إن الله قد فرض على عباده فرائض عديدة، واختصهم بمزايا سامية، واعطاهم فضائل مرتفعة راقية، ومواسم وأيام شريفة مباركة، يباهي بهم فيها ملائكته، ويستجيب لهم فيها دعائهم ويعطي كل سائل مطلبه، ومن هذه المواسم والأيام المباركة يوم عرفة، فهو يوم أهل الموقف؛ حيث يقف الحجاج فيه على صعيد عرفات، فهو يوم عظَّمه الله، ورفع قدره، وجعل الوقوف في ذلك اليوم ركنًا من أركان الحج؛ بل الحج كله، إنه يوم التجلي، يوم الرحمة، يوم من أيام الله الخالدة، واعلموا ـ أيها الموحدون ـ أن يوم عرفة من أفضل الأيام عند الله، شرعه الله إظهارًا لشعائره، وإعلاءً لذكره، وابتهاجًا بأداء طاعته عند البيت الحرام، فاحمدوا الله تبارك وتعالى على نعمة دينكم وأداء عبادتكم، فإنه يوم عظيم مشهود جليل، يوم كريم مبارك فضيل. عظيم جليل لأنَّ الله عزَّ وجل عظَّم حرمته، وعظَّم فيه حرمات المسلمين في دمائهم وفي أعراضهم وفي أموالهم، وجعل ثواب العمل الصالح فيه أعظم أجرًا، وجعل الذنب فيه أخطر وزراً، فالمحروم من حرم فضل الله وجوده، والشقي من تَمُر عليه هذه الأزمان الفاضلة، والأوقات الشريفة دون استغلال لها، أو إفادة منها.
أقوال وأحوال السلف يوم عرفة :
كان سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان حريصين أشد الحرص على استغلال هذا اليوم العظيم - يوم عرفة - والإفادة منه، فكانت أقوالهم - رحمهم الله - حاثة على شغل هذا اليوم بما هو جدير به من الأعمال الصالحة، وكانت أحوالهم وأفعالهم تطبيقًا لذلك، روى ابن أبي الدنيا عن علي رضي الله عنه قال :(ليس في الأرض يوم إلا لله فيه عتقاء من النار، وليس يوم أكثر فيه عتقًا للرقاب من يوم عرفة، فأكثر فيه أن تقول: اللهم أعتق رقبتي من النار، وأوسع لي من الرزق الحلال، واصرف عني فسقة الجن والأنس)، وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه يقف بعرفة ومعه مئة بدنة مقلدة، ومئة رقبة - أي من العبيد الأرقاء - فيعتق رقيقه، فيضج الناس بالبكاء والدعاء، ويقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده، ونحن عبيدك فأعتقنا من النار، وروي عن الفضيل بن عياض أنه نظر إلى الناس وتسبيحهم وبكائهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا - يعني سدس درهم - أكان يردهم؟ قالوا: لا، قال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق، يقول الشاعر:
وإني لأدعو الله أطلب عفوه ... وأعلم أن الله يعفو ويرحم
لئن أعظم الناس الذنوب فإنها ... وإن عظمت في رحمة الله تصغر
فإنَّ السلف الصالح لم يكونوا في هذا اليوم إلاَّ خائفين وجلين يغلب عليهم الحياءُ من الله وخشيتُه، مع قوَّة يقينهم أنَّه يوم مغفرة وعتق من النار، فكانوا مع حسن ظنِّهم بربِّهم مؤنِّبين موبِّخين لأنفسهم. فمنهم من غلبه الخوف .. وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي. وقال بكر بن عبد الله المزني: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!.
ومنهم من غلبه الرجــاء .. قال عبد الله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.
