الخميس، يونيو 09، 2011

العلاقه بين الدين و الدوله

التاريخ مدونة الإنسانية بشرورها وحسناتها، فهو ظالم ومظلوم عندما ضاع المصلحون وبناة الحضارات الأولى من فلاسفة وعلماء لصالح الكهان ممن حولوا القادة إلى أدوات يحرّكونها مع أنصارهم السحرة، كيف يحددون لكل زعيم ساعات نومه وذهابه وإيابه وفقاً لحسابات النجوم، وقراءة الفأل الحسن بالتحرك لمعركة ما، أو إنجاب طفل، أو خروج للقنص، أو الغزو وقد قطعت البشرية خيط العلاقة مع الكهانة مع بدايات الأديان التوحيدية، إلا أن اليهودية تحولت إلى شعب الله المختار، بأن جعلوا الأجناس الأخرى مجرد عبيد وفق طقوس اعتبروها وعداً من الرب، وهبة لهم كعنصر متفوق على الآخرين..
ثم كانت الكنيسة الوريث باسم الوعد الإلهي، وهذه المرة صار من يخرج عن تعاليم الباباوات والكرادلة وغيرهما يُحرق باسم الهرطقة، وباسم هذا الوعد نشأت الحروب الصليبية في منطقتنا العربية التي كانت ميدان الحروب، ثم بدوافع هذه المقدسات تحركت الأساطيل إلى أمريكا الجنوبية لتدمير تراثها، وكذلك أفريقيا ودول جنوب شرق آسيا وخاصة الفلبين، ثم القفز إلى خارجها للوصول إلى أستراليا، وقد كان لاندماج عقيدة الاستعمار مع الكنيسة الدور الذي أدخل تلك الغزوات في مقدس يختفي تحت عباءات اقتصادية ودينية، وحتى لو كانت الدول الغازية ديمقراطية فصلت الدين عن الدولة، إلا أنه كان ظلها الآخر في التبشير ونشر الديانة المسيحية..
ومع بروز الشيوعية ومحاولاتها طمس القوميات والأديان، بدأ الشعور العام يستيقظ للموروث التاريخي، لكنه كان مقموعاً بشراسة، وبعد زوال الدولة العظمى بدأت تدق أجراس الكنائس الأرثوذكسية، ومعها الأديان الأخرى والتي قادت بعض الجمهوريات الإسلامية إلى الخروج من حزام الروس بحروب استقلالية كرد فعل على سنوات قطع الصلة مع المؤسسة الدينية وتراثها..
استغلال الدين في تحالف بين مؤسساته والحكومات هو ظاهرة تاريخية وكما شهدنا الدور الذي لعبه الكهان والقساوسة، أيضاً كان لديانات غير توحيدية دور في تكريس السلطة الروحية والمدنية، والإسلام، بعد الخلافة الراشدة، شهد في عصوره المختلفة انقسامات وتحالفات بين السلطات، ورجال الفقه والحديث الذين لعبوا دوراً مستقلاً في بعض الأحيان عن السلطات السياسية، وأحياناً تابعاً لها، وفي عصرنا الحديث عندما حدث التسييس الديني ليكون عصب الحركة الراهنة، فإن تناميه جاء بفعل خيبات الأمل التي شهدها التاريخ الإسلامي عندما خضع للاحتلال الخارجي ثم الانقلابات، وهو الآن يتحرك من عدة آفاق ولكن باتجاهات ومسارات متعرجة..
فالوسطيون يريدون دولة إسلامية تراعي الفروقات والأحوال البشرية والقفزات العالمية باستثمارها بخط متوازن مع خطواتهم، والحياديون يرون الموضوع مهمة مؤسسات الدولة لأن عملية الخلط بما هو ديني ومدني قد تؤدي إلى انشقاقات خطيرة، ويأتي المتشددون بعزل كل ما لا يتفق وطروحاتهم أي أنهم مصدر الفتوى، وصياغة الأحكام، وأن الدولة يجب أن تنبثق من مؤسستهم فقط، وهذا الإصرار قلب المعايير ليأتي الصدام مع كل القوى الشعبية والحكومية مع تيار اختار الإرهاب أيدلوجية وموقفاً