لوتفكرت النفوس فيما بين يديها ، وتذكرت حسابها فيما لها وما عليها ، لبعث حزنها بريد دمها إليها ، أما يحق البكاء لمن طال عصيانه : نهاره في المعاصي ، وقد طال خسرانه ، وليله في الخطايا ، فقد خف ميزانه ، وبين يديه الموت الشديد فيه من العذاب ألوانه . روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر فاستلمه ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً ، فالتفت ، فإذا هو بعمر يبكي ، فقال : يا عمر ههنا تسكب العبرات .
وقال أبو عمران الجوني : بلغني أن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فقال : يا رسول الله ما يبكيك : فقال : أو ما تبكي أنت ؟ فقال : يا محمد ، ما جفت لي عين منذ خلق الله جهنم مخافة أن أعصيه فيلقيني فيها .
وقال يزيد الرقاشي : إن لله ملائكة حول العرش تجري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة : يميدون كأنما تنفضهم الريح من خشية الله ، فيقول لهم الرب عز وجل : يا ملائكتي ، ما الذي يخيفكم وأنتم عبيدي : فيقولون : يا ربنا لو أن أهل الأرض اطلعوا من عزتك وعظمتك على ما اطلعنا : ما ساغوا طعاماً ولا شرباً ، ولا انبسطوا في شربهم ، ولخرجوا في الصحاري يخورون كما تخور البقر .
وقال الحسن : بكى آدم عليه السلام حين أهبط من الجنة مائة عام حتى جرت أودية سرنديب من دموعه ، فأنبت الله بذلك الوادي من دموع آدم الدارصيني والفلفل ، وجعل من طير ذلك الوادي الطواويس ، ثم إن جبريل عليه السلام أتاه وقال : يا آدم ارفع رأسك فقد غفر لك ، فرفع رأسه ، ثم أتى البيت فطاف ( به ) أسبوعاً ، فما أتمه حتى خاض في دموعه .
وقال ابن أسباط : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكائه عليه السلام : كان بكاء آدم أكثر : بكيت على الذنوب لعظم جرمي وحق لمن عصى مر البكاء فلو أن البكاء يرد همي لأسعدت الدموع مع الدماء
قال وهيب بن الورد : لما عاتب الله نوحاً أنزل عليه " إني أعظك أن تكون من الجاهلين " ، فبكى ثلاثمائة عام حتى صار تحت أعينه أمثال الجداول من البكاء .
قال يزيد الرقاشي : إنما سمي ( نوحاً ) لأنه كان نواحاً .أنوح على نفسي وأبكي خطيئةً تقود خطايا أثقلت مني الظهرا فيا لذة كانت قليل بقاؤها ويا حسرةً دامت ولم تبق لي عذرا
وقال السدي : بكى داود حتى نبت العشب من دموعه فلما رماه سهم القدر جعل يتخبط في دماء تفريطه ولسان اعتذاره ينادي : اغفر لي ، فأجابه : للخطائين ، فصار يقول : اغفر للخطائين .
قال ثابت البناني : حشى داود سبعة أفرش بالرماد ثم بكى حتى أنفذتها دموعه .تصاعد من صدري الغرام لمقلتي فغالبني شوقي بفيض المدامع وإن في ظلام الليل قمرية إذا بكيت بكت في الدوح طول المدامع
قال سليمان التيمي : ما شرب داود عليه السلام شراباً إلا مزجه بدموع عينيه .
قال مجاهد : سأل داود ربه أن يجعل خطيئته في كفه فكان لا يتناول طعاماً ولا شراباً إلا أبصر خطيئته فبكى ، وربما أتى بالقدح ثلثاه فمد يده وتناوله ، فينظر إلى خطيئته ، ولا يضعه على شفتيه حتى يفيض من دموعه .
وقال بعض أصحاب فتح : رأيته ودموعه خالطها صفرة فقلت : على ماذا بكيت الدم ؟ قال فتح: بكيت الدموع على تخلفي عن واجب حق الله ، والدم خوفاً أن لا أقبل ، قال : فرأيته في المنام ، فقلت : ما صنع الله بك ؟ قال فتح : غفر لي ، قلت : فدموعك ! قال فتح : قربتني ، وقال : يا فتح على ماذا بكيت الدموع ؟ قلت : يا رب على تخلفي عن واجب حقك ، قال : فالدم ؟ قلت : بكيت على دموعي خوفاً أن لا تصبح لي ، قال : يا فتح ، ما أردت بهذا كله ، وعزتي وجلالي لقد صعد إلى حافظاك أربعين سنة بصحيفتك ما فيها خطيئة .
