الثلاثاء، مارس 23، 2010

الضحك و أسراره

هل تعرف أحداً من العابسين دوما..
يُعرف قاموس وبستر الضحك بأنه (تعبير مسموع يرتبط بانفعال معين - خصوصا البهجة والسخرية والارتباك - ويحدث الضحك من خلال اندفاع الهواء على نحو مفاجئ من الرئتين فينتج منه أصوات تمتد من القهقهة الانفجارية إلى الضحك المكبوت أو المكتوم. وغالبا ما تصاحب الضحك حركات خاصة بالفم أو عضلات الوجه، وارتفاع ما في العينين.
اعتبر الفلاسفة والعلماء بأن الضحك صنيع فسيولوجي مادي يتصل بانتقال الشعور انتقالا مفاجئا من الأعصاب إلى العضلات، وبعضهم يرى أنه صنيع نفسي ينشأ من افراغ التعب الذي يصيبنا في الحياة.. ويرى البعض بأن الضحك قد تطور بوصفه لتشكيل العلاقات بين الناس وتوطيدها.. وقد بنى الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون الذي يعتبر أشهر من حاول تفسير الضحك نظرية طريفة تقوم على أننا نضحك على الأاشخاص ومنهم، لما أصابهم من تحول أخرجهم عن طبيعتهم العادية المألوفة لنا، اذ نراهم قد تصلبوا، وخرجوا عن عقولهم، وأصبحوا كأنهم آلات، فهم لا يتصرفون تصرف الإنسان الحر المختار، وانما يتصرفون تصرفات الآلات الصلبة التي لا تملك حرية ولا اختياراً، وبهذا يصبحون كأنهم لعب تحرك بأسلاك سواء في أوضاع الجسم وحركاته أم في أوضاع الكلمات ومدلولاتها وارتباطها فيما بينها .
هناك مراتب من الضحك وأنواع له، فقد جاء في "فقه اللغة وسر العربية" لأبي منصور الثعالبي، تحت عنوان "في مراتب الضحك" أن التبسم أولى مراتب الضحك، ثم الإهلاس وهو إخفاؤه، ثم الافترار والانكلال، وهما الضحك الحسن، ثم الكتكتة أشد منها، ثم القهقهة، ثم الكركرة، ثم الاستغراب، ثم الطخطخة، وهي أن يقول : طيخ طيخ (يقصد يضحك المرء مُصدرا أصواتا من فمه وأنفه)، ثم الإهزاق والزهزقة، وهي أن يذهب الضحك به كل مذهب .
وقد أشار ماكنيل إلى وجود عدة أنواع من الضحك.. منها : ضحك البهجة والمرح، والضحك العصبي، وضحك المحاكاة للآخرين، وعدوى الضحك أو الضحك المعدي، وضحك الدغدغة، والضحك المرضي (ضحك بعض حالات الفصام أو الصرع مثلا)، وضحك الأطفال أثناء اللعب .
يرى الباحثون أن ضحك المرأة أكثر مباشرة من ضحك الرجل.. وعلى الرغم من أن بعض الباحثين يشدد على أن الضحك خاصية انسانية بامتياز، والكاتب الفرنسي رابليه يؤكد على أن الضحك هو الخاصية المميزة للإنسان.. إلا أن بعض العلماء يذهب إلى أن الحيوانات تضحك أيضا.
للضحك فوائد أكثر من أن نتجاهلها، وفي هذا الاطار ثمة من يعتقد أن السبب الذي جعل الأغريق يبنون المستشفيات قرب المسارح هو الاستفادة من الخصائص العلاجية للضحك. والحال أن للضحك وظيفة نفسية جوهرية تتمثل في تخفيف أعباء الواقع، وترطيب جدية الحياة، وإراحة النفس من كثافة المشكلات اليومية، واطلاق الذات من أسر التفكير العميق الجاد.
الابتسامة مفتاح من مفاتيح النجاح، لأنها تفتح قلوب الناس من أجل المعرفة والتواصل الإنساني. وفي اعتقادي أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يبتسم.. ولهذا يقول الشاعر:
"إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسم"
ويقول الناس: إذا أردت أن تفتح محلاً تجارياً فلا بد أن تعرف كيف تبتسم، ربما أن تكون مبتسماً دائماً..!!
والابتسامة الصادقة والعفوية ينبغي ان يتعلمها كثير من الناس من اجل التفوق والنجاح.
وفي الأثر الشريف تبسمك في وجه أخيك المسلم صدقة.
ويقول الشاعر العربي:-
صن النفس واحملها على ما يزينها
تعش سالماً والقول فيك جميل
ولا ترينّ الناس الا تجملاً
نبا بك دهر او جفاك خليل
وكلمة التجمل تعني إظهار سرورك وابتسامتك حتى لو جفاك صديقك او انقلب ضدك الزمان. لكن هناك جانب صحي في الابتسامة الصادقة، وفيها تبرز قيمة الابتسامة في ميزان الحياة الايجابية التي تعطي للإنسان دوراً في مجابهة مصاعب الحياة، وكعلاج نفسي ضد امراض العصر الحديث.. فقد قام فريق من علماء النفس والاجتماع الأمريكيين بدراسة عن الابتسامة وعلاقتها بصحة الإنسان، وأثبتت الدراسة ان الابتسامة تحفظ للإنسان صحته البدنية والنفسية، كما انها نوع من انواع العلاج الوقائي ضد امراض العصر.
وأكدت الدراسات والتجارب التي قام بها أحد علماء النفس والتي شملت حوالي (3500) شخص من مختلف الطبقات الاجتماعية، ان الناس ينقسمون الى ثلاث مجموعات:
- المجموعة الاولى: التي لا تبتسم إطلاقاً.
- المجموعة الثانية: التي تبتسم عند الضرورة او عند وجود مناسبة.
- المجموعة الثالثة: التي تبتسم بصورة مستمرة.
وقد اوضحت هذه الدراسات والتجارب ان الابتسامة هي سبب مهم من اسباب السعادة والنجاح، كما اوضحت ان الشخص الدائم الابتسام هو أكثر الأشخاص جاذبية، وقدرة على إٍقناع الناس، كما أنه أكثرهم ثقة بالنفس.
وقد ثبت مؤخراً ان الشخص الذي يبتسم بصفة دائمة يتمتع بنبض سليم ومتزن، كما ان الابتسامة لديه تساعد كثيراً على تخفيض الدم المرتفع، كما انها تنشط الدورة الدموية بشكل مستمر.
ويبدو ان للابتسامة آثاراً ايجابية على وظائف القلب والمخ والكبد، لأنها تجعل المخ يحتفظ بكمية أكبر من الاوكسجين مما يجعل المخ وسائر الأعضاء أكثر تلقياً للدم النقي