الخميس، مارس 11، 2010

هل تصدق شائعات الانترنت؟


ليست المشكلة في ظهور الشائعات بل في وجود من يصدقها ويتأثر بها. وعلى الرغم من أن الشائعات ظاهرة سلبية إلا أنها رافقت المجتمعات البشرية طوال التاريخ. ومنذ ظهورها كانت شبكة الانترنت – لكونها وسيلة جماهيرية مفتوحة المصادر- مسرح الشائعات من كل صنف ومصدر. ويلاحظ متصفح الشبكة قوة حضور هذه الظاهرة الكترونياً إذ لا يمكن تجاوز كثير من الشائعات وبشكل خاص تلك التي تظهر على صفحات المنتديات وفي رسائل المجموعات البريدية حيث تختلط الحقائق بالأكاذيب في مشهد عبثي مثير في كثير من الأحيان.
والشائعات على شبكة الانترنت تتنوع موضوعا وهدفا وتتأثر انتشارا وأهمية بالزمان والمكان والهدف. وعادة ما تبدأ الشائعات على شبكة الانترنت من اختلاق موضوعات في أغلبها تكون ذات صلة بهموم الإنسان اليومية مثل أسعار السلع والإعانات والوظائف وزيادات الرواتب ونحوه، وتتجاوز ذلك أحيانا إلى بث القصص المختلقة والوثائق المزورة وتنسب لحكومات ودول وطوائف ومؤسسات لأغراض شتى في نفس من أطلقها وروج لها.
ومن أكثر الحوادث التي جلبت الشائعات على المستوى العالمي أحداث 11 سبتمبر 2001 إذ انطلقت العديد من المواقع والمنتديات التي تخصصت في تحليل تداعيات الحدث وروجت الشائعات حول الحادث والفاعلين.. ومن اشهر الشائعات التي انتشرت حينها قصة علم الإسرائيليين المسبق بالحادثة وتحذيرهم لليهود من دخول المبنى ، ثم توالت القصص عن تجديد وثيقة تامين المبنى وشخصية مسئول ألأمن وقصة التحاقه بالعمل. وكانت الشائعات تشير إلى مؤامرة عالمية ضخمة دبرتها الاستخبارات الأمريكية وغيرها من الأجهزة وبعد أشهر ظهرت تسريبات أعضاء القاعدة ووصايا المنفذين لتوضح بعض الحقائق التي كانت مغيبة.
وفي العالم الإسلامي انتشرت على صفحات الانترنت في أواخر التسعينيات الشائعات والقصص كثيرة مرة باسم الإعجاز وتارة باسم الكرامات وكأن الدين الحنيف محتاج إلى مختلقي هذه القصص لنثبت للعالم عظمة الرسالة وإعجاز الوحي. ومن قصص وشائعات المنتديات في العالم الإسلامي أيضا قصص إسلام بعض النجوم العالميين واشهرها ترويج قصة إسلام الأميرة البريطانية «ديانا» وكيف حيكت المؤامرة التي دبرها بعض أقاربها لإنهاء حياتها من جراء ذلك لنكتشف فيما بعد أن الأميرة المتمرّدة على التقاليد الملكية كانت تدبر القصص والعلاقات لتغيظ «العجرفة» الانجلوسكسونية» بعلاقاتها مرة مع «باكستاني» ثم في مرة أخرى مع»مصري» كل مؤهلاته أن والده في خصام دائم مع نفسه وبقايا «عتاة» الامبراطورية التي غابت شمسها منذ أكثر من ثلثي القرن ولا يريدون أن يقروا بذلك.
وما دمنا عرفنا آلية عمل الانترنت وخبرنا تأثيرها الجماهيري فلاشك سيوجد هناك من يمتطي صهوتها لنشر الأكاذيب والشائعات كما حصل مع وسائل الإعلام التي وظفت في فترات التاريخ المختلفة للدعاية وبث الشائعات. وإذا كانت الشائعة هي معلومة ناقصة أو مغلوطة أو قصة كاذبة تروج من قبل مجهولين لإحداث تأثير ما فان شبكة الانترنت اليوم وسيلة عالمية لا تخضع للرقابة وبالتالي يمكن ضخّ القصص المكذوبة والشائعات من قبل المصادر المجهولة ما يجعل الشائعة تسير بطول العالم وعرضه
أحيي حضرتك على هذا الموضوع الممتع والمفيد ..
وأوافقك الرأي أن الشائعة هي معلومة ناقصة أو مغلوطة أو قصة كاذبة .. لذلك أحياناً يكون الهدف منها هو إستكمال هذه المعلومة الناقصة ..