ومنهم من استحيا من الله حق الحياء .. وقف الفضيل بن عياض بعرفات فلم يُسمع من دعائه شيئاً إلا أنه واضعاً يده اليمنى على خده وواضعاً رأسه يبكي بكاءً خفيًا، فلم يزل كذلك حتى أفاض الإمام فرفع رأسه إلى السماء، فقال: واسـوأتاه والله منك إن عفوت. ثلاث مرات. وآخرون كان شغلهم الشاغل هو الاجتهــاد .. حَجَّ مسروقٌ فما نام إلاّ ساجداً. وكان أبو عبيدة الخواص قد غلب عليه الشوق والقلق ويقول :(واشوقاه إلى من يراني ولا أراه، وكان بعد ما كَبُرَ يأخذ بلحيته ويقول :(يا رب! قد كَبرت فأعتقني)، ودعا بعض العارفين بعرفة فقال :(اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصيبة على تركك القبول مني) فهذا حال سلفنا الصالح فهلا فعلت مثل فعلهم؟.
فضل يوم عرفة ومباهاة الله سبحانه وتعالى بالحجيج:
(1) أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة: ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال أي آية؟ قال :«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»[1]. قال عمر :"قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم: وهو قائم بعرفة يوم الجمعة".
(2) أنه يوم عيد لأهل الموقف: عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب»[2]
(3) أنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ»[3]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْل عَرَفَاتْ مَلَائِكَة السْمَاءِ فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاَءُونِي شُعْثًا غُبْرًا»[4]، وقال المناوي - رحمه الله - في المطامح :(وذا يقتضي الغفران وعموم التكفير؛ لأنه لا يباهي بالحاج إلا وقد تطهر من كل ذنب، إذ لا تباهي الملائكة وهم مطهرون إلا بمطهر).
(4) أنه يوم أقسم الله به والعظيم لا يقسم إلا بعظيم فقال تعالى: «وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ»[5] فقيل إنه الشفع الذي أقسم الله به في كتابه، وأن الوتر يوم النحر. قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك.
(5) صيامه يكفر سنتين السنة التي قبله والسنة التي بعده ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»[6] وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه.
(6) الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق ودعاء الله بها، فإنها أصل دين الإسلام الذي أكمله الله في ذلك اليوم، والدعاء فيه له مزية على غيره، فقد روى الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»[7]
(7) أن الدعاء فيه مستجاب: فعن طلحة بن عبيد الله بن كريز أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك)
(8) فضل اجتماع المسلمين على صعيد واحد فى تضرع لله وحده.
(9) هو اليوم المشهود في قوله تعالى :«وشاهد ومشهود»[8]، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه، فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجاب الله له ولا يستعيذ من شر إلا أعاذه الله منه»[9]، لأنَّ المسلمين يحتشدون في هذا اليوم العظيم بعرفة، من كلِّ حدب وصوب، ومن كلِّ فجٍّ عميق، يفدون من شعوب وقبائل شتَّى، وبألوان وألسن مختلفة، موحِّدين ربَّهم مهلِّلين، مجيبين نداءه ملبِّين، فكان حقًّا يومًا من أيام المسلمين مشهوداً.
(10) أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)[10]، فما أعظمه من يوم وما أعظمه من ميثاق.
(11) أن الله جعل الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج بل هو أهمهما فقال - صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)[11] قال ابن رشد: (أجمعوا على أنه ركن من أركان الحج، وأن من فاته فعليه حج قابل)، وقال ابن قدامة المقدسي: (والوقوف ركن لا يتم الحج إلا به إجماعًا).
(12) أن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام بعد فرض الحج قبل ذلك ولا أحد منهم هذا قول أكثر العلماء فيكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام.
(13) ومنها أن الله تعالى أعاد الحج على قواعد إبراهيم عليه السلام ونفى الشرك وأهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد قال الشعبي: نزلت هذه الآية «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»[12] على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة حين وقف موقف إبراهيم واضمحل الشرك وهدمت منار الجاهلية ولم يطف بالبيت عريان وكذا قال أبو قتادة وغيره.
(14) قيل: إنه لم ينزل بعدها تحليل ولا تحريم.
ما ينبغي فعله في يوم عرفة:
(1) التوبة الصادقة فإن الله - تعالى- يقول :«وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»[13]، وقال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[14]، والتوبة واجبة في كل وقت إلا أنها في الأوقات الفاضلة آكد وأوجب، والإصرار على الذنب سبب للحرمان من الغفران ورضا الرحمن.
