الإسلام دين الرحمة والتعاطف والتعاون بين الناس . ولعل أهم مايتميز به الإسلام هو إتاحة العمل الكريم لجميع الناس حسب قدراتهم ، والحد من البطالة ، وتحريم السؤال إلا لعاجز أو مسكين ليس لديه القدرة على العمل والكسب .
وعندما يصبح العمل واجباً على جميع أفراد المجتمع يبدأ الإسلام بعد ذلك في تطبيق عاملين أساسيين لتحقيق الضمان الاجتماعي وهما :-
- الضمان العائلي ، حيث يلتزم الغني والقادر من أفرادها بالإنفاق على الفقير والمسكين العاجز فيها .
- الصدقة ، والتي تعد حقاً مفروضاً للفقير من أموال الغني القادر .
كما أن الدولة ملزمة بأن تعطي من بيت مالها مايحتاجه الفقراء طبقاً لمعايير محددة .
وقد تقرر مبدأ الضمان الاجتماعي في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لأرملة جعفر بن أبي طالب وقد جاءت إليه تذكر يتم أولادها : ( العيلة تخافين عليهم ، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة ) .
ولم يقل ذلك عليه الصلاة والسلام بوصفه قريباً للمتوفى ، وإنما بوصفه إماماً لجميع المسلمين .
أما معالجة الإسلام للضمان الاجتماعي في حالة الشيخوخة والمرض فنأخذها من سيرة الخليفة عمر بن الخطاب ، فقد رأى عمر شيخاً أعمى يسأل المارة ، وعلم أنه يهودي ، فسأله عما ألجأه إلى السؤال فقال :
أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده وذهب به إلى بيته فأعطاه ما يكفيه، ثم أرسل إلى خازن بيت المال وقال له : انظر هذا وضرباءه فو الله ما نصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نخزه عند الهرم، إنما الصدقات للفقراء والمساكين ، وهذا من مساكين أهل الكتاب . وبذلك وضع الخليفة عمر بن الخطاب الجزية عن المسنين وضربائهم ، كالمرضى والعاجزين والعاطلين ، وفرض لهم أعطيات تكفيهم من بيت المال .
كما أقام رضي الله عنه مبدأ إنسانياً جليلاً لا يقتصر العدل فيه على المسلمين فقط . وإنما يتعداهم إلى جميع المواطنين من غير المسلمين . وقد تكرر هذا المبدأ عندما سافر رضي الله عنه إلى الشام فمر بأرض قوم مجذومين من النصارى فأمر بان يعطوا من الصدقات ، وأن يجري عليهم القوت من بيت مال المسلمين .