برامج قراءة الشاشة
برامج قراءة الشاشة هي عبارة عن تطبيقات برمجية تهدف لمحاولة التعرف على المحتوى المفترض رؤيته على شاشات الحاسبات الآلية أو التليفونات المحمولة أو غيرها وإن لم يتم توصيل شاشة العرض في وقت القراءة، وهذا إنما يعني أن هذه البرامج تستقي معلوماتها من أنظمة التشغيل العاملة لكي تقرأها بالصوت باستخدام أي من آلات النطق الإلكترونية أو بعرضها على أي من الأسطر الإلكترونية البارزة المتصلة بالحاسوب، ويجدر بنا أن نشير إلى أن هذا النوع من التطبيقات البرمجية إلى جانب برامج تكبير الشاشة يفيد منه المكفوفون وضعاف البصر والأميون أو مَن يعانون من صعوبات في التعلم في التعرف على محتويات الشاشات الإلكترونية وبالتالي التفاعل مع وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة.وحرِي بنا ألا نتقيد باسم واحد لأحد برامج قراءة الشاشة أو حتى نتقيد بنظام تشغيل دون غيره، وهذا إنما يومئ بالإشارة إلى أن أغلب أنظمة التشغيل المشهورة يوجد بها برامج لقراءة وتكبير الشاشة أو على الأقل تدعم المعايير التوافقية مما يشجع مصممو البرامج على إنتاج برامج قارئة لشاشات تلك الأنظمة.
فبرامج قراءة الشاشة، مثلها في ذلك مثل أية نوع آخر من برامج الحاسب الآلي، منها ما هو تجاري يخضع لإنتاج شركات تهدف للربح ومنها برامج مفتوحة المصدر تهدف للرقي بالمستوى الأدائي والاستخدامي للحاسبات الآلية، ومع الأسف فإن تكلفة تلك البرامج باهظة الثمن فعلاوة على ارتفاع أثمان تحديثها من أصدار لإصدار أحدث إلا أن أسعار شرائها مرتفعة بالأساس فثمن أحدها قد يبلغ بضع آلاف من الجنيهات المصرية، ناهيك عن ثمن تحديث البرنامج الذي قد يبطل عمل استخدامه بتطوير التطبيقات المنتشرة في الأسواق أو بتطوير نظام التشغيل العامل معه. تحديثات إصداراتها بأسعار كبيرة
وإليكم أشهر أنظمة التشغيل وبرامج قراءة الشاشة التي تعمل في ظلها:
أولا: أنظمة أبيل وماك أو إس أكس: والتي يستعمل مستخدموها من المكفوفين قارئ الشاشة فوييس أوفار (voice over)ثانيا: الأنظمة أمرية الواجهة من لينوكس أورالوكس: والتي يتم تدعيمها بثلاثة بيئات صوتية تتمثل في إيماك سبيك (eMacSpeak)، وياسر (yasr)، وسبيك أب (speakup).ثالثا: كان نظام جينوم على مدار سنوات طوال يدعم النظام الصوتي نوبيرنيكوس (Gnopernicus) وإن كان حاليا يشتمل على قارئ الشاشة أوركا (orca).
بالإضافة إلى برامج قراءة الشاشة مفتوحة المصدر مثل قارئ الشاشة الخاص بنظام جينوم مع لينوكس وسط المكتب غير المرئي (non visual desktop access) الخاص بنظام التشغيل ويندوز.رابعا: بالنسبة لنظام التشغيل ويندوز توجد مجموعة من برامج قراءة الشاشة التجارية مثل: جاوز (jaws)، وهال (hal)، وويندو آيس (window eyes)، سوبر نوفا (super nova) وغيرها من برامج قراءة وتكبير الشاشة باللغة الإنجليزية.
