الجمعة، أبريل 16، 2010

فقه الأوليات

تزدحم الأعمال حول أعناقنا حتى تكاد تخنقنا، ونظل نتشكى من كثرتها، وتزايدها، وهيمنتها على نفوسنا، بينما لو أننا التفتنا إليها التفاتة متعقلة، وصنفناها، لوجدنا أن تتوزع بين ضرورات وحاجات وكماليات، ولكننا نتعامل معها كلها بطريقة واحدة، وضمن جدول واحد، فيما هي مختلفة في حقيقتها وأهميتها، وتقدم بعضها على بعض، وهو ما يجعل كثيرا من الناس يراوح في مكانه، بينما هو يبذل جهدا كبيرا، وعملا دؤوبا، ولكنه يبقى ذا نتاج ضحل محدود.
إن التعامل مع الأعمال يجب أن يكون وفق قيمتها، فلكل أعمال تدرج في الأهمية تعود إلى عناصر الزمن، والأثر، والعلاقة بأعمال الآخرين ومصالحهم، فليس صحيحا أن أقدم مصلحتي الشخصية باستمرار، على متعلقات الآخرين، كما أنه ليس صحيحا أن أبقى ضحية لمصالح الآخرين، والتوازن يحكم لعبة التنظيم في إطار زيادة الإنتاج. كما أنه ليس صحيحا أن أقدم ما يكون له أثر محدود، على ما له أثر عام وواسع، وما قد يفوت لو أجل.. مقدم على ما ليس له زمن محدود.
وإن من فقه الأوليات أن أختار الأكثر ملاءمة للوقت الذي أنا فيه، والظرف الذي يحيط بي، فما يمكن أن أقضيه وأنا صحيح، يختلف عما يمكن أن أقضيه وأنا على فراش المرض، وما يمكن إنجازه في المكتب يختلف عما يمكن إنجازه في المنزل أو في حال السفر، أو في الطائرة..
ويمكنني أن أستفيد من مهارة التفويض، فإن كثيرا من الأعمال يمكن تفويضها تفويضا فاعلا وناجحا، يجعل من حياة الآخرين من حولك أكثر حراكا وإنتاجا، ويخفف من عبء تلك الأعمال على كاهلك، ويقدم الإنسانية من حولك خطوات نحو السعادة والاستقرار.