مع إقتراب الزياره (الرئيس أوباما) هل هو جاهز لإجابة الأسئلة الصعبة...!قبل الدخول في تفاصيل التوقعات وماذا سوف يقول ولمن ولماذا وما ينتظره من ردود أفعال متوقعه حول هذا الخطاب..؟، لابد من المرور على وصف لما يحدث الآن في أمريكا التي يبدو أنها تستقبل شكلا جديدا من الرؤساء في محاولة للربط بين ما يحدث في أمريكا وتوقعاتنا حول ما سوف يقوله لنا الرئيس الأمريكي. بعد هذه المدة الزمنية من تولي الرئيس اوباما، بات من الواضح أن أمريكا تتجه نحو التغير في صورتها التي خلفها الرئيس السابق بوش الابن، فللمرة الأولى تتفاوت الرؤية حول أمريكا وسياساتها بعدما كانت في السابق تحسم من لحظة الانتخابات التي ترسم سياسة أمريكا منذ اللحظة الأولى لإعلان اسم الرئيس الجديد. الرئيس الجديد يسعى بكل جد إلى استعادة الحلم الأمريكي ولكن ذلك بالتأكيد لا يمكن أن يكون على حساب مصالح أمريكا الإستراتيجية التي تغيرت خريطتها وتغيرت وجهتها مع تطور الأحداث في العالم. هذا الرئيس الذي احدث تغيرا في الشارع الأمريكي قبل أن يخرج بهذا التغير إلى العالم تكمن أسراره في شخصيته" الكارزمية) التي ألهبت عقول الناخب الأمريكي قبل غيره. هناك عظماء من رؤساء هذه الدولة واوباما بالتأكيد سيكون احدهم فالمؤشرات تدل على منطقية وعقلانية في إدارة الموقف الأمريكي العالمي. أمريكا التي تجد نفسها مصدر إشعاع للعولمة بل هي مصدرها ولا يمكن أن تكون أوروبا أو غيرها من دول العالم قادرة على الوقوف سياسيا وثقافيا ولو لساعات دون أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية في الطرف الثاني من الصفوف. أوباما نموذج حقيقي لطموحات وآمال الثقافة الأمريكية التي طالما ظلت ترسمه، فالذين يعرفون الثقافة الأمريكية جيدا يدركون أن اوباما كرئيس هو أول المنتجات الحقيقية للثقافة الأمريكية التي جعلت من الطموح والإخلاص في العمل والعمل الجاد عنوانا لها، لذلك يجب أن يعي العالم انه اليوم وبصورة هذا الرئيس يواجه الثقافة الأمريكية لأول مرة وليس السياسة الأمريكية. هكذا الثقافة الأمريكية أراها بكل وضوح في صورة الرئيس اوباما . لنعد إلى الأسئلة الصعبة التي نتوقع أن يجيب عليها هذا الرئيس الذي قال عنه (رتشارد ستينقل) إن الخبراء قالوا انه غير جاهز للفوز برئاسة أمريكا ولكنه وجد الطريق للتواصل مع الناخب الأمريكي الذي أصبح جاهزاً لشكل جديد من المرشحين لرئاسة أمريكا، ومع كل هذه التوقعات والأسئلة توالت نجاحات الرئيس الشاب. قد يتوقع الكثيرون منا أن يوضح الرئيس الأمريكي ان العالم الإسلامي ليس عدو الغرب، وأن منطق تعامل أمريكا بالقوة معه لم تكن الوسيلة المناسبة. لا استطيع الجزم بان ذلك سيكون محور الخطاب وان كان كذلك فلن تكون التوقعات مرضية من جانب العرب والمسلمين الذين ينتظرون هذا الرئيس. فكرة العداء بين الغرب والإسلام فكرة تاريخية محفورة في الذاكرة والثقافة وغذتها كل المجموعات المتطرفة من الطرفين، وهذه الفكرة لا يزيلها خطاب رئاسي لرئيس أمريكي إلا إذا كانت شكلا من اشكال من التهدئة، أضف إلى ذلك أن الإعلام الإسلامي والعربي عمل طوال السنوات الماضية وخصوصا بعد سبتمبر على تفكيك هذه الفكرة وطرحها من معادلة المواجهة مع الغرب وساعد الغرب بكل أطيافه لنسف هذه الفكرة التي قد يتضرر منها الغرب قبل