الاثنين، نوفمبر 28، 2011

الويب الدلالية

معنى (الويب الدلالية) ومغزاها
تحويل الويب الحالية لقاعدة بيانات عالمية موحدة
فى عام 1994 اخترع الدكتور تيم بيرنارد لى الباحث بمعامل بحوث سيرن بسويسرا ما عرف بالشبكة العنكبوتية العالمية (الويب) القائمة على فكرة النصوص التشعبية التى سرعان ما انتشرت ونمت حتى أصبحت تشكل عصب الإنترنت وتحولت إلى أحد مظاهر العولمة، حيث أتاحت ربط أى شىء بأى شىء وأى شخص بأى شخص، ومن ثم بات فى إمكان مئات الملايين من البشر التواصل بين بعضهم البعض بسهولة، وكان هذا مكمن قوة روابط الويب والنصوص التشعبية، وفى ديسمبر 2004 عاد الدكتور لى ليتحدث عن مشروع جديد هو ( الويب الدلالية أو Semantic Web)، التى تقوم على فكرة التعامل مع المعلومات المتاحة على الويب آليا وفقا لدلالاتها ومعانيها، وكان دافعه فى ذلك أن 80 % منه محتوى الويب الحالى عبارة عن نصوص صممت لكى يقرأها ويفهمها البشر، بينما برامج الحاسب ومتصفحات الويب وبرامج البحث عاجزة عن التعامل مع هذا المحتوى وفهمه وتحليله بناء على دلالته أو مضمونه، وهكذا سرعان ما تدافعت الأبحاث وجهود التطوير المتعلقة بالويب الدلالية، وفى غضون أقل من عامين فقط على إطلاق الدكتور لى لرؤيته تشكلت البذور الأولى للويب الدلالية وبدا أنها تقود العالم نحو ثورة جديدة فى عالم الإنترنت تعصف بالكثير من الثوابت الحالية وتنبئ بتغييرات عميقة ليس على مستوى التكنولوجيا ولكن على مستوى الثقافة والهوية والحضارة .. فما هى الويب الدلالية؟
من أهم المشكلات التى نواجهها فى الوقت الحالى فى مجتمع المعلومات فيضان المعلومات، وهى مشكلة تفاقمت بسبب الحجم الهائل المطرد فى الزيادة لشبكة الويب العالمية، فقد منحتنا الويب إمكانية الوصول إلى ملايين المراجع والمقالات والأخبار والخدمات، بغض النظر عن موقعها الجغرافى ولغتها المستخدمة، وحتى يمكن التعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات، نشأت نماذج أعمال جديدة على شبكة الويب مثل محركات البحث التجارية، التى تتزعمها شركة جووجل حاليا بلا منازع.
ومع استمرار نمو الويب، من المتوقع أن تعانى محركات البحث الأمرين فى الحفاظ على جودة نتائج البحث، وذلك لأنها لا تصل إلى كل المحتوى الثابت، وتتجاهل الطبيعة الديناميكية المتغيرة، للويب أى صفحات الويب التى يتم إنشاؤها من قواعد البيانات، فحاليا تحتوى شبكة الويب على نوعين من المعلومات: معلومات تم إنتاجها أساسـًا للاستهلاك الإنسانى ومعلومات أخرى تم إنتاجها خصيصا لأجهزة الحاسب وبرمجياتها الآلية، وهى لا تعنى الإنسان بأى حال من الأحوال. بمعنى آخر يبدو الأمر ككفتى ميزان إحداهما تمثل المحتوى بكل أنواعه، بدءا من الإعلان التليفزيونى الذى يعرض لخمس ثوان إلى الشعر والنثر الأدبى والخطب البلاغية أو كل النتاج البشرى فى مناحى الثقافة والعلوم والآداب الذى تحويه شبكة الويب بين دفتيها، والأخرى تمثل قواعد البيانات والبرامج والمجسات والمستشعرات والبروتوكولات والمعايير ولغات البرمجة والتكويد العاملة على الشبكة، وكلاهما لا يعمل مع الآخر كنسيج موحد.ومن هنا ظهرت فكرة الويب الدلالية كوسيلة لسد الفجوة والثغرة المستحكمة بين طرفى الميزان، أو بالأحرى المعلومات الحضارية والبشرية والثقافية من جهة والبرامج الآلية من جهة أخرى، بما يجعل برامج البحث تفهم أو تتحدث بلغة المعرفة الإنسانية، حتى تستطيع البشرية استغلال هذه المعرفة بشكل أفضل وتوظفها فى تطبيقات مفيدة لجميع البشر.
وللتوضيح نقول إن الحاسبات تستطيع بالطبع تحليل صفحات الويب من حيث الشكل والتخطيط والتقسيم: هنا عنوان وهناك رابطة لصفحة أو موقع آخر، ولكن بصفة عامة، لا توجد طريقة تجعل الحاسب قادر على معالجة المعنى: كأن يقول البرنامج (هذه هى الصفحة الرئيسية لموقع العالم المصرى أحمد زويل، المعروف أنه فاز بجائزة نوبل فى الكيمياء عن ابتكاره لتكنولوجيا الفمتوثانية وكاميرا للتصوير فى هذا الزمن المتناهى فى القصر، المتناهى فى السرعة، وهو عالم مصرى المولد والنشأة أمريكى الإقامة والهجرة، وتخرج من جامعة الإسكندرية ومتزوج من سورية وهو ثالث مصرى يفوز بجائزة نوبل بعد السادات ونجيب محفوظ)، بالطبع لن يفهم البرنامج هذا المضمون كما نفهمه نحن البشر، ولكن كل المطلوب منه التعامل معه كأنه يفهمه.
وهكذا فإن محركات البحث الحالية مهما كانت تعمل على تطوير قدراتها فى البحث الذكى عن المعلومات وتحليلها وعرض المفيد منها للمستخدم فإنها محدودة فى النهاية بقيود البحث الشكلى فى الويب أى البحث عن الصفحات أو المواقع التى وردت فيها كلمات أو عبارات معينة، وتعجز تماما عن فهم مضمون صفحات ومواقع الويب والربط بينها على أساس المفاهيم المشتركة، بعبارة أخرى، يمكن القول حاليا بأن قدرات الويب الحالية تقف مشلولة أمام أبواب التعامل الذكى مع المعلومات وتحليلها بناء على المضمون والربط بينها ثم استنباط النتائج المطلوبة. كما أن حلقات التطور المعرفى تحتم الانتقال إلى طور جديد من التعامل الذكى مع المعلومات واستغلالها ومعالجتها بشكل آلى من خلال البرامج واللوغاريتمات.
