على مر التاريخ الإسلامي لم يتسمَّ الخارجون على السلطة الشرعية بالسيف بالسلفيين ولو تأملنا هذا المسلك الفوضوي الممجِد للعنف لوجدناه يتطابق كثيرًا مع فكر ومسلك الخوارج وبما أن الخوارج ومسلكهم المتشدد جدًا قد نبذوا من قبل جمهور العلماء بل أن هناك شبه إجماع على البراءة منهم حتى دخلوا منطقة الظلام التاريخي ولم يعد للخوارج أي ذكر بالرغم من تعدد فرقهم وهيمنتها في أكثر من فترة تاريخية على مناطق وبلدان وسكّهم العملة وتأليفهم الكتب وما خلَّفوه من تراث شعري كثير، وبالرغم من ذلك لم يبق لهم ذكر في التاريخ منذ القرن الخامس « مع استثناءات بسيطة « فما بعد القرن الخامس تقريبا لم يعد لهم ذكر في أحداث التاريخ وبسبب هذا النبذ العام من قبل المجتمع بشكل رئيس والنخب العلمية والأدبية ،أصبح التبرؤ منهم الشغل الشاغل لكثير من الأدبيات الفكرية والعقائدية وكثرت الردود على الخوارج وفرقهم بشكل مباشر وتردد في كتب العقائد جملة « ولا نكفر أحد من أهل القبلة إلا بجحود ما أدخله فيه. «وتداولوا في كتبهم شناعات الخوارج وجهلهم بالإسلام النقي المتسامح وعدم فقههم لتعاليم الإسلام وسننه ولو تأملنا مسلك الخوارج المبكرين في فترة خروجهم على علي بن أبي طالب كان فيهم قراء وعباد ولعل ذلك لقرب عهدهم من عهد الصحابة والتابعين ولكن فيما بعد أصبحت السمة الغالبة للخوارج هي الخروج باسم التغيير يحرك هذا الخروج السبب الاقتصادي والحقيقة أن أكثر من خرج من الخوارج في الدولة الأموية والدولة العباسية لم يكن جلهم يحمل عقيدة الخوارج وثقافتهم بل يغلب أنهم من القبائل الموتورة والطامعة المرتزقة أما المتلبسون بفكر الخوارج فهم قلة بالنسبة للأغلبية ، وبسبب هذا النبذ الذي اشرنا له سابقًا ظهرت جماعات تكفيرية في وقتنا الحالي عملت على أن تلبس على الساحة الإسلامية توجهها الفكري فأسمت نفسها «بجماعة المسلمين» المعروفة إعلاميًا باسم جماعة «التكفير والهجرة» و»الجماعة السلفية للدعوة والجهاد» وهذه الجماعات تكفيرية بامتياز فهي تكفر بالمعصية والمقدسي منظر الجماعة الأخيرة لا يتورع عن الفتيا باستحلال دم مسلم بمجرد الشك وقد طاف في بدايته بالكويت وسوريا والمملكة العربية السعودية وكان قريبا من الجماعات السلفية وهو نتاج نفسي وفكري لمشكلة فلسطين المحتلة هذا الرجل أنتج فكريًا وحركيًا «الزرقاوي « الذي عمل على تطبيق تعاليم شيخه المقدسي الدموية بكل حذافيرها وزاد عليها ممارسات الجاهل صاحب السطوة ولم يردعه عن ذلك براءة الأطفال ولا دموع النساء ولا حرمة الدماء ، فثقافته ومسلكه التكفيري هو الملهم والمهيمن على مجاميع الخلايا الفاعلة والنائمة وهم موجودون في كثير من البلدان الإسلامية والتي تعاني من أفكارهم الجامحة ومسلكهم غير العلمي وغير الإنساني والبعيد جدًا عن روح الإسلام وتعاليمه .