الجمعة، أبريل 08، 2011

فصاحة سفير


* منذ شهر تقريبا، تابعت لقاءً صحافيا للسفير الفرنسي الجديد بتونس، بوريس بوالون، فكان حديثه بلغة عربية سليمة نقية، لاتشوبها شائبة.
* والسفير تبدو عليه ملامح صغر السّن، وقلّة التجربة، مما يعني أن تعلم اللّغة العربية لدى ساسة الغرب، جزء من تكوينهم، ولبنة في تركيبهم.
* ومنذ لحظات أنهيت مقالا للأستاذ: مالك التريكي، يتحدّث بإعجاب بالغ عن نائب وزير خارجية الصين دجاي جون، وهو يتحدّث بلغة عربية صافية، "من النادر أن تجد حاكما أو سياسيا عربيا يستطيع أن يأتي بمثلها ".
* وأتابع باستمرار القنوات العربية المختلفة، فأجد بعض ساسة الغرب يبذلون جهودا شاقّة للتحدّث باللّغة العربية الفصحى، حينما يخاطبون المشاهد العربي.
* وأتذكر جيدا، حينما كنت طالبا في جامعة الجزائر، 86-90، وكان من حين لآخر يحضر سفير من السفراء بالجزائر، ليلقي علينا محاضرة، في قضايا الساعة.
* كان أحسنهم على الإطلاق، السفير الأمريكي يومها، حينما ألقى علينا محاضرة عن معنى الإستراتيجية، بلغة عربية فصيحة بليغة، أجزم أنها كانت أفصح وأبلغ من جمع كبير من الأساتذة.
* ومحاضرة السفير الروسي، كانت كلّها باللّغة العربية الفصحى، ولولا اللّكنة الروسية، لأقسمت أنه من شعراء العرب.
* وكانت خيبة الأمل كبيرة، حينما فُتح المجال للمناقشة، فتدخل الأساتذة الجزائريون، بالّلغة الإنجليزية، وسفراء الغرب يجيبونهم بلغة عربية بليغة فصيحة.
* مع ذكر، أن الأساتذة الذين درست عندهم يومها، تلقوا علومهم، بالّلغة الانجليزية، في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا.
* الغريب عن اللّغة العربية، يتحدث ويجيب بلسان عربي مبين. والعربي يسأله ويستفسر عن قضاياه بلغة الغريب.
* ودائما مع محاضرات السفراء، حضر سفير إحدى الدول العربية بالجزائر يومها، لا أحب أن أذكر دولته، حتى لايساء الظن، ويعتبرها القرّاء العرب، مَساسا بدولتهم.
* ألقى علينا محاضرة، بلغة عربية ركيكة ضعيفة، كان يجد صعوبة شاقة في نطق الألفاظ والمعاني، وكأنّه يستخرجها من بئر سحيق، وكانت مصطلحاتها باللغة الانجليزية.
* فعرفت، وأنا يومها التلميذ الصغير، الذي رأى واستمع للسفراء لأول مرّة في حياته، سبب الفضائح والفظائع التي تميّز السياسة العربية جمعاء.
* ومنذ سنوات قليلة، قرأت على أعمدة الصحافة الجزائرية، أن أحد مسؤولي إحدى الهيئات الدولية،لا أتذكر اسمه، أثناء زيارته للجزائر.
* ألقى كلمته باللغة العربية الفصحى، وبعدما أنهى المحاضرة، ناقشه الساسة والأساتذة الجزائريين، باللغة الفرنسية، فَصُدِمَ المسؤول الغربي، عمّا رآه وسمعه، واستنكر ذلك، قائلا:
أحدّثكم باللغة العربية، وأنا الأجنبي وتحدّثونني باللّغة الأجنبية.
* فكان عتابه لأهل الضاد، في وطن الضاد، في مستوى نطقه باللّغة العربية الفصحى.
* هذه عيّنات عشت ماضيها وحاضرها، تدلّ بوضوح أن عظمة الدول في لسانها، واحترام لسان غيرها.