الاثنين، مايو 10، 2010

سورة الفاتحة

يقال لها الفاتحة أي فاتحة الكتاب بها تفتح القراءة في الصلوات و يقال لها أيضا أم الكتاب
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"الحمد لله رب العالمين : أم القرآن , و أم الكتاب , و السبع المثانى و القرآن العظيم"الترمذي 3124و يقال لها أيضا سورة الحمدو يقال لها الشفاء و الرقية و الصلاة
ما ورد في فضل سورة الفاتحة
و في حديث أبى سعيد بن المعلى الرواية كاملة في البخلى 4474
أنه قال "قلت يا رسول الله إنك قلت : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قال صلى الله عليه و سلم :"نعم الحمد لله رب العالمين هي السبع المثانى و القرآن العظيم الذي أوتيته "
عن ابن عباس رضي الله عنه قال:بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده جبرائيل إذ سميع نقيضا فوقه فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال "هذا باب قد فُتح من السماء ما فُتح قط"
قال فنزل منه ملك فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال:"أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي من قبلك فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة لم تقرأ حرفا منهما إلا أعطيته" النسائي 138\2 و في حديث آخر رواه مسلم بسنده إلى أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام "فقيل لأبى هريرة : إنا نكون خلف الإمام فقال :اقرأ بها في نفسك فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:قال الله عز و جل :قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدي ما سأل فإذا قال العبد "الحمد لله" قال الله تعالى "حمدني عبدي و إذا قال "الرحمن الرحيم" قال الله تعالى "أثنى على عبدي"فإذا قال "مالك يوم الدين" قال الله تعالى "مجدني عبدي"فإذا قال "إياك نعبد و إياك نستعين" قال الله تعالى "هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل فإذا قال "اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لاتفسير الطبري - (ج 1 / ص 114)
قال أبو جعفر: إن الله تعالى ذكره وتقدَّست أسماؤه أدّب نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديمَ ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، وتقدَّم إليه في وَصفه بها قبل جميع مُهمَّاته ، وجعل ما أدّبه به من ذلك وعلَّمه إياه، منه لجميع خلقه سُنَّةً يستَنُّون بها ، وسبيلا يتَّبعونه عليها، فبه افتتاح أوائل منطقهم ، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم تفسير الطبري - (ج 1 / ص 115)
أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. وكذلك قوله: "بسم الله" عند نهوضه للقيام أو عند قعوده وسائر أفعاله، ينبئ عن معنى مراده بقوله "بسم الله"، وأنه أراد بقِولِه "بسم الله"، أقوم باسم الله، وأقعد باسم الله. وكذلك سائر الأفعال.
عن عبد الله بن عباس، قال: إنَّ أول ما نزل به جبريلُ على محمد، قال: "يا محمد، قُل: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم" ثم قال: "قل بسم الله الرحمن الرحيم" . قال: قال له جبريل: قل بسم الله يا محمد، يقول: اقرأ بذكر الله ربك، وقم واقعد بذكر الله.
تفسير الطبري - (ج 1 / ص 126)
في تأويل قوله جل ثناؤه: ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) .قال أبو جعفر: وأما "الرحمن"، فهو فَعلان، من رَحم، و "الرحيم" فعيل منه. فإن قال قائل: فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين مشتقين من الرحمة، فما وجهُ تكرير ذلك، وأحدهما مؤدٍّ عن معنى الآخر ؟
قيل له: ليس الأمر في ذلك على ما ظننتَ، بل لكل كلمة منهما معنى لا تؤدي الأخرى منهما عنها.
فحدثني السري بن يحيى التميمي، قال: حدثنا عثمان بن زفر، قال: سمعت العَرْزَمي يقول: "الرحمن الرحيم"، قال: الرحمن بجميع الخلق ، الرّحيم، قال: بالمؤمنين.
عن أبي سعيد - يعني الخدريّ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ عيسى ابن مريم قال: الرحمن رَحمنُ الآخرة والدنيا، والرحيم رحيمُ الآخرة".
