تدل الأبحاث الحديثة أن سم النحل يفعل انتقائياً في الجهاز العصبي خاصة. فلقد اشتهر عن كليوباترة اهتمامها بخواص السموم، وجمعت ما أمكنها جمعه منها، محاولة الحصول على سم قاتل دون ألم، وقامت بتجربتها على سجناء محكوم عليهم بالإعدام فوجدت أن سم الزنابير يستدعي الموت الأقل إيلاما، وذلك لأن حقنه للإنسان يؤدي به فوراً إلى فقده وعيه وموته بسرعة جون معاناة. هذا مع العلم بأنها لم تجرب سم النحل، لأن النحل كان عندهم من الحشرات المقدسة.
إن التأثير السمي لسم الزنابير وسم النحل على الجهاز العصبي هو واحد تقريباً. ولقد أكد كل من نيمان وهابرمان أن الميلتين، العامل الفعال المستخرج منهما، يستدعي هبوطاً في الضغط الدموي وانحلالاً في الكريات الحمر وتقلصاً في العضلات المخططة والملساء، كما تؤدي إلى حصار في النقل بين نقاط الاتصال العضلية ـ العصبية وبين العقد العصبية، كما أن أنظيم الهيالورونيداز الموجود في سم النحل يزيد من نفوذية الشعيرات الدموية.
إن حالة نفوذية الأوعية هامة جداً في آلية تأثير سم النحل ويه تنقص نتيجة اضطرابات وظيفية في الجهاز الوعائي ناجمة عن الشيخوخة أو مرض ما في العضوية وهذا يؤدي إلى تراجع أفعال الاستقلاب بين الخلوي في الأنسجة، وقد تبين حديثاً ـ أن نفوذية المادة الأساسية للنسيج الضام والشعيرات الدموية مرتتبطة إلى حد كبير بحالة الجهاز الأنظيمي للحمض الهيالورزنيدي اذلي يدخل في تكوين المادة الأساسية تلك. وإن كل المستحضرات الحاوية على أنظيم الهيالورنيذار بما فيها سم النحل وحتى بمقاديره القليلة جداً تستدعي زيادة نفوذية النسيج الضام والشعيرات الدموية.
مناعة العضوية وسم النحل في عام 1958 أكد الباحث الفرنسي Gourtفي تجاربهم على الفئران أن لسم النحل تأثيراً مضاداً لذيفان العقديات ألفا وذيفان الكزاز، وأن هذا التأثير يعود لاحتواء السم على أنظيم الهيالورونيداز ـ أ. وقد أكدت أبحاث إيوريش أن سم النحل الداخل إلى العضوية سواء بلسع النحل، أو بحقنه فيها يعمل على أن تصنع العضوية مناعة، ليس تجاهه فحسب، بل وضد العديد من الذيفانات الجرثومية. وعلى هذا فإن التناول الصحيح لسم النحل يعتبر مادة علاجية ووقائية هامة للعضوية كلها وتجاه معظم الأمراض الإنتانية. فهو عند دخوله إلى العضوية، يستنفر قواها الدفاعية إلى درجة، تفسر كيف أن النحالين، العاملين في الهواء الطلق في مناحلهم، يبدون بصحة جيدة وشيخوخة قوية وعمر مديد وحيث أن مناعة واضحة متأصلة في عضويتهم نجدها تجاه الأمراض المختلفة.