يؤكد تيم بيرنيرز لى أن الويب الدلالية هى امتداد للويب الحالية، من حيث إنه يتم إعطاء المعلومات الموجودة معنى معرفا، مما يفعل التعاون بين أجهزة الكمبيوتر والناس على السواء، والقوة الحقيقية للويب الدلالية لن تتحقق إلا عندما يقوم الناس بتطوير برامج عديدة تجمع محتوى الويب من مصادر عديدة وتعالج المعلومات الموجودة فى هذه المصادر وتتبادل النتائج مع البرامج الأخرى، وفاعلية مثل هذه البرامج ستزيد بشكل مضاعف عندما يتوافر المزيد من محتوى الويب الذى تفهمه البرامج والخدمات الآلية.
مفهوم ومواصفات الويب الدلالية
طبقا لتعريف مجموعة اتفاق الويب الدلالية فإن الويب الدلالية هى ويب تشتمل على المستندات أو أجزاء من المستندات، تصف العلاقات الصريحة بين الأشياء (المعلومات أو المواقع) وتحتوى على معلومات دلالية تم تجهيزها خصيصا لتفهمها برمجيات البحث والتصفح، وهى تعتمد على مبدأ البيانات المشتركة، فعندما تعرف معلومة معينة، يمكنك ربطها بمعلومات أخرى تتماثل مع المعلومة الأولى أو تشرحها أو تفسرها أو تحددها بشرط أن تحدد علاقة الربط. أى أن الويب الدلالية عبارة عن تبادل البيانات من خلال أكواد وصف العلاقة بين المعلومات ثم معالجة هذه البيانات بشكل منطقى استدلالى تحليلي.
أما موقع اتحاد الويب العالمى فيقول إن الويب الدلالية هى عبارة عن رؤية تقوم على ربط البيانات فى الملفات والمستندات المنشورة على شبكة الويب بطريقة معينة تستطيع معها البرامج وأجهزة الكمبيوتر استخدامها ليس فقط من خلال عرضها على المستخدم، ولكن من خلال ميكنة ودمج وإعادة استخدام البيانات عبر تطبيقات متنوعة.
وتقوم الويب الدلالية على أمرين: الأول هو التنسيقات المشتركة لتبادل البيانات، كما لدينا فى الويب الأصلية معايير موحدة لتبادل الملفات، والثانى هو لغة تحديد كيفية ارتباط البيانات بالأشياء فى العالم الحقيقي، وهذا يتيح للمرء أو الآلة (متمثلة فى متصفح الويب أو برنامج البحث أو خدمة الويب) البدء بقاعدة بيانات معينة، ثم الانتقال من خلال مجموعة لا تنتهى من قواعد البيانات التى ترتبط ببعضها ليس بالأسلاك ولكن بأنها جميعا تدور حول نفس الموضوع أو نفس الشىء.
وعلى ذلك يمكن القول أن الويب الدلالية هى ويب من البيانات، فهناك الكثير من البيانات والمعلومات التى نستخدمها كل يوم، فعلى سبيل المثال، يمكننى مشاهدة الكشوف البنكية على الويب وكذلك الصور الفوتوغرافية ورؤية المواعيد فى تقويم التواريخ، ولكن هل يمكننى رؤية الصور فى تقويم التواريخ لأعرف ماذا كنت أفعل عندما التقطت هذه الصور، وهل بإمكانى مشاهدة بنود الكشف البنكى فى تقويم التاريخ لأتتبع سجل إنفاقى وسحبى وإيداعى فى البنك؟ بالطبع لا يمكن حاليا.. لماذا ؟ لأنه لا يوجد ويب من البيانات، بسبب احتواء التطبيقات للبيانات، واحتفاظ كل تطبيق بهذه البيانات لنفسه.
ويجرى حاليـًا تطوير الخطوات الأولى لنسج شبكة الويب الدلالية فى بنية الويب الحالية، وفى المستقبل القريب ستثمر هذه التطورات عن وظائف مفيدة بل حيوية للمستخدمين، عندما تكتسب البرمجيات مَلكَة فهم واستيعاب ومعالجة البيانات التى تعرضها فقط فى الوقت الحالي.
ومن المتوقع أن تتسم الويب الدلالية باللامركزية الشديدة، وتتطلب اللامركزية بعض التنازلات، حيث يجب على الويب أن تطرح جانبا مثالية التجانس التام عبر كل وصلاتها البينية، التى قد تسبب الرسالة سيئة السمعة: الخطأ 404: الصفحة غير موجودة Error 404: Not Found، وحتى يكون للويب الدلالية وظيفة مجدية، يجب أن تتمتع الحاسبات بإمكانية الوصول إلى مراجع الوصف وقواعد الاستدلال التى ستستخدمها فى إجراء التحليل الاستنتاجى الآلي. وتمر تكنولوجيا تمثيل المعرفة Knowledge representation حاليـًا بنفس الأزمة التى مر بها النص التشعبى قبل حلول شبكة الويب: فهى الآن فكرة جميلة مع وجود بعض الحالات التطبيقية المحدودة، ولكنها لم تغير العالم بعد...ما زالت فكرة تحوى داخلها بذور تطبيقات مهمة ومفيدة، ولكن لتحقيق أقصى إمكانياتها يجب ربطها بنظام عالمى موحد.
كيف نفهم الويب الدلالية؟
تعتمد الويب الحالية على لغة HTML التى تحدد كيفية تخطيط صفحة الويب للقارئ البشري، ولكن لغة HTML بوضعها الحالى لا يمكن استغلالها بواسطة تقنيات استرجاع المعلومات لتحسين النتائج التى طالما اعتمدت على الكلمات الأساسية التى تشكل نص ومحتوى الصفحة، ومن ثم أصبحت مقيدة بكلمات البحث. فى الويب الدلالية، لا تخزن الصفحات المحتوى كمجموعة من الكلمات والألفاظ غير المترابطة فى مستند معين، ولكنها تقوم [بتكويد] المعنى والتركيب. بصفة عامة تعتمد لغات الويب الدلالية على لغة XML ثم تصعد هرم اللغات لتصل إلى لغة RDF وRDFS وOIL وDAML+OIL وOWL. هذه اللغات أكثر ثراء وتعقيدا من لغة HTML وتتيح إلى حد كبير تمثيل المعنى وبنية المحتوى (العلاقات الداخلية بين المفاهيم)، وهذا يسهم فى جعل محتوى الويب مفهوما وقابلا للمعالجة بواسطة برامج البحث الدلالي، مما يفتح الطريق واسعا أمام جيل جديد من التقنيات والخدمات المبتكرة من خلال الويب ونماذج الأعمال، حيث ننتقل تدريجيا من دعم استرجاع المعلومات إلى تفويض المهام وإنجازها.