أجارتنا بالغدر والركب متهم أيعلم خال كيف بات المتيم رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم سواءً ولكن ساهرات ونوم تناءيتم من ظاعنين وخلفوا قلوباً أبت أن تعرف الصبر عنهم ولما جلى التوديع عما حذرته ولا زال نظرة تتغنم
بكيت على الوادي فحرمت ماؤه وكيف يحل الماء أكثره دم
قال عبد الله بن عمرو : كان يحيى يبكي حتى بدت أضراسه .قال مجاهد : كانت الدموع قد اتخذت في خده مجرى .
يا من معاصيه أكثر من أن تحصى ، يا من رضى أن يطرد ويقصى ، يا دائم الزلل وكم ينهى ويوصى ، يا جهولا بقدرنا ومثلنا لا يعصي ، إن كان قد أصابك داء داود ، فنُحْ نَوْحَ نُوح ٍ، تحيا بحياةِ يَحْيى .
روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في وجهه خطوط مسودة من البكاء . وبكى ابن مسعود ، حتى أخذ بكفه من دموعه فرمى به .وكان عبد الله بن عمر يطفىء المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عينيه .وقال أبو يونس بن عبيد : كنا ندخل عليه فيبكي حتى نرحمه .
وكان أبو عمران الجوني ، إذا سمع المؤذن ، تغير وفاضت عيناه .وكان أبو بكر النهشلي ، إذا سمع الأذان تغير لونه وأرسل عينيه بالبكاء .
كان الفضل قد ألف البكا ، حتى ربما بكى في نومه حتى يسمع أهل الدار :ورقت دموع العين حتى كأنها دموع دموعي ، لا دموع جفوني وكان أبو عبيدة الخواص يبكي ، ويقول : قد كبرت فاعتقني .
ويقول الحسن بن عدقة : رأيت يزيد بن هارون بواسط من أحسن الناس عينين ثم رأيته بعد ذلك مكفوف البصر فقلت له : ما فعلت العينان الجميلتان ؟ قال : ذهب بهما بكاء الأسحار ، يا هذا لو علمت ما يفوتك في السحر ما حملك النوم ، تقدم حينئذ قوافل السهر على قلوب الذاكرين ، وتحط رواحل المغفرة على رباع المستغفرين ، من لم يذق حلاوة شراب السحر لم يبلغ عرفانه بالخير ، من لم يتفكر في عمره كيف انقرض لم يبلغ من الحزن الغرض .
قيل لعطاء السليمي : ما تشتهي ؟ قال : أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي ، وكان يبكي الليل والنهار ، وكانت دموعه الدهر سائلة على وجه .
وقال أبو عمران الجوني : بلغني أن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فقال : يا رسول الله ما يبكيك : فقال : أو ما تبكي أنت ؟ فقال : يا محمد ، ما جفت لي عين منذ خلق الله جهنم مخافة أن أعصيه فيلقيني فيها .
وقال يزيد الرقاشي : إن لله ملائكة حول العرش تجري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة : يميدون كأنما تنفضهم الريح من خشية الله ، فيقول لهم الرب عز وجل : يا ملائكتي ، ما الذي يخيفكم وأنتم عبيدي : فيقولون : يا ربنا لو أن أهل الأرض اطلعوا من عزتك وعظمتك على ما اطلعنا : ما ساغوا طعاماً ولا شرباً ، ولا انبسطوا في شربهم ، ولخرجوا في الصحاري يخورون كما تخور البقر .
وقال الحسن : بكى آدم عليه السلام حين أهبط من الجنة مائة عام حتى جرت أودية سرنديب من دموعه ، فأنبت الله بذلك الوادي من دموع آدم الدارصيني والفلفل ، وجعل من طير ذلك الوادي الطواويس ، ثم إن جبريل عليه السلام أتاه وقال : يا آدم ارفع رأسك فقد غفر لك ، فرفع رأسه ، ثم أتى البيت فطاف ( به ) أسبوعاً ، فما أتمه حتى خاض في دموعه .
وقال ابن أسباط : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكائه عليه السلام : كان بكاء آدم أكثر : بكيت على الذنوب لعظم جرمي وحق لمن عصى مر البكاء فلو أن البكاء يرد همي لأسعدت الدموع مع الدماء
قال وهيب بن الورد : لما عاتب الله نوحاً أنزل عليه " إني أعظك أن تكون من الجاهلين " ، فبكى ثلاثمائة عام حتى صار تحت أعينه أمثال الجداول من البكاء .