وفي المؤتمر العالمي العشرين للنحالة بخارست 1965 بينت أ. ديريفتش أن مناعة النحالة تجاه السم لا تعتمد على وجود أضداد وإنما تعتمد آلية أخرى مغايرة ومعقدة. ففي تجاربها على الخنازير البحرية توصلت أن تحتفظ هذه الحيوانات بضعف المقدار المميت من سم النحل دون أن يظهر في مصلها أية أضداد. معالجة الأعراض الإنسمامية والتحسسية لسم النحل
إن حوادث الإنسمام الشديدة أو المميتة نادرة في الأدب الطبي. وتعتبر منطقة الرقبة والرأس من أخطر المناطق التي يمكن أن تعرض صاحبها للموت بلسع النحل، وفي مقدمتها خطورة الطرق التنفسية العليا، سقف الحنك، البلعوم وكرة العين. إن الحالات الإنسمامية الشديدة والمترافقة بوهط دوراني وسوء الحالة العامة يمكن إسعافها بإعطاء الرميض الأدرينالين حقناً تحت الجلد، ومعقويات القلب كالكافئين والكورازول كما تعطى المهدئات العصبية مثل اللومينال والكلورازين وبروموي الصوديوم وغيرها. وفي حال غلبة المظاهر التحسسية تعطى مضادات الهستامين والكورتيزون حقناً عضلياً أو وريدياً، كما يفيد بشكل خاص حقن الفيتامين ج = cمع كلور الكالسيوم حقناً في الوريد ويرى إيوريش ضرورة كبيرة في إعطاء الفيتامين ج، لأن محتوى قشر الكظر من هذا الفيتامين ينخفض كثيراً في حوادث الإنسمام بسم النحل، كما أن له وظيفة تنشيط الهستاميناز. علاوة على أنه يزيد من مقاومة العضوية و لمشاركته في تكوين الترياق Antitoxinأو مضاد السم.
كما ينصح إيوريش بإعطاء العسل بكميات كبيرة، لأن العسل، وفي كل حوادث التسمم، مهما كان منشؤه، ينشط أفعال الكبد للتخلص من السموم، ويقوي القلب. أما موضع اللسع فيدهن بأحد الزيوت العطرية النباتية و خاصة زيت الحبة السوداءحبة البركة، ويجب نزع حمة اللسع من الجلد بأسرع وقت ممكن، لأنها تكون موجودة مع مستودع السم، وإن تقبض العضلات في جهاز اللسع يزيد من إفراز السم في المكان كلما تقدم الوقت. ولا تنزع الحمة بالأصبع لأنها تضغط مستودع السم مسهلة إفراغه ضمن الجلد، وإنما تنزع الحمة بآلة حادة، ثم يدهن الموضع بالعسل أو الغول النشادري أو بعصير الثوم.
النحلات.........صانعات السمإن النحلة العاملة الفتية و عقب خروجها مباشرة من المهد الشمعي تكاد تكون خالية من السم، و يبدأ مخزون السم عندها بالتزايد يوماً بعد يوم حتى يصل إلى مقداره الأعظمي بعد أسبوعين تقريباً. وإن المعالجة بلسع النحل الحي أمر شائع، وهو متيسر في فصل النشاط الحيوي للنحل، غير أنه في فصل الشتاء، وعندما يكون النحل في فترة الهجوع فهو أمر أكثر تعقيداً. و بعد تطور البيوت الزراعية الزجاجية المدفأة، تيسر الأمر بوضع مناحل صغيرة ضمن تلك البيوت وللأستفادة من النحل لتطبيق المعالجة باللسع. هذا ويجب نقل النحل ضمن علب خاصة ملفوفة بالصوف وذلك لحساسية النحل الشديدة تجاه البرد، ويمكن أن يعود النحل إلى نشاطه ضمن المباني المدفأة أو بعد تعرضه إلى مصباح كهربائي.
طرق الحصول على السم اقترح ف.فلوري طريقة بدائية للحصول على السم. حيث يوضع عدد كبير من النحل الحي ضمن وعاء زجاجي ذو عنق واسع، يغطى الوعاء بورق ترشيح مبلل بالإيتر. يؤدي بخار الإيتر إلى تهيج النحل وإطلاقه السم من مخازنه، و الذي يتساقط على جدران الوعاء و قاعه وعلى أجسام النحل أيضاً، ألا أن استمرار تأثير الإيتر يؤدي بالنحل إلى استغراقه في سبات عميق. يغسل النحل والوعاء بالماء، يرشح الماء لتنقيته إلى وعاء آخر، يسخن بهدوء حتى يجف الماء تماماً ويترسب السم جافاً في قعر الإناء حيث يمكن أن يحفظ إلى حين استعماله لعدة أشهر. هذا ويطلق النحل إلى خلاياه بعد أن يستيقظ. و مساوئ هذه الطريقة أن النحل لا يقذف بكل ما يخزنه من سم، كما أن التخدير و غسل النحل و تجفيفه يؤدي إلى موت قسم كبير منه،كما أن السم الذي نحصل عليه بهذه الطريقة يصعب تنقيته.