6 تحديات أمام الويب الدلالية
انتبهت الحكومات الأوروبية والأمريكية إلى أهمية الويب الدلالية، وأنشات العديد من البرامج المخصصة لتمويل الأبحاث التى تهدف إلى تطوير التقنيات الجوهرية للويب الدلالية. ورغم المزايا الكبيرة التى تبشر بها الويب الدلالية، فإن نجاحها أو فشلها يتوقف على الوصول السهل وتوفر محتوى متنوع يمتاز بالتميز والجودة العالية. وما زالت هناك عدة مشكلات يستلزم الأمر حلها قبل أن يحدث ذلك، ومن هذه المشكلات:
ـ توفر المحتوى: فى الوقت الحالي، لا يوجد سوى نزر قليل من محتوى الويب الدلالية، لهذا ينبغى ترقية محتوى الويب الحالى إلى محتوى الويب الدلالية بما فى ذلك صفحات HTML الثابتة ومحتوى XML الحالى والمحتوى التفاعلى والوسائط المتعددة وخدمات الويب
-إنشاء مراجع وصف المعرفات (ontology) وتوفرها وتطويرها: فمرجع الوصف سيصبح جزءًا أساسيـًا فى الويب الدلالية لأنه هو الذى يوضح العلاقات الدلالية بين محتوى الويب، ولهذا يجب بذل مجهود كبير فى إنشاء مرجع وصف شائع الاستخدام للويب الدلالية، بشرط توافر البنية الأساسية الكافية لتطوير مجموعات الوصف وإدارة وتوزيع التغيير فيها، وبشرط توفر التحكم الكافى فى تطور مراجع الوصف والحواشى المفسرة التى تشير إلى هذه الأكواد.
ـ القدرة على التوسع: يجب بذل جهود كبيرة لتنظيم محتوى الويب الدلالية وتخزينها وتوفير الآليات الضرورية للعثور عليه، ويجب تنفيذ كل هذه المهام وتنسيقها بشكل متدرج، حيث ينبغى تجهيز هذه الحلول للنمو الضخم للويب الدلالية.
ـ تعدد اللغات: توجد هذه المشكلة فى الويب الحالية، وينبغى حسمها فى الويب الدلالية، فأى منهج للتعامل مع الويب الدلالية ينبغى أن يوفر الأدوات أو الوسائل للوصول إلى المعلومات بلغات عديدة، مما يتيح إنشاء محتوى الويب الدلالية والوصول إليه بشكل مستقل عن اللغة الأصلية لموفرى المحتوى ومستخدميه.
ـ طريقة العرض: ستصبح طريقة العرض البديهية لمحتوى الويب الدلالية أمرا ملحا لحل مشكلة الفيض الهائل من المعلومات، لأن المستخدمين سيطالبون بالتعرف السهل على المحتوى المطلوب للأغراض الخاصة بهم، ولهذا يجب اكتشاف أساليب جديدة تختلف عن طريقة العرض فى الويب الحالية القائمة على بنية النص التشعبي.
ـ استقرار لغات الويب الدلالية: فى النهاية يجب إجراء جهود توحيد المعايير بشكل ملح فى هذا المجال الواعد، للسماح بإنشاء التكنولوجيا الضرورية التى تدعم الويب الدلالية.
جوانب سلبية وانتقادات
على الرغم من الحماس الشديد للعلماء والخبراء تجاه الويب الدلالية وما تبشر به من تطور معلوماتى مهم، فإن البعض يبدى مخاوف من الرقابة والخصوصية، فعلى سبيل المثال، يمكن تجاوز وتخطى تقنيات تحليل النصوص بسهولة من خلال استخدام ألفاظ أخرى أو استعارات أو مجازات على سبيل المثال، أو من خلال استخدام صور مكان الألفاظ، حيث سيسهل التنفيذ المتطور للويب الدلالية على الحكومات التحكم فى إنشاء المعلومات عبر الإنترنت ومشاهدتها وفرض الوصاية والرقابة عليها، حيث ستستطيع آلات منع المحتوى آليا فهم محتوى المعلومات المحظورة بسهولة.
ومن الانتقادات الأخرى للويب الدلالية الوقت الكثير الذى يستغرقه إنشاء ونشر المحتوى، لأن ذلك سيصل بنا فى نهاية المطاف إلى تنسيقين لنفس المعلومة: تنسيق للعرض بشكل يفهمه البشر وتنسيق آخر بشكل تفهمه الآلات أو البرامج، وهذا المجهود الكبير يجعل نسبة إقبال الشركات على تطبيق هذه الإجراءات ضعيفة، لأن تهيئة المواقع للويب الدلالية سيؤدى إلى تبطئة مسيرة تقدمها، غير أن هناك العديد من التطبيقات التى يجرى تطويرها حاليا التى عالجت هذه المشكلة من خلال إنشاء تنسيق تقرؤه الآلات عقب نشر البيانات أو طلب الآلة لهذه البيانات، ونحن بالآلة نقصد جهاز الكمبيوتر أو بالأحرى برامج البحث الدلالى الموجودة على هذه الأجهزة. من أوجه النقد الأخرى أن الويب الدلالية ما زالت تعتمد على معمارية الخادم/الكمبيوتر الطرفي، والتى لا تتسم بكثير من المرونة والقدرة على التوسع المستقبلى.