ما إذا كان نظام التشغيل الذي تعمل في بيئته يحمل لنا واجهة رسومية أو واجهة أمرية. ما إذا كان تشغيلها يتم من خلال حاسب شخصي أو من خلال خادم للإنترنت. ما إذا كانت مستقلة وتهدف لقراءة الشاشة فحسب أو ما إذا كانت مدرجة للعمل ضمن منظومة برمجية تسعى لمزيد من التوافقية (accessibility).
ما إذا كانت تجارية أو كانت مفتوحة المصدر.
أولا: ما إذا كان نظام التشغيل الذي تعمل في بيئته يحمل لنا واجهة رسومية أو واجهة أمرية. كانت أنظمة التشغيل الحاسوبية المبكرة مثل نظام التشغيل دوس الذي أنتجته شركة مايكروسوفت تعرض للمستخدم شاشة سوداء تحتوي شاشتها على الأوامر أو الاستجابات الحاسوبية بشكل رتيب، على أن مستخدمها كان حتم عليه معرفة الأوامر التي تؤدي له مراده من هذه الأنظمة مسبقا كما أن عليه التعامل مع الحاسوب من خلال لوحة المفاتيح التي قد تصيب مستخدمها بالرهبة للوهلة الأولى خاصة إن كان المتعامل مع الحاسوب من غير المتخصصين في مجالات علوم الحاسب، ويسمى هذا النوع من واجهات أنظمة التشغيل بالواجهة الأمرية وهي تلك الواجهة التي يبدو من ظاهرها الغموض في كيفية التعامل مع الحاسب. والخلاصة أن هذا النوع من الواجهات كان له طابع خاص وكان من اليسير تصميم برامج قارئة للشاشة للتعامل معه وإن كان التعامل مع بعض البرامج التي تشملها هذه الأنظمة أمر شبه مستحيل لأنها قد تعمل بغير معايير توافقية ولا اهتمام بها. ومن البرامج التي ما لبثت أن قدمت حلولا مثالية بالنسبة لنظام التشغيل دوس مثلا: برنامج هال (hal) الذي أنتجته شركة دولفين الإنجليزية مع انتشار برامج أخرى بسيطة مثل برنامج القراءة الآلية للشاشة (Automatic Screen Access Program, ASAP) وغيرها.
وتقف الأنظمة ذات الواجهات الرسومية (graphical user interfaces) في مقابلة سالفتها من الواجهات الأمرية، فهي تعتمد على الأيقونات لعرض واجهات أكثر جاذبية وأكثر سهولة في الاتخدام علاوة على أن هذه الأيقونات قد تحمل نصوصا أو رسوما أو كلا الهيئتين معا. وبهذا يتمكن كل مستخدم للحاسب من تحديد الهيئة الذي سوف يتسنى له استخدام الحاسوب من خلالها فالمتخصص قد يهتم بنص الأيقونة ومع ذلك فإن الطفل الصغير قد لا يأبه بالنص بقدر ما يهتم بالرسوميات الواردة بنفس الأيقونة وما إلى ذلك.
وهذه الرسوم تحمل لنا معان بعينها عند النظر إليها: فشكل القائمة يوحي بقائمة سردية يمكنك الاختيار منها، وهيئة الزر تحمل لنا معنى الضغط على الزر لتنفيذ أمر ما، وهيئة سلة المهملات الممتلئة تعني امتلاء الحافظة التي تحتوي على ملفات الحاسوب المحذوفة ... وهكذا.