و هناك طرق أخرى للحصول على السم لا تخلو كل منها من مثلبة تتعلق إما بإيذاء النحل أو عدم نقاوة السم المستحصل. وقد استطاع إيوريش اكشاف طريقة بسيطة للحصول على السم نقياً ، ودون أن يلحق بالنحل أي أذى، و دون أن يشغل النحل عن مهمته الأساسية في جمع الرحيق وصنع العسل و الشمع و غيرها من المنتجات القيمة. و الطريقة التي اقترحها إيو ريش تتخلص بأن تمسك النحلة بملقط خاص و يوضع في مواجهة بطنها صفيحة زجاجية نظيفة وتضغط النحلة بلطف على الصفيحة، عند ذلك تحاول النحلة لسع الصفيحة مطلقة السم من حمتها على الصفيحة الزجاجية، و دون أن تتأذى حمتها من هذه العملية، ويمكن أن نجمع بهذه الطريقة على صفيحة زجاجية واحدة ما يعادل سم 300نحلة. ثم نطبق كل صفيحتان على بعضهما بوجهيهما الحاويان على السم وتلف بورق خاص حيث يمكن حفظ السم لفترة طويلة تبلغ السنتين دون أن تنقص فعاليته، كما يمكن استعمال صفائح بلاستيكية لهذه الغاية. ويكفي حين الرغبة في استعماله غطس تلك الصفائح بماء معقم،حيث يمكن استعمال المحلول السمي الناتج بحقنه تحت الجلد أو تناوله على شكل مستنشقات أو بالتشريد الكهربائي، ولصنع المراهم أيضاً. وفي الطب الشعبي يستخدم النحالون بنجاح مغلي النحلات الميتة بعد تصفيته.
وينقل إيوريش عن هوفمان أن سكان مناطق ألطالي الروسية يستخدمون هذه الطريقة في معالجاتهم وحتى أيامنا الحاضرة. فمن المعلوم أن النحالة في الربيع يتجمع لديهم فيض كبير من النحل الميت و الحاوي على كميات كبيرة من السم ضمن حويصلات السمية. ومن المعلوم أن تعقيم ذلك المحلول بالغلي لا ينقص الفعالية العلاجية للسم.
طرق استخدام سم النحل في المعالجة المعالجة بلسع النحل الحيتمسك النحلة من ظهرها بملقط خاص، وتوضع، بحيث يواجه بطنها المنطقة من الجلد التي يراد تطبيق اللسع عليها، على أن تكون محضرة بغسلها بالماء و الصابونو لا يستحسن مسحها بالغول مطلق. ولا يجوز إعادة اللسع في نفس المكان قبل مضي خمسة أيام، وذلك حتى يتم تراجع الورم و الألم و غيرها من الأعراض الناجمة عن اللسع الأول. و ينتخب للسع النحل، الأجزاء من البدن التي يجري فيها عادة حقن الأدوية تحت الجلد كسطح الكتف و الناحية الوحشية من الفخذ أو العضد. وسم النحل المحقون يمتص سريعاً واصلاً في الدم و مبدياً تأثيره على جميع العضوية. وبعد اللدغ تطير النحلة تاركة وراءها رمحها مع كامل جهاز اللسع و الذي يستمر في التقلص لعدة دقائق حتى يتم إفراغ حويصل السم وعندئذ يجب إزالة الحمة بعد أن يكون السم قد وصل إلى الجرح ويمكن رؤية تقلص جهاز اللسع و نهاية ذلك التقلص بالعين المجردة.
