الخميس، أبريل 23، 2009

التليفزيون ترفيه.. أم إدمان؟

مشاهدة التليفزيون قد تكون مفيدة ومسلية في برامجها الثقافية والترفيهية، إلا أن كل تسلية لها حدودها المعقولة، وإذا تخطت هذه الحدود تبرز المخاطر، ومن بينها الإدمان! ولقد تحولت مشاهدة التليفزيون بالفعل لدى الكثيرين إلى إدمان، فالمخدرات أو ما شابهها تتيح للمدمن حالة عقلية سارة مؤقتة وسلبية دائمة! فهي تؤجل الهم والغم الذي قد يصيب المدمن .. والتليفزيون أقرب إلى ذلك.
إننا نتعاطى التليفزيون !! والواقع يؤكد ذلك ولا سيما في شهر رمضان الفضيل الذي يتميز في بلداننا العربية بظهور فيضان من المسلسلات والبرامج والسهرات التي تجذب كل أفراد الأسرة. ولقد قام العلماء بإجراء أبحاث عديدة خلال العشرين سنة الماضية حول ظاهرة إدمان التليفزيون وما تنطوي عليه من أخطار.
وتشير الدراسات في أوروبا وأمريكا إلى أن المشاهدين يكرسون ما بين 3 و4 ساعات يوميا للمشاهدة، أي إنهم يقضون نصف وقت الفراغ في هذا المجال وحده، أكثر من أي مجال آخر، باستثناء العمل والنوم.. ووفق هذا المعدل، فإن من يعيش حتى عمر 75 عاما، يكون قد أمضى حوالي 10 سنوات أمام هذا الجهاز الساحر!. أعراض الإدمان يربط العلماء بين الإسراف في المشاهدة وبين الإدمان.. فالضيق والتوتر الذي ينتاب مدمن التليفزيون عند إصابة الجهاز بخلل أو انقطاع التيار الكهربائي أثناء الجلوس أمامه يشبه ما تفعله العقاقير المهدئة التي تسبب إدمانا عند افتقادها.
بل يذهب بعض العلماء إلى حد تشبيه إدمان التليفزيون بالمخدرات، فالناس يعانون أعراضا مشابهة لأعراض الإقلاع عن المخدرات، عندما تقل أو تتوقف مشاهدتهم للتليفزيون.ولدراسة ردود أفعال من يفرطون في مشاهدة التليفزيون، قام فريق من الباحثين الأمريكيين بتجارب مهمة اعتمدت على رصد أمواج المخ وسرعة ضربات القلب أثناء المشاهدة الطويلة.
وأظهرت النتائج التي سجلها جهاز موجات المخ، أن النشاط الفكري كان محدودا جدا، وأن موجات "ألفا" المعبرة عن درجة هذا النشاط تقل خلال المشاهدة عما تكون عليه أثناء القراءة. كما كشفت هذه التجربة أن الإحساس بالاسترخاء ينتهي عند إطفاء الجهاز ويستمر انخفاض النشاط الذهني. وأشار فحص المشاركين إلى أن التليفزيون استحوذ عليهم، وامتص في الوقت نفسه بعض طاقاتهم الفكرية!وتمكن الباحثون من جمع بيانات عن آلام التوقف عن المشاهدة شبيهة بمعاناة الإقلاع عن المخدرات.
وأظهرت النتائج أن التليفزيون أشد إغراء من العلاقات الاجتماعية، وتبين أن حياة الذين يفرطون في مشاهدة التليفزيون حياة غير متوازنة بسبب هذه العادة التليفزيونية وهي أقرب إلى حياة مدمني المخدرات أو الكحول! فهم يعيشون في نمط مسيطر عليهم، ولا يهتمون بالأنشطة المؤدية إلى التطور والإحساس بالإنجاز! فالمشاهدة في كثير من الأحيان تشوه معنى الوقت وتقلل العلاقات الإنسانية، وتهدر فرص التواصل بين الناس، بل أحيانا تزيلها!! لذلك يوصف الإدمان بأنه المفرق للصداقات، والممزق للعلاقات الاجتماعية، فضلا عن إهمال الهوايات والعادات الأخرى المفيدة.