الثلاثاء، مارس 09، 2010

ماذا سيحدث عندما تتحول الحاسبات إلى حاسبات فائقة السرعه ؟

منذ أن بدأت الحاسبات الضخمة (super computers)بتشكيل مفهوما أساسيا جديدا في مختلف مجالات الحياة العملية، بات صناع التقنية في سباق مع الزمن لتطوير التقنيات والمعالجات المستخدمة لتحطيم الأرقام القياسية في سرعة معالجة البيانات والتي تقاس بالتيرافلوب (وحدة قياس عدد العمليات المنفذة في الثانية الواحدة).
وبالرغم من التطور الهائل في زيادة سرعة معالجات الحاسب الآلي، إلا أن هذا التطور يعد محدودا نسبيا، مقارنة مع تزايد الطلب على حاسبات أقوى ومعالجات CPU أسرع لحل المشاكل العلمية والحسابية المعقدة. بالإضافة ارتفاع تكلفة المعالجات المتخصصة بتشغيل الحاسبات الفائقة السرعة، نظرا لتقنيتها العالية ومحدودية الطلب عليها، مما يجعلها ليست بالخيار الأمثل لكثير من الجهات العلمية المتوسطة والصغيرة والمراكز الأكاديمية غير الربحية بالرغم من حاجتهم اليها.
التوسع بالعدد، وليس بالقوة
اتجه مطورو الأجهزة الضخمة الى ايجاد حل مبتكر لحل مشكلة محدودية تطوير وحدة المعالجات المركزية المتخصصة. ذلك الحل الأمثل يكمن في ربط الأجهزة المكتبية التقليدية بواسطة استخدام شبكات الحاسب، بحيث تكون قوة الحاسب الضخم عبارة عن مجموع قوى الحاسبات المكتبية المرتبطة ببعضها البعض، والتي يتم تشغيلها بالتزامن لتنفيذ عملية واحدة، أو ما يعرف ب Parallel Computing. هذه الفكرة، وإن بدت بسيطة بمفهومها، أسهمت بفتح الأفق لمزودي الحاسبات والتكنولوجيا للتوسع ببناء تلك الحواسيب الجبارة، لانها نظريا، تعتمد على "عدد" الأجهزة المتصلة ببعض بدلا من قوة المعالجة المركزية لوحدها. ولهذا، لا يوجد هناك حد، أيضا من الناحية النظرية، لقوة الجهاز العملاق الواحد اذا ما تم اضافة المزيد والمزيد من الأجهزة المتصلة ببعض.
ومما يساهم في تخفيض تكلفة تلك التقنية هو الإعتماد على نظام التشغيل المجاني المفتوح المصدر، لينكس، ليكون هو الخيار المثالي لمعظم الحاسبات الفائقة السرعة.
تطبيقات جديدة لمفهوم جديد :
باتت هذه الحواسيب الفائقة السرعة تستخدم لحل المشاكل العلمية العالية التعقيد، مثل فهم بنية البروتينات لتحسين جودة العقاقير الطبية، وتحليل خواص المعادن وقياس قدرة تحملها عن طريق المحاكاة للواقع. كما كان لها دور حيوي في أبحاث المناخ والتنبؤ بنماذج الأحداث الطبيعية، مثل التسونامي. وتستخدم اليوم في حل المشاكل اليومية أيضا، مثل ازدحام الطائرات على أرض المطارات. كما يمكن أحيانا تأجير قوة الحاسبات العملاقة للمساعدة في التصميم وغيره من المهام التي تتطلب حلا للمشاكل والتي تتطلب قوة معالجة هائل. فقد أنشأت آي بي إم مؤخرا وحدة جديدة للبدء في إشراك قوة حاسباتها العملاقة بشكل أعمق في حل المشاكل التي تواجه أصحاب الأعمال. فعلى سبيل المثال، أصبحت الحاسبات العملاقة التي استخدمت في صنع شخصيات وأماكن فيلم "سيد الخواتم Lord of the Rings"، وهي أجهزة "جالوم" و"بالروج" و"الأرض الوسطى" متاحة للتأجير. كما يمكن طلب تأجير شبكة من الحاسبات العملاقة تضم 1008حاسب آلي في نيوزيلاندا حاليا، مع تحديد عدد الساعات وعدد المعالجات المطلوبة.
