ما كان سعيهم؟ روى ابن المظفر المكي في كتاب أنباء نجباء الأبناء قصة لطيفة في حب تكرار الطفل للشهادتين، فقال: بلغني أن أبا سليمان داود بن نصير الطائي رحمه الله، لما بلغ خمس سنوات أسلمه أبوه إلى المؤدب، فابتدأ بتلقين القرآن وكان لَقِنا .. فلما تعلم سورة هل أتى على الإنسان وحفظها، رأته أمه يوم الجمعة مقبلا على الحائط مفكرا يشير بيده، فخافت على عقله فنادته: قم يا داود فالعب مع الصبيان، فلم يجبها. فضمته إليها ودعت بالويل فقال: مالك يا أماه أَبِكِ بأس؟ قالت: أين ذهنك؟ قال: مع عباد الله، قالت: أين هم؟ قال: في الجنة، قالت: ما يصنعون؟ قال: {متكئين فيها على الأرائك، لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا} (الإنسان: 13)، ثم مر في السورة وهو شاخص كأنه يتأمل شيئا حتى بلغ قوله: {وكان سعيهم مشكورا} (الإنسان: 22)، ثم قال: يا أماه ما كان سعيهم؟ فلم تدر ما تجيبه! فقال لها: قومي عني حتى أتنزه عندهم ساعة .. فقامت عنه فأرسلت إلى أبيه فأعلمته شأن ولده، فقال له أبوه: يا داود كان سعيهم أن قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، فكان يقولها في أكثر أوقاته.