الثلاثاء، مارس 02، 2010

مناظير الجهاز الهضمى


لقد كان للتقدم الطبي والتقني خلال العقدين الماضيين اثر ملموس على مجالات طبية واسعة من بينها مناظير الجهاز الهضمي التي حظيت باهتمام العلماء والمختصين في هذا المجال. وكان الطبيب "داي ماجنو" من "مايو كلينك" بولاية ميني سوتا الأمريكية قد احدث طفرة كبيرة ونقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ علم المناظير عندما نجح بدمج مجس الأشعة الصوتية الى منظار المعدة واجراء اول تجربة عملية ناجحة لاقت رواجا عالميا واسعا ونشرت تلك التجربة في عام 1980م في مجلة "لانست" الطبية. وفي العام نفسه بدأ العلماء وبالذات اليابانيون بتطوير تلك الأجهزة من حيث المرونة ودقة التصوير الى ان وصل بهم المطاف الى تصميم منظار الأشعة الصوتية الخطي "Linear Echoendoscope" والذي يتم من خلاله سحب العينات من الأنسجة والحقن بالإضافة الى وضع دعامات بلاستيكية عند الحاجة اليها.
ومنظار الأشعة الصوتية هو كغيره من المناظير. عبارة عن انبوب مرن وطويل ومزود في نهايته بأضاءة وكاميرا صغيرة بالإضافة الى مجس الأشعة الصوتية. والتحضير لعمل المنظار مشابه تماما لمناظير المعدة والقولون ولكن مدة العملية نفسها قد تكون اطول بعدة دقائق نظرا لكون الطبيب يقوم بفحصين في وقت واحد.
ماهي استخدامات منظار الأشعة الصوتية؟
هناك استخدامات تشخيصية وأخرى علاجية.
أ - الاستخدامات التشخيصية:
نظرا لقدرة الجهاز على تصوير طبقات جدار المريء والمعدة بالإضافة الى الاثنى عشر والمستقيم بدقة متناهية عن طريق الأشعة الصوتية لملامسة المجس لهذه الأعضاء. فتعتبر هذه الطريقة الأكثر دقة في الوقت الراهن لمعرفة مرحلة الورم (في حالة وجود ورم) عن طريق تحديد عمق الورم في الجدار stageT واذا ما كان هناك اي احتمالية لانتشار الورم للعقد اللمفاوية واخذ العينات اذا لزم الأمر لمعرفة مراحل تقدم الورم حيث ان تحديد هذه المراحل مهم جدا لتحديد العلاج المناسب. إضافة إلى قدرة الجهاز على فحص انسجة ما تحت الظهارة وأخذ العينات منها (Subepithelial Tumors) حيث ان البطانة الداخلية لهذه الكتل غالبا ما تكون طبيعية ولا يستطيع المنظار العادي اكتشاف مصدرها.
ومن فوائد هذا الجهاز. قدرته على تصوير البنكرياس (العضو المنتج للأنسولين) والقنوات الصفراوية والأعضاء الأخرى القريبة من المريء والمعدة والاثنى عشر وسحب عينات منها تحت الأشعة الصوتية وبدون اي ألم. ويتميز الجهاز بوجود خاصية (الدوبلر) والتي من خلالها يستطيع الطبيب تجنب الأوعية الدموية عند اخذ العينات او عمل اي اجراء علاجي اخر.
ب - الاستخدامات العلاجية:
وهناك استخدامات علاجية متعددة من ضمنها وضع دعامات بلاستيكية فى جدار المعدة لتفريغ محتويات اكياس البنكرياس وحقن مادة مخدرة مباشرة بمركز الأعصاب في البطن للمرضى الذين يعانون من آلام دائمة بسبب أورام أو التهابات البنكرياس المزمن في حالة عدم استجابتها للأدوية المسكنة. وهناك بعض الدراسات القائمة حاليا للاستفادة من هذه المناظير في استخدامات متعددة ولكن قد تحتاج الى بعض الوقت لإثبات فائدتها علميا.
هل هناك أي مضاعفات من هذا المنظار؟
أي إجراء طبي قد لا يخلو من المضاعفات ولكن المضاعفات الناشئة عن مثل هذه العمليات نادرة جدا خاصة إذا كان الهدف منها تشخيصي وفي الحالات العلاجية لا تتجاوز نسبة المضاعفات (1%) و بأخذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث أية مضاعفات وعلاجها مبكرا اذا دعت الحاجة.
