الأحد، فبراير 21، 2010

أطفال أيتام

ماما! فين بابا؟" "بابا! فين ماما؟" هذا هو أصعب سؤال ممكن أن يوجه إلى أحد الوالدين عند فقدان الآخر. فى الأفلام القديمة كنا نرى أن الأم تقول لطفلها أن والده مسافر، ثم يسمع الطفل بالصدفة بالخبرينزعج الطفل ويجرى.
قد لا يكون هذا هو الحال الآن لكننا لا زلنا نجد بعض الأهالى يخفون عن الطفل حقيقة وفاة أحد والديه. لكن الوفاة تحدث طوال الوقت وعندما يكون المتوفى هو أقرب الناس إلى الطفل كوالده أو والدته، يجب أن نعرف ماذا نقول له.
من بين القصص المؤثرة قصة طفل فقد أباه الذى كان يعشقه وهو فى السادسة من عمره. ومثل الأفلام القديمة، أخبرته أمه أن أباه مسافر لفترة طويلة جداً. استنكر الطفل ذلك لأنه كان قريباً جداً لأبيه، لم يصدق أن أباه يمكن أن يختفى هكذا دون أن يخبره. أول ما خطر بباله أنه قد ارتكب خطئاً فاحشاً أغضب والده منه وجعله يرحل دون أن يخبره.
بدأ الأطفال فى المدرسة يقولون له أنه يتيم، ثم سمع أمه بالصدفة تقول فى التليفون أن ابنها يجهل وفاة أبيه. صُدم الطفل بشدة ولكنه لم يجرؤ على مصارحة أمه بما عرف وظل الطفل كابتاً هذه الصدمة بداخله لمدة 6 سنوات متحملاً وحده آلامه ولم يستطع أن يخبر أمه أنه يعرف الحقيقة.
تقول د. طاهرة هوك: "إن إنكار الموت يعنى ببساطة الهروب من حقيقة من حقائق الحياة. عندما نخفى على الطفل حقيقة وفاة أحد والديه لحمايته، نحن بهذا نحرمه من حقه فى الحزن عليه والتعامل مع هذا الفقدان."
وتضيف د. طاهرة أن الإنسان يجب أن يأخذ بعض الوقت فى التفكير من أجل استيعاب وتقبل الوفاة على أنها حقيقة فى الحياة لا مفر منها قبل أن يواجه بها بالفعل بفقد أحد القريبين إليه.
وتوضح د. طاهرة قائلة: "تحدثى مع أطفالك عن الوفاة قبل أن تحدث حالات وفاة فى الأسرة. من الصعب أن تشرحى لطفلك شئ أنت نفسك لا تفهمينه، والأصعب أن تفعلى ذلك وأنت نفسك مجروحة وحزينة."
الخبر المحزن:
عندما يموت أحد الأبوين، من الأفضل أن يتم إخبار الطفل فى أقرب وقت ممكن وبأبسط طريقة ممكنة.
عندما تخبرين الطفل بالخبر الحزين، ضعى فى اعتبارك عمر الطفل. الأطفال خيالها نشط للغاية، فلا داعى للتطوع بمعلومات أكثر مما يحتمل الموقف. تقول د. طاهرة: "لا ضرر من إعطاء بعض المعلومات التى تتناسب مع أسلوب تفكيرك لكن لا تغرقى الطفل بمعلومات لا تناسب سنه لأن ذلك سوف يؤثر على أسلوب تعامله مع مسألة الوفاة فى المستقبل." يعنى هذا أن تأخذى الوقت الكافى للإجابة على كل تساؤلات الطفل لكن تجنبى اللجوء للإطالة والوصف الذى قد يسبب له الرعب.
تحكى سيدة أنها لازالت تتذكر وصف جدتها للحظة وفاة جدها وعن شكله وهو يموت وتطوعها بشرح ما يحدث للجسم عندما يتحلل. يمكن أن نحدث الطفل الصغير عن الجنة ولكن لا داعى للتحدث معه عن الغيبيات. يكفى أن نقول للطفل أن الشخص الذى يحبه انتقل إلى ربه وهو سعيد ومرتاح.
أفضل شئ للطفل أن نكون بسطاء وصادقين معه.
يقول خالد عاصم عن تجربته بعد وفاة زوجته منى عدنان فى ديسمبر من العام الماضى بعد صراع طويل مع المرض، أنه كان صادقاً وبسيطا مع ابنتيه هيا – 10 سنوات، وملك – 6 سنوات. يقول خالد: "لا مفر من الحقيقة. يمكن أن نبسط الأمور ولكن يجب أن نتمسك بقول الصدق."
أن رؤية الأطفال لتطور مرض أمهما يجعلهم مستعدين للخبر .
الطفل الصغير وحتى الطفل الأكبر سناً ذاكرته قصيرة ولا يحتاج لشرح ما حدث ولكنه قد يحتاج لبعض الكلام الذى يريحه كلما انتبه لعدم وجود أحد والديه. تقول د. طاهرة: "عندما يموت أحد الوالدين، غالباً ما يشعر الطفل الصغير بخوف أو قلق شديد عند ابتعاده عن أبيه أو أمه – أى الطرف الذى لا يزال الطفل يعيش معه." الطفل الذى يفقد أمه كثيراً ما يلتصق بأقرب شخص كبير بمجرد أن يشعر بفقدان أمه.
تقول جدة أنه بعد وفاة ابنتها، بدأ طفلها الذى كان يبلغ من العمر 15 شهراً يبحث عنها فى غرف البيت ويبكى. بعد يوم أو يومين، بدأ الطفل يتبع جدته فى كل مكان ويبكى إذا ابتعدت عن أنظاره ولو للحظة. تتذكر الجدة قائلة: "لم أكن أستطيع حتى دخول الحمام بدونه."
إشراك الطفل:
قد يتعامل الطفل الأكبر سناً الذى دخل المدرسة مع الخبر بشكل مختلف. يجب الانتباه إلى مشاعر الطفل الأكبر سناً خاصةً فى أيام الجنازة والعزاء. كثير من الأسر تفضل إبعاد الطفل تماماً عن كل التجربة سواء الجنازة أو العزاء.
لكن تقول د. طاهرة أنه لا يجب استبعاد الطفل بل تنصح قائلة: "يجب أن يسمح للطفل بالمشاركة إذا أراد ذلك لكن يجب أن نُعَرّفه ما الذى سيحدث فى أيام العزاء لكى نقلل توتره. اشرحى له أن الناس سيكونون حزينين وسيبكون أو قد يعبرون عن حزنهم بطرق أخرى عندما يتذكرون المتوفى."
لكن تنبه د. طاهرة إلى أن بعض الأطفال قد يجدون هذه التجربة مخيفة. فبالنسبة لبعض الأطفال، قد يسبب لهم اشتراكهم فى مراسم الجنازة والعزاء خوفاً شديداً، ويرجع تقرير هذا الأمر إلى الأب أو الأم أو من يتولى رعاية الطفل فيما إذا كان الطفل يتحمل الموقف أم لا.