نسمع هذه الأيام كثيراً عن تقنية النانو. فما هو المقصود بذلك وهل هناك تطبيقات طبية لهذه التقنية؟
النانو متر هو جزء من المليون من المليمتر (جزء من المليار من المتر) ويمكن تجاوزاً تسميتها تقنية الجزئيات متناهية الصغر وسندرك صغر حجم النانو إذا عرفنا أن سمك شعرة من جسم الإنسان يساوي خمسين ألف نانو متر!
وتقنية النانو هي تطبيق علمي حديث يتولى تجميع المكونات الأساسية للأشياء لإنتاج هذه الأشياء بنفس الصورة السابقة أو بصورة مختلفة. وما دامت كل المواد مكونة من ذرات متراصة حسب ترتيب محدد فإننا نظرياً نستطيع أخذ أي ذرة ورصها إلى جانب ذرات أخرى بطريقة مختلفة عما هي عليه أصلاً لنحصل على مادة مختلفة تماما». وبذلك نستطيع (ولو نظرياً) صنع كل شيء ومن أي شيء تقريباً.
وللنانو استخدامات عديدة في الصناعة لكن هناك أيضا استخدامات واعدة في المجال الطبي. وقد توجهت دول عديدة إلى دعم النانو بقوة فمثلاً دعمت الولايات المتحدة النانو بخطط خمسية بدأت عام 2005م، كما أنها تصرف سنويا مايقارب 4 بلايين دولار على أبحاث النانو، ومن جهة أخرى يوجد مايقارب 130 مشروعا دوائيا مهتما بتقنية النانو وفقا لاحصائية صدرت عام 2006م. وأما عن استخداماته بشكل عام في المجال الطبي فتشمل: الصناعات الدوائية والتصوير الطبي التشخيصي وعلاج أو إصلاح الأضرار الخلوية وبعض التطبيقات الجلدية.
ولكون جزئيات النانو متناهية الصغر فيمكن إيصال الدواء ليس للأنسجة المريضة فحسب بل للخلايا المصابة وبدقة كبيرة، أي أن اختراق الدواء يتحسن بصورة كبيرة، كما أنها تفيد في التقليل من الأعراض الجانبية للدواء لأنها تتعامل مباشرة مع الخلايا المريضة فقط وبذلك تقل الأعراض الجانبية والتي قد تحصل من وصول الدواء إلى أجزاء أخرى لم يكن علاجها مقصوداً. وتستخدم كذلك جزئيات النانو في صبغات الأشعة الطبية بحيث تصل للأماكن المطلوب تشخيصها بدقة وترتبط بها مما يجعل أمر التصوير التشخيصي أكثر وضوحاً.
وقد تستخدم كذلك في علاج السرطان حيث تصل جزئيات النانو إلى الخلايا السرطانية وتتمركز فيها ومن ثم يتم تسخينها عن طريق موجات تردد معينة Radiofrequency مما يؤدي إلى قتل خلايا السرطان دون الإضرار بالخلايا الطبيعية المجاورة. وإذا أثبتت هذه التقنية فاعليتها وامانها فقد تغني في المستقبل عن العلاج الكيماوي أو الإشعاعي والتي لها أعراض جانبية كثيرة.
كما قد تستخدم تقنية النانو في تشخيص بعض الأمراض الميكروبية بحيث تلتصق جزئيات النانو بأجسام مضادة تذهب لتلتحم بالميكروبات داخل الجسم وبعد ذلك يمكن التقاط إشارات من جزئيات النانو لتشخيص الإصابة بهذا الميكروب أو ذاك.
كما يمكن أن تستخدم في عمل لحام الأوعية الدموية بعد قطعها بدون الحاجة للخياطة الجراحية المعتادة. وتستخدم تقنية النانو فعلياً في الواقيات الشمسية مثل التيتانيوم دايو كسايد والذي يعتبر من أنجح الواقيات الشمسية لكن مشكلته تكوين طبقة بيضاء ظاهرة على الجلد مما يجعل الكثيرين يحجمون عن استخدامه لكن مع النانو أصبح لا يظهر له لون (أي أصبح شفافاً) بسبب الصغر المتناهي لحجم الجزئيات مع احتفاظه بالفاعلية العالية.