التنظير بالكبسولة: نافذة القناة الهضمية الجديدة
الآن وبواسطة الكبسولة التنظيرية مع الكاميرا ذات الحساسية الفائقة بات بالإمكان تسجيل شريط لكامل بطانة الأمعاء الدقيقة حتى نهايتها وأيضاً للمريء والمعدة والقولون باستخدام الكبسولات الحديثة ذات الكاميرتين. وطول الكبسولة حوالي 26مم وعرضها 11مم ووزنها حوالي 4جرامات، وتقوم بأخذ حولي 50ألف صورة في 8ساعات بمعدل صورتين بالثانية.
تستخدم الكبسولة لتشخيص حالات نزيف الجهاز الهضمي المجهولة السبب، وكذلك فقر الدم المزمن مجهول السبب، وبعض حالات الآلام البطنية غير المفسرة والتي لم يمكن تفسيرها بواسطة كافة الطرق التشخيصية الأخرى، بالإضافة إلى حالات الإسهال المزمن مع الإشتباه بسوء امتصاص أو داء كرون والذي فشل التنظير الهضمي العلوي والسفلي بإظهار سببه.
ولا يجب استخدام هذه الكبسولة عند اشتباه التضيقات على مسير الأمعاء الدقيقة أو في المرضى الذين تم تركيب ناظم القلب الخطي لهم رغم عدم وجود دراسات تؤكد تداخل الكبسولة بعمل الناظم. والجدير بالذكر أنه لا يتعارض استخدام الكبسولة مع أي من الأمراض المزمنة مثل القلب أو الرئة أو غيرها، الحمل، الشبكات القلبية، ولا الصفائح الجراحية المعدنية.
لا يوجد واقعياً أية آثار جانبية تذكر للكبسولة ماعدا انحباسها وعدم طرحها من الجسم خلال 14يوماً. فبالرغم من أن نسبة انحباسها تبلغ صفر% في الأمعاء الطبيعية، ولكنها تبلغ 4% في حالات الاشتباه بالتضيقات وداء كرون.
وطريقة التحضير لإجراء الفحص باستخدام الكبسولة تشبه التحضير لمناظير القولون، ويمكن للمريض خلال نصف ساعة أن يذهب لعمله أو منزله لمدة 8ساعات تتم خلالها عملية التصوير آلياً، يعود بعدها لتسليم جهاز التسجيل وحيث تكون بطارية الكبسولة قد انتهت فعاليتها. ويمكن البدء بالشراب بعد ساعتين، وبالطعام الخفيف بعد 4ساعات. هذا وتخرج الكبسولة تلقائيا مع البراز خلال 1- 2يوماً. ولا تستخدم إلا مرة واحدة. وتتم دراسة التسجيل خلال ساعة إلى ساعتين من مساء التصوير. ويعطى التقرير في صباح اليوم التالي.
وهناك رسالتان مهمتان: الأولى أن تنظير الكبسولة هو متمم للمناظير العلوية والسفلية المعروفة ولا يغني عنها، والثاني أنه إذا بقيت الكبسولة أكثر من أسبوعين فتجب مراجعة الطبيب والتفكير بإزالتها جراحياً.
وتعتبر الكبسولة أكثر تكلفة مقارنة بالمناظير التشخيصية، ولا يمكن توجيهها لالتقاط صور محددة داخل القناة الهضمية، كما أنها غير مجهزة بأدوات جراحية، وبالتالي لا يمكنها أخذ عينات من الأنسجة أو وقف نزيف، كما هو الحال مع المناظير.
والمنظار عبارة عن انبوب طويل رفيع ومرن مزود في طرفه بكاميرا فيديو صغيرة ومصدر إضاءة ويمكن التحكم في توجيه المنظار في أي اتجاه بدقة بواسطة مفاتيح تحكم موجودة على الجهاز ومن ثم تظهر الصورة على شاشة التلفزيون بصورة دقيقة وواضحة.
وهناك عدة أنواع للمناظير منها منظار المعدة والقولون على سبيل المثال. وبواسطة منظار المعدة يمكن رؤية الجزء العلوي من الجهاز الهضمي ابتداء من المرئ ثم المعدة والاثنى عشر. أما منظار القولون فيمكن بواسطته رؤية الامعاء الغليظة وجزء من الامعاء الدقيقة والمستقيم.