ويقترح أيوريش تطبيق سم النحل بالطريقة التالية:في اليوم الأول: يتلقى المريض لسع نحلة واحدة. في اليوم الثاني: لسع نحلتين وفي اليوم الثالث: 3 نحلات وبعد استراحة 3-4 أيام يتابع العلاج بلسع 3نحلات يومياً ولمدة شهر و نصف. وبذا يكون المريض قد تلقى حوالي 200نحلة، وإذا لم يشف المريض أو يتحسن بشكل ملحوظ بهذه المعالجة فلا يستحسن إعادتها وفي ظروف المعالجة ضمن المصحات وحيث يستمتع المريض بالراحة الكاملة و الحمية العالية الحريرات يمكن إنقاص مدة المعالجة إلى النصف دون أن ننقص عدد اللسعات. ومن الضروري الإشارة إلى أن المرضى النوعيين الذين تستطب لديهم المعالجة بالسم، لا يحصل لديهم أي تفاعل شديد من تورم أو ألم غير محتمل نتيجة لسع النحل، حتى أن لسع 20-30نحلة في آن واحد يتحمله أحدهم غالباً بسهولة و يسر.
ويستحسن أن تتم المعالجة ضمن المنحل، لأن إخراج النحل من خلاياه ووضعه في علبة من أجل نقله إلى مكان المعالجة، لا يمكن أن يعيش فيها لأكثر من يوم واحد. وبعض المرضى يصنعون لأنفسهم خلايا صغيرة يمكن أن توضع في الشرفة أو على سطوح منازلهم.
وقد صمم البرفسور إيوري خلية نحل مصغرة تحتوي على إطار شمعي واحد، وقد عدل تصميمها بحيث يتمكن المعالج من إخراج النحل منها لاستعماله وقت المعالجة، وهي مصنوعة على شكل محفظة صغيرة يمكن حملها و نقلها إلى أي مكان، و هي مزودة بمخزن للطعام يملأ بكمية من العسل لإطعام النحل، مغطى بشبك يمنع سقوطه فيه، و يمكن في وقت الإزهار، وضع تلك الخلية في مكان قريب من الحقول أو الغابات ليخرج النحل نهاراً ليتغذى غذاؤه الطبيعي "الرحيق" إلا أنه في هذه الحالة، لا يجوز إجراء عملية النقل إلا في الليل حتى لا يضيع النحل عن خليته و يموت. وإذا لم يكن بالإمكان احتواء مثل تلك الخلية في مكان المعالجة فقد ابتكر إيوريش أيضاً صندوقاً متحرك مغطى بشبك من سلك معدني يستطيع النحل أن يعيش فيه حتى 10أيام و يتسع إلى مائة نحلة وهو مجهز بملقط لإمساك النحل، ومزود بمخزن للطعام يملأ بمحلول سكري أو بالعسل دون الحاجة إلى فتح الصندوق، وله فتحة جانبية صغيرة لإخراج لنحل وقت الحاجة حيث يمكن إمساكه بالملقط. فهذا الصندوق مريح جداً لنقل النحل و استعماله للمعالجة أو للمختبرات. أما الملقط الخاص لإمساك النحل، و الذي اقترحه إيوريش فهو ملقط تشريحي معدل، نهاياته الحرة عريضة3ملم وهذا يسمح بإمساك النحلة من صدرها لتوضع في مواجهة الجلد حتى تلسعه و تفرغ السم من حويصله قبل أن تصل إلى هدفها. كما أن الملقط الخاص مزود بصفيحتين معدنيتين تسمحان بضغط حويصل السم أثناء اللسع مباشرة، و تساعدان من ثم لاستخراج جهاز السم من الجلد الملسوع.
المعالجة بحقن السم داخل الجلد وهي طريقة تستخدم محاليل السم الذي استخرج من النحل بحقنها ضمن جلد المريض. وميزة هذه الطريقة سهولة أجرائها و التحكم بشكل جيد بمقدار السم المحقون و إمكانية إعطاء مقادير أعلى من اللسع المباشر، وبما يتناسب مع حالة المريض، كما أنها طريقة يمكن إجراؤها في ظروف المشافي و المستوصفات، و التي يمكن أن تحتفظ بالكميات اللازمة لها من سم النحل وتقديمه للمرضى وقت الحاجة إليه.
