السبت، يناير 05، 2013

هاياو ميازاكي Hayao Miyazaki


هو المخرج الياباني (هاياو ميازاكي Hayao Miyazaki)، احد أشهر صانعي الرسوم المتحركة اليابانية على الإطلاق، و هو يعتبر أسطورة حية من أساطير الرسوم المتحركة في العالم، حيث تحظى أفلامه التي يصنعها منذ عقود بمكانة عالية في قلوب عشاق فن الرسوم المتحركة و الفن السينمائي عموما. قد يسمع اغلبنا بهذا الاسم لأول مرة في حياتهم، و هذا شيء طبيعي فليس من عادة المشاهدين في عالمنا العربي أن يهتموا بأسماء الفنانين الذين لا يظهرون أمامهم على الشاشة، ومع ذلك، فالملايين من الصغار و الكبار أيضا في جميع أرجاء الوطن العربي قد تمتعوا  و اندمجوا مع خياله دون أن يعوا ذلك، هل هذا لغز؟ كلا. فهذا الرجل الستيني ذو الشعر الأبيض هو المخرج و الرسام لواحد من أشهر و انجح المسلسلات الكرتونية في العالم العربي ، مسلسل ( عدنان و لينا ).الاسم الأصلي لمسلسل عدنان و لينا  هو ( كونان فتى المستقبل Future Boy Conan ) و المسلسل مبني على رواية الخيال العلمي التي نشرها الكاتب الأمريكي (الكسندر كي Alexander Key) عام 1970 تحت عنوان (المد الهائل  The Incredible Tide). في النسخة العربية استبدل اسم كونان بعدنان و أصبح اسم البطلة لينا بدلا من لانا. تم بث المسلسل لأول مرة على شبكة NHK  اليابانية عام 1978 وقد حقق المسلسل نجاحا باهرا على المستوى العالمي في دول مثل البرتغال و اسبانيا  و ايطاليا و كوريا والصين و فرنسا و تركيا و دول امريكا اللاتينية. ولد هاياو ميازاكي في احدى ضواحي طوكيو عام 1941 و كان الابن الثاني من اربعة اخوة، و خلال الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) كان ابيه (كاتسوجي) يعمل مديرا لشركة ميازاكي (التي يملكها اخيه) حيث كانت الشركة  تنتج موجهات الطائرات (ذيل الطائرة) للمقاتلة الشهيرة (Mitsubishi A6M Zero) ابان الحرب العالمية الثانية. في خلال هذه الفترة كان الطفل ميازاكي يمارس هوايته برسم الطائرات و قد  تطور عنده هذا الحب للطائرات الى ان اصبح شغفا بكل ما يتعلق بالطيران و سوف يظهر هذا العشق واضحا بعد ذلك في معظم اعماله.في عام 1958 و عندما كان ميازاكي في السنة الثالثة من المرحلة الثانوية شاهد العرض السينمائي لأول فيلم رسوم متحركة ياباني ملون طويل هو ( Hakujaden) ، من هنا بدأ اهتمام ميازاكي الفني بالرسوم المتحركة، لكن كان لزاما عليه قبل ذلك ان  يتعلم فن رسم الشكل الآدمي بعد أن كانت كل خبرته في ذلك الوقت هي في رسم إشكال الطائرات و السفن الحربية.عام 1963 تخرج ميازاكي من الجامعة حيث حصل على شهادة في العلوم السياسية و الاقتصاد، و في نفس العام انضم لشركة ( توي انيماشن Toei Animation ) للرسوم المتحركة و التي عمل فيها رساما. و في عام 1965 تزوج ميازاكي من زميلته الرسامة (اكيمي اوتو) التي تركت عملها كرسامة فيما بعد لتتفرغ لتربية ابنيهما (غورو) و (كيسوك).في عام 1971 ترك ميازاكي العمل في شركة توي انيماشن ليعمل لصالح شركة (نيبون انيماشن Nippon Animation) و اشتغل خلالها في سلسلة من الأعمال التي صقلت موهبته و اخرج خلالها 6 حلقات من المسلسل الكرتوني البوليسي (ارسين لوبين الثالث  Lupin III) بالتعاون مع المخرج الياباني (ايساو تاكاهاتا  Isao Takahata). أنتجت الشركة عام 1978 مسلسل (كونان فتى المستقبل) الذي أخرجه و رسمه ميازاكي والتي ظهرت فيه أول معالم شخصيته الفنية.  