الثلاثاء، يونيو 02، 2009

الصباغ الدموى

الصباغ الدموي (HEMOCHROMATOSIS ) هو عبارة عن شذوذ جيني يدفع الأمعاء إلى امتصاص كمية مفرطة من الحديد، وهو ما يدعى غالباً فرط امتصاص الحديد. أما فائض الحديد فيدخل مجرى الدم ويتكدس في بعض الأعضاء، خاصة الكبد. وعند إهمال الحالة، يؤدي المرض إلى تلف عضوي كما يسبب السكري واسمرار البشرة (وهو ما يدعى أحياناً «السكري الأسمر»). ولكن لحسن الحظ من السهل علاج الصباغ الدموي بعكس التهاب الكبد وفي حال اكتشاف المرض باكراً، يمكن عموماً تفادي الإصابة بتلف دائم.
وفي حالات نادرة ينشأ فرط امتصاص الحديد عن الخضوع المتكرر لعمليات نقل دم أو عن فرط استهلاك الحديد في الأطعمة. غير أن أكثر أسباب المرض شيوعاً يعود إلى خلل يصيب احد الجينات التي تدعى HFE، وقد تم اكتشافها عام 1996. ولكن من غير المعروف تماماً كيف يسبب هذا الجين فرط امتصاص الحديد. ويفترض الباحثون بأنه يحمل إشارة بروتين مزيف يدفع الأمعاء إلى فرط امتصاص الحديد.

ووفقاً للتقديرات الغربية فإن واحداً من بين 10 اشخاص يحملون جين HFE شاذة، والواقع أن حاملي الجين، أي من لديهم نسخة واحدة منها، لا يعانون من مشاكل إجمالاً. ولا يظهر الصباغ الدموي عادة سوى لدى الأشخاص الذين لديهم نسختين من الجين الشاذ. وتشير الإحصاءات الغربية إلى أن واحداً من بين 200 إلى واحد من بين 400 شخص يحملون نسختان عن الجين، نتيجة لوراثتهم جينا شاذا واحدا من كل من الأبوين.
وتقوم الخطوة الأولى لتشخيص الصباغ الدموي بإجراء اختبار للدم يدعى اختبار الإشباع بناقلة الحديد. وفي حال أظهرت النتيجة وجود فائض من الحديد في الدم، يطلب الطبيب فحوصات إضافية لتحديد كميات الحديد وتقييم سلامة الكبد، وهي قد تشمل اختباراً جينياً لمعرفة ما إذا كان المريض يحمل نسختين شاذتين عن جين HFE. ولتحيد امتداد المرض، قد يوصي الطبيب باختزاع عينة من الكبد.
والحقيقة أن كثيراً من الناس يعيشون مع مستوياتهم المرتفعة من الحديد لسنوات ولا يتم تشخيص المرض لديهم لسوء الحظ إلا بعد إصابة الكبد ببعض التلف. كما أن تشخيص هذا الاضطراب غالباً ما يتأخر لدى النساء قبل سن اليأس بسبب ما يفقدنه من دم شهرياً. إذ تنخفض معدلات الحديد مؤخرة ظهور العوارض، أما معدل الوقت الفاصل بين بدء العوارض وتشخيص الصباغ الدموي فيتراوح بين 5 إلى 8 سنوات.

ومن علاماته وعوارضه:
تعب، ألم في المفاصل، عجز جنسي أو فقدان للرغبة الجنسية، زيادة صباغ الجلد (اسمرار)، زيادة العطش والتبول.
وينصح بعض الخبراء، بمن فيهم المتخصصون في علاج الكبد، جميع الراشدين ( من الاصول الغربية) بالخضوع لاختبار الإشباع بناقلة الحديد مرة في حياتهم على الأقل، في سن الشباب عموماً، لقياس مستوى الحديد في دمهم، واختبار الكشف عن الصباغ الدموي غير مدرج عادة في اختبارات الدم الروتينية، بالتالي إن أردت إجراء الفحص عليك أن تطلب ذلك بنفسك (غير ان هذا لا ينطبق على العرق العربي).
غير أن الخبراء لا يوصون جميع الراشدين بإجراء الاختبار الجيني نظراً لارتفاع كلفته من جهة، ولأن عدد الأشخاص الذين يعانون من فرط امتصاص الحديد وهم يحملون هذا الخلل الجيني غير معروف من جهة أخرى، ولكن، في حال إصابة أحد الأقارب المباشرين بالصباغ الدموي، كالأخ أو الأخت أو أحد الأبوين، قد تفضل إجراء اختبار جيني للتأكد من أنك لا تواجه خطر الإصابة، وإن اكتشفت بأنك تحمل نسختين شاذتين من جين HFE قبل ظهور مضاعفات المرض، عليك بحث الحالة مع الطبيب لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث مشاكل في المستقبل، وتقوم الوسيلة الرئيسية لمنع فرط امتصاص الحديد على التخلص من بعض الدم (الفصاد).
ويقوم علاج الصبغ الدموي على إزالة فائض الحديد من الدم، فيخضع المريض لسحب دم بانتظام وهو ما يدعى طبياً «الفصاد» ويتم أسبوعياً سحب كيس من الدم من أحد أوردة الذراع، تماماً كما يحدث عند وهب الدم، وتتكرر هذه العملية حتى يعود الحديد إلى مستواه الطبيعي.
ففي الحالات الطبيعية، يحتوي الجسد على 1.5 إلى 2 غرام من الحديد المخزن. أما الأشخاص المصابون بالصباغ الدموي، فقد يصل مستوى الحديد لديهم إلى 40 غراماً. وعند كل عملية سحب للدم، يتم التخلص من 250 ملغ فقط من الحديد. بالتالي، تستغرق إزالة فائض الحديد بكامله عدة شهور. وبعد استعادة المستوى الطبيعي لهذا المعدن، يحتاج معظم الأشخاص لتكرار سحب الدم من 4 إلى 8 مرات سنوياً لبقية حياتهم لمنع الحديد من التوضع.
وفي حال سبب المرض تلفاً في الكبد أو في أعضاء أخرى، على المصاب الخضوع للعلاج لمنع امتداد التلف إلى أعضاء إضافية، وقد يتمثل العلاج في الأدوية أو الجراحة.
ومن غير الضروري أو المستحسن إزالة الحديد من الغذاء اليومي، بل يجب تجنب استهلاك ما يفوق الكمية التي ينصح بها يومياً، أي 18 ملغ، وأكثر المستحضرات غني بالحديد هي ملحقات الحديد ومتعدد الفيتامينات التي قد ينصح الطبيب بتجنبها.