تاريخ المنظار:
يرجع تاريخ المنظار إلى سنة 1806م عندما بدأ الطبيب سفيليب بوزينيس بوضع انبوب عن طريق الفم للوصول إلى رؤية أقرب جزء داخل جسم الإنسان كمحاولة أولى لفحص الجسم البشري من الداخل. وبعد ذلك تم اختراع المناظير الصلبة التي لا تنحني وهي عبارة عن أنابيب معدنية صلبة وغير مرنة مزودة بإضاءة. استمرت عدة محاولات من أجل إضافة تحسينات على الأنبوب لكي يكون أكثر مرونة وأقل خطورة في الفحص إلى أن تم اختراع المناظير المرنة.
وواصل العلماء في جهودهم من أجل إضافة تحسينات كبيرة خصوصا من قبل العلماء اليابانيين باختراع الألياف الضوئية التي تسمح للضوء بالمرور عبر ثناياها والوصول من إحدى أطرافها إلى الطرف الآخر، وفي عام 1950م حيث قاموا بأخذ أول صورة عن طريق المنظار وهي صورة للمعدة من الداخل.
فوائد المنظار:
يستخدم المنظار للتشخيص ولمعالجة أمراض ومشكلات الجهاز الهضمي:
1- آلام المعدة والبطن.
2- القيء المستمر.
3- صعوبة البلع.
4- القيء الدموي.
5- علاج دوالي المريء والمعدة.
6- علاج القرح النازفة.
7- توسيع التضيقات في المريء، الاثنى عشر والقولون.
8- استخراج الأجسام الغريبة من المريء أو المعدة.
9- حالات الإسهال المزمن.
كيفية التحضير للفحص:
يقوم الطبيب اولا بأخذ تاريخ المرض ومعرفة السبب الذى استدعى عمل المنظار بالإضافة الى معرفة المشاكل الصحية الأخرى والأدوية التى يستخدمها المريض وعادة تكون الإجراءات كالتالي:
1- الامتناع عن الأطعمة والسوائل لمدة 8ساعات بالنسبة لمنظار المعدة.
2- للتحضير لمنظار القولون: ينصح المريض بشرب سوائل صافية فقط لليوم السابق
لإجراء الفحص مع شرب سائل خاص يساعد على تفريغ الامعاء ظهيرة ومساء اليوم السابق للفحص.
3- عدم تناول الأسبرين لمدة 7أيام من الفحص للتقليل من الإصابة بالنزيف أثناء أخذ العينة.
4- اذا كان المريض يستخدم الانسولين أو الكومادين فانه يتوجب عليه مناقشة ذلك مع الطبيب المعالج قبل الشروع في الفحص.
5- قبل الشروع في الفحص تقوم الممرضة بالتأكد من معلومات المريض ومن ثم وضع ابره مغذية في الوريد لأعطاء الأدوية المهدئة ثم يطلب من المريض غرغرة مادة مخدرة للحلق او استخدام بخاخ في الفم لتخدير البلعوم مما يجعل المريض لايشعر بدخول المنظار الى المرىء.
أثناء المنظار:
1- مراقبة ضغط الدم والنبض والتنفس ومستوى الأكسجين بصورة مستمرة.
2- لكي يكون المريض في حالة استرخاء ونعاس، يعطى أدوية مهدئة بالوريد ولكن يبقى المريض يقظا وقادرا على الاستجابة والتعاون مع الفريق الطبي.
3- يسترخي المريض على الجنب الأيسر مع ثني الورك والركبة.
ما بعد المنظار:
1- يعطى المريض تعليمات تتعلق بتوقيت وأنواع الأطعمة الممكن تناولها.
2- قد يشعر المريض ببعض الأعراض كالشعور بمرارة في الفم والانتفاخ وهي عادة تزول خلال اقل من 24ساعة.
3- ينصح المريض بالاستراحة وعدم الإجهاد أو قيادة السيارة لبقية اليوم إذا أعطي أدوية مهدئة.
4- يعطى المريض موعدا للمراجعة مع الطبيب لمناقشه نتائج المنظار والعينات.
المضاعفات:
يعتبر المنظار فحصاً آمناً نسبياً وحدوث المضاعفات قليلة جدا تصل إلى أقل من 1%. المضاعفات التي هي في واقع الأمر نادرة الحدوث تنحصر على:
1- ثقب في جدار المرىء، المعدة، الاثنى عشرأو القولون مما قد يتطلب التدخل جراحي.
2- نزيف شديد يستدعي نقلا للدم او التدخل الجراحي.
