الاثنين، أغسطس 31، 2009

القريقعان


يُعتبر القرقيعان أو القرقيعانة أو الكركيعان من أهم العادات الشعبية الرمضانية في بلدان الخليج و غيرها، حيث تنتشر هذه العادة انتشاراً واسعاً في كل من الكويت والسعودية وقطر والإمارات وجنوب إيران والبصرة وغيرها منمُدن العراق، وكذلك غيرها من البلدان الإسلامية.أما أبطال مهرجان القرقيعان فهم الأطفال الذين يجوبون الشوارع والأزقة مبتهجين بهذه المناسبة الرمضانية التي توارثتها الأجيال، وهم يلبسون الملابس الجديدة والتي قد تُخاط لهم خصيصاً لهذه المناسبة في بعض دول الخليج، ويحملون معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى والمكسرات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت.
ما هو معنى قرقيعان ؟!!هناك أكثر من قول في معنى " قرقيعان " :القول الأول : أن " قرقيعان " لفظ عامي مأخوذٌ من قرع الباب، وذلك لأن الأطفال يقومون بقرع أبواب البيوت في هذه المناسبة فسُميت المناسبة بالقرقيعان.القول الثاني : أنه مشتق من " قرَّةُ العين " وهو ما فيه سرور الإنسان وفرحه، ومنه قول الله عَزَّ وجَلَّ : { ... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }.
مبدأ القرقيعان :وسواءً كان القول الأول هو الصحيح أم الثاني فإن مبدأ القرقيعان يرجع إلى مولد سبط رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن بن علي عليه السَّلام، حيث أن ولادته الميمونة كانت في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة المباركة.نعم كان النبي المصطفى صلىالله عليه وآله ينتظر بفارغ الصبر أول وليد لبيت الرسالة وما أن بُشِّر بولادته حتى أسرع إلى بيت فاطمة عليها السلام فرِحاً مسروراً، ثم استدعى سبطه الحبيب ليشمَّه ويُقبلهُ ويؤذِّن ويُقيم في أذُنيه، حينها نزل عليه جبريل عليه السَّلام ليُهنئه أولاً، ثم ليقول له سمِّه حَسَناً، فسماهُ حسناً بأمر من الله عَزَّ وجَلَّ.وما أن عَلِمَ المسلمون بخبر الولاة الميمونة التي فرح بها النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام حتى توافدوا على بيت الرسول صلى الله عليه وآله يزفون إليه أحر آيات التهاني ويباركون له مولد سبطه الحسن، وهكذا بقيت هذه العادة جارية في المسلمين حتى يومنا هذا.
أهازيج القرقيعان :وللأطفال في مهرجان القرقيعان أهازيج وأشعار باللغة العامية يرددونها ببراءة طفولية كلما وقفوا على باب من أبواب محلتهم وحارتهم، لكن هذه الأهازيج والأشعار تختلف من بلدٍ إلى بلد.أهازيج القرقيعانفي الكويت :[ قرقيعان ... وقرقيعان ... بين اقصير ورمضان، عادت عليكم صيام كل سنة وكل عام، يالله تخلي ولدهم ... يالله خلي لأمه يالله، عسى البقعة ما تخمه ولا توازي على أمه ]. وبعد الانتهاء من الأناشيد يتم توزيع المكسرات والحلويات على الأطفال، وتوضع هذه الهدايا في أكياس معلقة برقبتهم تسمى بالخريطة.أهازيج القرقيعان في الإمارات :[ إنطونه حق الله، يرضى عليكم الله، جدام بيتكم دله، عسى الفقر ما يدله ]. فيحصلون على الحلوى، ويقابلون بالتكريم والاحترام.أهازيج القرقيعان في بعض دول الخليج :[ قرقع قريقيعان ... عطونا الله يعطيكم ... بيت مكة يوديكم ... يا مكة يا معمورة ... يا أم السلاسل والذهب ... عطونا من مال الله ... يسلم لكم عبد الله ... عطونا دحبة ميزان ... يسلم لكم عزيزان ... باب الكرم ما صكه ... ولا حط له بوابة ].أهازيج القرقيعان في بعض دول الخليج الأخرى :[ عادت عليكم صيام ... كل سنة وكل عام ] ثم يشرعون بالدعاء إلى أهل البيت فرداً فرداً، ويقولون : [ الله يخلي راعي البيت آمين ... الله يخلي ... آمين ].ويذكرون أسماءهم،فتخرج ربة البيت وتطلب منهم الإكثار من الدعاء قبل أن توزع عليهم الحلوى والمكسرات.وفي العراق تُسمى هذه العادة بالماجينة، ولهم اهزوجتهم الخاصة.أهزوجة الماجينة العراقية :[ ماجينه يا ماجينه ... حل الكيس وانطينه ... انطونه الله ينطيكم ... بيت مكة يوديكم ]. وإذا طال عليهم الوقوف ولم يخرج إليهم صاحب الدار يصرخون بأعلى أصواتهم : [ يا أهل السطوح ... تنطونه لو نروح ].
الحكم الشرعي للقرقيعان :لا شك أن الإحتفال بهذه المناسبة التي تبعث النشاط والسرور في قلوب الأطفال جائزة ما لم يُخالطها مُحرَّم كما هو الغالب، حيث أنها تعبِّر عن براءة الطفولة وصفائها، خاصة وأنها بمناسبة مولد سبط الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله الإمام الحسن المجتبى عليهالسَّلام ثاني أئمة أهل البيت عليهم السلام.البعض يقول هذه العادة باعتبار أنها بدعة، وعليه فهي غير جائزة. وهنا لا بد لنا أننقول أن البدعة هي الزيادة في الدين وجعل ما ليس في الدين داخلاً في الدين.قال العلامة الطُريحي : البِدْعَةُ بالكسر فالسكون الحَدَثَ في الدين، وما ليس له أصل في كتاب ولا سنة، وإنما سميت بدعة لأن قائلها ابتدعها هو نفسه، والبدع بالكسر والفتح جمع بدعة.ومن الواضح أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، حيث أننا لم نسمع بأن أحداً يعتقد بأن ما يقوم به الأطفال " القرقيعان " هو من الدين حتى يقال فيه أنه بدعة !