تستطيع أنواع عديدة من الفيروسات والبكتريا ومختلف الكائنات الدقيقة أن تغزو جسم الإنسان وتسبب أمراضاً كما تحدثنا عن البكتريا والتي هي كائنات مجهرية أحادية الخلية، وتعتبر من أوسع الكائنات الحية انتشاراً فحبة واحدة من التراب يمكن أن تحتوي على أكثر من 100 مليون بكتريا. ومعظم البكتريا لا تسبب أمراضاً، حيث تعيش أنواع عديدة منها دون أي ضرر في فم الإنسان وفي الأمعاء وعلى الجلد. وهذه البكتريا المتعايشة نادراً ما تسبب أمراضاً إلا إذا تحركت نحو عضو ليس من الطبيعي أن توجد به. فالبكتريا التي تعيش في الفم على سبيل المثال يمكنها أن تسبب عدوى إذا دخلت إلى الأذن الداخلية، ولكن معظم الأمراض البكتيرية تسببها أحياء دقيقة لا تعيش طبيعياً في الجسم.
كما بدأنا الحديث عن بعض الأمراض السارية وتعرفنا على أعراضها وفترة حضانتها، وفترة العدوى، وطرق الوقاية منها ونستكمل اليوم طرح بعض من تلك الامراض :
الجمرة :
الجَمْرة داء حاد مُعْد من أمراض حيوانات المزارع الذي يمكن أن يصيب البشر أيضاً. وتسببه بكتيريا عصية الجمرة. ويبدأ الداء عند البشر كدمل كبير على الجلد. لكن قد يتم أيضاً استنشاق الجراثيم فتصيب الرئتين. يصيب الداء البشر عند التعرض لحيوان مصاب أو لمنتجات الحيوان. والبشر الذين يتعرضون عادة للإصابة هم الجزارون والمزارعون والرعاة والمتعاملون مع الصوف والبيطريون. وقد حدّت القوانين المنظمة لتداول منتجات الحيوان من حدوث الجمرة لدى البشر.
تظهر لدى الحيوانات المصابة بالجمرة برودة وحُمّى وإسهال وتشنّج، وتموت فجأة . تصاب الحيوانات بعدوى الداء من أكل طعام ملوث. ويلقّح البيطريون حيوانات المزارع ضد الجمرة، ويحرق المزارعون أو يدفنون جثث الحيوانات المصابة، ويبعدون الحيوانات الصحيحة من مناطق الإصابة.
شاهد العالم الفرنسي كاسمير دافين بكتيريا الجمرة للمرة الأولى عام 1850م. وأثبت عالم البكتيريا الألماني روبرت كوخ عام 1876م أنها تسبب الجمرة. وبذلك أصبحت أول جرثومة يُعرف أنها تسبب داءً وساعدت في إثبات نظرية كوخ الجرثومية. وطور لويس باستير لقاح الجمرة .
حمى الأرانب :
مرض معد يصيب كثيراً الثدييات بما فيها الإنسان . ويتسبب فيه البكتريا المسماة فرانكيسيلا تلرامسيا ويسمى أيضاً التولارميه . وقد سجلت أول إصابة في منطقة تيولسير ، بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1911م وعرف بإنتشاره في جميع أنحاء العالم . وغالباً ما تنقل حمى الأرانب عن طريق لسعة القراده أو لسعة بعض الحشرات الأخرى . ويصاب الإنسان أيضاً بهذا المرض نتيجة للتعامل مع الحيوانات المصابة ، مثل السناجب والأرانب والجرذان . وتسبب حمى الأرانب الحمى التي تظهر وتختفي وتمكث عدة أسابيع حيث تتورم الغدد اللمفاوية حول اللسعة . وغالباً ما تسبب حمى الأرانب الموت إذا لم يتم العلاج بالمضادات الحيوية .
الحمى الراجعة :
هي مرض معد يظهر غالباً في المناطق الحارة على صورة وباء وتسببه بكتريا من فصيلة الملتويات والشخص المصاب بها يرتعد ويسخن ويصاب بصداع وآلام عضلية وآلام أخرى ، وقد يحدث قيء . وهذه الأعراض يمكن استمرارها لعدة أيام أو لمدة أسبوع حين تتوقف يبدو المريض وكأنه عاد إلى صحته العادية ولكنه ، يفاجأ بعودة الأعراض . وإذا لم يعالج المريض فإنه قد يصاب بنحو عشر إنتكاسات . وينصح الأطباء المريض بالراحة في الفراش واستخدام المضادات الحيوية لعلاج هذا المرض.
ينقل بكتريا هذا المرض القمل والقراد للبشر، تماماً كما يحدث في مرض التيفوس. والقملة الحاملة للحمى الراجعة توجد في المناطق السكنية الفقيرة.