والمثير للاهتمام أيضا هو وجود نشرة انترنتية وهي موقع http://www.top500.org/ التي تضم أقوى وأسرع خمسمائة حاسب عملاق في العالم. وتنشر تلك القائمة كل ستة أشهر وتعتمد في اختياراتها على اختبار للسرعة معترف به ويطلق عليه اسم "لينباك" الذي يقيس عدد العمليات الحسابية التي يقوم بها الحاسب في الثانية. ويعد جهاز البلوجين من شركة أي بي أم هو الأقوى في العالم حاليا بحسب آخر نشرة في موقع التوب 500، والذي يخدم وزارة الدفاع الأمريكية DOE بالتعاون مع مركز ليورنس ليفرمور الوطني بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو قادر على القيام بنحو 478.200تريليون عملية في الثانية الواحدة!. أما على مستوى القارة الآسيوية، فيعد الجهاز العملاق التابع لشركة تاتا الهندية أقوى جهاز حاليا، ومن أقوى خمس أجهزة موجودة في العالم، وتصل قدرته المعالجية الى تنفيذ 117.900تريليون عملية في الثانية الواحدة!
لكل شي ثمن :
بالرغم من سهولة الفكرة في مضمونها ورخص عتادها نسبيا لبناء تلك الحاسبات الضخمة، فإن مطوري هذه التقنية بدأوا في مواجهة تحديات جديدة لتطوير هذه الفكرة.
من أهم مصاعب التوسع في بناء هذه الحاسبات هي الحرارة الهائلة المنبثقة من تلك الحاسبات عندما تكون مجتمعة في مركز واحد، عوضا عن الحيز المستخدم لتنصيب هذه الأجهزة وكمية الطاقة المطلوبة للتشغيل. فلك أن تتخيل تشغيل أكثر من 15ألف جهاز مكتبي في مركز تقني محدود.
أيضا، يواجه مستخدمو هذه التقنية مشكلة ثبات هذه الأجهزة وقدرتها على تحمل فترات التشغيل الطويلة. فكما هو معلوم، فهي أجهزة مكتبية في الأصل أو كما تعرف ب commodity hardware، وبالتالي فهي ليست مصممة تماما لتحمل فترات التشغيل الطويلة والحسابات المتواصلة. ولكثرة عدد الأجهزة الموصولة، فان احتمالية اصابة أحد الأجهزة بعطل ما أكبر نسبيا من الحاسبات العملاقة التقليدية التي تعتمد على عتاد أقل.
بالاضافة إلى مشاكل الهاردوير المحتملة، فإن محدودية توفر التطبيقات والبرامج التي تستوعب نظام المعالجة بالتزامن تشكل عائقا أخر للإستفادة من هذه التقنية. فيحتاج مبرمجوا الأنظمة والبرامج إلى إعادة كتابة الأكواد بطريقة ال Parallel Programming وإعادة تصميمها لتتوافق مع طريقة التزامن، وهي الفكرة الأساسية القائمة لتلك الأجهزة، وهذا بالطبع ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى المزيد من الوقت لإيجاد مبرمجين متخصصين في هذا المجال. ولذلك يعمد مستخدمو هذه التقنية الى البحث عن البرامج المتوافقة قبل الشروع في شراء أو تجهيز مركزهم بالعتاد. وفي أغلب الأحيان، يعمد المستخدمون إلى كتابة البرامج المراد تشغيلها بأنفسهم ومن الصفر، في حال عدم وجود تطبيقات جاهزة.