الهدية في السنة
وقد حثت السنة النبوية على الهدية بشكل عام، ولم تحدد فيها هل الهدية كبيرة أم صغيرة؛ لأن المقصود ما وراء هذه الهدية.
والهدية تعبير مادي يقصد تبليغ رسالة من مقدم الهدية، بأن من قدمت له يحتل مكانة مميزة في قلب من أهداها له؛ ومن ثَمّ فإن تأثيرها يكون في القلب قبل أي شيء.
والهدية غالبا ما تكون شيئا ماديا، ولكنها أيضا قد تكون شيئا معنويا، وهذا المعنى يتوافق مع تعريف علماء الاجتماع للهدية على أنها "هي الأفعال والخدمات أو الأشياء التي يقدمها الشخص لغيره من الناس دون أن يتوقع منهم أن يقدموا له أي مقابل لها".
هدايا الجيران
وإن كان للهدية أثر بالغ في حياة الأصدقاء، فإن لها أهمية أكثر في حياة الجيران، بل طلب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذلك من النساء قبل الرجال، حتى تدوم المودة بين الجيران، وهو ما يجعل من الهدية سلوكا اجتماعيا ذا بعد إيماني، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم "عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة".
وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفرسن، وهو العظم قليل اللحم؛ لأنه لم تجر العادة بإهدائه أي لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلا فهو خير من العدم.
فلا تمنع الهدية لعدم امتلاك الشيء الكبير، بل تبقى الهدية شيئًا دائما في علاقات الناس، ويهدي الناس مما عندهم، تعبيرا عن حبهم وألفتهم لجيرانهم، وعلى المهداة إليه أن يقبلها، وإن كانت شيئا غير نافع له على الإطلاق، إجراء لسنة الهدية.
وذلك لأن إهداء القليل واليسير، وقبوله يعني إسقاط التكلف بين الجيران، مما يجعل العلاقة بين الجيران قوية حتى يتعاملوا فيما بينهم على سجيتهم، وذلك لأن الاحتكاك الاجتماعي بين الجيران يومي، فلا يصلح أن يكون بشكل رسمي، لما في ذلك من الكلفة والمشقة.
ولقد ظهرت الهدية بشكل كبير في المجتمع الإسلامي الأول، فكثيرا ما كان يهدي الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقبل هديتهم ولا يردها، وكان هو صلى الله عليه وسلم يهدي بعض أصحابه فيسعدون بهديته، لكنه كان يرفض الصدقة؛ لأن الصدقة تعني الحاجة، ولكن الهدية يقصد بها الألفة والمحبة.
فقد روي البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطا وسمنا وأضبا فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الضب تقذرا. بل يصل الأمر إلى أن الناس كانوا ينتقون الوقت الأنسب للهدية، فالهدية مستحبة، والأحب منها اختيار الوقت الأفضل، وفي ذلك يروي البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن "الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بها أو يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة ألا يردوا الهدية، فكان صلى الله عليه وسلم لا يرد طيبا أبدا. وكلما كان الجار أقرب كان أولى بالهدية من غيره؛ ولذا روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال إلى أقربهما منك بابا.
طبيعة الهدايا
ولعل من أهم الهدايا التي كان يحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه هدايا الطعام، حتى إنه ليحث أصحابه إذا طبخ أن يكثر المرق ليعطي منه جيرانه، وفي ذلك يروي الإمام مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحقرن أحدكم شيئا من المعروف وإن لم يجد فليلق أخاه بوجه طليق وإن اشتريت لحما أو طبخت قدرا فأكثر مرقته واغرف لجارك منه".
الهدايا تصنع الأصدقاء
وللهدية فوائد جمة، ذكرت في بعض روايات الحديث، كما جاء في حديث عائشة: "يا نساء المؤمنين تهادوا ولو فرسن شاة، فإنه ينبت المودة ويذهب الضغائن".
فالهدية تزرع الألفة في قلوب الناس، وتجعل الحب والود بينهم دائما، كما أنها تذهب الكره والبغض، وكأن في الهدية علاجا لأمراض قلوب الناس، فمن رأى من جاره كرها له، أو حسدا منه عليه، أو وجد في نفسه ما يشينه، فعليه بالهدية، فإنها تذهب نار الغيرة والضغينة، وتحرق الشوك بماء المحبة، وتبدله ورودا وصفاء.
والهدية بين الجيران بذلك تصنع صداقة بين الجيران، وقد ترجم العالم الغربي مارشال سالينز هذا المعنى حين قال: "إذا كان الأصدقاء يتبادلون الهدايا فإن الهدايا هي التي تصنع الأصدقاء".
والهدية تجلب الحب بين الناس، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".