و يعتبر حقن محلول السم ضمن الجلدبين الأدمة و البشرة هو الأكثر فعالية. ففي الجلد وحده يقع خمس الدم الجائل في البدن ولذا فإن السم يمتزج بسرعة مع الدم الجائل ليصل إلى جميع أنحاء العضوية. ويتم الحقن بإبرة خاصة صغيرة أطول قليلاً من رمح النحلة، ويتم الحقن بجرعات صغيرة جد0.1-0.3مل ويمكن أن تتم المعالجة بالحقن تحت الجلد، وذلك لإعطاء جرعات كبيرة تصل إلى حد مل واحد ولكن الأثر العلاجي أقل مما لو حقن محلول السم ضمن الجلد.
المعالجة بالتشريد الكهربائي Electrophoraisis تطبق المعالجة بإدخال المواد الدوائية إلى جسم المريض بالتشريد الكهربائي عموماً في كثير من مشافي العالم اليوم وخاصة في عيادات الأمراض العصبية و النسائية و الجلدية و غيرها. و يعتبر إدخال المادة الدوائية عبر الجلد بالتشريد الكهربائي من أفضل طرق الستشفاء في الطب الحديث، فهي طريقة سهلة لا تؤذي الجلد ولا تستدعي أي تخريش أو ألم، باستثناء بعض الإحمرار مكان التطبيق. وهي تبدل من تفاعل العضوية العام بسبب التيار الكهربائي المستمر الذي يخترقها ومن ثم بدخول السم إليها.
و نظراً لأن السم يحتوي على جواهر فعالة يمكن أن تعبر الجلد إلى الجسم عبر القطب الموجب Catodو على جواهر أخرى تدخل عبر القطب السالب Anod، فإن محلول سم النحل يجب أن يطبق على القطبين بالتناوب و حتى تتمكن جميع جواهره الفعالة من الدخول إلى العضوية، و ذلك بعد وصل قطبي التشريد بجهاز التيار الغلفاني. أما جلسات المعالجة فيمكن أن تجرى يومياً في المشافي، أما في العيادات الخارجية فيكتفي بإجراء مرة واحدة كل يومين. ويطبق عادة في اليوم الأول سم 6نحلات محلولة في 3مل من الماء المعقم ، وفي اليون الثاني:سم 8نحلات ثم بواقع 10نحلات لكل جلسة تشريد و بمجموع 15-20جلسة للبرنامج العلاجي.
وفي المؤتمر العالمي العشرين للنحالة 1965 قدم ملادينوف[11]و زملاؤه نتائج معالجتهم، بتطبيق سم النحل بالتشريد الكهربائي ل203مريضاً مصابين بآفات في الجهاز العصبي المحيطي، وآفات مفصلية رثوية و رثوانية و التهاب مفاصل مشوه وآفات شريانية انتهائية. لقد كانت النتائج مشجعة: فمن أصل 108مريضاً بالتهابات عصبية، استقر الشفاء الكامل عند 32منهم، و تناقصت الآلام بشكل صريح عند64، و تحسنت حالتهم العامة، و لم يشاهد أي نكس خلال سنتين من المراقبة. أما في التهاب المفاصل الرئوي فقد تجاوزت نسبة الشفاء 52%. كما أبدى جميع المعالجين تحسناً في الحالة العامة و الشهية للطعام و سمحت النتائج المسجلة بالقول بأن سم النحل يحدث حصاراً في السيالة العصبية الحسية يؤدي تناقص الآلام أو زوالها تماماً، إلى توسع في الأوعية الدموية يؤدي إلى تحسن التروية الدموية، وكما يخفض من كولسترول الدم.
تطبيق مراهم سم النحل يمكن إدخال سم النحل إلى جسم المريض بدهن الجلد بالمراهم الحاوية عليه مشركا مع حمض الصفصاف و الفازلين. فحمض الصفصاف يطري بشرة الجلد و يزيد من نفوذيتها، كما يضاف إلى المرهم بللورات صغيرة جداً من السيليكات التي تحدث رضاً مجهرياً في البشرة، وذلك لأن السم لا يستطيع النفوذ عبر الجلد السليم. و يمتاز المرهم عن غيره من طرق المعالجة بسهولة تطبيقه، و إمكانية استعماله من قبل المريض بالذات. ومن مثالب هذه الطريقة رض مساحة واسعة من الجلد أثناء الدهن، كما أن نتائجها العلاجية أقل مما هو معروف عن فوائد لسع النحل أو إدخاله حقناً في الجلد أو بواسطة التشريد الكهربائي.