كما أن هناك تطبيقات محتملة للنانو في هندسة الأنسجة وذلك لتحفيز تكاثر أو إصلاح بعض الأنسجة المريضة والتي قد تغني في المستقبل عن زراعة بعض الأعضاء.
والخيال العلمي للباحثين في مجال طب النانو لا يقف عند حدَ فهم يتشوقون إلى اليوم الذي يمكن فيه معالجة الجلطات الدموية عن طريق جهاز نانو صغير (روبوت) يتم حقنه عن طريق الأوعية الدموية فيذهب ويقوم بفك انسداد الجلطة دون الحاجة لعملية جراحية!
الخلايا الجذعية (Stem Cells)هي خلايا موجودة في جميع الكائنات الحية متعددة الخلايا (Multi-cellular organisms)، لها القابلية في تجديد نفسها عن طريق الانشطار الخلوي الفتيلي (Mitotic cell division)، كما يمكنها التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا والأنسجة المتخصصة، وهي تعتبر الخلايا الأولية في مراحل التطور الجيني المبكر.
يوجد نوعان رئيسيان من الخلايا الجذعية، وهما الخلايا الجذعية الجنينية (Embryogenic stem cells)، موجودة هذه الخلايا في كتلة خلايا التخلق الأولية للأجنة المعروفة بالخلايا البرعمية أو (Embryoblast, Blastocytes)، والنوع الثاني هي الخلايا الجذعية البالغة(Adult stem cells) وهي خلايا موجودة في الأنسجة البالغة والمتخلقة.
الخلايا الجذعية الجنينية (Embryogenic stem cells) هي التي يمكنها التطور إلى خلايا متخصصة ومن ثم إلى أنسجة متخصصة مختلفة (Pluripotent stem cell).
أما الخلايا الجذعية البالغة (Adult stem cells) بالإضافة إلى نوع آخر من الخلايا أكثر تخصصا وتمايزا نحو أنسجة معينة تسمى الخلايا السلفية أو (Progenitor cells)، فهما تستخدمان من قبل الكائن الحي في عملية إصلاح الخلايا المصابة أو التالفة، كما أن لهما أهمية كبيرة في المحافظة على الوظائف الحيوية للأنسجة المتجددة مثل النسيج الدموي والجهاز الهضمي والجلد.
ازدهرت أبحاث الخلايا الجذعية، بعد تجربة العالمين الكنديين (Ernest A McCulloch and James E Till) وذلك في عام 1960عندما قام العالمان بحقن فئران معالجة إشعاعيا بخلايا النخاع الشوكي مما أدى إلى ظهور عقيدات في طحال الفئران، كانت هذه العقيدات مكونة من خلايا سموها مستعمرات الطحال (Spleen colonies) واعتقدوا أنها خلايا جذعية لقدرة هذه الخلايا على تجديد نفسها.
وفي عام 1998 تم عزل أول خلية جذعية جنينية(Embryogenic stem cells) مخبرياً، مما أدى إلى تفاؤل العلماء والمرضى على حد سواء في إمكانية التوصل إلى علاج لأمراض قد تكون مستعصية واستبدال الأنسجة التالفة بأخرى صحيحة، وكانت الخلايا الجذعية المعزولة متعددة القدرات (Pluripotent) أي تستطيع التمايز لأي نوع من الأنسجة، لكن ظهرت على السطح معضلة أخلاقية وشرعية كبيرة، فإذا أردنا عزل هذا النوع من الخلايا سيؤدي ذلك إلى موت الأجنة البشرية المستخرجة منها هذه الخلايا، لذلك قام بروفسور (Yamanaka) من جامعة كويوتو في اليابان بمحاولة تجاوز هذا الجانب الأخلاقي، “فإذا كان بالإمكان المساعدة في إنتاج خلايا جذعية متعددة القدرات (Pluripotent) دون استخدام أجنة بشرية سيكون ذلك مثاليا” (Yamanaka).
