كان كبير الشأَن .. وكان سبب زهده أنه كان يمرُّ ببغداد فمرَّ يوماً فنحّاه المطرقون بين يدي حميد الطوسي فالتفت داود فرأي حميداً فقال داود: أُفٍّ لدنيا سبقك بها حميد، ولزم البيت وأخذ في الجهد والعبادة. وقيل كان سبب زهده: أنه كان يجالس أبا حنيفة رضي الله عنه فقال له أبو حنيفة يوماً: يا أبا سليمان أمَّا الأداة فقد أحكمناها فقال له داود: فأي شيء بقي، فقال: العمل به. قال داود: فنازعتني نفسي إلى العُزلة فقلت لنفسي حتى تجالسهم ولا تتكلم في مسألة. قال: فجالستهم سنة لا أتكلم في مسألة وكانت المسألة تمرُّ بي وأنا إلى الكلام فيها أشد نزاعاً من العطشان إلى الماء البارد ولا أتكلَّم به. ثم صار أمره إلى ما صار. وعن إسماعيل بن زياد الطائيّ قال: قالت دايةُ داود الطائي له: أما تشتهي الخبز، فقال: بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءةُ خمسين آية. ودخل عليه بعضهم فجعل ينظر إليه فقال: أما علمت أنهم كانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام، وعن أبي الربيع الواسطي قال قلت لداود الطائي: أوصني. فقال: صُمْ عن الدنيا واجعل فطرك الموت وفرَّ من الناس كفرارك من السبع.