المعالجة بسم النحل عن طريق الاستنشاقlNHALATION
تتكون رئتي الإنسان من 700مليون من الفصيفصات الرئوية، بطانتها غزيرة بالأوعية الدموية، و التي إذا فرش سطحها الداخلي على سطح مستو لغطت مساحة تقارب 90م2، ولهذا ندرك كيف أن امتصاص المواد الدوائية عن طريق بطانة الحويصلات الرئوية، وهذه الطريقة تقوم على استنشاق الأبخرة أو الرذاذ الحاوي على سم النحل حيث يصل إلى الحويصلات الرئوية وتمتص هناك لتدخل الدم مباشرة، وليصل إلى كافة أعضاء البدن حيث يبدي نتائج علاجية ممتازة. وهذه طريقة علاجية سهلة وبسيطة و يمكن تطبيقها في أي مؤسسة صحيةالشكل 2-7، وحتى في ظروف المنزل.
مضغوطات سم النحل اقترح البرفسور الأمريكي جوزيف برودمان[12]تناول سم النحل بعد تصنيعه على شكل مضغوطات تمص تحت اللسان، مستفيدين من خاصة اللسان و الغشاء المخاطي للفم بامتصاص الأدوية و دخولها إلى الدم مباشرة،ذلك لأن تناول سم النحل داخلاً لايبدي النتائج العلاجية المطلوبة أن الخمائر المعدية_ المعوية تخربه بسهولة.
و المضغوطات التي تمص تحت اللسان طريقة علاجية وصفت لأول مرة لتناول سم النحل من قبل Broadmannلها أهمية علمية كبيرة. وقد لونت المضغوطات بألوان مختلفة تناسب جرعة السم التي تحتوي عليها، و جرعتها العلاجية الكاملة28مضغوطة تحتوي على سم 215نحلة وقد تم اختبار فعالية هذه المضغوطات في عدد من المعاهد الصحية العالمية، منها معهد الأمراض الرثوية في براغ، و معهد بافلوب الطبي في بلغاريا، كما أقر استعمالها المجلس الصحي الأعلى في وزارة الصحة السوفياتية إلا أنه لا بد من القول، كما يرى إيوريش، أن النتائج العلاجية لمضغوطات سم النحل تبقى دون النتائج التي نحصل عليها بتأثير لسع النحل الحي أو حتى بالحقن الجلدي لهذه المادة القيمة.
إدخال سم النحل بواسطة الأمواج فوق الصوتية:طبقت بوتشينكوف بنجاح المعالجة بسم النحل بإدخاله إلى العضوية بواسطة الأمواج فوق الصوتية عبر الجلد. و يرى إيوريش أن هذه الطريقة يمكن أن يكون لها مستقبل زاهر إذا علمنا أنها تقوم على الإستفادة من وسيلتين علاجيتين مهمتين: سن النحل، والأمواج فوق الصوتية. و بالفعل فقد قام شيربان رومانيا1976 بمعالجة 50مريضاً مصابون بآلام في مفصل الركبة Artrose، مفردة أو مزدوجة، بتطبيق سم النحل على شكل مرهم الفيرابين يليه فوراً تطبيق الأمواج فوق الصوتية على الركبتين. و قد حصل على نتائج ممتازة إذ حصل على الشفاء في 70% من الحالات، وتحسنت حالة 25% آخرين. في حين أن مجموعة المراقبة التي طبق لها مرهم كورتيزوني و أتبع بالأمواج فوق الصوتية لم تزد النتائج الجيدة عن 52%من الحالات. و يؤكد شيربان أن هذه الطريقة ممتازة لمعالجة آفات الركبتين الألمية الإلتهابية، ومن ثم في تحضير المفاصل المذكورة لتمارس عملها الطبيعي.
