الخميس، يونيو 04، 2009

الطفل المغناطيس

قبل أيام قرأت عن طفل بريطاني يتمتع بطاقة مغناطيسية كبيرة لدرجة اطلاق أجهزة الانذار في المتاجر الكبرى..وقالت صحيفة الديلي اكسبرس أن والدته اضطرت في مناسبات كثيرة إلى خلع ملابسه كاملة أمام رجال الأمن كي يتأكدوا أنه لم يسرق شيئا...
.. وهذا الخبر قد يبدو غريبا وشاذا كوننا نعرف أن الطاقة المغناطيسية لا تنطلق إلا من الحديد والمجالات الكهربائية المختلفة؛ ولكن هذا ب(الضبط) هو ما يجعل أجسادنا قابلة لاستقبال وتصدير الطاقة المغناطيسية والتأثر بوجودها..فأعضاؤنا وأنسجتنا (ودورتنا الدموية) تتضمن عناصر معدنية ذات علاقة بظاهرة المغنطة كالحديد والنيكل..كما تسري في أعصابنا وخلايانا الدماغية تيارات كهربائية تصنع مجالات مغناطيسية تتأثر بدورها بالمجالات المحيطة بها..... كل هذا يجعلنا نرجح تأثير الأجهزة الكهربائية المحيطة بنا على أعصابنا وأمزجتنا وخلايانا الدماغية ( كونها تطلق بدورها مجالات كهرومغناطيسية يمكن ملاحظتها في حال رن الجوال قرب الكمبيوتر، أو عملت المكنسة الكهربائية قرب التلفزيون)... في أكثر من مناسبة
ومقابل هذه الميزة السالبة هناك نوع من العلاج (مثير للجدل) يستعمل المغانط لشفاء الكسور وتفعيل المناعة وتنشيط الدورة الدموية. وهذا النوع من العلاج يدعى Magnet Therapy وتعود جذوره الى القرن الثامن عشر حين اعتقد الطبيب الفرنسي فرانس مسمر أن قدرته على تنويم مرضاه مردها خروج طاقة مغناطيسية من يديه تؤثر على أدمغتهم (وهذا سر تسميته بالتنويم المغناطيسي) .. ورغم خطأ هذا الاعتقاد اكتشف الأطباء لاحقا أن دم الإنسان يحتوي على نسب معينة من الحديد (الذي يوصف حتى اليوم لمكافحة فقر الدم) فاقترح البعض استعماله لتنشيط الدورة الدموية .. وهذه الأيام توصف المغانط الطبية لعلاج طائفة كبيرة من المشاكل الصحية (خصوصا بين الرياضيين) مثل تخفيف حدة الرضوض وتفعيل الدورة الدموية والتسريع بشفاء الإصابات والكسور..
وتأتي قطع المغناطيس المستعملة لهذا الغرض بأشكال وأحجام مختلفة تتناسب مع طبيعة المرض ومكان الإصابة .. فهناك مثلا أحزمة للظهر تضم مغانط لعلاج الفقرات والأربطة، ولصقات ممغنطة توضع فوق القلب أو الكبد أو عضلة الساق .. كما توجد خواتم وقلائد وأساور ممغنطة يفترض تنشيطها للدورة الدموية وتقويتها للجهاز المناعي !! ... وبالطبع لا يعترف معظم الأطباء بفائدة هذا النوع من العلاج ولا بقدرة المغانط على التأثير على جسم الانسان .. وهم يعيدون النتائج الجيدة التي يدعيها البعض الى تأثير الوهم (أو البلاسيبو) الذي يشكل نسبة كبيرة من أي ممارسة علاجية ... ولكن ؛ مقابل الدراسات التي تنفي قدرة المغانط الطبية توجد دراسات ترجح نتائجها الايجابية .. فهناك مثلا دراسة أجريت في كلية بايلور للعلوم الطبية قارنت بين 50 مريضا استعملوا لصقات ممغنطة قوية و 50 مريضا استعملوا لصقات عادية بدون علمهم .
وبعد 14 يوما أبدت المجموعة الأولى رضاها عن النتائج في حين لم يشعر أعضاء المجموعة الثانية بأي فرق حقيقي (ويقول الطبيب المشرف على الدراسة بيتر هاوس إن اللصقات الممغنطة قد تكون نجحت بالفعل في جذب كريات الدم الحمراء الى موقع الاصابة مما عجل بشفائها وتخفيف الألم فيها) !! ... المؤكد أننا أصبحنا هذه الأيام بعكس آبائنا وأجدادنا نعيش في بحر متلاطم من الموجات الكهرومغناطيسية التي تخترق أجسادنا صباح مساء (ما بين جوال وكمبيوتر وبلوتوث ، إلى تلفزيون وميكروويف وآلاف المحطات الفضائية) !!