مشكلة الثقة والمصداقية
إذا كانت الويب الدلالية ستصبح قاعدة بيانات عالمية، وإذا كان أى موقع أو مصدر يستطيع أن يقول أى شيء عن أى شيء، فكيف يمكننى الثقة فى مثل هذا المصدر أو الموقع؟ فليست كل مصادر البيانات تتمتع بوصول عالمي، ولهذا يحتاج الأمر إلى نموذج حماية قوى وقابل للتمديد، وليست كل مصادر البيانات على قدر متماثل من الثقة والمصداقية. عند إجراء استعلام ما يستطيع تطبيق الويب الدلالية (برنامج البحث الدلالي) عرض نتيجة الاستعلام وكذلك عرض الدليل على كيفية اشتقاق هذه النتيجة، ومعنى ذلك أن البرنامج سيقوم بإجراء بعض عمليات الاستدلال والتعليل لأسباب تصديقه لهذه الحقيقة أو المعلومة. على الأقل، لابد أن تكون برامج البحث الدلالى قادرة على نسبة الحقائق والمعلومات إلى مصدر، وبمرور الوقت يمكن تطوير التطبيقات التى تتأكد من سلامة ونزاهة مثل هذه المصاد
وقد تم حل مشكلة مصداقية البيانات من خلال التوقيعات الرقمية التى تعتمد على التشفير. فكل ما عليك الآن هو أن تخبر برنامج البحث الدلالى أو متصفح الويب الدلالى بالتوقيعات التى يثق فيها وتلك التى لا يثق فيها، ويستطيع كل موقع تحديد مستوياته الخاصة من الثقة، أو يستطيع الحاسب تحديد هذه المصداقية بنفسه. ليس من المحتمل أنك ستثق فى عدد كاف من المواقع أو المصادر بحيث يمكنك الاطمئنان إلى أغلب المعلومات على الويب، ومن هنا ظهر مفهوم ويب الثقة Trust Web، حيث أنك تخبر الكمبيوتر بأنك تثق فى الموقع (أ) ومعنى ذلك أن تثق فى المواقع (ب) و(ج) و(د) التى يثق فيها الموقع (أ)، ومن ثم جميع المواقع التى تثق بها المواقع (ب) و(ج) و(د) وهكذا دواليك، ومع تشعب هذه العلاقات فيما بينها وتداخلها، وعدم تماثل درجات الثقة والمصداقية المصاحبة لها، تتكون لدينا ويب تسمى بويب الثقة. كما تجدر الملاحظة أن عدم الثقة فى موقع قد يكون مفيدا مثل الثقة فى موقع آخر.
افترض أن حاسبك اكتشف موقعا على الويب لا يوجد من أعلن عن ثقته به، ولكن لا يوجد أيضـًا من أعلن عن عدم ثقته به. فى الأغلب، سيثق الحاسب بهذا المستند أكثر مما يثق فى موقع ويب كان هناك من وصفه بأنه غير جدير بالثقة. فالحاسب يأخذ كل هذه العوامل فى الاعتبار عند تحديد مدى موثوقية معلومة معينة.
خطوة تمثل التحدي الأكبر أمام الجميع
تجهيز المحتوى لمتطلبات الويب الدلالية
أساليب جديدة فى فهرسة وعرض المحتوى فى عالم الإنترنت يعتبر المحتوى هو (الملك) المتوج بلا منازع، فبدون محتوى تصبح الشبكة كالمواسير الفارغة من المياه فلا يحس بقيمتها أحد، وفى الويب الدلالية يتعاظم أمر المحتوى ويحتل مساحات أوسع من الأهمية، ففيه يكمن التغيير الأساسى سواء من حيث الوضعية أو طريقة التناول والتوظيف، فقد أشرنا سابقا إلى أن الفارق الاساسى بين الويب التقليدية والويب الدلالية هى فى طريقة تجهيز وعرض المحتوى، بحيث تصبح برامج البحث والتصفح قادرة على التعامل مع قلبه ومضمونه ودلالاته العميقة وليس قشرته الخارجية أو سطحه الظاهرى كما يجرى الآن، وهذه مهمة ثقيلة للغاية لا تتحقق بمجرد التأصيل لها نظريا، وتشكل التحدى الأكبر أمام الجميع، باحثين وشركات ومؤسسات وأصحاب محتوى ومستخدمين وباحثين عن المعلومات والخدمات ونظرا لأهمية هذه الخطوة وخطورتها على مستقبل الويب الدلالية سنتعرض لها بشىء ، من التفصيل فى السطور التالية.
لا يمكن بالطبع تصور أن نصحو ذات يوم ونجد المحتوى الضخم على الإنترنت مجهزا للتعامل مع الويب الدلالية بل سيحتاج هذا الأمر إلى مجهود شاق، فكما احتاجت الويب التقليدية إلى جهود التطوير الجماعية للعلماء والخبراء والباحثين والشركات والمؤسسات العملاقة وخاصة شركات البرمجيات الكبرى حتى أمكن وضع المحتوى بصورته الحالية، ستحتاج الويب الدلالية إلى نفس الأمر حتى يمكن تجهيز المحتوى الخاص بها، ولهذا نجد الحكومات الأوروبية والأمريكية توليها اهتمامـًا كبيرًا وترصد لها مشاريع التمويل الضخمة من أجل أن ترى النور فى أسرع وقت وتتسارع الخطى فى هذا الصدد.
مراجع الوصف المعرفات
من أول وأهم خطوات تجهيز وتهيئة المحتوى للويب الدلالية خطوة تعرف باسم (مراجع الوصف أو الانطولوجيات (ontologies)، ولتوضيح هذه الخطوة نشير إلى أنه من متطلبات الويب الدلالية ان يكون المحتوى معدا سلفا كى تتعامل معه البرمجيات والأدوات وليس البشر فقط، وحتى تستطيع التطبيقات والبرمجيات المتنوعة فهم دلالات ومعانى البيانات المحتوى على الويب، ومن ثم تحولها إلى معلومات، لابد من وجود توافق دلالي، بمعنى أن ما يفهمه تطبيق (أ ) هو ما نفس ما يفهمه التطبيق (ب) والتطبيق (ج) وهكذا. وإذا كان التوافق التركيبى يقوم على معرفة أجزاء البيانات بشكل صحيح، يتطلب التوافق الدلالى التوفيق بين المصطلحات والتى تتطلب بدورها تحليل المحتوى، ويتطلب ذلك بدوره مواصفات شكلية وواضحة لنماذج البيانات التى تعرف المصطلحات المستخدمة والعلاقات بينها.
وفى علم الفلسفة هناك مصطلح يطلق عليه انطولوجى ontology والمقصود به أى نظرية عن طبيعة الوجود وأنواع الموجودات، وقد استعار باحثو الويب والذكاء الاصطناعى هذا المصطلح واتفقوا على اقتباسه للتدليل على أى مستند أو ملف يعرف بصفة رسمية العلاقات بين المصطلحات أو المعرفات،ومن هنا ظهرت الانطولوجيات أو مراجع الوصف ontologies.