وهنا يأتي نظام التشغيل ويندوز على رأس هذه القائمة الكبيرة من أنظمة التشغيل التي تدعم الواجهات الرسومية التي يلزمها برامج من نفس نوعها من أجل قراءة شاشاتها، وفي هذه الحالة لا تكتفي برامج قراءة الشاشات ذات الواجهة الرسومية بنطق النصوص الواردة في الكائنات المختلفة للنظام وإنما تعلم سامعها أيضا بنوع هذا الكائن أو ذاك إلى جانب عرض قد يكون مفصل لكيفية التعامل مع كائن بعينه، فعلى سبيل المثال: عندما يقف مؤشر النظام في ويندوز إكسبي على شكل الزر المكتوب عليه (start) يقوم برنامج الجاوز، وهو أحد برامج قراءة الشاشة التجارية مع ويندوز إكسبي، بنطق ما يلي نصه، "start button, to activate press space bar" أي أنه لم ينطق كلمة (start) فحسب وإنما أقر بكون الكائن المكتوبة عليه الكلمة من نوع "زر" ولتنشيطه يلزم "الضغط على شريط المسافة" من لوحة المفاتيح. ويذكر أن برامج قراءة الشاشة العاملة مع نظام ويندوز كثيرة ومنها: جاوز وهال وويندو أييز وثاندر وKVDA مفتوح المصدر (غير التجاري) وغيرها الكثير من أنظمة التشغيل المذكورة حسب نظام التشغيل العامل.
وفي هذا السياق يجدر بنا أن نشير إلى التقنيات الواعدة التي تلبي مطالب برامج قراءة الشاشة من أجل الحفاظ على الدقة والكفاءة في الاستخدام في آن واحد، فبرامج قراءة الشاشة تعتمد على استقاء المعلومات التي تقرؤها من خلال الأوامر الشاشية التي ترسلها مؤشرات النظام إلى نواة نظام التشغيل، وبمعالجة وتحليل لهذه البيانات يتسنى لهذه البرامج معرفة الرسائل والقوائم والأيقونات الواردة على شاشة الحاسب وهو ما يسمى بنمط "الشاشة غير العاملة" أو (off-screen model) الذي يلجأ للشفرات الخاصة بنظام التشغيل لمعرفة النصوص المعروضة على شاشة الجهاز ومن ثم عدم حتمية وجود شاشة عرض فعلية أثناء تشغيل مثل هذه البرامج. ومع ذلك، لم يقف مطورو أنظمة التشغيل والعاملين في هذا الحقل عند هذا الحد من التعامل مع المحتوى الرسومي على الشاشة وإنما أعدوا منظومات برمجية يمكن لمصممي البرامج قارئة الشاشة الاستعانة بها في استقاء المعلومات المطلوبة عن الشاشة وإعدادها للنطق أو التعامل الآلي، ومن هذه الحلول والمنظومات البرمجية: Apple Accessibility API. AT-SPI IAccessible2, Microsoft Active Accessibility (MSAA) Microsoft UI Automation Java Access Bridge وهكذا لا تقف برامج قراءة الشاشة عند مجرد نطق شاشات برامج معالجة النصوص أو التعامل مع الإنترنت وإنما يمكنها كذلك التعامل مع تطبيقات متنوعة تشمل برامج قواعد البيانات وبرامج التحليل الإحصائي وبرامج المعالجة الصوتية وبرامج وبيئات لغات البرمجة وتحليل النظم وغيرها، وتبقى التحديات الخاصة بقراءة شاشات التطبيقات المختلفة مرهونة بطبيعة هذه البرامج من جهة وبمدى لزومها للمعايير التوافقية من جهة أخرى، فعلى الرغم من صعوبة إدراك البرامج القارئة للشاشة لمحتوى برنامج فوتوشوب (photo shop) المصمم خصيصا للرسم ومعالجة الصور إلا أن هذه البرامج قد تنطق قوائم البرنامج المذكور نظرا لتوافقية البنية الخاصة بقوائمه، وبالعكس فإن هذه البرامج التي تقرأ الشاشة قد لا تتمكن من قراءة محتوى برنامج (talk-it) على رغم أن البرنامج لا يهدف إلا إلى نطق النص المكتوب له بصوت أجش أو صوت رخيم ولكن ببساطة لا يكفي مرمى البرنامج لإدراج التعامل مع لوحة المفاتيح وبرامج قراءة الشاشة معه، ولكن يجب لزوم المعايير التوافقية كذلك. ثانيا: ما إذا كان تشغيلها يتم من خلال حاسب شخصي أو من خلال خادم للإنترنت. لم يكتفي خيال مصممو برامج قراءة الشاشة بتصميم برامج تقرأ شاشات الحاسبات الشخصية وتقرأ شاشات متصفحات الإنترنت وإنما سعوا من أجل تطوير برامج تتيح خدمة قراءة مواقع الإنترنت ذاتيا بغير حاجة لتثبيت برامج على الحاسبات الشخصية من أجل قراءة الشاشة بالصوت.
