السبت، يونيو 25، 2011

الثورات العربيه آفاق و أبعاد

منطقتنا العربية، منذ الحرب الباردة، وهي تحت ضغط تنازع القوى الكبرى والإقليمية والدولية، فأمريكا تضعها، في غالب الأحيان، في قمة أولوياتها السياسية والإستراتيجية، وأوروبا حاولت إدخال الدول العربية المطلة على البحر الأبيض، في حزام أمنها ومصالحها، وقد سبق لشاه إيران أن حاول أن يكون شرطي الخليج، والمتواصل مع آسيا الوسطى حتى في وجود الاتحاد السوفيتي، ولم تغب هذه السياسة عن ملالي إيران الحاليين، غير أن دخول تركيا الميدان، وقبل أن تبدأ الثورات التي لم يتنبأ بها أحد، استبشرت أمريكا بهذا الدور على أمل أن تكون تركيا قنطرة السلام بين العرب وإسرائيل، بينما أوروبا رأت في العملية مجرد تعويض عن حرمانها عضوية الاتحاد، لكنها لا تخفي مخاوفها الأخرى..
حالياً أمريكا تقلص قواتها في المناطق الساخنة وخاصة العراق وأفغانستان، وخففت من لهجة الحرب مع إيران، وتحت ضغط الديون، نشأ فكر أمريكي جديد يدعو للانكفاء الذاتي على تحسين أوضاع الداخل، وأوروبا الخائفة من هذه العزلة أظهرت أنها لا تستطيع أن تكون البديل، وتدخلها عسكرياً في ليبيا كشف أوجه الضعف الذي تواجهه، ولأننا نحصر القضية في محيطنا العربي، فلا نعلم الدور القادم للصين والهند عندما يتزاوج الهم الاقتصادي مع السياسي مع الذهاب لخارج الحدود..
عربياً، المغرب سوف تلهيه قضاياه الداخلية طويلاً، ولن يكون اهتمامه بالمشرق إلا البحث عن استثمارات خليجية، بل ستكون علاقاته الأوروبية وربما الصين هي التي ستهيمن على أفكار المخططين للعقدين القادمين..
مشرقياً قد تفقد سوريا دورها الأساسي في المؤثرات العربية، لأن القلاقل القائمة، حتى لو سيطر عليها النظام ستغير القناعات بأن تدير اللعبة مع بغداد ولبنان، والأردن، وتستمر حليفاً لإيران، في وقت صار تأثير تركيا في داخلها الأقوى بسبب رغبة شعبية كبيرة أن تأخذ دورها على كل الأصعدة، بينما مصر ستعيد قوتها السياسية بمؤازرة عربية، وأمريكية وأوروبية، إذ أنها ستختلف عن مرحلة عبدالناصر الذي انحاز كلياً للكتلة الشرقية، والأمر الآخر ألا يتجمد السلام مع إسرائيل أو يدخل مرحلة الضبابية نتيجة غطرسة اليمين المتطرف الحاكم، وتبقى المملكة العربية السعودية محوراً أساسياً في التعاطي مع الأحداث الإقليمية والعربية، وهذا الأمر تفسره دوائر الرصد العالمية عندما تضعها محركاً قوياً، ولو قدر عودة محور القاهرة - الرياض وفق قواعد جديدة، فإن الدور التركي سيكون مكملاً فقط، وإيران ستشعر بعزلة أخرى إذا ما استمرت على سياسة التهييج والمحاور وتزاوج الأسطورة والخرافة مع حلم الامبراطورية، وفي العموم فإن ولادة جديدة في المنطقة من رحم عربي بدأت تترعرع وتكبر، وتشق طريقها للوجود.