ولعل إحدى الشائعات المنتشرة حالياً هي :
من هو والد فاطمة ؟؟
ذلك أن رشيدة داتي - وزيرة العدل الفرنسية البالغة من العمر 43 عاماً وذات الأصول المغربية - قد وضعت إبنتها فاطمة منذ عدة أيام ..
ومنذ أن أعلنت لوسائل الإعلام عن خبر حملها إلا أنها ترفض الإفصاح عن من هو والد الطفلة ..
ولذلك راحت الشائعات تنسب الطفلة لآباء عديدين .. .. قالت شائعة إن الأب هو ساركوزي إستناداً لصورهما وهما يرقصان معاً في الحفلات ويتبادلان نظرات أكثر من بريئة ..وقالت شائعة إن الأب هو أحد الوزراء .. بينما أشارت شائعة ثالثة إلى رئيس الوزراء الأسباني خوسيه ماريا أزنار ..
دعونا نقف في وجه الشائعات
في الصيف الماضي ظهرت شائعة فاكهة الشمام المحقونة بفيروس الإيدز ، كانت فكرتها سخيفة جداً لمن يعرف أبسط خصائص هذا الفيروس، ومع بداية الشتاء وانتشار أمراض الشتاء المعتادة مثل الإنفلونزا والكحة وارتفاع الحرارة ظهرت رسالة تؤكد أن بعض الأدوية خطيرة وتؤدي للوفاة وبالرغم من أن هذه الأدوية معروفة منذ زمن بعيد بالسوق العالمي وهي من المسكنات فقد انتشرت الشائعة بشكل غريب حيث ذيلت الرسالة باسم احد الأطباء القديرين والمعروفين في السعودية ودعت الرسالة كل شخص إلى إعادة إرسالها لمن يحب ويخاف عليهم، حتى أعلن الطبيب عن إنكاره لهذه الرسالة في الصحف، وبالطبع لا يمكن ان نلوم الناس على نشر رسالة بهذه الخطورة لأننا مجتمع متقارب جداً ، ومجتمع أسري نخاف على عوائلنا وأصدقائنا وإخواننا في الله بالإضافة إلى بساطة تفكيرنا ومنطقيتها ولهذا نجحت الرسالة المخيفة في الانتشار، ولكن ماذا لو أن كل واحد فينا تلقى هذه الرسالة فكر قليلاً وتساءل، كم شخصاً ماتوا في شتاء العام الماضي من هذه الادوية المعروفة والموجودة في السوق؟ هل ذهب احدنا إلى الصيدلي وسأله عن خصائص هذا الدواء او قرأ خصائص الدواء في الورقة المرفقة، أو أتصل بوزارة الصحة او دخل إلى الانترنت وبحث عن الحوادث المتعلقة بهذا الدواء ، بالطبع لا، إذاً خسارة حفنة من الريالات قيمة إعادة إرسال الرسالة أسهل كثيراً من عملية البحث والتقصي، وهكذا نساهم وبحسن نية في نشر الشائعة تلو الأخرى، ومؤخراً ظهرت الرسائل التي تهاجم التجار وتصفهم بالجشع وتطالب بمقاطعة أهم عناصر الحياة من طعام واكل ولبس وسيارات ومنتجات غربية وأمريكية وبعض المحلات والاسواق وهكذا تنتشر الأفكار والمطالبات والتي تعطينا شعوراً كاذباً بالقوة والحدة والسبب أن أغلب هذه رسائل ماهي الا وَهْمٌ لا يرتبط مع الواقع بأي صلة بينما القوة والوحدة هي في قول الحقيقة، كان آخر ماوصلنا من شائعات هو قيام شركات غربية بالتبرع بدخلها لمدة أسبوعين لصالح إسرائيل ، والحقيقة أن الشركات هذه قد نشرت في موقعها الرسمي إنكاراً تاماً بدعمها لإسرائيل أو التبرع بأي مبالغ كانت، هكذا وبكل وضوح حتى تكاد تستنكر الحرب على غزة بما فيها من اعمال إجرامية مخجلة ضد الطفولة والإنسانية والسؤال الملح الآن من قام بتأليف هذا الخبر ونشره حتى أن آلاف المواقع العربية تناقلته بشكل اعمى حتى بدون الرجوع إلى موقع الشركة، ولصالح من ؟ ، ولان هدفنا ليس سياسياً أو حتى اقتصادياً وإنما توعوي لنفسي ولأبناء بلدي فسنترك الإجابة على هذه الاسئلة لمن يمكنه إدراك الأبعاد الخفية والظاهرة لمثل هذه الأخبار ولنقتصر على التفكير المنطقي والسهل في مواجهتها ودحرها في مهدها حتى لا تحقق أهدافها.