استهوت العديد من الباحثين في جامعات عدة مثل جامعة هارفرد وجامعة ييل وجامعة ديوك وغيرها، لمعرفة أثر ذلك على الطلاب وتحصليهم الدراسي، وما توصلوا إليه من نتائج ينطبق على ولدي كما ينطبق بالتأكيد على ولدك.
يقوم الطالب خلال يومه بإرسال العديد من الرسائل القصيرة من هاتفه المحمول والانتقال للفيس بوك لتحديثه ومعرفة الجديد لدى الاصدقاء ومشاهدة اليوتيوب وتصفح الانترنت والقيام ببعض الألعاب التي قد تكون بين طرفين، الطرف الآخر في مكان ما في نفس المدينة او في مدينة اخرى او بلد آخر .. هنا تكمن المشكلة! كم من الوقت بقي لدى الطالب لمتابعة دروسه وأداء فروضه المنزلية، ناهيك عن الوقت الذي يجب أن يتم تخصيصه للقراءة الحرة؟
الأمر المثير للقلق لدى الباحثين هو التشتت الذهني وعدم التركيز لدى النشء الجديد من الشباب، ففي أثناء المذاكرة يقوم الطالب بقراءة ما يرده من رسائل هاتفية وإلكترونية والرد عليها، ومتابعة الفيس بوك وتحديثه ونشره، ثم العودة لفترة وجيزة للمذاكرة، ثم تتم معاودة الكرة وربما انتقل الى لعبة مع أحد أصدقائه استغرقت جل ليلهم او بدأ في مشاهدة فيلم.. الشتات وعدم القدرة على التركيز والتحليل سينعكس سلبا على التحصيل العلمي للطالب وهذا ما وجده الباحثون.. الطالب يجلس الساعات الطوال امام الشاشة سواء كانت آي فون أو بلاك بيري او الكمبيوتر ويظل في تنقل مستمر بينها وفي شتات ذهني وعدم تركيز في الدراسة أو في ما يقوم به.. هذا سيخلق من الطالب فردا مختلفاً عن توقعاتنا من حيث القدرة على التركيز أو التحليل أو التروي في معالجة الأمور والتحمل، وإن كان هناك من يقول إن ذلك يُساعد على تنشيط خلايا الدماغ ويؤدي إلى استعمال أكبر عدد ممكن منها.
إن العقل البشري وقت الاسترخاء والراحة يبدأ في ترتيب ما تم تخزينه فيه من معلومات وأحداث ويعمل على تحليلها والربط فيما بينها، وعادة ما تطغى الاحداث الأكثر إثارة على الاحداث الأخرى في التخزين والترتيب والتحليل والربط، لذلك فالطالب المتعدد الأداء فيما يقوم به وانتقاله من نشاط لآخر دون تركيز ستتكون لديه تركيبة ذهنية وآلية تفكير تختلف في أدائها الفعلي عن ما يتوقعه الأب من ابنه.
ان كنت تظن ان الحل هو في منع هذه التقنية عن الشباب فهذا غير ممكن ان اردت لابنك ان يعيش كنظرائه من الشباب ولكي يبقى سويا في تربيته مع قرنائه ولكي يكون مواكبا لمايجري في هذا الكون قادرا على التنافس، أيضاً لن نستطيع منع هذا الفيض او السيل العارم من تدفق التقنية وان أردنا ذلك، ولكن قد يكون الحل هو في استخدام هذه التقنية في دفع عجلة التعليم والتعلم، فعلى سبيل المثال الطالب الحديث - ان جاز هذا التعبير - لديه القدرة على متابعة فيلم يحكي حقيقة علمية ولا يملك الصبر على قراءة وصف لما رآه في كتاب من ٣٠ صفحة، ومن ذلك يتضح مدى أهمية الرغبات الشخصية في تكوين العقل البشري وقدرتها على توجيه إمكانياته وترتيب أولوياته، وما ينتج عن ذلك من سلوك عقلي جديد قادر على استيعاب المعلومات الإلكترونية بسهولة ويسر، في نفس الوقت الذي يعجز فيه عن التفاعل مع المعلومات الورقية بصورتها الجامدة الحالية.
فيلم بسيط ضمن المقرر سيكون شيقا للطلاب وسيستغرق الدقائق القليلة دون الاستغناء ان شئت عن النص ولكن يمكن ان يكون هذا الفديو ضمن النص المكتوب لو تم استخدام الكتاب الالكتروني وهذه هي الخطوة التالية في الحل.. المواد الأخرى كالرياضيات والفيزياء والكيمياء من خلال الكتاب الالكتروني ستكون تفاعلية مع الطالب ومتغيرة بما يشبع فضوله ويشد انتباهة.
