قصر القامة لدى الأطفال من أهم الأمراض شيوعاً في مجتمعاتنا العربية، وذلك لما للطول من أثر نفسي على الأهل وعلى الطفل نفسه داخل بيته وخارجه.
ونلاحظ أن قصر القامة من أكثر الأمراض التي نواجهها في عيادات الغدد الصماء.
والطول الطبيعي للطفل يعتمد على عوامل كثيرة تمتد من الأشهر الأولى أثناء الحمل مروراً بولادة الطفل وما يصاحبها من أمراض وراثية والتهابات وتعسر الولادة، وبالتالي نقص الأكسجين عن الدماغ. وأيضا أثناء نمو الطفل هناك أسباب تعرقل نمو الطفل ومنها سوء التغذية وتكاد تكون من أهم الأسباب العضوية المؤدية لنقص الوزن وتأخر النمو الطولي وخاصة في المناطق النائية والدول الفقيرة.
وأحيانا يعاني الأطفال من سوء التغذية ليس لعدم وجود التغذية المناسبة وإنما نتيجة لتناول الأغذية الخاوية والتي لا تحتوي على العناصر الأساسية والسعرات الحرارية الضرورية للنمو لذا يجب على الأهل متابعة أطفالهم وتغذيتهم الغذاء الأمثل والمتوازن الذي يحتوي على العناصر الثلاثة الأساسية وهي الكربوهيدرات والبروتين والدهون وغيرها من المعادن والفيتامينات التي تعود على الطفل بالفائدة وبالتالي نموه ذهنيا وجسديا.
ومن أهم الأسباب العضوية لقصر القامة عند الأطفال هي أمراض سوء الهضم والامتصاص والتي تشمل مرض حساسية القمح وغالبا ما تكون عند الأطفال تحت الخمس سنوات، وتكون هناك أعراض مصاحبة لقصر الطول ونقص الوزن مثل انتفاخ البطن والإسهال المزمن، وفي بعض الحالات تكون الشكوى الوحيدة هي قصر القامة ولذلك تحليل الدم هو الذي يوضح وجود هذا المرض والذي يجب أن يكون في الزيارة الأولى للعيادة إذا لم يكن هناك سبب آخر واضح، وإذا كان التحليل إيجابيا فإن الطبيب يقوم بتحويل المريض لأخصائي الجهاز الهضمي لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقق من وجود هذا المرض، وبالتالي أخذ عينة من الأمعاء الدقيقة بواسطة المنظار لتأكيد وجود المرض لأن المريض سيخضع لنظام غذائي خاص، وبالتالي فإن الوزن والطول يتحسنان مع الوقت ويتعافى المريض تدريجياً، وذلك بزوال السبب.
وغالبا ما نلاحظ أن حساسية القمح عند الأطفال تسبب نقص الوزن بداية من الشهر السادس من عمر الطفل، وذلك عندما يأخذ الطفل السيريلاك والأكل الناعم الذي يحتوي على القمح، ويكون تأخر النمو الطولي خلال السنة الثانية، ولكن ليس على الدوام كما ذكرنا آنفا، فإنه أحيانا لا تظهر الأعراض كلها، وبذلك يأتي الطفل في العيادة بقصر القامة فقط، وغالبا تحت سن الخامسة وتكون نتيجة التحليل إيجابية.
ومن الأسباب الأخرى:
- الأمراض المزمنة للجهاز الهضمي والكبد.
- الأمراض المزمنة للجهاز التنفسي والقلب.
- الأمراض المزمنة ويكون العلاج فيها مادة الكورتيزون.
- متلازمة داون وتيرنر وبرادر.
- أمراض الغدد مثل نقص هرمون النمو ونقص هرمونات الغدد الدرقية وزيادة إفراز الغدد الكظرية وعادة ما تكون بنسبة ضئيلة عكس الاعتقاد السائد، ولا ننسى لين العظام الذي يزداد وبشكل واضح في مجتمعاتنا الخليجية والعربية.
وهذه الأسباب العضوية أو المرضية هي النسبة الأدنى من مسببات قصر القامة.
أما النسبة الأعلى المسببة لقصر القامة فهي أسباب غير عضوية مثل:
- السبب الوراثي:
كأن يكون أحد الوالدين أوكليهما قصير القامة، وبالتالي تنتقل المورثات الجينية للطفل، وفي هذه الحالة يكون الطفل بحالة صحية جيدة ووزنه متناسباً مع الطول بشكل جيد والعمر العظمي مساوياً للعمر الزمني ولا يشكو من أمراض مزمنة ويكون الطفل بحيوية جيدة غير أنه يبقى قصيرا لأسباب وراثية.
- قصر القامة البنيوي :
ويكون الطفل في هذه الحالة قصيرا ويتمتع بصحة جيدة وعمره العظمي أقل من عمره الحقيقي أو الزمني ولا توجد لديه أمراض مزمنة، ولكن عند البلوغ يزداد طوله بشكل واضح حتى يلحق بأقرانه ويصل لمستوى مقبول من الطول بعد البلوغ.
- ومن أسباب قصر القامة غير الملحوظة هي الأسباب ذات العلاقة بالعوامل النفسية كأن يصاب الطفل بنقص في الطول تحت الظروف النفسية السيئة داخل البيت أو المدرسة والتي سرعان ما تتلاشي إذا زالت هذه الأسباب.
وتشخيص هذه الأمراض وعلاجها يحتاجان إلى أخذ التاريخ المرضي المفصل للطفل وفحص سريري متكامل بالإضافة لأخذ العمر العظمي عن طريق الأشعة، وكذلك فحوصات الدم المختلفة للكبد والكلى وغيرهما.
كما أن التشخيص يعتمد على عمل تحليلات خاصة للهرمونات كهرمون النمو والغدة الدرقية والنخامية والكظرية ولا ننسى تحليل فيتامين- د- المسبب للين العظام.وبالتالي فإن العلاج يعتمد على التاريخ المرضي والفحص السريري ونتيجة التحاليل والأشعة وسرعة الطول السنوية.