ومراجع الوصف فى أبسط أشكالها عبارة عن قاموس يعطى كل رمز تعريفا بلغة معروفة ذات دلالات ومعان متفق عليها مسبقا (مثل الإنجليزية أو العربية)، فإذا كان هناك مستندان يعلنان بوضوح أنهما يستمدان رموزهما من نفس مرجع الوصف، فمعنى ذلك أنه يمكن دمجهما لأنهما يشيران إلى نفس المفاهيم. فمرجع الوصف قد يعرف أى نوع من الرموز، وبعض مراجع الوصف قد تعرف أشياء معروفة بالفعل والبعض الآخر قد تعرف فئات تصنيفية، ثم يمكن ربط هذه المفاهيم أو الأشياء بفئاتها من خلال علاقات قياسية يتم تعريفها فى مراجع وصف مختلفة، ومن هنا فإن الانطولوجيات تعرف نماذج البيانات من حيث فئاتها وفئاتها الفرعية وخصائصها.
وتحسن مراجع الوصف وظائف الويب الدلالية حيث يمكن استخدامها لتحسين دقة البحث على الويب، حيث سيقتصر برنامج البحث الدلالى فى بحثه على الصفحات التى تشير إلى مفهوم دقيق بدلا من كل الصفحات التى تستخدم كلمات غامضة.
وعلى مر السنوات، تم تنفيذ قدر كبير من الأبحاث حول كيفية تمثيل المعرفة والاستنباط منها. فى أوروبا تركز التمويل على تطوير لغة OIL (طبقة استدلال مراجع الوصف)، وهى لغة تعرف مراجع الوصف، أما فى الولايات المتحدة، فقد تم التركيز على لغة مشابهة اسمها DAML (لغة تمييز البرنامج الطرفى الموزعة)، وفى الآونة الأخيرة تم الدمج بين المشروعين فى مشروع واحد كبير تم تسميته DAML+OIL. وفى نهاية عام 2001 قام الاتحاد العالمى للويب بإنشاء مجموعة عمل تسمى WebOnt لإنشاء لغة موحدة لتطوير مراجع وصف للويب تعتمد على مشروع DAML+OIL، وتم بالفعل ابتكار لغة OWLالتى تتكاتف مع إطار وص المورد وغيرها فى إنشاء مشروع الويب الدلالية الكبير.
وتمثل لغة OWL تطورا تقنيا كبيرا وعلامة فارقة فى مسيرة تنفيذ مشروع الويب الدلالية، فقد تم تصميمها خصيصا لتوفير وسيلة موحدة لمعالجة محتوى معلومات الويب، فالهدف منها هو أن تكون واجهة المعرفة بالنسبة لبرامج الحاسب، ولأن هذه اللغة تعتمد على لغة XML يمكن تبادل معلومات OWL بسهولة بين الأنواع المختلفة من الحاسب التى تستخدم أنظمة تشغيل ولغات تكويد مختلفة. إن الهدف الأساسى من لغة OWL هو إيجاد وسيلة لتوفير المعايير التى تمثل إطارا لإدارة الأصول وتكامل المؤسسات ومشاركة البيانات على شبكة الويب وإعادة استخدامها. تم تطوير لغة OWL بشكل أساسى لأنها تتضمن المزيد من التجهيزات للتعبير عن المعنى والدلالات أكثر من لغات XML وRDF وRDF-S، وبذلك تتخطى OWL هذه اللغات فى قدرتها على تمثل وعرض المحتوى الذى تفسره الآلات على شبكة الويب. توجد ثلاثة إصدارات من هذه اللغة هى: OWL Lite وOWL DL وOWL Full.
لغات التمييز ووصف المورد
من الجهود الجارية حاليا فى مجال تجهيز وإعداد المحتوى لمتطلبات الويب الدلالية ما يعرف بلغة التمييز الممدودة (XML) أو سيط الويب الدلالية، وكذلك ما يعرف بإطار وصف المورد RDF أو Resource Description Framework) ويمكن تبسيط هذه النوعية من الجهود كالتالي:
تعتمد شبكة الويب الحالية على المستندات المكتوبة بلغة التمييز ذات النص التشعبى (HTML) التى تستخدم لتكويد نص معين يحتوى على عناصر متفرقة من الوسائط المتعددة مثل الصور والنماذج التفاعلية، لكن قدرة هذه اللغة محدودة فى تصنيف كتلات النصوص فى الصفحة، رغم أهمية الدور الذى تقوم به فى تنظيم المستندات فى التنسيق المرئى المطلوب. فعلى سبيل المثال، يستطيع المرء من خلال هذه اللغة إنشاء صفحة ويب تحتوى على أسماء مجلات الحاسب فى مصر. سنجد عبارة تقول مثلا ثمن العدد الأول من لغة العصر 7 جنيهات، ولكن لا توجد وسيلة نقول بها أن هذا الصفحة عبارة عن كتالوج أو أن 7 جنيهات عبارة عن سعر أو ثمن وأن لغة العصر عبارة عن مجلة حاسب، ولا توجد وسيلة تقول أن هذه الأجزاء من البيانات (ثمن - العدد الأول - لغة العصر - 7 جنيهات) مرتبطة معا فى وصف عنصر مختلف (هو لغة العصر) عن مجلات الحاسب الأخرى، ولحل هذه المشكلة تم تصميم لغة XML التى تتيح لكل شخص ابتكار بطاقات الوصف (tags) الخاصة به، والتى تميز أجزاء البيانات بطريقة تفهمها برامج الحاسب.
والحاصل أن الأطراف الفاعلة فى صناعة تكنولوجيا المعلومات والحاسبات توافقت على استخدام لغة XML فى تمثيل وعرض مستندات الويب التى يقرأها الإنسان، أو البيانات بصفة عامة، حيث توفر هذه اللغة بنية تركيبية لوصف البيانات، ولكن للأسف يمكن استخدام لغة XML بعدة طرق مختلفة لوصف نفس البيانات، وهذا يناقض الهدف من الويب الدلالية وهو التكامل بين البيانات المتناثرة العشوائية مترامية الأطراف.