إن الكتاب الدراسي المقرر بصورته الورقية بحاجة إلى التحول إلى كتاب إلكتروني للتأقلم مع الطالب الحديث.. الكتاب الإلكتروني أسهل وأقل تكلفة من حيث الطباعة والتوزيع ويمكن أن يكون تفاعلياً ويمكن ان يحتوي على الفديو.. ويمكن تصفحه من خلال الانترنت أو الكمبيوتر أو الهاتف.. قد يبدو للبعض أن هذا ضرب من الخيال ولكن الواقع يؤكد أن الكتاب الإلكتروني أسهل في التداول والتوزيع والقراءة من الكتاب المطبوع وأقل تكلفة، والأهم من ذلك كله أن هذا الأسلوب في سرد المعلومات هو المفضل الآن لدى الشباب، ويكفي أن ننظر إليهم لنعلم أنهم يجدون متعتهم الحقيقية في استخدام التقنية ولا تقارن ذلك بما تحبه أنت ان كان سنك قد تجاوز الثلاثين.
ولا ريب في أن المدرس هو المحور الأهم في معادلة التعليم، لهذا نحن بحاجة إلى المدرس المؤهل المتواجد مع الطلاب حيث وجدوا على شبكة الانترنت، بأن يكون له موقعه الإلكتروني، وصفحته الاجتماعية على الفيس بوك مع طلابه ليكون قادرا على التواصل معهم إلكترونياً وباستمرار. إن وجود المدرس على شبكة الانترنت يعني التواصل الدائم مع الطلاب وسيكون ذلك تحت مرأى ومسمع من أولياء الامور إن أردوا الإطلاع أو حتى المشاركة، فالتواصل الاجتماعي بين المدرس والطالب وأولياء الامور سيكون له المردود الايجابي في التحصيل العلمي للطالب بلا شك.
ويكفي أن نعرف أن مبيعات الكتب في شركة أمازون للكتب الإلكترونية الآن تفوق مبيعات الكتب في صورتها الورقية، فمقابل كل ١٠٠ كتاب ورقي، يباع ١٨٠ كتاب إلكتروني، ولك ان تتخيل أن الوفر قد يكفي لإعطاء كل طالب كمبيوتر (آي باد) وعليه جميع مقررات المرحلة المتوسطة او الثانوية. فإدخال الكمبيوتر في صورة معامل في المدارس دون تحديد مالذي سيقوم بعمله الطالب في هذه الأجهزة لا اراه الحل الامثل، ولكن لو اعطيت كل طالب جهاز كمبيوتر ( آي باد او ما يماثله) وعليه جميع المقررات بصورتها الالكترونية التفاعلية ويتم من خلال هذا الجهاز التواصل مع المدرسين من خلال الفيس بوك ثم الإطلاع على افلام وثائقية تعليمية من خلال اليوتيوب.. سيخلق ذلك جوا اجتماعيا ثقافيا تفاعليا بين الطلبة والمدرس وأولياء الامور بما يتماشى مع الجو الذي يحبذه الطالب الحديث.. هناك العديد من الجامعات التي بدأت باستخدام اليوتيوب في التعليم بنشر مجموعة من الافلام القصيرة الثقافية في جميع المجالات العلمية والادبية وجعلتها في متناول الجميع.
الخطوة الأخيرة في الحل هي المكتبة الالكترونية وأفلامها الوثائقية وألعابها التعليمية لتكون في متناول الطالب من خلال جهازة.. هذا يتطلب تشجيع هذا التوجه بجعل المكتبة الالكترونية ضمن الخيارات في الدولة في شراء المطبوعات من الناشرين
جوجل سيطلق مكتبته الالكترونية بمليون ونصف عنوان وهناك اقبال كبير من الناشرين المعروفين عالميا بجعل كتبهم للبيع في صورة كتاب الكتروني يصل للمشتري عن طريق الإنترنت، عدد الكتب الالكترونية في أمازون تزيد على ستمائة ألف كتاب، وشركة أبل وشركة نوبل آند بارنز تنشر الكتاب الإلكتروني لمشتريه عن طريق الإنترنت، وكذلك العديد من الصحف والمجلات تجدها في متناول يدك عن طريق الانترنت وربما قبل وصولها لارفف المكتبات. حتما السيل العارم من التقنية الحديثة نعمة إن احسنا استغلالها في تنشئة الطالب الحديث وتصحيح مساره التعليمي، ونقمة إن جلسنا في مقاعد المتفرجين.