هناك مضاعفات أخرى نادرة الحدوث ايضا يمكن تداركها ومعالجتها كالحساسية الناتجة من الأدوية المهدئة وهبوط في ضغط الدم والتنفس مما قد يتطلب الغاء الفحص والتأكد من سلامة المريض. واغلب هذه المعلومات تعطى للمريض قبل عمل المنظار لكي يتسنى للمريض قراءتها ومناقشة الطبيب في حالة وجود اي استفسارات.
المنظار خطوة نحو الشفاء

وبالرغم من أنها وسيلة تساعد الأطباء للوصول للأعضاء الداخلية لجسم الإنسان دون اللجوء للجراحة فهناك معتقدات خاطئة تجول في أذهان الناس على رأسها الشعور بالألم لذا يتم استخدام مخدر موضعي أو عام للتخفيف منه. وسيتم إعطاء المريض بعد إجراء المنظار تعليمات تتعلق بالأطعمة الممكن تناولها، بالإضافة لبعض النقاط الهامة لاستئناف النشاطات اليومية.
المناظير والتعقيم
المناظير بشكل عام من ألياف ضوئية تقوم بنقل الصور من داخل جسم الإنسان ليحولها إلى صور مرئية ويقوم الطبيب المعالج بالتحكم بحركة المنظار ويتم توجيهه إلى الجهة المطلوبة بمحاور خاصة.
وتتكون مقدمة المنظار من مصدر ضوئي وعدسة تصوير وفتحة خاصة لأخذ العينات أو غسل المناطق الغير الواضحة من المواد المخاطية في الجسم حسب الحاجة.
تنقسم المناظير الباطنية لعدة أقسام حسب الوظيفة التي تؤديها فمنها ما هو لفحص المعدة ومنها ما هو لفحص القولون ومنها أيضا ما يستعمل لمنظار الرئة والقصبات الهوائية وهناك أيضا مناظير القنوات الصفراوية (القناة المرارية وقناة البنكرياس) ويختلف كل منظار عن الآخر حسب الوظيفة التي يؤديها فمنها ما يحتوي على عدسة جانبية مثل منظار القنوات المرارية وأيضا هناك مناظير تحتوي على عدسة أمامية مثل منظار الرئة والمعدة والقولون.
ويعتبر جهاز المنظار من الأجهزة الطبية الغالية الثمن والحساسة جدا حيث يتم التعامل معها بحرص شديد خاصة أنها تستخدم تكرارا وليس لمرة واحدة ولكن بعد التعقيم.
إن من الضروري جدا التأكد من تعقيم المناظير وخلوها من أي ميكروب قد يتسبب في نقل الأمراض عند استخدام المنظار في مريض آخر. لذا تمر عملية التعقيم بمراحل ثلاث لضمان سلامتها واستعدادها للاستخدام، حيث تستغرق هذه العملية ما يقارب الساعة والنصف، وهذه المراحل هي:
1مرحلة غسل المنظار:
حيث يقوم المختص بغسل المنظار بمادة صابونية تعمل على إزالة كل السوائل والمواد المخاطية العالقة والملتصقة بالمنظار سواء من داخل القنوات أو من سطح المنظار، كما تعمل هذه المادة على منع التصاق المواد البروتينية في المنظار. وتستغرق هذه العملية من الزمن ربع ساعة تقريبا.
2مرحلة تعقيم المنظار:
وتتم هذه العملية بوضع المنظار في جهاز التعقيم، ويقوم الجهاز على غسل المنظار بمواد صابونية ومن ثم تعقيمه بمواد حمضية معقمة، حيث أن نسبة التعقيم تصل إلى 100% من حيث القضاء على الميكروبات وبعدها يقوم الفني بغسل الجهاز بالماء لتحضيره للمرحلة التالية.
3مرحلة تنشيف المنظار:
وفي هذه العملية يتم تعريض المنظار لهواء مضغوط من الخارج وأيضا من داخل القنوات عن طريق وصلة خاصة ولا ينقل المنظار إلى غرفة التخزين إلا بعد التأكد من تجفيف المنظار بصورة تامة. ثم يتم وضعه في غرفة خاصة موجبة الضغط وتعليقه بشكل عمودي حتى تتم المحافظة على الألياف الضوئية للمنظار. وللتأكد من فعالية هذه العملية وخلو المناظير من أي ميكروبات يتم اخذ عينات بشكل دوري من المناظير من الداخل ومن الخارج ومن ثم إرسالها إلى المختبر حيث تتم عملية زراعة العينات ثم إبلاغ قسم المناظير بالنتائج.