المشاركة بين الغذاء الملكي و سم النحل:يقترح إيوريش لمعالجة الرثية المفصلية الحادة مشاركة الغذاء الملكي مع سم النحل مع حمية غذائية متوازنة عالية القدرة الحرورية. لقد حاولنا أن نقدم باختصار الخواص العلاجية و الوقائية لسم النحل، ليس لمجرد أن تعطي فكرة عن هذه المواد العلاجية الطبيعية الرائعة، بل ليستطيع القارئ أن يستفيد من تطبيق هذه المادة حين الحاجة إليها. وإن نجاح التجارب السريرية في تطبيق المعالجة بسم النحل ليوحي بالمستقبل الواسع لها بين الوسائل العلاجية الأخرى، بتطبيقها كدواء، ثم كوسيلة واقية فعالة لحماية العضوية من العديد من الأمراض ومن مظاهر الشيخوخة المبكرة إلا أنه يجب أن نعلم أنه لا يجوز أن تطبق دون إشراف طبي، فهي على كل حال – سم قوي.
الحمية أثناء المعالجة بسم النحل منذ عهد أبي قراط وإلى يومنا هذا فإن الأطباء و المعالجين ينظرون باهتمام بالغ إلى جداول الحمية التي تنظم لكل مريض، فالحمية عنصر هام عند وضع الخطة العلاجية للمريض، وبشكل خاص فإن لها دوراً بارزاً أثناء المعالجة بسم النحل، إذ يؤكد كل من عالج بسم النحل إيو ريش، ملادينوف وغيرهم أن هذه الحمية تزيد من الأثر الدوائي الفعال لسم النحل،وفي نفس الوقت، فأنها تخفف إلى حد كبير من أثره السمي وإمكانية تأذى العضوية به. والمهم هنا ليس فقط نوعية الطعام و إنما المهم توقيت تناوله مع توقيت العلاج و برنامج تناوله،و يجب أن تكون الحمية عالية القيمة الحرورية، غير متعبة للجهاز الهضمي، متوازنة في تنوعها و احتوائها على السكريات و الدسم و البروتينات و الفيتامينات و خاصة ج و ب 12. و من المهم احتوائها على العسل 50-100غ اليوم وأن يقسم الطعام على 4-5 وجبات صغيرة.
و يجب أن يمتنع المريض أثناء المعالجة بسن النحل عن تناول المشروبات الغولية و التوابل التي تنقص من فاعليته إلى حد كبير حتى أن الغول يعتبر مضاداً للسم. ويمتنع عن إجراء اللسع أو حقن السم بعد تناول وجبة كبيرة،ذلك لأن مثل تلك الوجبة تستدعي كمية كبيرة من الدم الجائل إلى السبيل الهضمي، وإن سم النحل يمكن هنا أن يقوي فقر الدم الدماغي المؤقت مؤدياً إلى حالة من الغشيانSyncopw
وعلى المريض أن يمتنع بعد المعالجة باللسع أو حقن السم أن يأخذ دوشاً أو حماماً،أو أن يتمشى في مشوار مجهد طويل، ويستحسن أن يبقى مضطجعاً لفترة 20-25 دقيقة، وهناك أهمية خاصة للحمية عند المصابين بالرثية و المعالجين بسم النحل، فالرثية لا تصيب المفاصل فحسب بل يمكن أن تصيب القلب و الجهاز الهضمي المعدة- المعثكلة- الكبد وينصح إيوريش هنا بحمية غنية بالحليب و مشتقاته و الخضر و الفواكه الطازجة و العسل.
تنبيه هام:ذكرنا أن سم النحل يمكن أن يبدي ارتكاسات تحسسية ينتج عنها ترفع حروري و عرواء و غثيان و طفح جلدي شروي شديد. لذا فقد وضعت قيود على المعالجة بسم النحل تقضي بأن يجري اختباران للتحسس تجاه السم، وأن يتأكد من عدم حدوث أية أعراض تحسسية عامة، و عدم وجود السكر و البروتين في البول قبل البدء بالمعالجة.
