السبت، يونيو 27، 2009

الأسبرين

قرص الأسبرين.. هو أول ما يخطر على بال الإنسان عند الشعور بالألم، حتى أصبح البعض يستعمله كالحلوى، وكلما أحس بألم
خفيف أسرع إليه، ربما لأنه صار يباع في بعض البلاد لدى البقال! ولا يدرك الكثيرون أنه إذا كانت للأسبرين فوائد كثيرة، فإن له أخطارًا كبيرة.
ويتساءل الكثيرون: كيف يزيل هذا القرص الصغير وحده جميع أنواع الألم: كألم الأسنان، وألم الصداع، وألم العظام، وغيره من الآلام في مختلف أعضاء الجسم؟ولتفسير هذا يجب أولاً أن نلقي الضوء على تاريخ الأسبرين، الذي اكتشفه العالم الكيميائي الألماني Felix Hoffmann عام 1897،
عندما كان يحاول أن يكتشف دواءً لعلاج والده، الذي كان يعاني من التهاب المفاصل، وكان هدف Hoffmann الرئيسي إيجاد دواء لا يسبب تهيجًا للمعدة؛ حيث إن ذلك كان من الآثار الجانبية لـ sodium salioylate الذي كان يستخدم لعلاج المفاصل في ذلك الوقت، وكان ذلك العيب لا يستطيع معظم المرضى تحمله.
كان Hoffman يحاول إيجاد تركيبة أقل حموضة، وذلك قاده إلى تصنيع actylsalicylic acid الذي يعطي نفس التأثير العلاجي، غير أنه يسبب تهيجًا للمعدة، لكن أساتذته لم يشاركوه حماسه، ورأوا أنه لن يلاقي رواجًا تجاريًا؛ ذلك لأن الجرعات الكبيرة منه قد تسبب ضيقًا في التنفس، وسرعة في ضربات القلب.
وقد أطلقت شركة "باير" على الأسبرين هذا الاسم، وفي ذلك الوقت لم يستطع أحد أن يتنبأ بالمكانة التي سيصل إليها الأسبرين في الوقت الحالي؛ إذ إنه الآن محور اهتمام التجارب المعملية في مجالات كثيرة: كأمراض القلب، والسرطان، والصداع النصفي، وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.ينتمي الأسبرين إلى نوع المسكنات غير المخدرة، أي أنه لا يؤدي إلى الإدمان.
الإحساس بالألم وهنا يجب أن نطرح السؤال أولاً: كيف يشعر الإنسان بالألم؟ السبب الرئيسي في إحساسنا بالألم هي مواد تُسمى Prostaglandins؛ إذ إنها موادّ تشبه الهرمونات، وتؤثر في مرونة الأوعية الدموية، وتتحكم في انقباضات الرحم، كما تؤثر على عمل صفائح الدم التي توقف النزيف.
وعند انتشار هذه المواد بالدم ترسل إشارات إلى منطقة بالمخ تُسمى Thalamus، وهو المركز الحسي الرئيسي بالمخ، وفيه يوجد ما يُسمى بمستوى الإحساس بالألم؛ إذ إن الإنسان يشعر بالألم عندما يصل إلى هذا المستوى.
ويكمن سر الأسبرين في إزالته للألم في منعه تصنيع مواد Prostaglandins، وذلك عن طريق منع إنزيم cyclo-oxygenase المسئول عن تصنيعها، وكذلك يرفع الأسبرين مستوى الإحساس بالألم في منطقة الـ Thalamus بالمخ، بحيث لا يصل الألم إليه، ومن ثمّ لا يشعر الإنسان به Diagram of pain threshold، ومع مرور الوقت وكثرة الأبحاث تم اكتشاف أن هذه المادة الفعالة Acetylsalicylic acidالمكونة للأسبرين لها استخدامات أخرى كثيرة ومفيدة، مثل: خفض الحرارة، وكونها مادة مضادة للالتهابات، وعلاجًا للروماتيزم ولزيادة إخراج حمض اليوريك، وكذلك ينصح بتناول الأسبرين يوميًا لتجنب تجلطات الدم؛ إذ إنه عند تناوله في جرعات صغيرة كنصف قرص يزيد من سيولة الدم، أما عند تناوله في جرعات كبيرة فيساعد على إذابة التجلطات، وقد أثبتت الدراسات فعالية الأسبرين في تقليل خطر حدوث السكتة المخية.
