الخميس، مارس 11، 2010

تحيه لصاحب هذه الوقفه الجريئه

القرار الجريء الذي اتخذه السيد عبد العزيز الإبراهيم ، مالك فندق جراند حياة الشهير في وسط نيل القاهرة ، بمنع تقديم الخمور في الفندق بكامله ، سواء المطاعم أو البهو أو المقاهي أو الغرف ، وتحطيم ما هو موجود منها لحظة إصدار قراره وهو يقدر بحوالي ثمانية ملايين جنيه مصري ، أثار ضجة لم تنته حتى الآن ، فقد تعاطف معه الملايين من المصريين والعرب ، باعتباره تشبها بالمشهد الإيماني القديم الجميل الذي فعله الصحابة رضوان الله عليهم عندما نزل قول الله تعالى "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" ، فأخرج كل من كان بالمدينة ما كان بداره من "جرار" الخمر فكسرها في الطرقات حتى سالت طرقات المدينة بماء الخمر المراق ، في استجابة فورية إيمانية للأمر الإلهي دون أي اعتبار آخر ، القرار أصاب دوائر كثيرة بالفزع ، وكلها دوائر النفع المباشر من تجارة الخمر أو السياحة ، غير أن أسوأ ردود الفعل كان ما صدر عن وزير السياحة المصري الذي اندفع في بداية الإعلان عن القرار إلى الهجوم عليه وتهديد الفندق بحرمانه من "راية" الخمسة نجوم ، إلى مستوى نجمتين أو ثلاثة ، بما يعني إهانته على مستوى التسويق السياحي ووضع سقف منخفض للقيمة الإيجارية وغير ذلك من توابع ، صحيح أن وزارة السياحة حاولت التراجع "التدريجي" عن هذا الهجوم الساذج والأحمق ، إلا أنه في المحصلة استفز الرأي العام المصري الذي يفترض أنه يعيش في دولة دستورها يقول بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع ، ولا أظن أنهم سيجدون مفتيا أو شيخا بالأزهر يمكنه أن يبيحه لهم ، حاليا على الأقل !، الهجوم "الوقح" على القرار الجميل لم يكن من وزارة السياحة وحدها ، وإنما من أقلام يسارية وعلمانية متطرفة ،لا يعجبها أي قرار أو نزوع جهة التدين بأي صورة من الصور ، وهذه الأقلام التي هاجمت إراقة زجاجات الخمر في فندق جراند حياة ، هي نفسها الأقلام التي هاجمت ـ ولا تزال ـ حجاب الفنانات المصريات المعتزلات ، وشنعت عليه دائما بوصفه "حجاب مدفوع الأجر" ، وأن هناك حملة خليجية على الفن المصري وأن هناك رجال أعمال يدفعون الملايين من أجل أن تتحجب الفنانات المصريات ، وهو كلام مترع بالتسطيح والانحدار إلى حد لا يليق حتى نقده أو التوقف عنده أو منحه أي قيمة من الجدية ، ومشكلة هؤلاء مع قرار عبد العزيز الإبراهيم أنه يصعب أن يحللوه وفق منطق هجومهم على الحجاب ، أي بدوافع مادية ، لأن الرجل من أثرياء الخليج ، كما أنه من الصعب تصور أنه خسر ثمانية ملايين جنيه بسهولة من أجل أن يحصل على مقابلهم بالإضافة إلى المخاطر الاقتصادية التي تتهدده بعد قراره ، مشكلة البعض هنا أو هناك ، أنهم لا يستطيعون تصور أن هناك شيئا اسمه "الإيمان" يمكن أن يحرك سلوك الإنسان في لحظة من اللحظات ، حتى لو تغير سلوكه بعد ذلك ، وأن هذه "اللحظة الإيمانية" لا يمكن ترتيبها أو رصدها أو فهمها بالمعايير المادية أيا كانت ، هي لحظة بث الحياة بالتعبير القرآني "أومن كان ميتا فأحييناه" ، معادلاتها ضميرية بحتة ، تعتمل في ضمير صاحبها وما يعلمه الله في قلبه فتنبثق فجأة ، كطاقة نور ، وهذا النور لا يتصوره "الماديون" ولا يفهمونه ولا يفترضون وجوده أصلا ، ولذلك فكل سلوك إيماني لا بد أن يحلل عندهم بنوازع مادية ، وقديما قالوا "إذا ساءت فعال المرء ساءت ظنونه" ، لأنه يقيس سلوك الآخرين ودوافعهم على نوازعه هو وما ألفه منها ، قرار مالك فندق جراند حياة قرار جميل وجريئ ، جدير بأن نتضامن معه جميعا وأن نحيي صاحبه ونشد على يديه ، وإن رغمت أنف وزارة السياحة المصرية ،وإن رغمت أنوف أقلام السوء والأنفس