الجمعة، مايو 01، 2009

توبة رجل في بانكوك

"بانكوك " بلد الضيا ع والفساد . . بلد العربدة والفجور بلد المخدرات والهلاك إنه رمز لذلك كله . مئات الشباب . . بل والشيوخ يذهبون إلى بانكوك يبحثون عن المتعة الحرام فيعودون وقد خسروا . . خسروا دينهم ودنياهم . . خسروا الراحة والحياة السعيدة . . وبعضهم يعود وقد خسر الدنيا والآخرة يعود جنازة قد فارق الحياة ويالها من خاتمة بئيسة! ! وفيما يلي قصة لرجل قد بدأ الشيب يشتعل في رأسه ذهب إلى هناك تاركا زوجته وأولاده ولكنه استيقظ في النهاية يروي قصته فيقول : لم أخجل من الشيب الذي زحف إلى رأسي .. لم أرحم مستقبل ابنتي الكبرى التي تنتظر من يطرق الباب طالبا يدها للزواج. . لم أعبأ بالضحكات الطفولية لابنتي الصغرئ التي كانت تضفي السعادة والبهجة على البيت . . لم ألتفت إلى ولدي ذي الخمسة عشر ربيعا والذي أرى فيه أيام صباي وطموحات شبابي وأحلام مستقبلي . . وفوق كل هذا وذاك لم أهتم بنظرات زوجتي . . شريكة الحلو والمروهي تكاد تسألني إلى أين ذلك الرحيل المفاجيء . شيء واحد كان في خاطري وأنا أجمع حقيبة الضيا ع لأرحل . . قفز هذا الشيء فجاة ليصبح هو الحلم والأمل . . ليصبح هو الخاطر الوحيد . . وميزان الاختيارات. ما أقسى أن يختار المرء تحت تأثير الرغبة . . وما أفظع أن يسلك طريقا لا هدف له فيه سوى تلبية نداء الشيطان في نفسه وهكذا أنا . . كأنه لم تكفني ماتمنحه زوجتي إياي . . تلك المرأة الطيبة التي باعت زهرة عمرها لتشتري فقري . . وضحت كثيرا لتشبع غروري الكاذب . . كانت تمر عليها أيام وهي تقتصر على وجبة واحدة في الاكل لأن مرتبي المتواضع من وظيفتي البسيطة لم يكن يصمد أمام متطلبات الحياة. صبرت المسكينة . . وقاست كثيرا حتى وقفت على قدمي . . كنت أصعد على أشلاء تضحياتها . . نسيت أنها امرأة جميلة صغيرة . . يتمناها عشرات ا! واختارتني لتبني مني رجلا ذا دنيا واسعة في عالم الأعمال يسانده النجاح في كل خطوة من خطواته . وفي الوقت الذي قررت فيه أن ترتاح لتجني ثمرات كفاحها معي أطير كأن عقلي تضخم من أموالي . وكأنني أعيش طيش المراهقة التي لم اعشها في مرحلتها الحقيقية . بدأت يومي الأول في بانكـوك. . وجـه زوجتي يصفح خيالي كلما هممت بالسقوط هل هي صيحات داخلية من ضمير يرفض أن ينام . . أم هوعجز الكهولة - الذي شل حركتي . إنك لاتستطيع شيئا. . اعرض نفسك على الطبيب " عبارة صفعتني بها اول عثرة فنهضت وقد أعمى الشيطان البصيرة ولم يعد همي سوى رد الصفعة توالت السقطات وتوالى الضياع . . كنت أخـرج كل يوم لأشتري الهلاك وأبيع الصحة ومستقبل الأولاد وسلامة الأسرة . . ظننت أنني الرابح والحقيقة أنني الخاسر الذي فقد روحه وضميره وعاش بسلوك البهائم يغشى مواطن الزلل. ! أخـذت أتجـرع ساعات الهلاك في بانكوك كأنني أتجرع السم المر أشرب كأس الموت . . كلما زلت القدم بعثرات الفساد . . لم تعد في ذمتي يسمع عقلي حكمة. عشت غيبوبة السوء يزينها لي مناخ يحمل كل أمراض الخطيئة. . مرت 8 أيام أصبحت خلالها من مشاهير رواد مواطن السوء . . يشار إلي بالبنان . . فانارجل الأعمال "الوسيم " الذي يدفع أكثر لينال الأجمل ! ! أحيانا كان همي الوحيد منافسة الشباب القادمين إلى بانكوك في الوجاهة و في العربدة . . في القوة . . أعرفهم جيدا لا يملكون جزءا يسيرا مما أملكه لكنهم كانوا يلبسـون "أشيك " مما ألبسه لذا كنت أقتنص فورا الفريسة التي تقع عليها أعينهم . . وعندها أشعر أنني انتصرت في معركة حربية وفي النهاية سقطت سقطة حولتني إلى بهيمة . . فقدت فيها إنسانيتي ولم أعد أستحق أبوتي . . فكانت الصفعة التي أعادت إلي الوعي . . قولوا عني ماتشاءون . . اصفعوني . . ابصقوا في وجهي . . ليتكم كنتم معي في تلك السـاعـة لتفعلوا كل هذا. . أي رعب عشتـه في تلك اللحظات وأي موت تجرعته . أقسم لكم أنني وضعت الحذاء في فمي لأن هذا أقل عقاب أستحقه . . رأيت - فجأة - وجه زوجتي يقفز إلى خيالي . . كانت تبتسم ابتسامة حزينة. . وتهز رأسها أسفا على ضياعي . . رأيت وجه ابنتي الكبرى التي بلغت سن الزواج تلومني وهي تقول : ما الذي جعلك تفعل كل هذا فينا وفي نفسك ؟! ورأيت - لأول مرة- صحوة ضميري ولكنها صحوة متأخرة . . جمعت حقيبة الضياع التي رحلمت بها من بلدي . . قذفتها بعيدا . . وعدت مذبوحا من الوريد إلى الوريد . ها أنذا أبدأ أول محاولاتي للنظر في وجه زوجتي . . أدعو الله أن يتوب علي . . وأن يلهم قلبها نسيان مافعلته في حقها وحق أولادنا. ولكن حتى الان لم أسامح نفسي . . ليتكم تأتون إلي وتصفعوني بأحذيتكم إنني أستحق أكثر من ذلك .. .
من كتاب التائبون الى الله للشيخ ابراهيم بن عبدالله الحازمي