(2) الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق، فإنها أصل دين الإسلام الذي أكمله الله تعالى في ذلك اليوم وأساسه، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»[15]، وتحقيق التوحيد يوجب عتق الرقاب، وعتق الرقاب يوجب العتق من النار؛ كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال :«مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِى يَوْمٍ مئَةَ مَرَّةٍ. كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مئَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مئَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِى يَوْمٍ مئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»[16]
(3) الإكثار من الدعاء بالمغفرة والعتق من النار فالدعاء مستجاب في ذلك اليوم قال صبى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة»، وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال: ليس في الأرض يوم إلا لله فيه عتقاء من النار، وليس يوم أكثر فيه عتق للرقاب من يوم عرفة، فأكثر فيه أن تقول: اللهم أعتق رقبتي من النار، وأوسع لي من الرزق الحلال، واصرف عني فسقة الجن والإنس.
(4) الإكثار من فعل الخيرات، وبذل المعروف والإحسان إلى الناس، فإن العمل الصالح يُضاعف أجره في الأوقات الفاضلة، وكذا العمل القبيح الفاسد يُضاعف عقاب فاعله في الأيام الفاضلة.
(5) صيام يوم عرفة فإنه قد جاء في الحديث الصحيح عن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»[17]، وهذه خاصة بمن لم يوفق للحج، أما من كان حاجًا فالأفضل له الفطر وذلك ليتقوى على الدعاء وفعل الطاعات والقربات في ذلك اليوم الأغر.
(6) حفظ الجوارح عن المحرمات في ذاك اليوم.
(7) الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَدَاةِ عَرَفَةَ فَمِنَّا الْمُكَبِّرُ وَمِنَّا الْمُهَلِّلُ»[18] فالتكبير يوم عرفة والعيد، وأيام التشريق يشرع في كل وقت وهو التكبير المطلق، ويشرع عقب كل صلاة وهو التكبير المقيد. فالتكبير صار عند بعض الناس من السنن المهجورة، وهي فرصة لكسب الأجر بإحياء هذه السنة.
فمن طمع في العتق من النار، ورجا مغفرة ذنوبه، وإقالة عثراته، والتجاوز عن سيئاته في يوم عرفة، فليحرص على الإتيان بالأسباب التي يرجى بها - بعد فضل الله ورحمته - العتق من النار، فالمحافظة على النوافل سببٌ من أسباب محبَّة الله، ومَنْ نال محبَّة الله حفظه وأجاب دعاءه، وأعاذه ورفع مقامه؛ لأنها تُكمل النَّقص وتجبر الكسر وتسدُّ الخََلَل.
فعلى المسلم أن يسابق بكل عمل صالح، ويُكْثِر من الدُّعاء والاستغفار، ويتقرَّب إلى الله بكل قُرَبة، فمن فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة فليبت عزمه على طاعة الله وقد قربه وأزلفه، ومن لم يمكنه القيام بأرجاء الخيف فليقم لله بحق الرجاء والخوف، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المنا، ومن لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد.
[1]- سورة المائدة آية: 3
[2]- تحقيق الألباني:صحيح الترمذي ( 777 ) ، الإرواء ( 4 / 130 )
[3]- أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم 2402
[4]- صحيح لغيره.
[5]- سورة الفجر الآية 3:1
[6]- أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة ...، برقم 1976
[7]- تحقيق الألباني:حسن، المشكاة ( 2598)، التعليق الرغيب ( 2 / 242)، الصحيحة ( 1503)
[8]- سورة البروج آية:3
[9]- قال الشيخ الألباني: حسن
[10]- رواه أحمد وصححه الألباني.
[11]- تحقيق الألباني: صحيح ، ابن ماجة ( 3015 ) ، المشكاة ( 2595 )
[12]- سورة المائدة آية: 3
[13]- سورة النور آية: 31
[14]- سورة التحريم آية: 8
[15]- تحقيق الألباني:حسن، المشكاة ( 2598)، التعليق الرغيب ( 2 / 242)، الصحيحة ( 1503)
[16]- أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم: 7018
[17]- أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، برقم 1976
[18]- أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات في يوم عرفة، برقم: 2253