ولذلك تقوم رؤية الويب الدلالية على عرض المعلومات التى تفهمها البرامج باستخدام أسلوب آخر يطلق عليه (إطار وصف المورد RDF أو Resource Description Framework) وهو أسلوب يوسع من إمكانيات لغة XML، فهو يوفر إطار وصف المورد وسيلة متجانسة وموحدة لوصف موارد الإنترنت وطلب المعلومات منها بدءا من صفحات النصوص والرسوميات إلى ملفات الصوت ومقاطع الفيديو، ويساعد على التوافق التركيبى المتبادل، ويمثل الطبقة الأساسية لبناء الويب الدلالية.
طار وصف المورد بسيط للغاية، فهو عبارة عن جملة ثلاثية أى تتكون من ثلاثة أجزاء: فاعل subject (مبتدأ) وفعل predicate ومفعول به object (أو تكملة الجملة وقد تكون شبه جملة أو جملة فعلية)، غير أن الاختلاف عن الجملة العادية أن الفاعل والفعل عبارة عن معرفات موارد أو عناوين إنترنت ما عدا المفعول به أو تكملة الجملة قد يكون معرف مورد أو كلمة عادية: ويبين الجدول التالى مثالا افتراضيا على ذلك:
حجاج بشيرمحررait.ahram.org.eg
الفاعل
الفعل
تكملة الجملة
doc.xml#hbashir
http://example.org/contact
doc.xml#hbashir
http://example.org/name
"حجاج بشير"
doc.xml#hbashir
http://example.org/role
"محرر"
doc.xml#hbashir
http://example.org/organization
"ait.ahram.org.eg"
وربما ستلاحظ أن بيانات أو عبارات إطار وصف المورد مثلها مثل أى لغة أخرى يمكنها أن تقول أى شىء، ولا يهم من الذى يقولها، وهذا يقودنا إلى مبدأ مهم من مبادئ إطار وصف المورد، وهو أن أى شيء يمكن أن يقول أى شيء عن أى شيء، ويمكن أن يقول شخصان شيئين متناقضين، وهذه هى الحرية التى تتيحها شبكة الويب. ما هو المصدر الذى نتوقع استعادة معلومات إطار وصف المورد منه؟ المصدر المرشح هو قواعد البيانات. يوجد الآلاف من قواعد البيانات، وأغلبها تحوى على معلومات تعالجها البرمجيات. تخزن الحكومات سجلات الاعتقال فى قواعد بيانات، وتخزن الشركات قطع الغيار ومعلومات البضائع والسلع فى قواعد بيانات، وأغلب أدلة العناوين تخزن أسماء الناس وأرقام الهاتف فى قواعد بيانات، وعندما يتم تخزين المعلومات فى قاعدة بيانات، يصبح من السهل أن تسأل الحاسب أسئلة محددة عن البيانات، كأن تقول له: أعطنى بيانات كل شخص تم اعتقاله خلال الأشهر الستة الماضية أو اطبع قائمة بكل الأجزاء التى قارب مخزونها على النفاد أو اعرض لى أرقام هواتف الأشخاص الذين تبدأ أسماؤهم باسم خالد.
ويناسب إطار وصف المورد نشر قواعد البيانات على الويب، وعندما نضعها على الويب، لابد أن نخصص لكل شيء فى قاعدة البيانات معرف متسق، بحيث يستطيع الآخرون التحدث عنها أيضا. تستطيع البرامج الذكية البدء فى توفيق البيانات مع بعضها البعض. وباستخدام المعلومات المتاحة، يستطيع الحاسب البدء فى توصيل عادل الذى يوجد رقم هاتفه فى دفتر العناوين مع خالد الذى تم اعتقاله فى الأسبوع الماضي، وبذلك يمكننا أن نوجه أسئلة معقدة لأكثر من قاعدة بيانات فى نفس الوقت، فمثلا يمكننا أن نسأل عن رقم هاتف كل شخص طلب أكثر من ألف منتج وتم اعتقاله خلال الأشهر الستة الماضية.
وإذا كان إطار وصف المورد عبارة عن معيار قابل للتأليف والتوسيع لبناء نماذج البيانات، لكنه لا يكفى لدعم تعريف مصطلحات أو ألفاظ معينة خاصة بنموذج البيانات، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى طبقة إضافية اسمها مخططات إطار وصف المورد RDF Schema التى تتيح للمصمم تعريف ونشر الألفاظ التى يستخدمها نموذج بيانات RDF أى يعرف أشياء البيانات وسماتها. وكلا من إطار وصف المورد ومخططاته يعتمدان على لغة XML ومخططات XML Schema.
سمات عامة لمحتوى الويب الدلالى
وبالإضافة إلى الجهود السابقة يسعى الخبراء والمتخصصون إلى الاتفاق على مجموعة من السمات العامة للمحتوى المعد للعمل مع الويب الدلالية، وتتضمن هذه السمات ان يكون المحتوى متضمنـا:
ـ مستندات مميزة بمعلومات دلالية (امتداد لبطاقات HTML المستخدمة فى صفحات الويب الحالية لتوفير المعلومات لمحركات البحث التى تستخدم أدوات تقصى الويب)، وهذه المعلومات قد تكون معلومات عن محتوى ثقافى وعلمى بشرى مثل المؤلف والعنوان والوصف وتستطيع البرامج قراءتها وفهمها، أو قد تكون معلومات وصفية خالصة تمثل مجموعة من الحقائق مثل الموارد والخدمات الموجودة فى الموقع.
ـ ألفاظ موحدة لبيانات الوصف وهى مراجع وصف المعرفات والعلاقات بينها( الانطولوجيات)، وتتيح المراجع لمصممى المستندات معرفة كيف يقومون بتكويد مستنداتهم بحيث تستطيع برامج البحث والتصفح استخدام المعلومات فى بيانات الوصف المقدمة (بحيث لا يتم الخلط بين معنى مؤلف صفحة الويب ومعنى مؤلف الكتاب موضوع المراجعة).
ـ العمل مع برامج بحث وتصفح دلالية آلية تقوم بإنجاز المهام لمستخدمى الويب الدلالية باستخدام هذه البيانات.
ـ القدرة على تقديم خدمات تعتمد على الويب (عادة ما تكون مزودة ببرامج بحث خاصة) لتوفير المعلومات لبرامج البحث بشكل خاص (على سبيل المثال خدمة ثقة يطلبها برنامج بحث يستفسر ما إذا كان تاريخ شركة تجارة إلكترونية معينة على الإنترنت يتضمن تقديم خدمات ضعيفة أو إرسال بريد دعائى مزعج).
