لم تكن الإنترنت وحدها السبب الرئيس في سقوط النظام التونسي السابق، لكنها كانت عاملاً مساعداً وقوياً في القضاء عليه. كانت عوامل البطالة والفقر أكثر تأثيراً من غيرها في سقوط النظام، لكن الإنترنت كان لها المفعول السحري في توجيه الضربة القاضية للنظام التونسي السابق.
لقد كانت البداية عبارة عن رسالة من شاب عاطل أرسلها عبر الفيس بوك بعد إقدام الشاب محمد البوعزيزي على إحراق نفسه، قوبلت الرسالة في بداية الأمر باستخفاف من قبل الكثيرين، لكنها سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم، وانتشرت بسرعة كبيرة في المجتمع وتفاعل معها الناس وخرجوا للتظاهر بأعداد كبيرة في الشوارع والميادين الرئيسية. وتابع الناشطون استخدام الإنترنت للتوجيه والتواصل وتحديد أماكن التجمع وأوقاتها، ونشر آخر أخبارهم وتحركاتهم وردود الفعل حول حركتهم داخلياً وخارجياً. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل استطاعوا توظيف الإنترنت في تجييش أعداد كبيرة للخروج والتظاهر في مجموعات كبيرة جداً مما زرع الثقة في نفوس التونسيين وزعزعها في نفوس القائمين على النظام السابق وأنصاره.
لقد أصبحت وسائل الاتصالات الحديثة وأهمها الإنترنت تُسقط أنظمة وحكومات وتأتي بأخرى، وتسهم بقوة في وصول مرشحين إلى سدة الرئاسة في كثير من الدول، ومن الأمثلة على ذلك الرئيس الأمريكي أوباما، الذي استطاعت حملته الانتخابية ومناصروه تسخير شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت لكسب التأييد والتصويت له، وأصبح للإنترنت دور رئيس وفاعل في تعبئة الرأي العام وتوجيهه في كل مكان.
إن الأنظمة والحكومات التي تكفل الحقوق المشروعة وتحكم بالعدل والمساواة بين الناس لا تسقطها الإنترنت أو غيرها، بل على العكس تماماً سوف تسهم الإنترنت في تثبيت أي نظام من خلال نشر محاسنه على مواقعها ومنتدياتها. أما الأنظمة المهترئة والموبوءة بالفساد المالي والإداري وسلب حقوق الناس سوف تقضي عليها الإنترنت ويكون مصيرها مثل النظام التونسي السابق وغيره من الأنظمة العربية الأخرى التي تحتضر الآن.