إن أهم المهارات التي ينبغي أن يحققها الطفل حلت محلها مهارات رقمية، وبذلك كله يعيشون – وربما نشجعهم نحن على ذلك بانشغالنا عنهم - حياة افتراضية داخل الشاشات لنقتل فيهم نزعاتهم التطورية، ونحد من قدراتهم على اكتساب مهارات النطق والكلام، فهم يتعودون على الحلول السريعة والجوائز السهلة المترتبة على التواصل مع التقنية ومن ثم لا يتعلمون كيف يستثمرون الجهد العاطفي اللازم لتحقيق علاقات حقيقية، وهذه التصرفات تأتي منهم بكل عفوية فالأطفال بطبعهم مغامرون وسريعو الحفظ ويحبون التجربة، لذا هم تعلموها وألفوها، وفي المقابل؛ تجدهم ومع صغر سنهم يستخدمون الألعاب الإلكترونية بتعامل احترافي في اختيار القوائم التي تهمهم واللعب أونلاين مع أطفال آخرين في مناطق بعيدة عنهم حول العالم. غير أن الصورة تختلف تماماً عندما يتعلق الأمر بكل ما له صلة بالحياة الحقيقية إذ أن 48% فقط منهم يعرفون عناوين منازلهم بينما تمكن ثلثهم فقط من كتابة أسمائهم الأولى والثانية.
مع أن جيلنا الخليط ما بين التقليدية والتقنية سيستطيع التعامل مع هذا الجيل القادم تقنياً؛ إلا أننا حتما سنجد منهم الكثير مما يثيرنا، وما يبعث فينا الرغبة في اللهاث خلفهم، وقد يكون التغيير الذي لاحظناه في مناهج التعليم على مستوى العالم بمثابة الاستعداد والمواكبة لهذا الجيل الذي لا يرى في استخدام الورقة والسبورة والطباشير شيئاً مثيراً له، ولن يفتخر بأن يشتري علبة أدوات هندسية صغيرة لكي يرسم الأشكال الهندسية وهو يعلم أنه يستطيع رسمها عن طريق جهاز الكمبيوتر.
إن الثورة التقنية تتسارع من حولنا، والتواصل والانفتاح حول العالم صرنا نلمسه بشكل واقعي، والمستقبل لجيل التقنية وليس لجيلنا نحن، وعندما يدخل أطفالنا في سن الشباب ويكونون هم جيل التقنية سنعلم وقتها ثمار ما سيجنونه هم