يقولون إن الرومانسية (الرومانتيكية) في معناها الأدبي تعني بشكل أو بآخر شكلاً من أشكال التعبير الفني والأدبي عن الذات والعلاقات وإطلاق المشاعر والعواطف والخيال بالقصة والرواية والرسم والشعر والنثر وربما الموسيقى والمسرح بلا قيود كبديل عن المذهب الكلاسيكي في الأدب. وفي عصر الانترنت ظهرت العديد من المواقع والمنتديات العالمية المتخصصة في جمع المهتمين بتراث الشعر والأدب الرومانسي بكل أشكاله وبكل اللغات. وبخصوص المواقع العربية نجد أن هناك أكثر من 120 موقعا ومنتدى يتخصص في مفاهيم مرتبطة بالمدرسة الرومانسية ويستخدم مصطلحاتها سواء بشكله المتعارف عليه منهجيا أو على شكل اجتهادات لا تلتزم بالصرامة الأكاديمية للمفهوم ومنها تظهر أسماء مواقع تحت اسم الرومانسية ولكنها في أصلها مواقع للغزل والهزل وما قرب إليه من قول وعمل.
والمتأمل في محتوى بعض المواقع الرومانسية العربية يرصد كما كبيراً من التعبيرات والرموز المرهفة والمجنحة لغة وأسلوبا أضف إلى ذلك توظيف أصحاب هذه المواقع وأعضاءها للوسائط المتعددة ومزج الكلمة بالصورة بأشكال فنية أخاذة. علاوة على ذلك تحتوي بعض المواقع العربية على نماذج مختلفة من الأدب الإنساني الرومانسي وترجمات لرموزه من أمثال جان جاك روسو وجوته وبايرون وغيرهم ممن أسسوا للمدرسة الرومانسية الأوروبية مع إضافات لرموز الرومانسية العرب سواء الأقدمين أو المحدثين.
السؤال هنا هل هذا الدفق من فيض الرومانسية الالكترونية يمكن أن يمنح واقعنا الاجتماعي شيئا من روحه ووهجه لينعكس في سلوكنا وعلاقاتنا؟ هل يمكن استثمار الحسن من هذه الاطروحات في المدارس والجامعات ضمن مواد التذوق الأدبي والنشاط الفكري والفني وتثقيف الأجيال للتمييز ونبذ التوظيف الحسي للأدب الرومانسي ومن ثم إعادة تصديره إلى الانترنت.
على الشبكة اليوم نجد الشباب العرب يتعلمون ويمارسون كثيرا من مفاهيم الرومانسية والحب بشكل مغلوط ثم يعبرون عنه نصوصا ومواضيع بانتقاء أبيات وقصائد تفيض برقة المشاعر والغزل العفيف ويلحقون معها صورا أو مقاطع فيديو تظهر تطور العلاقة بشكل حسي متأثرين – ربما - بما يشاهدونه من مفاهيم مبثوثة على مواقع غربية وشرقية لا ضابط لها. وحيث يغيب التوجيه المؤسسي الواعي عن حياة وواقع الأجيال الجديدة فمن الطبيعي ألا يعي الشاب المراهق ما تعنيه بعض مدلولات هذه الرموز والمعاني في العلاقات الإنسانية وما تمثله من سمو الهدف وطهر الغاية.
على الانترنت العربية تسمح المواقع والخدمات الالكترونية لمستخدم الشبكة بإرسال مقاطع الصوت والصورة والفيديو وإهداء الصفحة أو القصيدة، كما يمكن من خلال الانترنت تبادل بطاقات التهنئة الالكترونية في المناسبات وتضمين الملفات الالكترونية الإحساس الرومانسي وكل بحسب اختياره المبني على قناعته ووعيه . وفي ظلال الانترنت وحضورنا الرومانسي من خلال خدماتها ألا يمكن تبني تدريس موضوعات وجدانية وعاطفية بشكل تربوي عصري حتى لا يقع الأبناء ضحية تشوه الثقافة الرومانسية عند الشباب.