وفي عام 2006 نجح في استخدام فيروس كوسيلة نقل لإدخال أربع جينات في خلية لجلد فأر، مما أدى إلى بدء تحول هذه الخلية إلى خلية بدائية يمكنها التمايز إلى أي نوع من أنواع خلايا الجسم سميت الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem)، وبعد عام من هذا الانجاز قام باستخدام خلايا جلد الإنسان، ثم ظهرت على السطح معضلة أخرى وهي أن الفيروس نظريا قد يؤدي إلى انتشاره ومضاعفته لنفسه أثناء الانشطار الخلوي وبالتالي انتشار الأمراض، كما أن الجين المستخدم في الفيروس قد يندمج في المورث أو الحمض النووي للخلية أو البنية التركيبية للخلية بشكل دائم مما قد يؤدي إلى ظهور أورام سرطانية مختلفة أو قد يؤدي هذا الاندماج إلى تعطيل عمل بعض المورثات الجينية في الخلية، فكان لابد من ابتكار طريقة للتخلص من الناقل الفيروسي، وهذا ما فعلة بروفسور (Yamanaka) حين استخدم البلازميد (Plasmid) كناقل، والبلازميد هو عبارة عن حمض نووي DNA خارج منظومة الكروموسومات يمكنه الانسحاب تلقائيا ومضاعفة نفسه دون الحاجة للحمض النووي للكروموسومات الصبغية، كما يمكنه الاندماج ثم الانسحاب تلقائيا أثناء عملية الانقسام، ويوجد بشكل كبير في البكتيريا أو الكائنات الحية الايوكاريوتية (Eukaryotic organisms).
لكن هذه الطريقة تتطلب إدخالاً متكرراً لبلازميد يحمل مورثاً واحداً في كل مرة، فكانت عملية مرهقة جدا ولم تنجح إلا في خلايا الفئران، أما الآن وفي خطوة مسبوقة قام العالم الأمريكي (J. Thomson) وزملاؤه باستخدام بلازميد من فيروس (EBV)، وإدخال سبعة مورثات جينية مُبرمِجة بالإضافة إلى مورث جيني آخر ضد التسرطن (SV40 large –T gene) دفعة واحدة في خلايا الارومات الليفية (Fibroblast)، كانت قد أخذت من جلد القلفة لطفل آدمي حديث الولادة، أدى ذلك إلى ظهور خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem) أمكنها الانقسام المتكرر وفقدانها تدريجيا للبلازميد الناقل فقط، دون فقدان المورثات المدخلة، أي تجاور معضلة الاندماج والتسرطن، كما أبقت على خاصية تعدد القدرات (Pluripotency)، وأمكنها العيش والانشطار في المختبر لأكثر من 6 أشهر، وتعتبر هذه الطريقة أكثر سهولة بالمقارنة مع أخذ خلايا جذعية جنينية، فأي مختبر لديه معدات أولية يمكنه القيام بها، كما أنها تعطي فرصة مراقبة هذه الخلايا المستحثة مخبرياً، والآن توجد طرق أخرى لإدخال المورثات الجينية للخلايا مثل استخدام الترانسبوزون أو ما يعرف ب (Transposon-mediated delivery system)، ويعتقد العلماء أن مزيدا من الطرق قد تبتكر قريبا وقد يستخدم عدد اقل من الجينات لإنشاء خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem)، وإذا تبين أن هذه الخلايا المستحثة مطابقة تماما للخلايا الجذعية الجنينية، فسوف تكون هذه هي نقطة البداية لاكتشافات كبيرة في القريب العاجل، ويكون العلم قد تفادى الحواجز الأخلاقية والدينية، وحتى الآن النتائج في هذا الصدد تعتبر مبشرة جداً، فقد تمكن علماء أمريكيون من اكتشاف طريقة لمكافحة الأنيميا المنجلية (Sickle cell anaemia) بواسطة استخدام هذه الخلايا المستحثة من خلايا الارومات الليفية (Fibroblast) من جلد الإنسان.
