الأربعاء، أبريل 21، 2010

أوباما والوجوه الثلاثة

هلَّ علينا الأخ أوباما بابتسامته العريضة ووجهه البشوش وحركاته النشطة السريعة في جولاته الانتخابية المكوكية للسعي بفوز رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، مع حديثه عن الإصلاح الخارجي لعلاقات أمريكا بالعرب والمسلمين، ورؤيته المستقبلية نحو تحسين صورة رمزهم تمثال الحرية المزروع وسط نيويورك ، وتفكيكه سجن جوانتانامو الذي أنشأه سلفه بوش خصيصًا لاعتقال المسلمين بحجة الإرهاب.
فاستبشر المسلمون خيرًا بقدومه، خاصة أنه من أصل أفريقي، كينيُّ المولد، من أب مسلم، لدرجة جعلت بعضهم يجدِّدون الأمل في حل مشاكلهم المعقدة مثل: قضية فلسطين، والخروج من العراق ، وإنهاء الحرب في أفغانستان، ولصق الإرهاب بالإسلام، وجعلت بعضهم ينادي بدعوته للإسلام! .
وبعد فوزه المأمول والناتج عن رفع بعض المسلمين أيديهم بالدعاء، أكدَّ الأخ أوباما على خطته نحو تحسين العلاقة مع المسلمين، ووعدهم بالحديث المطوَّل والهادف بعد اختياره بلدًا يقف على منبرها للحديث في القضايا الشائكة لتلك الأمة المنكوبة، فانتظر العرب والمسلمون غير بعيد، وجاء خطابه من قلب الأمة العربية – مصر- غيرَ محدد الأهداف، ولا واضح المعالم، وخاليًا من الرؤية المستقبلية والوسائل العملية التي سينفذها لتحقيق ما وعدهم به، فأصيب المسلمون بالغثيان، فوضعوا أيديهم على بطونهم من شدة ما أصابهم، ولسان حالهم يقول :( المعني في بطن الأخ أوباما )، ولعلنا لم نستوعب خطابه جيدًا! ومع ذلك زاد الطبل والتهليل لقدوم الأخ أوباما بوجهه المشرق المتفائل لعله يأتي بالخير المرجو، وهذا هو الوجه الأول.
لم يفلح المايسترو أوباما في توازن طاولة المفاوضات بين اليهود المغتصبين والفلسطينين الموهومين بحل قضيتهم من خلال عملية السلام وتقديم بعض التنازلات أمام إصرار النتن ياهو الذي رفض الرضوخ - ولو مؤقتًا - لوقف بناء المستوطنات، وبعد المشاورات الجانبية بين المايسترو أوباما وفلذة كبدة الدلوع آثَرَ الصمت السلبي؛ لعل العرب يتناسون ما وُعِدوا به من إيجاد حل نهائي لقضيتهم اليتيمة.
صرح المايسترو أوباما أنه سيوزع كثيرًا من المعتقلين في جوانتانامو على بعض الدول الصديقة مع بقائه المؤقت لصرحه - رمز القبع والاضطهاد- سجن جوانتانامو!( وهذا بخلاف ما وعد به سالفًا).
بيَّنَ المايسترو أوباما أن قضاياه الداخليه تحتاج إلي جهد ووقت نحو الإصلاح والتغيير مثل مشروع الرعاية الصحية وانهيار بعض المؤسسات العريقة مثل جنرال موتورز وغيرها، لذا سيتفرغ مؤقتًا لهذه القضايا الحيوية ويُوكل مهامه تجاه العرب وخاصة قضية فلسطين لنائبه جو بيدن؛ لعله يقنع المغتصبين بتبيض وجهه الذي انطفأت منه الابتسامة، وتوجم بسبب تكتيف يديه من قِبَل اللوب الصهيوني المسيطر على استراتيجيات أمريكا خفية.
فأين الأمل والاستبشار اللذين كانا على وجهك يا مايسترو؟!!
لا ندري.. وهذا هو وجهه الثاني.
وجم ، سلبية ، إحباط ، صمت ، ترقب و... يا قلبي لا تحزن!.
أما الوجه الثالث فسوف تراه أيها العربي المسلم – وهذا ليس ببعيد - عندما يرتدي الإمبراطور أوباما وجه بوش الابن ووجه بوش الأب ووجه كلينتون الزوج بإصدار أوامره الموجبة التنفيذ باعتقال كل من سبق اعتقاله! أو من يتحدث عن إسرائيل الرقيقة الوديعة من قريب أو بعيد، أو من ينادي بفك الحصار عن غزة، أو إيجاد وطن للفلسطينين، أو من تسول له نفسه مساعدة الفلسطينين ولو بالدواء والكساء.
الوجه الثالث سوف تراه وجهًا لرامسفيلد عندما تـُضرب غزة وإيران، أو سوريا ولبنان، أو من يرفع وجهه أمام الإمبراطور الحاكم بأمره لأكبر إمبراطورية على وجه الكرة الأرضية الآن!.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يدعم الإمبراطور أوباما كل الحكام المسيطرين على بلادهم، ويشعرون بالغدر والتربيط من قبل معارضيهم ما داموا يدينون بالولاء والبراء لإمبراطوريته التي لن تقهر !.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يُحْكِم الإمبراطور أوباما قبضته وسيطرته على أفغانستان والعراق، والتي لن يخرج منها أبدًا إلا على جسده.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يُنَغِّسُ الإمبراطور أوباما عيش أردوغان، ويسعي لإطاحته من الحكم جزاءًا لما يفعله ضد الصهاينة الودِعِين المسالمين!.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يستنزف الإمبراطور أوباما ثروات العرب وبترولهم بحجة حمايتهم من الأعداء وعدم لصق التُّهم بهم.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يأمر الإمبراطور أوباما العالم كله بالتصفيق
والتطبيل لكل ما يهمس به.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يتولى أوباما الابن رئاسة أمريكا!.
الوجه الثالث سوف تراه عندما يكون الإمبراطور أوباما عبوس الوجه، حاقد القلب، حاد المزاج، متسلط الرأي.
هذه الوجوه الثلاثة رأيناها في رؤساء أمريكا السابقين وسنراها في اللاحقين ، فسياسية أمريكا ثابتة لم تتغير بتغيير الوجوه، ولن تتغير حتي يلج الجمل في سم الخياط، فهذا ما نعهده من أمريكا ورؤسائها، قوية في عقابها، مماطلة في وعودها، مخذلة لمن ينتظر نصرة الحق منها.