وقد حثت السنة النبوية على الهدية بشكل عام، ولم تحدد فيها هل الهدية كبيرة أم صغيرة؛ لأن المقصود ما وراء هذه الهدية.
والهدية تعبير مادي يقصد تبليغ رسالة من مقدم الهدية، بأن من قدمت له يحتل مكانة مميزة في قلب من أهداها له؛ ومن ثَمّ فإن تأثيرها يكون في القلب قبل أي شيء.
والهدية غالبا ما تكون شيئا ماديا، ولكنها أيضا قد تكون شيئا معنويا، وهذا المعنى يتوافق مع تعريف علماء الاجتماع للهدية على أنها "هي الأفعال والخدمات أو الأشياء التي يقدمها الشخص لغيره من الناس دون أن يتوقع منهم أن يقدموا له أي مقابل لها".
هدايا الجيران
وإن كان للهدية أثر بالغ في حياة الأصدقاء، فإن لها أهمية أكثر في حياة الجيران، بل طلب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذلك من النساء قبل الرجال، حتى تدوم المودة بين الجيران، وهو ما يجعل من الهدية سلوكا اجتماعيا ذا بعد إيماني، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم "عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة".
وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفرسن، وهو العظم قليل اللحم؛ لأنه لم تجر العادة بإهدائه أي لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلا فهو خير من العدم.
فلا تمنع الهدية لعدم امتلاك الشيء الكبير، بل تبقى الهدية شيئًا دائما في علاقات الناس، ويهدي الناس مما عندهم، تعبيرا عن حبهم وألفتهم لجيرانهم، وعلى المهداة إليه أن يقبلها، وإن كانت شيئا غير نافع له على الإطلاق، إجراء لسنة الهدية.
وذلك لأن إهداء القليل واليسير، وقبوله يعني إسقاط التكلف بين الجيران، مما يجعل العلاقة بين الجيران قوية حتى يتعاملوا فيما بينهم على سجيتهم، وذلك لأن الاحتكاك الاجتماعي بين الجيران يومي، فلا يصلح أن يكون بشكل رسمي، لما في ذلك من الكلفة والمشقة.
ولقد ظهرت الهدية بشكل كبير في المجتمع الإسلامي الأول، فكثيرا ما كان يهدي الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقبل هديتهم ولا يردها، وكان هو صلى الله عليه وسلم يهدي بعض أصحابه فيسعدون بهديته، لكنه كان يرفض الصدقة؛ لأن الصدقة تعني الحاجة، ولكن الهدية يقصد بها الألفة والمحبة.
فقد روي البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطا وسمنا وأضبا فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الضب تقذرا. بل يصل الأمر إلى أن الناس كانوا ينتقون الوقت الأنسب للهدية، فالهدية مستحبة، والأحب منها اختيار الوقت الأفضل، وفي ذلك يروي البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن "الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بها أو يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة ألا يردوا الهدية، فكان صلى الله عليه وسلم لا يرد طيبا أبدا. وكلما كان الجار أقرب كان أولى بالهدية من غيره؛ ولذا روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال إلى أقربهما منك بابا.
طبيعة الهدايا
ولعل من أهم الهدايا التي كان يحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه هدايا الطعام، حتى إنه ليحث أصحابه إذا طبخ أن يكثر المرق ليعطي منه جيرانه، وفي ذلك يروي الإمام مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحقرن أحدكم شيئا من المعروف وإن لم يجد فليلق أخاه بوجه طليق وإن اشتريت لحما أو طبخت قدرا فأكثر مرقته واغرف لجارك منه".
الهدايا تصنع الأصدقاء
وللهدية فوائد جمة، ذكرت في بعض روايات الحديث، كما جاء في حديث عائشة: "يا نساء المؤمنين تهادوا ولو فرسن شاة، فإنه ينبت المودة ويذهب الضغائن".
فالهدية تزرع الألفة في قلوب الناس، وتجعل الحب والود بينهم دائما، كما أنها تذهب الكره والبغض، وكأن في الهدية علاجا لأمراض قلوب الناس، فمن رأى من جاره كرها له، أو حسدا منه عليه، أو وجد في نفسه ما يشينه، فعليه بالهدية، فإنها تذهب نار الغيرة والضغينة، وتحرق الشوك بماء المحبة، وتبدله ورودا وصفاء.
والهدية بين الجيران بذلك تصنع صداقة بين الجيران، وقد ترجم العالم الغربي مارشال سالينز هذا المعنى حين قال: "إذا كان الأصدقاء يتبادلون الهدايا فإن الهدايا هي التي تصنع الأصدقاء".
والهدية تجلب الحب بين الناس، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".