تقنية النانو
والآن مع التقدم في تقنية النانو وهي- تقنية التحكم التام والدقيق بجزيئات بحجم النانوميتر لإنتاج مواد معينة من خلال التحكم في تفاعل الجزيئات الداخلة في التفاعل وتوجيه هذه الجزيئات ووضع الذرات أثناء التفاعل في مكانها الصحيح أو المناسب-، فان بعض العلماء يعتقدون أن الدمج ومزاوجة علم تقنية النانو مع أبحاث الخلايا الجذعيه، سوف يساعد العلماء وبشكل كبير في فهم كيفية توجيه الخلايا الجذعيه والتحكم في مصيرها لصنع أنسجة بشرية مما قد يؤدي إلى اكتشاف طرق للتشخيص والوقاية ولعلاج أمراض البشرية ككل، وبالفعل كانت هناك محاولات عديدة في هذا المجال، ومثال ذلك ما قام به علماء في جامعة (Northwestern) الأمريكية، حين قاموا بدمج مركبين عن طريق تقنية النانو (amphiphiles+hyaluronic acid) مما أدى إلى صنع مركب (Biopolymer)، موجود أصلا في مفاصل وغضاريف الإنسان، وكان هذا المركب على شكل تكيس يمكنه تجميع نفسه على شكل غشاء إذا حقن في مفصل الإنسان، بعد ذلك تم حقن الخلايا الجذعيه داخل هذا التكيس الذي استخدم كناقل للخلايا الجذعية أدخلت الخلايا الجذعية بواسطته إلى مفاصل مصابة لأحد المرضى وكانت النتائج مبشرة.
النانو متر هو جزء من المليون من المليمتر (جزء من المليار من المتر) ويمكن تجاوزاً تسميتها تقنية الجزئيات متناهية الصغر وسندرك صغر حجم النانو إذا عرفنا أن سمك شعرة من جسم الإنسان يساوي خمسين ألف نانو متر!
وتقنية النانو هي تطبيق علمي حديث يتولى تجميع المكونات الأساسية للأشياء لإنتاج هذه الأشياء بنفس الصورة السابقة أو بصورة مختلفة. وما دامت كل المواد مكونة من ذرات متراصة حسب ترتيب محدد فإننا نظرياً نستطيع أخذ أي ذرة ورصها إلى جانب ذرات أخرى بطريقة مختلفة عما هي عليه أصلاً لنحصل على مادة مختلفة تماما». وبذلك نستطيع (ولو نظرياً) صنع كل شيء ومن أي شيء تقريباً.
وللنانو استخدامات عديدة في الصناعة لكن هناك أيضا استخدامات واعدة في المجال الطبي. وقد توجهت دول عديدة إلى دعم النانو بقوة فمثلاً دعمت الولايات المتحدة النانو بخطط خمسية بدأت عام 2005م، كما أنها تصرف سنويا مايقارب 4 بلايين دولار على أبحاث النانو، ومن جهة أخرى يوجد مايقارب 130 مشروعا دوائيا مهتما بتقنية النانو وفقا لاحصائية صدرت عام 2006م. وأما عن استخداماته بشكل عام في المجال الطبي فتشمل: الصناعات الدوائية والتصوير الطبي التشخيصي وعلاج أو إصلاح الأضرار الخلوية وبعض التطبيقات الجلدية.