وبالفعل نجحت عدة محاولات منها محاولة شركة (textic) في بناء برنامج يمكن تثبيته على خوادم الإنترنت أو تضمينها فيه من أجل إتاحة الفرصة لزوار المواقع تصفح المواقع التي تم تضمين الحل الصوتي فيها بالصوت من خلال قراءة الشاشة وكأن هناك برنامج لقراءة الشاشة مثبت بالفعل على حواسيبهم. وعلى رغم حداثة الفكرة وصعوبة تبني تنفيذها لكافة المواقع في الوقت الراهن، إلا أن هذه الخطوة الرائدة على طريق تصميم برمجيات الخوادم قد تنتشر يوما ما وتجعل من كل موقع على الإنترنت حلا متكاملا لكل زواره بصرف النظر عن مدى احتياجهم لنطق الشاشة من عدمه. وفي هذا الصدد يجدر بنا أن نعترف بدور تكنولوجيا المعلومات في بناء جسور التواصل والمعرفة بين كافة البشر بصرف النظر عن لغاتهم أو جنسياتهم أو ألوانهم أو حتى ظروفهم البدنية والصحية، فليس من الصعب على أي من مطوري مواقع الإنترنت أن يضيف حلولا بديلة مثل إمكانية التحكم في حجم الخط المكتوب به معلومات الموقع فإن ذلك قد يفيد ضعاف البصر، ومن ثم جلب مزيد من الزوار وتحقيق المزيد من الربح علاوة على تمكين فئة جديدة من زوار مواقعنا على الشبكة الدولية، وكذلك يعد بناء حل صوتي وتبنيه على مواقع الإنترت مزية يحلم بها كل كفيف أو فاقد للبصر، وهكذا.
ثالثا: ما إذا كانت مستقلة وتهدف لقراءة الشاشة فحسب أو ما إذا كانت مدرجة للعمل ضمن منظومة برمجية تسعى لمزيد من التوافقية (accessibility). ولا تنتهي القدرات البرمجية عند كتابة برنامج لقراءة الشاشة فحسب وإنما يستخدم مصممو بعض البرامج حلولا صوتية تساعد مستخدمي برامجهم على التفاعل بالصوت والصورة مع ردود أفعال البرنامج، ومن أوضح الأمثلة على مثل هذا النوع من البرامج، نجد الألعاب الإلكترونية، التي غالبا ما لا تخضع لمعايير توافقية نظرا لظروف وقوانين اللعبة نفسها، تبدي لنا صورا توضيحية لكيفية اللعب، ونطق كلمات مساعدة يمكن أن توجه مسار أحداث اللعبة لما يرمي إليه مصممها! وهذا المثال المذكور إنما يعكس لنا دور آلات النطق الإلكترونية في مجالات شتى بخلاف كونها معين أساسي لبرامج قراءة الشاشة.
وبالمثل فإن مصممي البرامج يجب عليهم استغلال الموارد التكنولوجية الحديثة في إلحاق حلول صوتية بسيطة تساعد ذوي الإعاقة البصرية على استخدام برامجهم، فإن كان البرنامج المستهدف يختص بالحسابات يجب على مصممه مراعاة الحل الصوتي عسى أن يستخدم هذا البرنامج فرد كفيف لعمل حساباته الخاصة أو إدارة مشروعه الخاص. وهذا إنما يعد وسيلة ضغط مناسبة على شركات تطوير برامج قراءة الشاشة لزوم خفض أسعار منتجاتها وبناء استراتيجيات جديدة للعمل من أجل تحقيق المساواة التقنية ما بين البشر.