حمى النفاس:
حمى النفاس أو ما يسميه بعض الناس بالالتهاب الرحمي العفن هي التهاب في الرحم ينتج بسبب العدوى بميكروب قد يكون أصلاً موجوداً بالمهبل أو ينتقل إلى الأم من الشخص القائم بالولادة سواء منه شخصياً إذا كان هذا الشخص مصاباً به أو من الآلات غير المعقمة التي يستخدمها المختص في الولادة .
أعراض حمى النفاس تأتي بعد أيام قليلة بعد الوضع أو الإجهاض فترفع درجة حرارة المرأة الوالد إلى حد كبير ويصاحب ارتفاع درجة الحرارة رعشه مع صداع وآلام بكل الجسم وتصبح لإفرازاتها المهبلية رائحة كريهة ونفاذه.
ويجب دائماً إتباع وسائل النظافة والتعقيم لمن يقومون بعملية التوليد. ويجب على مريضة حمى النفاس أن ترتاح راحة تامة وتعطى المضادات الحيوية مثل الأمبيسيلين والجاراميسين بالإضافة إلى مسكنات الألم ويمكن استخدام دش مهبلي يحتوي على عصير الثوم والخل يومياً. كما يمكنها استخدام فصي ثوم بعد كل وجبة غذائية حيث أن الثوم يعتبر من الأدوية العشبية الهامة للفتك بالميكروبات.
الحمى المالطية:
مرض معدٍ يصاب به الناس على مستوى العالم كله ويصيب الإنسان والحيوان . ينتج هذا المرض عن طريق بكتريا تسمى البروسيليه، ومن أعراض هذا المرض ارتفاع درجة الحرارة والشعور بعدم الارتياح وكذلك الضعف العام وانخفاض الوزن. يعرف هذا المرض أيضاً بالحمى المتموجة أو مرض البروسيليه . الحامل الأساسي لمرض الحمى المالطية الحيوانات المستأنسة مثل الأبقار والماعز والخنازير. وتعتبر الخراف والخنازير الغينية والدجاج والكلاب أقل المصادر لنقل العدوى تصيب الحمى المالطية أيضاً الحيوانات البرية كالثور والجاموس والكاريو والشمواه والغزال والأيل وحيوان الإلكة والثعالب وأيل الرنة.
ويظهر مرض الحمى المالطية في الإنسان نتيجة لتناول منتجات الألبان الملوثة بميكروب البروسيله أو بالعمل في أماكن الحيوانات المصابة أو أكل لحومها غير الناضجة. وهذا المرض شائع بين العاملين في المجازر والأطباء والجراحين البيطريين وبين مربي المواشي والمزارعين. يدخل الميكروب الجسم من خلال الجلد أو الفم. تنتج معظم حالات الإصابة في الإنسان بمرض الحمى المالطية عن طريق الاختلاط المباشر بالحيوانات الحاملة للعدوى. ومن أفضل الطرق لتجنب إصابة الإنسان بهذا المرض التحكم في المرض عندما يصيب الحيوانات.
عدوى الأذن:
يوجد عدة أنواع من عدوى الأذن. مثل التهاب الأذن الخارجية، وهي عدوى بكتيرية وتكون هذه العدوى عادة حادة، وتسبق هذه العدوى التهاب أو عدوى في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي. تصاب كذلك قناة الأذن بالتهاب وتورم وارتفاعاً في درجة الحرارة وربما إفرازات وألماً، ويشتد الألم عند لمس صوان الأذن أو جذبه ويقول العلماء أن السبب قد يكون نتيجة لتجمع صمغ الأذن وتجمده والذي يحتجز الماء في قناة الأذن.
تنتشر عدوى الأذن الوسطى بشكل كبير بين الأطفال الرضع والأطفال الصغار. وتوجد هذه العدوى خلف طبلة الأذن وتتضمن الأعراض ألماً قد يكون حاداً أو خفيفاً أو على شكل نبضات، وترتفع درجة الحرارة. يمكن أن تؤدي العدوى الشديدة للأذن الوسطى إلى ثقب في طبلة الأذن. ويؤدي ثقب طبلة الأذن إلى فقدان السمع وخروج بعض السوائل قد يصاحبها دم. تصيب عدوى الأذن الوسطى أكثر من 30٪ من الأطفال تحت سن الخامسة. والسبب يعود في عدوى الأذن الوسطى إلى مجموعة من البكتريا والفيروسات وتعتبر بكتريا برانها ميلاكاترالس أحد الأسباب الرئيسية المسببة لعدوى الأذن عند الأطفال. كما أن الحساسية ضد بعض الأطعمة تلعب دوراً للإصابة بعدوى الأذن.