في العام التالي ترك العمل مع شركة نيبون انيماشن لينتج أول أفلامه الكرتونية الطويلة (قلعة كاغليوسترو  The Castle of Cagliostro) (100) دقيقة و المبني على شخصية ارسين لوبين الثالث التي عمل عليها سابقا في مسلسل Lupin III.في عام 1984 أنتج فيلمه الطويل (116) دقيقة ( ناوسيكا أميرة وادي الرياح Nausicaä of the Valley of the Wind  ) و هو فيلم مغامرات تقع أحداثه بعد مرور ألف سنة من حرب كونية دمرت العالم، و قد ظهرت فيه جميع السمات العامة و الرسائل التي ميزت أفلام ميازاكي فيما بعد مثل تطرقه لأثر الإنسان التدميري على البيئة و الاهتمام بالتوازن البيئي و عشقه الأبدي للطائرات و الطيران و حب السلام و كرهه للعسكر وتعاطفه مع المرأة و العمال. و كان كذلك أول فيلم يجمع فيه بين الكتابة والإخراج.بعد النجاح الكبير لفيلم ناوسيكا أميرة وادي الرياح و بالتعاون مع زميله المخرج تاكاهاتا أسس ميازاكي عام 1985 (ستوديو غيبلى Studio Ghibli) الذي أنتج من خلاله كل أعماله الباقية.كان فيلمه التالي هو (لابوتا: قلعة في السماء Laputa: Castle in the Sky ( مدته (124) دقيقة، الذي أنتجه عام 1986. يروي قصة كيف كان البشر فيما مضى قد توصلوا إلى أن يجعلوا القلاع و المدن و الجزر تطير في السماء و لكنهم فقدوا هذه القدرة بعد الكوارث الدموية التي خاضوها، بطلة الفيلم هي اليتيمة (شيتا) التي تطاردها  مجموعة من العسكريين للحصول على سر القدرة على الطيران، وكيف ساعدها الفتى (بازو) اليتيم هو الآخر في الوصول إلى جزيرة سحرية على شكل قلعة تطفو في السماء. الفيلم فيه الكثير من روح مسلسل عدنان و لينا.وبعد ذلك جاء فيلمه ( جاري توتورو   My Neighbor Totoro ) (86) دقيقة عام 1988 الذي يحكي مغامرات فتاتين صغيرتين مع ارواح الغابة. (كيكي لخدمة التوصيل Kiki's Delivery Service) هو فيلمه التالي، و يحكي قصة فتاة صغيرة تهرب من منزلهم في بلدتها الصغيرة لتبدأ الحياة كساحرة في مدينة كبيرة. الفيلم من انتاج عام 1989 و مدته ( 102) دقيقة.في عام 1992 حدثت نقلة نوعية في أفلام ميازاكي حيث ان الشخصية الرئيسية في فيلمه الجديد لم تكن لشخصية طفل كما هي الحال دائما في أفلامه السابقة و لكنها كانت لذكر بالغ ، حيث ان البطل هو طيار ايطالي يعيش في فترة العشرينات من القرن العشرين في وقت صعود الفاشية في ايطاليا و هو صائد جوائز يطارد مجموعة من قراصنة الجو المطلوبين للعدالة كما يطارد أيضا احد المرتزقة الأمريكان المطلوبين للعدالة، وقد تحول إلى خنزير كتجسيم مادي لشخصيته، الشخصية اسمها بوركو روسو و الفيلم يظهر الصراع الداخلي للشخصية بين مشاعر الأنانية و بين ما يمليه ضميره عليه من ضرورة الالتزام بالواجب. اسم الفيلم هو (الخنزير القرمزي  Porco Rosso) (94) دقيقة.