ولكون جزئيات النانو متناهية الصغر فيمكن إيصال الدواء ليس للأنسجة المريضة فحسب بل للخلايا المصابة وبدقة كبيرة، أي أن اختراق الدواء يتحسن بصورة كبيرة، كما أنها تفيد في التقليل من الأعراض الجانبية للدواء لأنها تتعامل مباشرة مع الخلايا المريضة فقط وبذلك تقل الأعراض الجانبية والتي قد تحصل من وصول الدواء إلى أجزاء أخرى لم يكن علاجها مقصوداً. وتستخدم كذلك جزئيات النانو في صبغات الأشعة الطبية بحيث تصل للأماكن المطلوب تشخيصها بدقة وترتبط بها مما يجعل أمر التصوير التشخيصي أكثر وضوحاً.
وقد تستخدم كذلك في علاج السرطان حيث تصل جزئيات النانو إلى الخلايا السرطانية وتتمركز فيها ومن ثم يتم تسخينها عن طريق موجات تردد معينة Radiofrequency مما يؤدي إلى قتل خلايا السرطان دون الإضرار بالخلايا الطبيعية المجاورة. وإذا أثبتت هذه التقنية فاعليتها وامانها فقد تغني في المستقبل عن العلاج الكيماوي أو الإشعاعي والتي لها أعراض جانبية كثيرة.
كما قد تستخدم تقنية النانو في تشخيص بعض الأمراض الميكروبية بحيث تلتصق جزئيات النانو بأجسام مضادة تذهب لتلتحم بالميكروبات داخل الجسم وبعد ذلك يمكن التقاط إشارات من جزئيات النانو لتشخيص الإصابة بهذا الميكروب أو ذاك.
كما يمكن أن تستخدم في عمل لحام الأوعية الدموية بعد قطعها بدون الحاجة للخياطة الجراحية المعتادة. وتستخدم تقنية النانو فعلياً في الواقيات الشمسية مثل التيتانيوم دايو كسايد والذي يعتبر من أنجح الواقيات الشمسية لكن مشكلته تكوين طبقة بيضاء ظاهرة على الجلد مما يجعل الكثيرين يحجمون عن استخدامه لكن مع النانو أصبح لا يظهر له لون (أي أصبح شفافاً) بسبب الصغر المتناهي لحجم الجزئيات مع احتفاظه بالفاعلية العالية.
كما أن هناك تطبيقات محتملة للنانو في هندسة الأنسجة وذلك لتحفيز تكاثر أو إصلاح بعض الأنسجة المريضة والتي قد تغني في المستقبل عن زراعة بعض الأعضاء.
والخيال العلمي للباحثين في مجال طب النانو لا يقف عند حدَ فهم يتشوقون إلى اليوم الذي يمكن فيه معالجة الجلطات الدموية عن طريق جهاز نانو صغير (روبوت) يتم حقنه عن طريق الأوعية الدموية فيذهب ويقوم بفك انسداد الجلطة دون الحاجة لعملية جراحية!
الخلايا الجذعية (Stem Cells)هي خلايا موجودة في جميع الكائنات الحية متعددة الخلايا (Multi-cellular organisms)، لها القابلية في تجديد نفسها عن طريق الانشطار الخلوي الفتيلي (Mitotic cell division)، كما يمكنها التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا والأنسجة المتخصصة، وهي تعتبر الخلايا الأولية في مراحل التطور الجيني المبكر.
يوجد نوعان رئيسيان من الخلايا الجذعية، وهما الخلايا الجذعية الجنينية (Embryogenic stem cells)، موجودة هذه الخلايا في كتلة خلايا التخلق الأولية للأجنة المعروفة بالخلايا البرعمية أو (Embryoblast, Blastocytes)، والنوع الثاني هي الخلايا الجذعية البالغة(Adult stem cells) وهي خلايا موجودة في الأنسجة البالغة والمتخلقة.
الخلايا الجذعية الجنينية (Embryogenic stem cells) هي التي يمكنها التطور إلى خلايا متخصصة ومن ثم إلى أنسجة متخصصة مختلفة (Pluripotent stem cell).
