الاثنين، فبراير 22، 2010

تربية الطفل على الأخلاق الحميده

يمكننا أن نتحدث عن الأخلاق حديثا فلسفيا وتربويا يطول، ويمكننا أن نتفق في تعريفنا للمبادئ الأخلاقية ونختلف حول مدى التزامنا الشخصي بها، خاصة وأننا أدرى الناس بأنفسنا وأننا نعرف أننا نخطئ في التقدير والتقييم والتهيئة والتفسير لأفعالنا، ونذكر أننا ندمنا كثيرا وتعلمنا كثيرا من أخطائنا.
وكلمة خطأ مخيفة لذلك قد لا نحب أن نستخدمها خاصة في سياق الحديث عن الأخلاق بل نفضل أن نستخدم عبارات ضخمة مثل "أخلاقنا لا تسمح لنا" وما شابهها. مع أن أخطاءنا الأخلاقية قد نرتكبها كل يوم بدون أن ننتبه، كأن نتجاهل سائلا يطرق بابنا ، أو نحاول أن نختفي من شخص نعتقد أنه ثقيل الدم أو نخفي شيئا من الحقيقة أي نكذب كذبة ونبرر لأنفسنا بأنها كذبة بيضاء أو بمبي فاتح أو حتى "نزوغ" أي نهرب من الدوام وندعي المرض لنحظى بنومة الظهر. كل هذه التصرفات تحكمها أخلاقنا ومدى التزامنا بمبادئنا الأخلاقية.
طبعا الأخلاق مفهوم واسع يشمل أمورا كثيرة تتجاوز هذه التصرفات اليومية البسيطة، لذلك نحن نعرف ألفاظا وتشبيهات كثيرة مثل" أفعال تخدش الحياء" أو "تصرفات غير أخلاقية" ونصنفها كبشر حسب معايير خاصة، في بعض الأحيان قد تكون هذه المعايير اجتماعية وبالتالي يظهر هنا مفهوم "عيب/ العيب" وقد تكون هذه المعايير دينية عقائدية وهنا تختفي لفظة "عيب" وتظهر ألفاظ أخرى أكثر وقعا لدى المتلقي مثل لفظة "حرام". التعامل البشري مع العيب والحرام يختلف. فأي مفهوم يدخل تحت لفظ مرفوض اجتماعيا أو "عيب" يجعل البعض حين لا يقتنعون به يحاولون الالتفاف حوله، فمن السهل ارتداء أقنعة اجتماعية نختفي خلفها، ومن السهل أن نجلس ونتحدث عن العيب والمرفوض ونحن نملك أخلاقا مطاطية متلونة قد تمارس المرفوض وتسوق له في الخفاء، ويصبح في هذه الحالة "العيب" مسموحا مادام الآخرون لا يعرفون، فالعلاقة بالآخرين علاقة عادية وبالتالي يحق للشخص خداعهم، الكذب عليهم، سرقتهم وربما الاعتداء عليهم مادام قادرا على ذلك ومادام لا أحد يدري أقصد كما يقول الاخوة في مصر "محدش قفشه". فالأخلاق في هذه الحالة تصبح مطاطية والالتزام بها يصبح عبئا، الأخلاق تصبح ثوبا يخلعه الشخص حين يصبح خارج حدود الرقابة الاجتماعية ، الأخلاق تصبح قيدا يبحث عن طريقة لتحطيمه وليست علامة إنسانية راقية تحكم أفعاله. وهنا تنشأ كثير من المشاكل والمعضلات والتناقضات، فهل الرقابة الاجتماعية تحتم عليك أن تتخذ سلوكا أخلاقيا معينا حتى تتجنب الرفض الاجتماعي أو المساءلة الاجتماعية، هل هي عبء أم مسؤولية؟.
هنا تنشأ أخلاق الخفاء وأخلاق العلن، ومعايير أخلاقية للذكور تتيح لهم بعض مساحات الحركة ليمارسوا ذكوريتهم ومعايير أخلاقية للإناث التي تجعل المرأة وحدها فقط حاملة للعبء الأخلاقي أقصد المسؤولية الأخلاقية.
ويمكنك أن تجد دلائل ذلك كثيرة في مجتمعات مختلفة وفي أزمان مختلفة فالأمثال المترددة مثل" الرجال ما يعيبه إلا جيبه" توحي أن الالتزام الأخلاقي للرجل غير مطلوب مقارنة بالوفرة المادية، أو حين تشتكي إحداهن من تصرف ذكوري مهين كالمعاكسة مثلا يصبح التفسير الوحيد بأن هذه المرأة هي حتما طرف إيجابي خدع الذكر وأعطاه إشارة قبول.
د والشكاوى من التصرفات للبعض ذكورا وإناثا خارج حدود مجتمعهم وحين تختفي الرقابة تدل على المعايير المزدوجة التي قد يعيشها هؤلاء. وبدلا من أن يكون الضمير هو الرقيب يصبح هو الذي يبحث عن وسائل للخداع والبحث عن طرق خفية لكسر حاجز"العيب".
حين يكون الالتزام الأخلاقي نابعا من معايير دينية سيختلف التعامل البشري معها، لأن كلمة "عيب" لا تؤثر بقدر التأثير الذي تحمله كلمة "حرام" وغيرها من الألفاظ التي تذكرك بالتزامك أمام خالقك ، تذكرك بأنك رقيب نفسك وبأنك مُساءل أمام هذا الخالق على مسؤولياتك الأخلاقية وأنك ستثاب أو تعاقب على أفعالك.
حين تتحول المسؤولية إلى عبء أخلاقي يسعى الشخص للالتفاف حوله قد يضيع البعض ويضيق البعض الآخر للأسف