ماهو المنظار الطبي
المنظار يمكن الجراح من النظر داخل المفصل المريض عن طريق إدخال طرف المنظار إلى المفصل. وخلال الأعوام العشرة الماضية تم تطوير هذه المناظير بحيث يمكن للجراح رؤية الصورة التي يبثها المنظار من داخل المفصل على شاشة تلفزيون كبيرة داخل غرفة العمليات. بالإضافة إلى ذلك فإن استخدامات المنظار توسعت وبعد أن كانت تشخيصية في الغالبية العظمى وتستخدم لرؤية المرض فقط أصبح الإستخدام يشمل الكثير من أنواع التدخل الجراحي العلاجي. فبعد أن يتم تشخيص الحالة ورؤيتها على شاشة التلفزيون يمكن للجراح علاج هذه الحالة في نفس الوقت عن طريق استخدام أجهزة مساندة للمنظار تمكنه من إدخال الأدوات الجراحية إلى المفصل وإجراء مختلف أنواع العمليات الجراحية داخل المفصل. وعلى الرغم من أن المناظير وجراحتها تعتبر من العمليات الدقيقة والصعبة نسبياً إلا أن جميع الجراحين في الجيل الحالي متمكنون ومتمرسون في استخدام هذه المناظير لعلاج مختلف الأمراض.
* ما فوائد استخدام المنظار الجراحي؟
- في الواقع أن الفائدة الكبرى في استخدام المنظار الجراحي هي أن الجرح التقليدي الطويل الذي يبلغ من الطول عدة سنتيمترات يتم الاستغناء عنه واستبداله بجرح صغير أو جرحين لا يتجاوز طول كل منهما السنتيمتر الواحد. كذلك فإن عملية زحزحة العضلات وقطعها وكذلك الأوتار التي يتم استخدامها في الجراحة التقليدية لفتح المفصل يتم تفاديها والاستعاضة عنها بالجرح الصغير الذي ذكرناه سابقاً. هذه فائدة كبيرة حيث أنها تؤدي إلى تقليل نسبة الألم في ما بعد الجراحة وتقليل طول الجرح وتقليل نسبة حدوث الالتهابات فيه وكذلك تساعد على سرعة شفاء الجرح وسرعة التأهيل وإعادة الحركة للمفصل الذي تم إجراء الجراحة عليه. بالإضافة إلى ذلك فإن المنظار الجراحي يوفر صورة أكبر بكثير وأوضح بكثير من الجراحة التقليدية خصوصاً في جراحات مفصل الركبة والكتف. في الصورة التي يبثها المنظار الجراحي يتم تكبيرها عشارت المرات وعرضها على شاشة التلفزيون مما يسهل عملية التشخيص وأي تدخل جراحي لازم خلال عملية المنظار. بالإضافة إلى التكبير بحد ذاته فإن المنظار الجراحي يكون مزوداً بأنواع قوية من الإضاءة الطبية التي تجعل المنطقة واضحة ومضاءة بشكل كبير. كل هذه العوامل تؤدي إلى سهولة إجراء مختلف أنواع العمليات الجراحية داخل المفصل وتؤدي إلى تقصير مدة العملية وإلى سرعة الشفاء بإذن الله.