أما الخلايا الجذعية البالغة (Adult stem cells) بالإضافة إلى نوع آخر من الخلايا أكثر تخصصا وتمايزا نحو أنسجة معينة تسمى الخلايا السلفية أو (Progenitor cells)، فهما تستخدمان من قبل الكائن الحي في عملية إصلاح الخلايا المصابة أو التالفة، كما أن لهما أهمية كبيرة في المحافظة على الوظائف الحيوية للأنسجة المتجددة مثل النسيج الدموي والجهاز الهضمي والجلد.
ازدهرت أبحاث الخلايا الجذعية، بعد تجربة العالمين الكنديين (Ernest A McCulloch and James E Till) وذلك في عام 1960عندما قام العالمان بحقن فئران معالجة إشعاعيا بخلايا النخاع الشوكي مما أدى إلى ظهور عقيدات في طحال الفئران، كانت هذه العقيدات مكونة من خلايا سموها مستعمرات الطحال (Spleen colonies) واعتقدوا أنها خلايا جذعية لقدرة هذه الخلايا على تجديد نفسها.
وفي عام 1998 تم عزل أول خلية جذعية جنينية(Embryogenic stem cells) مخبرياً، مما أدى إلى تفاؤل العلماء والمرضى على حد سواء في إمكانية التوصل إلى علاج لأمراض قد تكون مستعصية واستبدال الأنسجة التالفة بأخرى صحيحة، وكانت الخلايا الجذعية المعزولة متعددة القدرات (Pluripotent) أي تستطيع التمايز لأي نوع من الأنسجة، لكن ظهرت على السطح معضلة أخلاقية وشرعية كبيرة، فإذا أردنا عزل هذا النوع من الخلايا سيؤدي ذلك إلى موت الأجنة البشرية المستخرجة منها هذه الخلايا، لذلك قام بروفسور (Yamanaka) من جامعة كويوتو في اليابان بمحاولة تجاوز هذا الجانب الأخلاقي، “فإذا كان بالإمكان المساعدة في إنتاج خلايا جذعية متعددة القدرات (Pluripotent) دون استخدام أجنة بشرية سيكون ذلك مثاليا” (Yamanaka).
وفي عام 2006 نجح في استخدام فيروس كوسيلة نقل لإدخال أربع جينات في خلية لجلد فأر، مما أدى إلى بدء تحول هذه الخلية إلى خلية بدائية يمكنها التمايز إلى أي نوع من أنواع خلايا الجسم سميت الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem)، وبعد عام من هذا الانجاز قام باستخدام خلايا جلد الإنسان، ثم ظهرت على السطح معضلة أخرى وهي أن الفيروس نظريا قد يؤدي إلى انتشاره ومضاعفته لنفسه أثناء الانشطار الخلوي وبالتالي انتشار الأمراض، كما أن الجين المستخدم في الفيروس قد يندمج في المورث أو الحمض النووي للخلية أو البنية التركيبية للخلية بشكل دائم مما قد يؤدي إلى ظهور أورام سرطانية مختلفة أو قد يؤدي هذا الاندماج إلى تعطيل عمل بعض المورثات الجينية في الخلية، فكان لابد من ابتكار طريقة للتخلص من الناقل الفيروسي، وهذا ما فعلة بروفسور (Yamanaka) حين استخدم البلازميد (Plasmid) كناقل، والبلازميد هو عبارة عن حمض نووي DNA خارج منظومة الكروموسومات يمكنه الانسحاب تلقائيا ومضاعفة نفسه دون الحاجة للحمض النووي للكروموسومات الصبغية، كما يمكنه الاندماج ثم الانسحاب تلقائيا أثناء عملية الانقسام، ويوجد بشكل كبير في البكتيريا أو الكائنات الحية الايوكاريوتية (Eukaryotic organisms).
