يعتبر شهر رمضان هو شهر الحمية الحقيقية ليس فقط لأنه شهر الصيام ولكن لأنه شهر الانتظام. الانتظام في مواعيد تناول الطعام والانتظام في مواعيد النوم والانتظام في مواعيد تعاطي العلاج المرتبطة بأوقات الطعام المنتظمة. ويجب العلم أن أهم أسباب تذبذب مستوى السكر في الدم هو عدم الانتظام سواء في أوقات أو كميات أو نوعيات الطعام أو في مواعيد تعاطي حبوب تخفيض السكر أو حقن الأنسولين لذا يعتبر شهر رمضان هو أساس علاج هذا التذبذب والتأرجح في مستوى السكر في الدم. ولعل أفضل نظام غذائي هو النظام النبوي في تناول الطعام حيث حث ديننا الإسلامي على عدم ملء المعدة بالطعام وجعل ثلثها للطعام وثلثها للشراب والثلث الأخير للهواء ولعل هذه النصيحة النبوية هي ما يحتاجه مريض السكري في شهر رمضان المبارك.
ويتساءل الكثيرون عن كيفية البدء بالإفطار ونقول انه لا بأس من تناول بعض التمرات ولكن تذكر أن ثلاث تمرات تحوي 25 جرام من الكربوهيدات أي ما يعادل تفاحة ونصف أي ما يعادل مئة سعر حراري ففكر في إحراقها قبل تناولها. ولعل شهر رمضان فرصة ذهبية لتعلم كيفية حساب الجرامات من الكربوهيدات وتذكر أنك بمجرد أن تبدأ بحساب ما تأكل من السعرات الحرارية فإنك تلقائياً ستحاسب نفسك على القدر الذي تناولته وتحاول الإقلال والاختصار المفيد لصحتك.
حقن الأنسولين وشهر الصوم
يتعاطى مريض السكري عادة حقنتين من الأنسولين حقنة قبل الإفطار وهي الجرعة الأكبر وحقنة قبل العشاء وهي الجرعة الأصغر، وينصح في شهر الصوم إجراء تعديل في ذلك بأن تعطى الجرعة الأكبر قبل الإفطار الرمضاني والجرعة الأصغر قبل السحور مع محاولة ضبط الجرعات عن طريق التحليل المتكرر. وبخصوص جرعة الأنسولين قبل السحور فيجب مراعاة خفض هذه الجرعة وخاصة الأنسولين العكر طويل المفعول والذي يمتد عمله خلال ساعات الصوم. وقد يحتاج البعض إلى خفض جرعة الأنسولين الصافي أيضاً وخاصة إذا كان تناولهم لطعام السحور محدودا. أما بالنسبة إلى جرعة الأنسولين قبل الإفطار فقد يحتاج بعض المرضى إلى زيادة جرعة الأنسولين الصافي قبل الإفطار وذلك لأن المائدة الرمضانية عادة ما تحوي العديد من السكريات الأحادية البسيطة مثل العصائر المحلاة وغير المحلاة وأيضاً الحلويات المختلفة.
الأدوية المخفضة للسكر وصيام شهر رمضان
ينصح دوما بمراجعة الطبيب المختص قبل البدء بصيام شهر رمضان وذلك لمناقشة النظام الدوائي المستخدم والذي قد يحتاج مريض السكري إما لتغيير الجرعات أو تغيير العلاج برمته أثناء صيام شهر رمضان. ومن أكثر الأدوية استخداما عقاقير السلفونايل بوريا. إن أكثر عقاقير خفض السكر المستخدمة تنتمي إلى ما يعرف بمجموعة السلفونايل يوريا وهناك ما يعرف بالجيل الأول والجيل الثاني من هذه الأدوية. إن بعض هذه العقاقير طويل المفعول والبعض الآخر قصير المفعول مثلها في ذلك مثل حقن الأنسولين المختلفة. لذا قد ينصحك طبيبك باستخدام العقاقير قصيرة المفعول بدلاً من طويلة المفعول لتجنب انخفاض السكر. ومن هذه العقاقير عقار الجلوكوفاج (الميتفورمين) والذي قد يعتبر من أفضل عقاقير خفض السكر في شهر رمضان المبارك وذلك لأنها عادة لا تؤدي إلى خفض سكر الدم بصورة حادة حيث أنها تزيد من حساسية مستقبلات الأنسولين ولا تزيد من إفراز الأنسولين نفسه. ويجب التذكر دوما بتوفر إبرة الجلوكاجون والتي تعتبر الحقنة المضادة لحقنة الأنسولين أو العقاقير المخفضة للسكر وذلك لعلاج أي انخفاض في مستوى السكر في الدم خاصة إذا صاحبه تشنج أو غيبوبة.
مضخة الأنسولين - شهر رمضان
دلت بعض الدراسات المحلية أن استخدام مضخة الأنسولين أثناء الصوم قد يكون أكثر أماناً من استخدام حقن الأنسولين. لعل أحد أهم المشاكل التي تواجه مريض السكري المستخدم لحقن الأنسولين هو انخفاض السكر والذي يلزم المريض ويجبره على الإفطار. إن مضخة الأنسولين قد تساعد في تجنب هذا الأمر وذلك أن المضخة يمكن إيقاف ضخها في حالة حدوث الانخفاض دون اللجوء إلى الإفطار. ويستطيع مستخدم مضخة الأنسولين برمجتها بما يناسب الوجبة الرمضانية وما تحتوي سواء من كربوهيدرات أو دهون فهناك جرعة أكل تناسب الدهون وهناك جرعة أكل تناسب الكربوهيدرات أو السكريات. والجرعة المستمرة لمضخة الأنسولين أثناء الصوم يمكن ضبطها وخفض جرعتها بما يناسب مريض السكري ومعايرة المضخة على ضوء قراءة مستوى السكر المستمرة أيضاً.
سكري الحمل - شهر رمضان
قد يشكل الحمل ومرض السكري عبئاً على المرأة الحامل أثناء صيام شهر رمضان لذا ينصح بمراجعة طبيب النساء والولادة المختص قبل الشروع في الصيام لتجنب التأثيرات المحتملة على الأم والجنين معاً. إن تحليل السكر أثناء صيام شهر رمضان ضرورة ملحة ولكن هذا التحليل يصبح أكثر ضرورة وأكثر إلزاما لدى المرأة الحامل وخاصة في مراحل الحمل الأولى التي يكثر فيها الغثيان والاستفراغ لذا يجب دوماً التأكد من عدم حدوث نوبات انخفاض السكر التي تؤثر سلباً على الجنين. ويعتبر شهر الصوم فرصة لضبط جرعات الأنسولين طويل المفعول والذي يحتاج لضبطه كون الشخص صائماً فيقوم الشخص بتحليل السكر كل ساعة أو ساعتين أثناء فترة الصوم ويحدد احتياجه الحقيقي الفعلي من الأنسولين دون أن يكون هناك تأثير لوجبات الطعام على التحليل.