ضغط الدم هو القوة التي يضغط بها الدم على جدران الشرايين، ومن الطبيعي أن يرتفع ضغط الدم وأن ينخفض على مدار اليوم، فضغط الدم المرتفع Hypertension هو أن ضغط الدم على جدران الأوعية الدموية أعلى من المعدل الطبيعي، وبمرور الزمن مع دفع الدم يزيد التوتر على الشرايين التي تصاب بالتصلب والضيق، فتتأثر جدران الشرايين ويزيد معدل الترسبات ويضيق مجرى الدم ومع تراكم الترسبات داخل الشرايين، تزيد معدل إعاقة جريان الدم مما يتسبب في ارتفاع ضغط الدم. ويؤدي ذلك إلى أن يبذل القلب جهدا أكبر، وكلما ارتفع الضغط ازداد عبء العمل وزادت مخاطر الإصابة بالأزمة القلبية والسكتة الدماغية.
يزحف ضغط الدم المرتفع في بطء وهدوء، فلا تظهر له عادة أي أعراض، إلا بعد أن يكون المرض في حالة متقدمة، وأكثر من ثلث حالات ارتفاع ضغط الدم لا تعلم إصابتهم بذلك، وللأسف فهم معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بمرض القلب والشرايين، كما أن 50% من هذا العدد مصاب بالسمنة أو زيادة الوزن ، وإذا لم يكتشف أو يخضع للسيطرة فإنه قد يسبب تلفا للقلب والمخ والكلى، وفي بعض الحالات تكون العلامة الأولى لضغط الدم المرتفع هو حدوث أزمة قلبية أو سكتة دماغية، كما قد يتسبب بأمراض الكلى، وقد يؤثر على أوعية العين الدموية فيصيب الشبكية بالتلف ويضعف الإبصار وقد يتسبب في الإصابة بالعمى، ولحسن الحظ فإن ضغط الدم المرتفع مرض قابل للعلاج، حتى أن بعض الحالات يكتفى بخفض الوزن بمعدل خمسة كيلوجرامات عن الوزن الزائد لخفض معدل ضغط الدم.
نجد أن أغلب حالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم هي لأسباب غير معروفة، فحوالي 5-10% فقط من الحالات يمكن أن نعزوها إلى مشكلات صحية مثل مرض الكلى، ولكن من الملاحظ أن هناك أسباباً متعددة للإصابة بضغط الدم المرتفع وأهمها: أسباب وراثية وزيادة الوزن وتقدم السن والتدخين والإصابة بمرض السكري وارتفاع نسبة الدهون في الدم والحساسية من الصوديوم.
ملح الطعام وضغط الدم
يحتاج جسم الإنسان يوميا إلى نصف جرام من الملح ، أي ما يعادل ربع ملعقة صغيرة، حيث يؤثر ملح الطعام على نسبة ارتفاع ضغط الدم، ويتكون الملح من 40%صوديوم و60%كلوريد، ولكن الصوديوم هو المتهم الرئيسي بارتفاع ضغط الدم، وحتى الآن لايعرف تماما آلية ارتفاع الضغط، ولكن الأكيد أن الملح يزيد احتباس الماء في الجسم لدى بعض الأشخاص ومعها ضغط الدم.
بعيدا عن الجدال القائم حول مدى أهمية الامتناع عن تناول الملح في الطعام وآثار زيادة تناوله على صحة جسم الإنسان، خاصة لدى مرضى ضغط الدم المرتفع، فما زالت الإرشادات العامة توصي بأن يستهلك الإنسان السليم ما لايزيد عن ملعقة صغيرة من الملح، بينما يفضل للشخص الذي يشكو من ضغط دم مرتفع (خاصة لمن تجاوزوا الأربعين عاما) أن يقللوا استهلاك الملح قدر المستطاع (أقل من ملعقة صغيرة يوميا) مع الانتباه إلى كميات الملح التي تصلنا من بعض المنتجات الغذائية المصنعة مثل المعلبات ورقائق البطاطس والمخلل والكعك والبسكويت والمكسرات والمكعبات والشوربة المجففة والكاتشاب واللحوم المعلبة والمعالجة.
هناك الكثير من الإرشادات الغذائية التي تساعد على السيطرة على خفض ضغط الدم والوقاية من أخطاره، وأهم الإرشادات هي:
- خفض الوزن الزائد، فخفض 5-7 كيلوجرام فقط من خلال التغذية الصحية والنشاط البدني، فقد يكون ذلك كافيا لدى بعض الأشخاص لخفض ضغط الدم، دون الحاجة إلى تناول العقاقير، وتشمل التغذية الصحية خفض تناول الدهون في الغذاء، لخفض دهون الدم مما يعود بالفائدة على القلب والشرايين، وزيادة التحكم في السكري.
- ممارسة النشاط البدني الذي يتناسب مع الحالة الصحية، فهو يساعد على الاحتفاظ بالوزن المثالي ويساعد على خفض ضغط الدم.
- تناول منتجات الألبان وغيرها من الأغذية الغنية بالكالسيوم، فهناك ثلاثة معادن تساعد على تنظيم ضغط الدم وهي: الكالسيوم والماغنسيوم والبوتاسيوم، فوفقا للدراسات فإن هؤلاء المعادن الموجودة بصورة طبيعية في الغذاء هي عناصر واقية (علما بأنه لاتوجد أدلة قاطعة بأن المكملات الغذائية من الكالسيوم والماغنسيوم حققت فوائد إضافية).
- تناول الخضر والفاكهة بكمية وافرة (لاتقل عن 5 مقادير يوميا ) وكلما زدنا منها كان ذلك أفضل، فالبوتاسيوم والماغنسيوم موجودان في كثير من الخضار والفاكهة، مما يزيد من معدل انتظام ضغط الدم.
نظام داش الغذائي لمرضى ضغط الدم المرتفع
أسس المعهد القومي للقلب والرئة والدم التابع للمعاهد القومية للصحة بالولايات المتحدة في منتصف التسعينات نظام داش الغذائي، ويعتمد هذا النظام على تناول الخضروات والفاكهة، وتناول منتجات الألبان القليلة أو الخالية الدسم، وكذلك لحوم خالية الدسم ودواجن وأسماك، وتبين أن نظام داش الغذائي يخفض ضغط الدم، فيهبط بضغط الدم الانقباضي بمقدار يتراوح بين 6 و 11مم/زئبق وبضغط الدم الانبساطي بمقدار يتراوح بين 3 و 6مم/زئبق (وهذا يخفض خطر ارتفاع ضغط الدم بشكل مؤثر)، ولقد حقق نظام داش الغذائي النجاح بشكل سريع، وذلك بخفض ضغط الدم في خلال اسبوعين فقط ، وتعاظمت فائدة هذا النظام مع تقليل تناول الصوديوم بالطعام.