه وإرادته , فالإرادة تجعل الإنسان أكثر قدرة على الوصول إلى أهدافه مع الصبر والإصرار , والأمثلة على هذا كثيرة , فهيلين كيلرالأمريكية البكماء والعمياء والخرساء تغلبت على كل المعوقات , وحصلت على درجة الدكتوراه وألفت عدداً من الكتب , وأصبحت معجزة من معجزات القرن العشرين..
ومن وسائل جذب الحظ أن يكون الإنسان متسلحاً بالمعرفة والثقافة لأنهما وسيلة من وسائل العلاقات الاجتماعية , وأن يفتح الإنسان قلبه وعقله للناس حتى يستفيد من خبراتهم , وأن يغتنم الفرص، وأن يعمل من أجل الآخرين , وأن يتحمل المسؤولية ويثق في أن الله مع المجتهدين العاملين وليس مع الخاملين الكسالى.. إن الإنسان يمكن أن يصنع الحظ الجيد بالتفكير الناضج في تحديد هدف واقعي , والعمل الجاد والمخلص على تحقيقه , فالحظ لا يأتي من خلال انتظار الصدفة وحدها. ويقول الدكتور أرنولد دي ماير في كتابه (منطق الحظ) :" الحظ مجرد لعبة تخضع لما يتخذه الإنسان من قرارات , تحقق مصالحه وتجعله محظوظاً ".. فالحظ الجيد هو نتيجة لما تتخذه من قرارات إيجابية ومزيد من العمل الجاد لمصلحة الفرد والمجتمع .