الوجه المشرق للأسبرين إن السبب في حدوث السكتة المخية يكون في معظم الأحيان لانسداد الوعاء الدموي، الذي يغذي المخ بالأكسجين والأغذية، وهناك نوعان من السكتة المخية التي تم تحفيزها من خلال تكون الجلطة، وهما:
النوع الأول cerebral thrombsis: يحدث عند تجلط الدم حول الأوعية الدموية التي تخدم المخ، وعند كبر حجم الجلطة فإنها تمنع وصول الأكجسين والمواد الهامة إلى المخ، فتؤدي إلى السكتة المخية، وهذا النوع هو الأكثر حدوثًا، خاصة عند تصلب الشرايين.
النوع الثاني cerebral embolism: يحدث عند تجلط الدم داخل الجسم، وغالبًا ما يحدث هذا في القلب، وتسير الجلطة مع الدم حتى تصل إلى المخ.
ويلعب الأسبرين دورًا رئيسيًا في تقليل فرص حدوث نوعي السكتة المحنية؛ حيث إنه يمنع صفائح الدم من إنتاج Prostaglandin Thromboxane، الذي يعتبر من المواد الهامة في عملية تجلط الدم.
وقد تم مؤخرًا اكتشاف أن تناول الأسبرين يحمي الإنسان من الأزمات القلبية، ولذلك ينصح ا بتناول جرعة صغيرة من الأسبرين يوميًا بعد سن الأربعين؛ حيث تزيد مخاطر أمراض القلب.
ان تفسير النوبة القلبية علميًا هو حالة التلف التي تصيب عضلة القلب بسبب انسداد الشريان المغذي. هذا الانسداد يكون غالبًا نتيجة تجلط الدم في الشريان التاجي، ويحدد زمن انسداد الشريان خطورة الموقف، فقد يؤدي إلى ضعف العضلة أو ما يطلق عليهبموت العضلة، أي توقفها عن العمل. إن الأسبرين يقلل من خطر حدوث نوبات القلب عن طريق منع تجلط الدم، وذلك بمنعه إنزيم thromboxan synthetase المسؤول عن تصنيع Thromboxan A2.
إدمان الأسبرين كارثةيعتبر الأسبرين الدواء الأكثر استخدامًا ومبيعًا، واستخدامه الدائم يعتبر من أهم مشاكله لعدم وعي الناس بآثاره الجانبية، خاصة لدى كبار السن، وقد أثبتت الإحصائيات أن 70 ألفا من مرتادي المستشفيات كل عام يأتون بسبب إدمان الأسبرين، وغيره من المسكنات غير المخدرة.
ومن آثاره الجانبية التي يجب على الإنسان التنبه لها: الغثيان، والدوخة، والقيئ، وسيولة الدم عند أخذه في جرعات كبيرة.
إن تناول الأسبرين بشكل مستمر يسبب مخاطر وتأثيرات جانبية من أهمها مشكلة النزيف الداخلي؛ إذ إنه قد يسبب نزيفًا دمويًا في المعدة والأمعاء، خاصة لدى المصابين بضغط الدم، وينصح بعدم تناوله على معدة خالية، ولا يعطى للأطفال أقل من 12 سنة،وفي هذه الحالة يفضل استخدامParacetamol، أو تناول الأسبرين مع الوجبات، أو مع مضاد للحامض، أو مع كوب من الحليب.
وكذلك يفضل عدم تناول الأسبرين مع القهوة والشاي والكحول؛ لأن هذه المادة تساعد على تهيج جدران المعدة.
إن منظمة الأغذية والدواء العالمية تحذر متناولي الأسبرين من شرب الكحوليات، وخاصة مرضى القلب؛ إذ إن الأسبرين يكون ضمن خطة علاجهم الرئيسية.
قد يتسبب الأسبرين في جرعات كبيرة في حدوث طنين مؤقت بالأذن، وفقدان السمع الذي يتلاشى عند تقليل الجرعة لمخاطر استخدام الأسبرين يجب استشارة الطبيب ليقرر مدى الاستفادة والضرر، خاصة لمرضى الكبد، والكلى وقرحة المعدة ونزيف المعدة ومشاكل النزيف والضغط العالي، والذين يعانون من فرط الحساسية عند تناول الأسبرين، وهو مرض وراثي نتيجة نقص في Glucose-
6-Phosphate، الذي يؤدي إلى نوع حاد من الأنيميا؛ حيث يتم تكسير كرات الدم الحمراء عند تناول الأغذية كالبقوليات، أو الأدوية المسببة للحساسية، التي تؤدي بدورها إلى طفح جلدي، وانتفاخ الوجه، وفي هذه الحالة الوراثية يجب تجنب الأسبرين.