الغذاء الملكي Royal Gelyيتساءل الباحثون منذ زمن ارسطاطاليس عن ملكة النحل وعن سبب نموها بالطول و الحجم الكبير نسبة للنحلة العاملة، رغم أنهما ينتجان عن نفس النوع من البيض، ثم عن قدرتها العجيبة على وضع البيض بتلك الأعداد الهائلة ، إذ تضع الملكة في موسم الربيع حوالي 2000بيضة في اليوم الواحد .ثم لماذا تعيش طويلاً لتصل إلى 6-7سنوات من العمر المديد نسبة للنحلة العاملة التي لا تعمر لأكثر من35يوما؟؟....نعم لقد استطاع علم الكيمياء الحيوية حل كل هذه الألغاز
فالعاملات تضع البيضة التي انتقيت لتكون ملكة في بيت شمعي خاص على هيئة تمرة الفستق السوداني، و الذي يدعى بالمهد الملكي .واليرقة التي تفقس عنها البيضة تغمر في مهدها ،ضمن مادة قشدية القوام، غروية، لؤلؤية أو حلبية اللون هي الغذاء الملكي أو الهلام الملكي،أو ما يسميها المؤلفون الروس "حليب الملكات" ذات طعم حامضي و رائحة نوعية خاصة تفرزها العاملات"الصبايا" بواسطة غددها اللعابية الفكية العلوية و تسكبها ضمن المهد الملكي.
لقد كان عالم الطبيعة سيفاميردام أول من لفت النظر إلى أهمية الغذاء الملكي في نمو و تطور الملكات منذ أكثر من أربعة قرون. ثم إن فرانسوا هيبر1 وفي القرن الثامن عشر هو الذي سمى هذه المادة "الهلام الملكي" . أما كابلاس Kaplassفهو الذي نوه عام 1953إلى إمكانية الاستخدام الطبي للمعالجة بهذه المادة العجيبة.
ما هي مكونات الغذاء الملكي: الغذاء الملكي مادة معقدة جداً تتكون بشكل رئيسي من البروتينات 18% وسكريات 10ـ17% ودهنيات 5.5% ومن أملاح معدنية 1% وإذا قارنا هذه النسب في مكونات الغذاء الملكي مع نظائرها في حليب البقر، والذي يحتوي على بروتينات 3.3% وسكريات 6.4% ودهنيات 4%، ندرك عندها القيمة الغذائية الكبرى لهذه المادة.
وفي الغذاء الملكي الطازج غير المجفف نجد العديد من الفيتامينات بنسبة وافرة وهي ب1، ب2، ب3، ب6، ب ب ، هـ H. أما الفتياميتات آ و د و ج فنسبتها ضئلية في الغذاء الملكي.
وتتكون من البروتينات الغذاء الملكي من أكثر من 22 حمضاً أمينياً يأتي في طليعتها الأرجنين والأسباراجين والغالين والغليكول والغلوتامين والليسين والميتيونين والتربتوفان والهستدين والسيستين والتيونين والليفسين وغيرها.
وهذه المكونات تجعل من الغذاء الملكي مادة حيوية فعالة جداً وذات قيمة غذائية كبيرة.
ونشير بشكل خاص إلى أهمية احتواء الغذاء الملكي على الفيتامين و= Eالذي ينشط الوظيفة الجنسية، في حين أن الغذاء الذي تطعمه اليرقات التي تنتج ذكوراً وعاملات يبدو خال تماماً من هذا الفتيامين، وتبين للباحث غيلي أن إطعام الفئران من غذاء العاملات يجعلها غير مخصبات فالغذاء الذي تطعمه يرقات الذكور والعاملات، وإن كان له نفس مكونات الغذاء الملكي لكنها هنا أقل كثافة بكثير مما هي عليه في الغذاء الملكي.
والغذاء الملكي غني جداً بالأستيل كولين حيث أن الغرام الواحد منه يحتوي على 1ملغ من الأستيل كولين الضروري لنقل التنبيهات العصبية عند الإنسان. كما يحتوي على مادة الإينوزيتول Inositol، وهي مادة على إزاحة الدسم من الكبد وخفض مستوى الكولسترول في الدم، كما يعمل على حفظ رونق الشعر.