* المفاصل التي يمكن استخدام المنظار عليها؟
- نظرياً فإنه ممكن استخدام المنظار الجراحي في تنظير أي من المفاصل الموجودة في الجسم. ولكن الغالبية العظمى من المناظير التي تم استخدامها وتجربتها بنجاح وفعالية وأثبتت بأنها مفيدة في علاج المشاكل المختلفة هي منظار الكتف ومنظار الركبة ومنظار الكاحل. أيضاً يمكن استخدام المنظار الجراحي لعلاج أمراض الرسغ أو أمراض مفصل الورك أو الكوع. ولكن مايقارب 80% من عمليات المناظير يتم إجراؤها على المفصل الركبة في المقام الأول الذي أثبتت هذه الجراحات نجاحاً باهراً في علاج مختلف الأمراض التي تصيبه. فمثلاً يمكن استخدام المنظار الجراحي لعلاج مشاكل الغضروف الهلالي داخل مفصل الركبة. كذلك يمكن استخدام المنظار الجراحي لعلاج وتشخيص مشاكل الرباط الصليبي الأمامي أو الخلفي كالقطع الكامل والقطع الجزئي. أيضاً يتم استخدام المنظار الجراحي لإزالة الأجسام الغريبة من المفصل التي قد تدخل من الخارج بعد إصابةٍ ما أو تكون نتيجة انفصال جزء من الغضروف بحيث يسبح بحرية داخل المفصل ويسبب مشاكل. وفي بعض الأحيان تتم عمليات جراحية أخرى داخل مفصل الركبة مثل ترميم أجزاء من الغضاريف التي تغطي عظام المفصل. أو تثبيت لبعض الكسور التي تصل إلى داخل المفصل. أما في مفصل الكتف فإن المنظار الجراحي كثيراً ما يستخدم في علاج حالات الخلع المتكرر للكتف حيث يتم خلال الجراحة عمل ترميم للأربطة المسؤولة عن ثبات مفصل الكتف. كذلك يتم استخدام المنظار الجراحي في الكتف لعمل توسعة في القنوات التي تمر من خلالها أوتار الكتف والتي يؤدي ضيق هذه القنوات إلى إلتهابات متكررة أو قطع فيها. وبصفة عامة فإن العمليات التي ذكرناها والتي يمكن إجراؤها داخل مفصل الركبة ومفصل الكتف يمكن أيضاً إجراؤها على المفاصل الأخرى التي ذكرناها. وبالطبع فإن المنظار الذي يتم استخدامه في المفاصل الصغيرة مثل مفصل الرسغ والكاحل يكون حجمه أصغر من المفصل الذي يتم استخدامه في الكتف أو في الركبة. ولكن الخطوات والفكرة الأساسية تبقى هي ذاتها. وقد تمت خلال العشر سنوات التي مضت محاولات عديدة خصوصاً في الدول الأوروبية لاستخدام المنظار الجراحي في علاج مشاكل العمود الفقري خصوصاً في الفقرات العنقية والقطنية مثل حالات الانزلاق الغضروفي وحالات ضيق القناة الشوكية. ولكن للأسف الشديد فإن استخدامات المنظار في علاج مشاكل الفقرات محدودة وكانت نتائجها غير مشجعة ولذلك فإن استخدامات المنظار لعلاج هذه المشاكل بقيت قليلة ومحدودة ونتائجها ضعيفة. ولعل الاستخدام الذي أثبت نجاحه في علاج بعض أمراض العامود الفقري هو عملية منظار الفقرات الصدرية عن طريق منظار الرئة والذي لاقى بعض النجاح في علاج بعض الأمراض مثل إخراج الصديد من منطقة الفقرات الصدرية أو عمل تنظيف لهذه الفقرات.
الاستعداد لجراحة المنظار
عادةً مايقوم الطبيب بشرح العملية الجراحية والهدف منها للمريض. بعد ذلك يتم عرض المريض على استشاري التخدير للتأكد من تحمله للتخدير. وفي حال وجود أمراض مزمنة مثل أمراض القلب أو الغدد الصماء فإنه يتم عرض المريض على استشاري لأمراض الباطنية للقيام بضبط هذه المشاكل الصحية الأخرى. وفي غالب الأحيان يتم دخول المريض لعمليات المنظار إلى المستشفى في نفس اليوم التي سوف تجرى له العملية. وفي كثير من الأحيان يمكن إجراء هذه العمليات إما عن طريق تخدير كامل أو تخدير نصفي أو حتى تخدير موضعي حسب المكان الذي سوف تجرى عليه الجراحة. وعادة ما تستغرق هذه العمليات حوالي الساعة إلى الساعتين. ويمكن للغالبية العظمى من المرضى بعد جراحة المنظار الخروج من المستشفى في نفس اليوم. وعند الخروج من المستشفى يتم إعطاء المريض أدوية مضادة حيوية وأدوية مسكنة للآلام. كما يتم وضع طرف الذي تم تنظيره في رباطة طبية حتى موعد الزيارة الأولى بعد الجراحة.