إن الله قد خص المؤمنين من رحمته في الدنيا والآخرة، مع ما قد عمَّهم به والكفارَ في الدنيا من الإفضال والإحسان إلى جميعهم، في البَسْط في الرزق، وتسخير السحاب بالغَيْثِ، وإخراج النبات من الأرض، وصحة الأجسام والعقول، وسائر النعم التي لا تُحصى، التي يشترك فيها المؤمنون والكافرون.
وقال تعالى في خُصوصه نَفسَه بالله وبالرحمن:( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) [سورة الإسراء: 110]
كما قال جل ذكره:(وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) [سورة الأحزاب: 43] فما وصفنا من اللطف لهم في دينهم، فخصّهم به، دونَ من خذَله من أهل الكفر به.تفسير الطبري - (ج 1 / ص 135
الْحَمْدُ لِلَّهِ قال أبو جعفر: ومعنى(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : الشكر خالصًا لله جل ثناؤه دون سائر ما يُعبد من دونه، ودون كلِّ ما برَأَ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النِّعم التي لا يُحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحدٌ، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلَّفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق، وَغذَاهم به من نعيم العيش، من غير استحقاق منهم لذلك عليه، ومع ما نبَّههم عليه ودعاهم إليه، من الأسباب المؤدِّية إلى دوام الخلود في دار المُقام في النعيم المقيم. فلربِّنا الحمدُ على ذلك كله أولا وآخرًا.
وعن الحسن، عن الأسود بن سريع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيءٌ أحبَّ إليه الحمد، من الله تعالى، ولذلك أثنى على نَفسه فقال: "الحمد لله".تفسير الطبري - (ج 1 / ص 139)وذلك كله كلام الله جل ثناؤه، والله جلّ ذكره حَمِد نفسه وأثنى عليها بما هو له أهلٌ، ثم علَّم ذلك عباده، وفرض عليهم تلاوته، اختبارًا منه لهم وابتلاءً، فقال لهم قولوا:(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقولوا:(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). فقوله(إِيَّاكَ نَعْبُدُ) مما علمهم جلّ ذكره أن يقولوه ويَدينُوا له بمعناه، وذلك موصول بقوله:(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وكأنه قال: قولوا هذا وهذا.تفسير الطبري - (ج 1 / ص 143)
عن ابن عباس، قال: قال جبريل لمحمد: "يا محمد قل:(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)"، قال ابن عباس: يقول: قل الحمد لله الذي له الخلق كله - السمواتُ كلهن ومن فيهنّ، والأَرَضُون كلُّهنّ ومن فيهنّ وما بينهن، مما يُعلم ومما لا يُعلم. يقول: اعلم يا محمد أن ربَّك هذا لا يشبهه شيء. تفسير الطبري - (ج 1 / ص 143)القول في تأويل قوله : الْعَالَمِينَ .قاله أبو جعفر: والعالَمون جمع عالَم، والعالَم: جمعٌ لا واحدَ له من لفظه، كالأنام والرهط الجيش، ونحو ذلك من الأسماء التي هي موضوعات على جِمَاعٍ لا واحد له من لفظه.والعالم اسم لأصناف الأمم، وكل صنف منها عالَمٌ، وأهل كل قَرْن من كل صنف منها عالم ذلك القرن وذلك الزمان. فالإنس عالَم، وكل أهل زمان منهم عالمُ ذلك الزمان. والجنُّ عالم، وكذلك سائر أجناس الخلق، كلّ جنس منها عالمُ زمانه. ولذلك جُمع فقيل: عالمون، وواحده جمعٌ، لكون عالم كلّ زمان من ذلك عالم ذلك الزمان.تفسير الطبري - (ج 1 / ص 149)
أن المالك من "المِلْك" مأخوذٌ. فتأويل قراءةِ من قرأ ذلك:(مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، أن لله المُلْك يوم الدين خالصًا دون جميع خلقه، الذين كانوا قبل ذلك في الدنيا ملوكًا جبابرة ينازعونه الملك، ويدافعونه الانفرادَ بالكبرياء والعظمة والسلطان والجبرية . فأيقنوا بلقاء الله يوم الدين أنهم الصَّغَرة الأذِلّة، وأنّ له - من دُونهم، ودون غيرهم - المُلك والكبرياء، والعزة والبهاء، كما قال جلّ ذكره وتقدست أسماؤه في تنزيله:( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) [سورة غافر: 16]. فأخبر تعالى ذكره أنه المنفرد يومئذ بالمُلك دون ملوك الدنيا، الذين صارُوا يوم الدّين منْ مُلكهم إلى ذِلّة وصَغار، ومن دُنياهم في المعاد إلى خسار.