تتسم بذكاء البحث.. ونضج الربط ..وتكامل العرضفى الويب الدلالية: برامج التصفح ومحركات البحث (شكل تانى)
في الويب الدلالية سنكون أمام جيل جديد ومختلف تماما من برامج التصفح وأدوات ومحركات البحث، فهذه البرامج والأدوات ستشهد تغييرا هائلا فى طريقة البناء والعمل وأسلوب خدمة المستخدم، فهى متصفحات ومحركات بحث تتسم بقدر غير مسبوق من الذكاء فى البحث عن المعلومات والنضج الكبير فى عرضها بشكل مترابط يحولها من مجرد بيان أو معلومة إلى معرفة واضحة الملامح جاهزة للتوظيف، ثم يعرضها بشكل متكامل وغنى بالبساطة والشمول وخدمة الهدف المطلوب الوصول إليه.
هذا ببساطة خلاصة التصور العام أو السيناريو الذى يضعه العلماء والباحثون والمتخصصون لشكل برامج تصفح الويب الدلالية ومحركات وأدوات البحث فيها، وإن كان الطريق إلى ذلك مليئا بالتفاصيل والتحديات المتنوعة، والجهود التى بذلت حتى الآن حققت نتائج لا يستهان بها على الرغم من كونها فى مراحلها الأولى.
المتصفحات الدلالية ومعرفات الموارد
تشهد الساحة حاليا العديد من الاجتهادات والأفكار ذات العلاقة بمستقبل متصفحات الويب الدلالية، وفى مقدمة ذلك ما يطلق عليه الخبراء ( معرفات الموارد) أو Uniform Resource Identifier والتى تختصر إلى ( URI ) وهو أسلوب التخاطب فيما بين متصفح الويب الدلالى الذى يستعمله المستخدم النهائى والمحتوى الموجود على الويب الدلالية والمجهز بالطريقة التى تعرضنا لها سابقا، وينظر الباحثون إلى ( معرفات الموارد) على أنها ا أكواد أو ألفاظ أو معرفات مشتركة للأشياء التي سنتفاهم بشأنها، وقد تكون هذه المعرفات لفظية أو شكلية (الحروف والأرقام والصور)، ومن أمثلة هذه المعرفات في عالم الويب الآن الطريقة التى تبنى بها عناوين المواقع على الشبكة مثل عنوان (www.ahram.org.eg) الذي يستخدم كعنوان لموقع صحيفة الأهرام اليومية وعنوان (ftp://ait.ahram.org) لتحديد مواقع الملفات وعنوان (hbashir@ahram.org.eg) لتعريف عناوين البريد الإلكتروني، كما تكون معرفات الموارد كذلك أي شيء مثل المستندات الإلكترونية أو الخدمات أو الأشياء المادية الحسية أو البشر أو الأفكار المجردة. لاحظ أن الصفحة التي تظهر للمستخدم عند كتابة عنوان الموقع في متصفح الويب ليست هي المورد نفسه، ولكنها صورة له أو تعبير بشكل ما عن هذا المورد.ويمثل المعرف المتسق الأساس الذي قامت عليه شبكة الويب، فبدون المعرفات، ستصبح مواقع الويب كيانات مجهولة متفرقة ولا سبيل للوصول إليها أو تمييزها عن الكيانات المماثلة، ولك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث لو لم تكن هناك عناوين للمواقع أو كانت هناك حسابات بريد إلكتروني بدون أسماء، وإذا كان بالإمكان استبدال أو تغيير كل الأجزاء الأخرى في الويب، لذلك فإنه لا يمكن تغيير أو استبدال المعرف ، فهو الذي يجمع بين أطراف الويب معا، وهو الذي يخبر حاسبك بمكان العثور على موقع أو صفحة أو ملف معين على شبكة الويب.وإذا كانت أنظمة المعرفات المتسقة للموارد مثل (htpp وftp) تعتمد على أنظمة مركزية في شبكة الويب الحالية كنظام تسمية النطاقات (DNS)، فإنها في الويب الدلالية ستتسم باللامركزية الكاملة. وهذا يعني أنك لا تحتاج إلى إذن أو تصريح من أي شخص لإنشاء معرف لأحد الموارد، بل إنه يمكنك إنشاء المعرفات المتسقة حتى للأشياء التي لا تمتلكها. وإذا كانت هذه المرونة تجعل من المعرفات المتسقة للموارد قوية، لكنها تسبب عدة مشكلات أخرى.رغم القوة الكبيرة لمعرفات الموارد التي يستحيل معها تجاهلها، فكل الاقتراحات والتصورات التي قدمت للويب الدلالية ترتكز إلى استخدام معرفات الموارد كمعرفات رمزية، لكن ذلك يمثل نعمة ونقمة في نفس الوقت. فمن ناحية، يعني ذلك وجود أمل في دمج وتكامل الأنظمة العديدة، لأنها تستخدم نفس الرموز الأساسية وبذلك من الممكن أن تشترك في بعض المفردات أو المصطلحات، ومن ناحية أخرى توجد إشكالية ترجع إلى تعود الناس على استخدام معرفات المواقع في المتصفحات، مما جعل الناس يتناسون وجود تعريف رسمي للمورد الذي ينبغي تمييزه أو تعريفه، وسيؤدي ذلك إلى خلاف بارز حول ما يميزه أو يصفه معرف معين، فعلى سبيل المثال ما الذي يشير إليه المعرف التالي: http://www.jeep.com؟ هل هو يعرف شركة الجيب أم طراز سيارات الجيب أم موقع الويب الخاص بشركة الجيب أم الصفحة الرئيسية لشركة الجيب أم ملف index.html الذي يسحبه المتصفح من خادم الويب ويعرضه على الشاشة أم خادم الويب نفسه؟
وعند تصفح الويب لا تعني الإجابة القارئ لأن المهم لديه هو أنه يكتب المعرف في حقل العنوان ثم يضغط على زر الدخول ليتم عرض الموقع الذي يريده، ولكن في الويب الدلالية الأمر يختلف، حيث ينبغي أن يتفق الجميع على ما تعنيه الإجابة أو ما تعرفه. فإذا كان أي شخص من حقه إنشاء معرف متسق للموارد، فسينتهي الأمر بنا إلى وجود عدة معرفات متسقة لنفس الشىء، والمشكلة الأسوأ أنه لا توجد أي طريقة تحدد ما إذا كان هناك معرفان متسقان يشيران إلى نفس المورد أم لا. وهكذا لن تستطيع أن نقول بالضبط ما الذي يعنيه المعرف المتسق لأحد الموارد. ثمة بعد آخر من المشكلة يتمثل في أنه لابد من عمل بيانات رسمية عن المورد المعرف، كأن تقول (ldquo;http://www.jeep.com موقع أم شركة أم صفحة رائعة)، وحتى لو اتفق الجميع على المورد الذي يشير إليه معرف معين، فإن التعريفات قد تتغير أو تتبدل، ولا توجد وسيلة لإخبار كل شخص بالتغييرات أو الحصول على موافقته عليها. لذا فعند التعامل مع الويب الدلالية، ستحاول البرامج المتخصصة في دمج المعلومات القادمة من مصادر مختلفة حول تفسير معرف المورد، وتفترض تلقائيا بأن كل معرف يعرف مورد معين، فسينتهي الأمر ببيانات ليس لها معنى أو بيانات يساء تفسيرها على النحو الذي لم يرده المؤلف، ولكن كل هذه المشكلات أو الجوانب السلبية لابد أن تظهر إذا كنا نريد أن ننشئ شيئا عملاقا مثل الويب الدلالية.