مرحلة ما بعد الجراحة
في هذه المرحلة يتم تناول الأدوية المسكنة واستخدام الأربطة الطبية أو العكاكيز الطبية حسب نوع الجراحة. بعد ذلك يقوم الطبيب بتغير الضماد على الجرح بعد عشرة أيام وقد يسمح للمريض بالاستحمام بشكل طبيعي. وفي الغالبية العظمى من المرضى تكون هناك حاجة إلى برنامج تأهيلي وعلاج طبيعي لطرف الذي تم إجراء المنظار له. هذا البرنامج التأهيلي قد يكون الهدف منه المساعدة على إعادة الحركة للمفصل أو المساعدة على تقوية العضلات حول المفصل أو المساعدة على استعادة القدرة على المشي بشكل طبيعي. هذا البرنامج التأهيلي عادة مايتم في العيادات الخارجية ويمكن للمريض أن يمارس التمرينات والنصائح التي يتم إرشادها عليها في البيت.
المضاعفات المحتملة لجراحة المناظير
مثلها مثل أي جراحة أخرى في الجسم هناك مضاعفات محتملة ولكن نسبة حدوثها ضئيلة جداً. فمثلا هناك احتمال حدوث إلتهابات جرثومية إما في الجلد أو داخل المفصل نتيجة الجراحة. ولهذا السبب فإنه يتم إعطاء المريض مضاداً حيوياً قبل البدء في الجراحة ومضاداً حيوياً بعد إجراء الجراحة لبضعة أيام لكي يتم تفادي هذه المشكلة. أيضاً هناك احتمال حدوث جلطات وريدية عميقة في الساق وخصوصاً بعد جراحة منظار الركبة. ولهذا السبب فإنه يتم إعطاء المريض أدوية متخصصة تؤدي إلى تسيل الدم بقدر معلوم بحيث تمنع حدوث هذه الجلطات بإذن الله. أيضاً هناك احتمال حدوث مضاعفات من عملية التخدير نفسها سواء كان تخديراً كاملاً أو نصفياً أو موضعياً. ولكن مع تقدم الطب الحديث ومجال التخدير فإن هذه المضاعفات أصبحت من الماضي البعيد. كما أن هناك دائماً احتمال حدوث رضوض أو جروح داخل المفصل الذي تتم عملية المنظار له إذا ماكان الجراح عنيفاً أو غير متمرساً. ولكن هذه المضاعفات عادةً لا تحدث وذلك لأن داخل المفصل يكون واضحاً بشكل كبير على شاشة التلفزيون وبالتالي فإن احتمال حدوث إصابة له يكون ضعيفاً.
التوصيات والنصائح
لقد أحدثت عمليات جراحة المناظير للمفاصل وخصوصاً مفصل الركبة ومفصل الكتف ثورة في علاج وتشخيص مشاكل هذه المفاصل. وأصبح العديد من الأمراض التي تصيب الكتف والركبة يمكن علاجها عن طريق المنظار الجراحي. هذه الجراحة أثبتت فعاليتها ونجاحها في علاج الكثير من الأمراض وأثبتت أن حالة المرضى تكون أفضل بعد هذه الجراحات وعملية تأهيلهم تكون أسهل. وعلى الرغم من أن هناك احتمالاً ضعيف لحدوث بعض المضاعفات إلا أنه مع التقدم الهائل في مجال التخدير ومجال المضادات الحيوية والأدوية المانعة للجلطات فإن هذه المضاعفات أصبحت من الماضي والحمد لله. وعلى الرغم من أن هناك أماكن لا يسهل استخدام المنظار فيها أو لا تكون النتائج مشجعة جداً مثل جراحات العمود الفقري إلا أن المفاصل الكبيرة والصغير في الأطراف العليا والسفلى من الجسم كلها قابلة لتنظير وعندما يتم اختيار المريض بدقة ويتم استخدامها لعلاج مشكلة معروفة فإن هذه المناظير تكون ذات فائدة كبيرة.