الأحد، مارس 14، 2010

الدكتور محمد سيد طنطاوى فقيه النص و العقل

مشكلة العالم الإسلامي - الذي أصبحت تتوزّعه الخلافات وتنتشر في العالم عنه معلومات ترافقها تصرفات بعيدة عن واقعه الموضوعي والإنساني - مشكلته أنه أحوج ما يكون في هذه المرحلة بالذات إلى وجود فقيه النص وفقيه الفكر القادر على دخول لغة الحوار والقادر أيضاً على مهمة إقناع العقول وكبح اندفاعات العواطف.
لو أن أعداء العالم الإسلامي - مع أن عداوات هذا العصر هي عداوات سياسية أو صراع مصالح اقتصادية - لو أن ما يفترض وجوده من عداء يسعى لأن يعطل نمو المجتمعات الإنسانية ويدفع آلاف المليارات كي ينجح في مهمة التعطيل لما استطاع أن يحقق أكبر إساءتين للمجتمع الإسلامي.. ما انفرد به نظام القاعدة من بشاعة عدوانية البطش وقتل العشرات والمئات عبر الانفجارات، حتى وصلت همجية الإقناع إلى ترويض الشاب المكلف بأن يجعل جسده موقع التفجير..
كذا أيضاً في مضمار الإساءة للمجتمعات الإسلامية ما تميز به الانغلاق المتخلف من غياب عن علوم العصر وأهمياتها والاكتفاء بحفظ اليسير المبسط والمتوارث غيباً من نصوص يفصلهم عن بداياتها ما لا يقل عن ألف عام، ولا يهمهم أن يعرفوا مَنْ وضع معجون الأسنان في أفواههم ووضع الجوال في أيديهم والساعة في معصمهم وعلبة الدواء في بيوتهم..
فقيه النص المتعدد المرئيات وفقيه الفكر المتفتح على الثقافات هو المرحوم الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي انتقل إلى رحمة الله - إن شاء الله - فكان العزاء في فقده التفافاً عاطفياً وعقلياً شمل كل القيادات الإسلامية وعلمائها، وكذا أيضاً الجماعات المسيحية بتنوّعات مواقعها ومذاهبها، وهو ما عكس الأهمية الفقهية والعلمية لمكانة الفقيد الكبيرة في ذهنيات أبرز وجوه العلماء من مختلف الديانات والهويات..
هذا الرجل - رحمه الله - عندما شغل مكانته المرموقة في الأزهر فإنه لم يكتفِ بأهمية الأزهر لكنه خرّج الإنسان بأساليب البساطة والتواضع، في الوقت الذي كان فيه قوياً إزاء أي محاولات لتشويه واقع الإسلام إما بالتطرف أو بفرْض سلوكيات انكماش هي ضد وضوح الإسلام وتجسيده لكرامة الإنسان رجلاً كان أو امرأة..