الثلاثاء، أبريل 21، 2009

الشائعات

تولد الإشاعة، وتنمو، وتكبر، وتأخذ حجماً خرافياً في الامتداد والانتشار عندما يكون موطنها، وتربتها، وفضاؤها، ومناخها مجتمعاً مريضاً مسكوناً بالجهل، والتخلف، والأمية، مؤمناً بالخرافة، ومعطلاً للعقل، والتفكير، ومنطق الحقائق والواقع، هامشياً في حياته يعيش أنماط وعي محدود، هلامي يملأ به زمنه المتردي، والمرتكز في قاع الغباء، والوهم، وتصورات الإنجازات، والانتصارات، وقلب المعادلات، وتدوير الدوائر على زمن هو في الحقيقة عاجز كل العجز عن صنع فضاءاته الجيدة والجميلة والمنتجة،وإخضاعه عبر العقل، والعمل، والفكر لصالح طموحاته، ورغباته، وصياغة أقداره.
الإشاعة تكون، وتتضخم في المجتمعات الهامشية المسلوبة القدرة على التمييز، ووضع الأشياء في موازين العقل، والمنطق، واخضاعها للتفكير المعقلن الواعي، نتيجة للاتكالية، والعجز، والهروب من النضالات الإنسانية في سبيل ايجاد واقع حياتي ينتشي فيه الإنسان بالانتصارات، والتفوق، والعمل الجاد من أجل العطاء، والتكامل، على أسس عاقلة ومتوازنة، ترفض الخرافة، وتقصي كل أوهام البلادة التي يسوغها الجهل، والتخلف الفكري، والحياتي، والتعليمي، والتربوي. وتكرسها حالات الارتخاء، والعجز التي هي في العادة صفات الشرائح الهامشية في المجتمع.
ويبدو - وهذا محزن وقاتل - أن بعض مجتمعنا لا يزال هامشياً، اتكالياً، عاجزاً، بليداً، يؤمن بالخرافة، ويقتات الخمول عبر الإشاعة، ويبني أمجاده على أحلام الوهم، وهم الثراء، ووهم الانتصارات، ووهم حياة مرفهة، باذخة، مبهرة عبر الانخراط في خلق خرافة، ومن ثم التصديق بفعل الخرافة، وحقيقتها. وهذا الأمر أحسب أنه منتهى ما يمكن أن يصل إليه المجتمع في مسار السقوط، والتلاشي، وغياب الوعي، ومن ثم الموت.
والمجتمع الذي يصدق الإشاعة، ويتبناها، ويضعها في مصاف الحقيقة، ويسير خلف أهدافها، وأغراضها هو مجتمع قابل للاختراق، وقابل أن يكون ضحية مخيفة لأعدائه، وخصومه، ويضع مستقبلاته، وثروات وطنه، ومكاسبه، وانتصاراته، ونموه، وتنميته، وانجازاته في مهب رياح الأعداء، وفي متناول أجهزة المخابرات،والمؤسسات التي تعمل معها.
إنه الجهل، والتخلف، وهما أخطر من أي سلاح..!