في العام 1997 يعود ميازاكي إلى مواضيع البيئة و السياسة التي تطرق لها سابقا في فيلمه (ناوسيكا أميرة وادي الرياح) عام 1984، وتدور قصة الفيلم الجديد عن الصراع بين أرواح الحيوانات التي تسكن الغابة وبين البشر الذين يسيئون استغلال الغابة و يدمرونها من اجل الصناعة. اسم الفيلم هو (الأميرة مونوك   Princess Mononoke ) مدته (134) دقيقة. تقع أحداث الفيلم في القرن الخامس عشر في اليابان (في فترة الموروماتشي) ، الفيلم واحد من أكثر أفلام ميازاكي عنفا، و قد حقق الفلم نجاحا ساحقا في شباك التذاكر الياباني فكان أعلى الأفلام إيرادا في تاريخ اليابان على الإطلاق حتى تغلب عليه فيلم تايتانك. إضافة إلى ذلك النجاح فقد فاز الفيلم أيضا بجائزة أحسن فيلم لعام 98 في حفل توزيع جوائز الأكاديمية اليابانية للسينما.بعد إخراجه لفيلم الأميرة مونوك دخل ميازاكي فيما يمكن تسميتها بمرحلة تقـاعد مؤقتة، حيث قضى في هذه الفترة أوقاته مع بنات احد أصدقائه الصغيرات، و قد ألهمته هذه الفترة من حياته بقصة فيلمه التالي الذي أنتجه عام  2001 تحت اسم ( المخطوفة  Spirited Away) مدته (125) دقيقة. يحكي الفيلم قصة فتاة عمرها عشر سنوات دخلت هي و والديها إلى عالم غريب تسكنه الأرواح و فيه يتحول والديها إلى خنزيرين بسبب إحدى الساحرات التي جعلتها أيضا تعمل لديها في احد الحمامات العامة التي تملكه الساحرة و الذي تقصده الأرواح للاستحمام. كان الفيلم نجاحا باهرا لميازاكي، حيث حقق الفيلم 300 مليون دولار في شباك التذاكر اليابانية وفاز بجائزة أفضل فيلم لعام 2001 في حفل توزيع جوائز الأكاديمية اليابانية للسينما. و فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2002 و فاز بجائزة الأوسكار لأحسن فيلم رسوم متحركة عام 2002.في عام 2004 استند ميازاكي في فيلمه الجديد و الذي سماه بنفس الاسم على قصة الروائية الخيالية البريطانية دايانا جونز  ( قلعة هاول المتحركة   Howl's Moving Castle ) الذي يروي قصة فتاة صغيرة تدعى صوفي حولتها إحدى الساحرات إلى عجوز شمطاء و يمنعها السحر من أن تروي حقيقة  أمرها لأي احد. تهرب صوفي من بلدتها و تصادف في الطريق قلعة غريبة متحركة تمشي على أربع و يسكنها ساحر شاب يدعى هاول، حيث يساعدها في النهاية في التخلص من اللعنة السحرية. افتتح الفيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي وفاز بجائزة The Golden Osella  عن أفضل انجاز تقني في أفلام الرسوم المتحركة. حقق الفلم نجاحا كبيرا، فقد حقق من عروضه حول العالم 231 مليون دولار مما جعله احد انجح الأفلام اليابانية في التاريخ. قامت شركة PIXAR  بدبلجة الفيلم إلى اللغة الانجليزية وقامت والت ديزني بتوزيعها. رشح الفيلم عام 2006 لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم رسوم متحركة. في عام 2005 حصل ميازاكي على جائزة تقديرية من مهرجان فينيسيا السينمائي عن مجمل أعماله طوال حياته الفنية. في عام 2009 أنجز ميازاكي آخر أفلامه (بونيو على المنحدر Ponyo on a Cliff ) مدته (100) دقيقة. و يحكي الفيلم قصة ولد عمره خمس سنوات اسمه سوسكي و أميرة عبارة عن سمكة ذهبية اسمها بونيو تتمنى أن تتحول إلى بشر. استخدم ميازاكي الألوان المائية في هذا الفيلم ليعطيهم مظهرا غير اعتيادي، مع العلم انه لم تستخدم في صنع الفيلم أي رسومات عملت بواسطة الكمبيوتر كما كانت الحال في أعمال ميازاكي الأخيرة، و كان هذا تحديا كبيرا للمخرج و للرسامين، إذ أن 70 إلى 80 بالمائة من أحداث الفيلم تجري في البحر. وكان عليهم محاكاة البحر و الأمواج بواسطة الرسم الحر باليد.أما عن المستقبل فمن المقرر أن يخرج ميازاكي فيلمين جديدين خلال السنوات الثلاث القادمة.
[