أن التقدم التكنولوجي قد أفاد وعزز حرية التعبير وحركات التحرر في سائر القارات، ومع ذلك فما زالت بعض الحكومات تمارس الرقابة على الأقل جزئيا – على بعض الوسائل المستحدثة للاتصال وتضع قيودا متفاوتة على استخدامها، وفي أفغانستان على سبيل المثال ممنوع اقتناع أو استعمال الانترنت منعا تاما، ولكن هذا النوع من إحكام السيطرة لا يمكن أن يستمر لان جميع الدول دون استثناء لا تستطيع الاستغناء إلى الأبد عن المشاركة في نظم الاتصالات الدولية من اجل تنمية نشاطها التجاري والصناعي والعلمي.
وفي الصين حاليا محاولة جادة للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في كافة المجالات، وفي نفس الوقت عدم السماح بتسلل المواد التي تراها الدولة معادية وضارة سياسيا أو ثقافيا، وهناك بحوث علمية مكثفة من اجل ابتكار وسائل علمية تستطيع حجب مواد معينة عن أجهزة الانترنت، مثل صحيفة وول ستريت جورنال، ومجلة البلاي بوي وتقارير منظمات حقوق الإنسان، والمواد المتصلة بحكومة تايوان، ولكن معظم الخبراء يرجحون أن هذه الجهود لن تكلل بالنجاح.
ومع ذلك يظل من الخطورة بمكان بالنسبة للأفراد في الدول القمعية أن يحاول احدهم تجاوز الخطوط الحمراء من وراء الإعلام الحكومي، وفي بعض البلدان توجد قوانين رادعة تهدد بالسجن والأشغال الشاقة لمدد طويلة كل من يقتني بدون ترخيص أجهزة كمبيوتر متصلة بشكات الأنباء أو ينشر أو يوزع (مطبوعات غير قانونية) وفي بلدان أخرى لا يجوز استخدام الانترنت إلا عن طريق وزارة البريد والاتصالات، وفي مقابل رسوم تفوق قدرة المواطن العادي، وكذلك ممنوع استخدام الدش للانفتاح على شبكات التلفزيون العالمية، ومع ذلك فان من الممكن التحايل على تشدد الرقابة في هذا الصدد عن طريق الاتصال الهاتفي بالمراسلين في الخارج، ولكن هذا بالطبع لن يكون متاحا للجميع.
ومع ذلك فان من المؤكد أن الرقابة سوف تهزم وتزول طوعا أو غصبا عاجلا أو أجلا مع تزايد قدرة الانترنت والأقمار التلفزيونية على اجتياز الحدود والوصول إلى مئات الملايين من كل الأجناس والألوان.
ولكن.. ما الذي تعنيه هذه القدرة المتزايدة على تجاوز الحدود بالنسبة للصحفيين والكتاب وسائر المبدعين الذين تعتمد حرفتهم على حرية التعبير؟ تجيب مؤلفتنا على هذا التساؤل بقولها انه مع الاعتراف بان التقدم التكنولوجي سيضعف كثيرا من سطوة الرقابة على المدى البعيد فانه في نفس الوقت سيزيد من حدة مسئولياتنا إزاء تدفق مواد العنف والجريمة والمخدرات والإرهاب عبر الحدود المفتوحة، وهي مسؤولية لا ينبغي لأحد أن يتهرب منها بحجة أن كل أشكال الرقابة في طريقها إلى الانقراض شئنا أو أبينا، وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع السعي حثيثا من اجل وضع خطوط واضحة فاصلة بين ما هو جائز وما لا يجوز.