السبت، أبريل 25، 2009

نخن و ما يصل إلينا عبر الإنترنت

الأخلاق اسم جامع لكل المعاني الفاضلة والأفعال الحميدة التي ترتضيها النفس السوية وتتماشى مع الأعراف والتقاليد لكل الشعوب والأمم الحية، والتعاليم والتشريعات لكافة الديانات السماوية، وهي دستور فطري جاءت كافة الديانات لتبرزه وتحض عليه، وتضع التشريعات لتقنينه وضبط آلياته بقيم ثابتة ومثل عليا، مثل صالحة لكل زمان ومكان، بل إن هناك من يرى أنها الأساس الذي يحدد تصرفات الناس دون إجبار أو إكراه. فهي معيار للفضيلة ورقيب داخلي وشكل من أشكال الوعي الإنساني يقوم على ضبط سلوك الإنسان في كافة مجالات حياته وتنظيم علاقاته الممتدة مع شقيقه الإنسان وما يحيط به من بيئة ومكان وحيوان. إنها فيض من ينبوع إيماني يشع، فينير دواخل النفس و تظهر آثاره على الجسد والملامح فتحيط بالجسد هالات من نور فتسمو الروح، وتنتصر على جبروت الغرائز في لحظات ضعف تتجاذب الإنسان فيها الرغبات ويأخذه حب الاستطلاع والفضول إلى مدارات تجدف به بعيداً عن الأخلاق وتغمسه في وحل الذنوب والخطيئة. وإذا كانت "الأخلاق قد توقفت في إحدى الولايات الأمريكية لمدة ثماني ساعات بسبب تعطل الكهرباء في حادثة مشهورة, سجل خلالها أكثر من خمسة آلاف سرقه في هذه الولاية فقط!! , لأن الكاميرات التي كانت تراقب الناس توقفت عن العمل فأصبح من السهل على الإنسان أن يحمل سريرا من محل الأثاث و يخرج به"، في ظل غياب الرقيب الداخلي المتمثل في الوازع الديني والأخلاق. فماذا نفعل أمام هذا السيل المعلوماتي الذي يتيح لأي فرد ومن أي نقطة في العالم أن يبث ما يريد دون أي رقيب او حسيب من خلال حاسبه الشخصي أو جواله ، بمقاطع بلوتوث ورسائل الكترونية انتشرت بين الشباب كانتشار النار في الهشيم، وليت الأمر اقتصر على اللهو والتسلية، ولكن الأمر تطور فبدأنا نسمع عن أسر تشتت وجرائم ارتكبت بسبب هذه التقنية التي أصبحت في متناول الجميع، والأمثلة على ذلك عديدة والشواهد كثيرة، فهذان زوجان أمريكيان اضطرا إلى تغيير مقر سكناهما بعد أن تم نشر اسم الزوجة وعنوانها ورقم هاتفها إلى جانب صورها العارية على الانترنت، وقالت الزوجة إنها بدأت تتلقى مكالمات ورسائل هاتفية بذيئة بخصوص الصور الموجودة على هاتف زوجها منذ أن نسيه في مطعم ماكدونالدز. ثم اكتشفا بعد ذلك أن الصور العارية التي أرسلتها إلى زوجها قد نشرت على شبكة الإنترنت. ، وقد ذكرا أنهما خسرا مصدر رزقهما، وأنهما عانيا نفسيا من الحرج ومن سمعتهما التي تضررت كثيراً. وإذا كانت هذه الأسرة قد عانت كل ذلك وهي في مجتمع غير مبال بمثل هذه الأمور، فما بالكم لو حصلت في مجتمع محافظ وحذر بكل شيء يخص الأسرة بصفة عامة والمرأة بخاصة. والإشكالية ليست في من يتعب على هذه المقاطع جمعاً وتصويراً وبثاً، وإنما في غالبية أفراد المجتمع، والذي بدأ يتعامل مع هذه المقاطع كنوع من اللهو والتسلية، وولع بالتجسس وإدمان على تتبع الخصوصيات. فكم من مقاطع تطوع بإرسالها أصحاب أو أقارب دون طلب منك، تكون في مجلس فتفاجأ بسؤال من عزيز "شفت المقطع الفلاني"، او "شف هذا ". وإذا كان الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه قد نهى عن القيل والقال وكثرة السؤال. وورد في حديث شريف آخر "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بما سمع"، ..فما بالكم بحديث يسمعه العالم وينتقل عبر ذبذبات الانترنت إلى كافة أرجاء الدنيا. لقد أصبحت الأسر، جميع الأسر مخترقة عبر أجهزة أصبحت في متناول الجميع صغاراً وكباراً وبأسعار في متناول الجميع، وهذا الاختراق قد يكون عن عمد وترصد أو عبر لهو طفولي لا يقدر عواقب الأمور، تتفاجأ بعده الأسرة بانتشار صورها وتناقلها بين الجميع. فما أحوجنا اليوم ونحن نتعامل مع هذه المعطيات التقنية..معطيات جعلت العالم أمام ناظريك وتحت أطراف أصابعك لتشاهد كل زواياه وتتنقل بين ردهاته، ما أحوجنا إلى شكر هذه النعمة وتأطيرها بمنظومة أخلاقية تزيد من قيمتها وتتلافى سلبياتها. باجتناب ترويج المعلومات مجهولة المصدر أو غير الصحيحة، والبعد كل البعد عن تداول مقاطع التشهير والفضائح.