لكن هذه الطريقة تتطلب إدخالاً متكرراً لبلازميد يحمل مورثاً واحداً في كل مرة، فكانت عملية مرهقة جدا ولم تنجح إلا في خلايا الفئران، أما الآن وفي خطوة مسبوقة قام العالم الأمريكي (J. Thomson) وزملاؤه باستخدام بلازميد من فيروس (EBV)، وإدخال سبعة مورثات جينية مُبرمِجة بالإضافة إلى مورث جيني آخر ضد التسرطن (SV40 large –T gene) دفعة واحدة في خلايا الارومات الليفية (Fibroblast)، كانت قد أخذت من جلد القلفة لطفل آدمي حديث الولادة، أدى ذلك إلى ظهور خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem) أمكنها الانقسام المتكرر وفقدانها تدريجيا للبلازميد الناقل فقط، دون فقدان المورثات المدخلة، أي تجاور معضلة الاندماج والتسرطن، كما أبقت على خاصية تعدد القدرات (Pluripotency)، وأمكنها العيش والانشطار في المختبر لأكثر من 6 أشهر، وتعتبر هذه الطريقة أكثر سهولة بالمقارنة مع أخذ خلايا جذعية جنينية، فأي مختبر لديه معدات أولية يمكنه القيام بها، كما أنها تعطي فرصة مراقبة هذه الخلايا المستحثة مخبرياً، والآن توجد طرق أخرى لإدخال المورثات الجينية للخلايا مثل استخدام الترانسبوزون أو ما يعرف ب (Transposon-mediated delivery system)، ويعتقد العلماء أن مزيدا من الطرق قد تبتكر قريبا وقد يستخدم عدد اقل من الجينات لإنشاء خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem)، وإذا تبين أن هذه الخلايا المستحثة مطابقة تماما للخلايا الجذعية الجنينية، فسوف تكون هذه هي نقطة البداية لاكتشافات كبيرة في القريب العاجل، ويكون العلم قد تفادى الحواجز الأخلاقية والدينية، وحتى الآن النتائج في هذا الصدد تعتبر مبشرة جداً، فقد تمكن علماء أمريكيون من اكتشاف طريقة لمكافحة الأنيميا المنجلية (Sickle cell anaemia) بواسطة استخدام هذه الخلايا المستحثة من خلايا الارومات الليفية (Fibroblast) من جلد الإنسان.
تقنية النانو
والآن مع التقدم في تقنية النانو وهي- تقنية التحكم التام والدقيق بجزيئات بحجم النانوميتر لإنتاج مواد معينة من خلال التحكم في تفاعل الجزيئات الداخلة في التفاعل وتوجيه هذه الجزيئات ووضع الذرات أثناء التفاعل في مكانها الصحيح أو المناسب-، فان بعض العلماء يعتقدون أن الدمج ومزاوجة علم تقنية النانو مع أبحاث الخلايا الجذعيه، سوف يساعد العلماء وبشكل كبير في فهم كيفية توجيه الخلايا الجذعيه والتحكم في مصيرها لصنع أنسجة بشرية مما قد يؤدي إلى اكتشاف طرق للتشخيص والوقاية ولعلاج أمراض البشرية ككل، وبالفعل كانت هناك محاولات عديدة في هذا المجال، ومثال ذلك ما قام به علماء في جامعة (Northwestern) الأمريكية، حين قاموا بدمج مركبين عن طريق تقنية النانو (amphiphiles+hyaluronic acid) مما أدى إلى صنع مركب (Biopolymer)، موجود أصلا في مفاصل وغضاريف الإنسان، وكان هذا المركب على شكل تكيس يمكنه تجميع نفسه على شكل غشاء إذا حقن في مفصل الإنسان، بعد ذلك تم حقن الخلايا الجذعيه داخل هذا التكيس الذي استخدم كناقل للخلايا الجذعية أدخلت الخلايا الجذعية بواسطته إلى مفاصل مصابة لأحد المرضى وكانت النتائج مبشرة.