غيره. أما فكرة فشل أمريكيا بالتعامل مع المسلمين بالقوة لا تبرر وجود تعامل آخر قد تقترحه أمريكا لا يستخدم القوة ولكنه ينفذ نفس السياسات السابقة والسبب أن الثقافة العربية الشعبية متيقظة لذلك وتريد حلولا جديدة لأسئلة صعبة. الرئيس اوباما كما اتوقع لن يكون مدافعا عن امريكا بل انه سيكون مدافعا عن ثقافة أمريكا وقيمها الإنسانية ومن الممكن أن يتطرق إلى فكرة الديمقراطية ونشرها. سوف يطرح بديلا حقيقيا للوجود الأمريكي الجديد في العالم وسوف يرسم صورة جديدة لهذا العالم من خلال الإجابة على الأسئلة الصعبة التي ينتظرها العالم الإسلامي في هذا الخطاب ومنها بالتأكيد تلك الأسئلة المحيرة حول إسرائيل ولاءاتها المعروفة (لا) لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة و(لا) للعودة الى حدود 1967 و(لا) لتجميد الاستيطان. علينا نحن العرب أيضا أن لانفرط في توقعاتنا فالعقلانية يجب أن تكبح جماح عواطفنا فلا يجب أن نتوقع أن تعلن أمريكا الحرب على إسرائيل ولكن علينا أن نرحب وبقوة باللغة التي سوف تفرضها أمريكا عليها لجعل الحقوق الفلسطينية أمراً ممكن التحقيق على أرض الواقع. الحرب على الإرهاب لابد وأن يكون جزء من هذا الخطاب والإرهاب مسألة معقدة تتداخل فيها شبكة هائلة من التقاطعات السياسية والدينية والثقافية وهذا ما جعل الإرهاب تعبيرا صريحاً ونتيجة واضحة عن خلط شديد بين السياسة والثقافة في العالم الإسلامي والسؤال هنا يقول: هل سيتمكن الرئيس الأمريكي في خطابه من المرور بهذا الطريق دون أن يفقد الإجابة على السؤال. السلاح النووي الإيراني سيكون محورا أساسيا وعندما يبدأ الرئيس حديثه عن إيران سيتطرق بكل تأكيد إلى حزب الله ولبنان وسوريا والعراق ولو بشكل غير مباشر ولذلك فلغة الخطاب الإسلامية كما يبدو من تحضيراتها لابد وان تتجاوز وبنجاح المذهبية وتأثيراتها السياسية، إن أخطر منطقة سيمر بها الرئيس خلال خطابه هو وضوح الصورة عند الحديث عن إيران السياسية وعن الإسلام الشعوب بجميع مذاهبها، البراعة سوف تكون في استيعاب دقيق لهذا الموقف. الرئيس الامريكي كما يبدو لي جاء ليقول لنا في النهاية دعونا نجرب أن تمر العربة الأمريكية من خلال طريق العرب بدلا من أن كانت تمر وخلال السنوات الماضية من خلال إسرائيل وهذا ما عكسته مؤشرات الحوارات الأمريكية الإسرائيلية خلال الأيام الماضية والقادمة. كل ما أتمناه أن تكون الشعوب العربية والإسلامية هي التي تتلقى خطابه قبل السياسات والحكومات كما أتمنى أن لا يخرج الرئيس أوباما وقد حصل على نتيجة مؤداها أن أزمة العرب أنفسهم يجب أن تحل قبل أن تحل أزمتهم مع إسرائيل لأن هذه النتيجة سوف تفقدنا نحن العرب الفرص التي قد تكون الوحيدة لرئيس يريد فعلياً أن يجيب على الأسئلة الصعبة. المشكلات العربية سوف تنتهي إلى حلول تلقائية إذا ما انتهت أزمتنا مع إسرائيل ولو جزء منها، وإسرائيل نفسها تدرك هذه الحقيقة وهذا السر في تعنتها فهل نسمع إجابات على المهمات الصعبة من الرئيس اوباما. هذا ما ننتظره ولكنى أوجه رسالة إلى هذا الرئيس وفريقه إذ قد تفاجئهم بعض ردود الأفعال إما بسلبيتها المفرطة أو بايجابيتها غير المحسوبة ولكن عليهم أن يتذكروا أننا نحن العرب لدينا ثقافة اسمها (كل يغني على ليلاه) وهذا جزء منا وجزء من أزمتنا السيد الرئيس.