خُطوات مدروسة يقولُ الشوكانيُّ : أوصاني بعضُ العلماءِ فقال : لا تنقطعِ عن التأليف ولو أنْ تكتُب في اليومِ سطرين . قال : فأخذتُ بوصيَّتِه ، فوجدتُ ثمرتها . أما تَرَى الحبلَ بطُولِ المدى على صليبِ الصَّخْر قدْ أثَّرا وإنما يأتينا الاضطرابُ منْ أننا نريدُ أن نفعل كلَّ شيءٍ مرَّةً واحدةً ، فنَمَلُّ ونتعبُ ونترُكُ العمل ، ولو أننا أخذْنا عَمَلنا شيئاً فشيئاً ، ووزَّعْناه على مراحل ، لقطعْنا المراحل في هدوءٍ ، واعتبِرْ بالصلاةِ ، فإنَّ الشَّرْع جَعَلَها في خمسةِ أوقاتٍ متفرِّقةٍ ، ليكون العبدُ في استجمامٍ وراحةٍ ، ويأتي لها بالأشواق ، ولو جُمعتْ في وقتٍ ، لملَّ العبد. ومما استفدتُه عنْ بعض العلماءِ ، أنَّ الصلوات ترتِّبُ الأوقاتِ ، أخذاً منْ قولِ الباري : ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ﴾ . فلو أنَّ العبد وزَّع أعمالهُ الدينية والدُّنيوية بعد كلِّ صلاةٍ ، لوجد سعةً في الوقت ، وفسحةً في الزمنِ . وأنا أضربُ لك مَثَلاَ: فلو أن طالب العِلْم، جعل ما بعد الفجرِ للحفْظِ في أيّ فنٍّ شاء، وجعل بعد الظُّهر للقراءةِ السهْلةِ في المجامع العامَّة ، وجعل بعد العصر للبحثِ العلميِّ الدقيقِ ، وما بعد المغربِ للزِّيارةِ والأُنسِ ، وما بعد العشاءِ لقراءة الكُتُبِ العصريَّةِ والبحوثِ والدوريَّاتِ والجلوس مع الأهل ، لكان هذا حسناً ، والعاقِل له مِنْ بصيرتِه مَدَدٌ ونورٌ . ﴿ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ﴾ . _____________من كتاب " لا تحزن"د. عائض القرني