وأما تأويلُ قراءة من قرأ:(مالك يوم الدين)، فما حدثنا به أبو كُريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عُمارة، قال: حدثنا أبو رَوْق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس:(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، يقول: لا يملك أحدٌ في ذلك اليوم معهُ حكمًا كمِلْكِهم في الدنيا. ثم قال:( لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) [سورة النبأ: 38] وقال:( وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ ) [سورة طه: 108] . وقال:( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى ) [سورة الأنبياء: 28]. تفسير الطبري - (ج 1 / ص 155)
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: يَوْمِ الدِّينِ.
قال أبو جعفر: والدين في هذا الموضع، بتأويل الحساب والمجازاة بالأعمال، ومن ذلك قول الله جل ثناؤه( كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ) - يعني: بالجزاء -( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ) [سورة الانفطار: 9 ، 10] يُحصون ما تعملون من الأعمال، وقوله تعالى( فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ) [سورة الواقعة: 86] ، يعني غير مجزيِّين بأعمالكم ولا مُحاسَبين فسير الطبري - (ج 1 / ص 156)
عن عبد الله بن عباس:(يَوْمِ الدِّينِ) ، قال: يوم حساب الخلائق، وهو يوم القيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا، إلا من عَفا عنه، فالأمرُ أمرُه. ثم قال:( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) [سورة الأعراف: 54] .
 وحدثني موسى بن هارون الهَمْدَاني، قال: حدثنا عمرو بن حماد القَنَّاد، قال: حدثنا أسباط بن نصر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن ناس من صحاب النبي صلى الله عليه وسلم:(مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، هو يوم الحساب
عن قتادة في قوله:(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال: يوم يَدينُ الله العبادَ بأعمالهم.تفسير الطبري - (ج 1 / ص 157)
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ .
قال أبو جعفر: وتأويل قوله(إيَّاكَ نعبُدُ) : لك اللهم نَخشعُ ونَذِلُّ ونستكينُ ، إقرارًا لك يا رَبنا بالرُّبوبية لا لغيرك.
كما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عُمَارة، قال: حدثنا أبو رَوق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس، قال: قال جبريلُ لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد:( إِيَّاكَ نَعْبُدُ )، إياكَ نُوحِّد ونخاف ونرجو يا ربَّنا لا غيرك
تفسير الطبري - (ج 1 / ص 161)
القول في تأويل قوله : { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .
قال أبو جعفر: ومعنى قوله:( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ): وإياك رَبنا نستعين على عبادتنا إيّاك وطاعتنا لك وفي أمورنا كلها -لا أحدًا سواك، إذْ كان من يكفُر بك يَستعين في أمورِه معبودَه الذي يعبُدُه من الأوثان دونَك، ونحن بك نستعين في جميع أمورنا مخلصين لك العبادة( تفسير الطبري - (ج 1 / ص 162)
إنما الداعي ربَّه من المؤمنين أن يعينه على طاعته إياه، داعٍ أن يعينه فيما بقي من عُمره على ما كلّفه من طاعته، دون ما قد تَقضَّى ومَضى من أعماله الصالحة فيما خلا من عمره . وجازت مسألةُ العبد ربَّه ذلك، لأن إعطاء الله عبدَه ذلك -مع تمكينه جوارحَه لأداء ما كلَّفه من طاعته، وافترض عليه من فرائضه، فضلٌ منه جل ثناؤه تفضّل به عليه، ولُطْف منه لَطَف له فيه.الضالين "قال الله تعالى "هذا لعبدي و لعبدي ما سأل"