إن كل ذلك سيترك ولا شك تأثيرات عميقة على طريقة عمل المتصفحات وقدرتها على الوصول الدقيق إلى مكامن المحتوى ذى الدلالات المحددة التى تتناسب مع احتياجات ورغبات المستخدم، ومن أمثلة متصفحات الويب الدلالية التى برنامج BigBlogZoo (http://www.bigblogzoo.com)، وتوجد نسخة مجانية وأخرى مدفوعة منه، ويتيح لك البرنامج:
· تصفح أكثر من 70 ألف قناة مفهرسة ومصنفة والبحث فيها.
· تجميع المحتوى من هذه القنوات. ـ حفظ نتائج البحث من محركات البحث الشهيرة كقنوات.
· تجميع المحتوى من نتائج البحث هذه القنوات.
· تحسين محتوى HTML بحيث يمكنك العثور على نتائج البحث.· إدارة مجموعتك الخاصة من القنوات.محركات البحث الدلالية
تقبل محركات البحث الحالية كلمات البحث كمدخلات وتعرض قائمة من الروابط للمستندات والصفحات التي تحتوي على هذه الكلمات، وتتحدد جودة النتائج دائما بمستويات تصنيف القائمة، أما محركات البحث الدلالية فستكون مختلفة تماما، فهى ستحتوى على ميزتين كبيرتين مقارنة بمحركات البحث التقليدية، الأولى أنها ستقبل الاستعلامات التي تمت صياغتها باللغة الطبيعية للمستخدم ، والثانية أن النتيجة التى تعرضها ستكون هي المعلومة المطلوب البحث عنها وليست قائمة من المستندات التي قد تحتوي أو لا تحتوي على المعلومة المطلوبة.إذن فى الويب الدلالية ستكون محركات البحث ذات مهمة مختلفة، وستكون ذات قدرات مختلفة عما هو سائد الآن، فمهمة محرك البحث الدلالي ستتركز فى التعامل مع إفراط المعلومات وإغراقها، حيث يتولى القيام ببعض من أشهر المهام غير المحبوبة إلى النفس في الوقت الحالي وهي فتح كل مستند من قائمة النتائج وقراءة محتوياتها بسرعة، ومعرفة ما إذا كانت محتوياتها ومضامينها ذات دلالات مهمة لقضية البحث أم لا، وهكذا فإن محركات البحث الدلالية ستحدث ثورة في الطريقة التي نبحث بها عن المعلومات الرقمية في الوقت الحالي، لكونها ستنتقل من طور البحث واسترجاع المستندات إلى طور الإجابة عن الأسئلة.
ومن التحديات التى تواجه جهود محركات البحث الدلالية الآن أن ما تم التوصل إليه من محركات بحث دلاليه تستطيع فقط تقييد النتائج المعروضة على النتيجة أو الموقع الذي يحتوي على الإجابة الصحيحة، لكنها تعاني من عدم القدرة على تصفح كم أو قراءة كم هائل من البيانات لاستخراج الإجابة الصحيحة فقط، ولك أن تتخيل كم الفرص والتطبيقات الهائلة لو حدث ذلك. إذا استطاع محرك البحث الدلالي الجمع بين محرك الاستدلال ومحرك البحث، فسيستطيع أن يجني رحيق العالمين، وسيتمكن من العثور على الدلائل في حالات محدودة لها تأثير مباشر، وسيصبح هذا المحرك قادرا على الوصول إلى فهارس أو قوائم تحتوي على قوائم كاملة من كل مرات تكرار مصطلح معين، ثم استخدام المنطق في استبعاد كل شىء ما عدا ما له علاقة بالمشكلة المحددة.إن محركات البحث الدلالية المستقبلية يتوقع أن تصبح كعميل أو وكيل للباحث عن المعلومة، يمكن حل مشكلة إغراق المعلومات من خلال صبغ الويب بصبغة الذكاء، وإظهار مستويات متنوعة من السلوك الذكي تبدأ من مجرد الاستجابة إلى السلوك التكيفي وتعلم معرفة ما يحبه المستخدم وما لا يحبه، وسيوفر ذلك الوقت الضائع في مطالعة المعلومات غير المطلوبة وعدم بذل مجهود إلا في معلومات تحمل قيمة حقيقية بالنسبة للغرض المطلوب، وبدلا من نموذج السحب الشائع حاليا الذي يتطلب من المستخدمين البحث عن معلومات وتشغيل البرامج، من الممكن تفويض هذه المهام لبرامج البحث المستقلة، وبمرور الوقت ستزداد المهام التي يطلب المستخدمون تنفيذها تعقيدا فوق تعقيد، وهنا ينبغي أن تتعلم برامج البحث الدلالي العمل في بيئة اجتماعية، بمعنى أن تتعاون عند الضرورة مع برامج البحث الأخرى وتتنافس معها أو حتى تتفاوض معها وتتبادل المعلومات، بل إنها ستقدم وظيفة أخرى مهمة للغاية وهى تبادل الأدلة على مصداقية معلومة معينة من موقع معين. استنادا إلى ميزة التوقيع الرقمى، وهي عبارة عن أجزاء مشفرة من البيانات تستخدمهاالأجهزة