قال يزيد الرقاشي : إنما سمي ( نوحاً ) لأنه كان نواحاً .أنوح على نفسي وأبكي خطيئةً تقود خطايا أثقلت مني الظهرا فيا لذة كانت قليل بقاؤها ويا حسرةً دامت ولم تبق لي عذرا
وقال السدي : بكى داود حتى نبت العشب من دموعه فلما رماه سهم القدر جعل يتخبط في دماء تفريطه ولسان اعتذاره ينادي : اغفر لي ، فأجابه : للخطائين ، فصار يقول : اغفر للخطائين .
قال ثابت البناني : حشى داود سبعة أفرش بالرماد ثم بكى حتى أنفذتها دموعه .تصاعد من صدري الغرام لمقلتي فغالبني شوقي بفيض المدامع وإن في ظلام الليل قمرية إذا بكيت بكت في الدوح طول المدامع
قال سليمان التيمي : ما شرب داود عليه السلام شراباً إلا مزجه بدموع عينيه .
قال مجاهد : سأل داود ربه أن يجعل خطيئته في كفه فكان لا يتناول طعاماً ولا شراباً إلا أبصر خطيئته فبكى ، وربما أتى بالقدح ثلثاه فمد يده وتناوله ، فينظر إلى خطيئته ، ولا يضعه على شفتيه حتى يفيض من دموعه .
وقال بعض أصحاب فتح : رأيته ودموعه خالطها صفرة فقلت : على ماذا بكيت الدم ؟ قال فتح: بكيت الدموع على تخلفي عن واجب حق الله ، والدم خوفاً أن لا أقبل ، قال : فرأيته في المنام ، فقلت : ما صنع الله بك ؟ قال فتح : غفر لي ، قلت : فدموعك ! قال فتح : قربتني ، وقال : يا فتح على ماذا بكيت الدموع ؟ قلت : يا رب على تخلفي عن واجب حقك ، قال : فالدم ؟ قلت : بكيت على دموعي خوفاً أن لا تصبح لي ، قال : يا فتح ، ما أردت بهذا كله ، وعزتي وجلالي لقد صعد إلى حافظاك أربعين سنة بصحيفتك ما فيها خطيئة .
أجارتنا بالغدر والركب متهم أيعلم خال كيف بات المتيم رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم سواءً ولكن ساهرات ونوم تناءيتم من ظاعنين وخلفوا قلوباً أبت أن تعرف الصبر عنهم ولما جلى التوديع عما حذرته ولا زال نظرة تتغنم
بكيت على الوادي فحرمت ماؤه وكيف يحل الماء أكثره دم
قال عبد الله بن عمرو : كان يحيى يبكي حتى بدت أضراسه .قال مجاهد : كانت الدموع قد اتخذت في خده مجرى .
يا من معاصيه أكثر من أن تحصى ، يا من رضى أن يطرد ويقصى ، يا دائم الزلل وكم ينهى ويوصى ، يا جهولا بقدرنا ومثلنا لا يعصي ، إن كان قد أصابك داء داود ، فنُحْ نَوْحَ نُوح ٍ، تحيا بحياةِ يَحْيى .
روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في وجهه خطوط مسودة من البكاء . وبكى ابن مسعود ، حتى أخذ بكفه من دموعه فرمى به .وكان عبد الله بن عمر يطفىء المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عينيه .وقال أبو يونس بن عبيد : كنا ندخل عليه فيبكي حتى نرحمه .
وكان أبو عمران الجوني ، إذا سمع المؤذن ، تغير وفاضت عيناه .وكان أبو بكر النهشلي ، إذا سمع الأذان تغير لونه وأرسل عينيه بالبكاء .
كان الفضل قد ألف البكا ، حتى ربما بكى في نومه حتى يسمع أهل الدار :ورقت دموع العين حتى كأنها دموع دموعي ، لا دموع جفوني وكان أبو عبيدة الخواص يبكي ، ويقول : قد كبرت فاعتقني .
ويقول الحسن بن عدقة : رأيت يزيد بن هارون بواسط من أحسن الناس عينين ثم رأيته بعد ذلك مكفوف البصر فقلت له : ما فعلت العينان الجميلتان ؟ قال : ذهب بهما بكاء الأسحار ، يا هذا لو علمت ما يفوتك في السحر ما حملك النوم ، تقدم حينئذ قوافل السهر على قلوب الذاكرين ، وتحط رواحل المغفرة على رباع المستغفرين ، من لم يذق حلاوة شراب السحر لم يبلغ عرفانه بالخير ، من لم يتفكر في عمره كيف انقرض لم يبلغ من الحزن الغرض .
قيل لعطاء السليمي : ما تشتهي ؟ قال : أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي ، وكان يبكي الليل والنهار ، وكانت دموعه الدهر سائلة على وجه .