رابعا: ما إذا كانت تجارية أو كانت مفتوحة المصدر. ولا ينتهي بنا الحديث عن أنواع برامج قراءة الشاشة إلا بذكر تصنيف هذه البرامج من حيث القيمة المالية المدفوعة من أجل الحصول عليها. فمن برامج قراءة الشاشة ما هو تجاري يهدف بالدرجة الأولى للربح ومنها ما يترك لتقدير المتبرعين على أن يظل مفتوح المصدر لتلقي كافة المساعدات الفنية التي يمكن من خلالها تطوير البرنامج لأقصى مدى ممكن. ويخضع كون البرنامج قارئ الشاشة تجاريا أو مجانيا لعدة عوامل تتمثل في أهداف الشركة المنتجة له ونظام التشغيل العامل معه على حد سواء. فأنظمة يونيكس ولينوكس وغيرها من الأنظمة المنافسة تتبع سياسة البرمجيات مفتوحة المصدر وبالتالي تسمح لمستخدمها باقتناء البرامج بدون أي شروط لدفع قِرش واحد للشركات المنتجة لها أو المؤسسات المشرفة عليها، وهذه الهيئات أو الكيانات يتم تدعيمها من خلال أنشطة أخرى تصرف عليها كأن تكون أنشطة طلابية أو أنشطة بحثية أو أن يقوم على تطويرها متطوعون بالخير أو أي شكل من أشكال التدعيم. أما النهج التجاري الذي تتبناه شركات أخرى عملاقة مثل شركة مايكروسوفت في نظام ويندوز يضفي على معظم برامج هذا النظام طابع تجاري أو على الأقل مجاني وإن لم يكن مفتوح المصدر. فالبرامج مفتوحة المصدر بصرف النظر عن مجانيتها فإن شفرتها البرمجية متاحة لكل عارف بالبرمجة. ومع ذلك نجد أن بعض برامج قراءة الشاشة التي تدعم النظام التجاري ويندوز بدأ في بناء استراتيجيات لتصميم برامج مفتوحة المصدر للعمل مع ويندوز كذلك.
ومما تقدم نستنتج أن برامج قراءة الشاشة تتنوع بتنوع أنظمة التشغيل المشهورة التي يتوقع استخدام المكفوفون لها. المجالات المنوطة بتطبيق استخدامات آلات النطق الإلكترونية تتعدد الاستخدامات التطبيقية لآلات النطق وإدراجها في الحلول النطقية في العديد من المجالات لا سيما لأهمية الصوت في حياة الإنسان باعتباره وسيلة التواصل المُثلَى بين البشر. فعلى الرغم من قدرة العين المجردة على مراقبة المستجدات المرئية آنيا إلا أنها تخفق في رؤية الغيبيات المكانية بخلاف الأذن البشرية، فلك أن تتأمل مِثالَين يوضح أحدهما حالتك الانفعالية عندما يدق جرس الباب الذي يفصل بينك وبينه مجموعة من الجدُر وحالتك عندما يوقد أحد أبناؤك أو أصدقاؤك مصباح الإنارة في الحجرة المجاورة للحجرة التي تمكث فيها، في حالة سماعك لجرس الباب فإنك تقوم على الفور ملبيا دعوة الطارق، ومع ذلك فإنك قد لا ينمو إلى علمك حالة المصباح المنير من المعتم على رغم فصل جدار واحد بينك وبينه. ومن هنا نستخلص الحقيقة الحتمية لاتساع محيط الإدراك السمعي عن البصري في كافة الكائنات بما في ذلك الإنسان، وهذا إنما يرجع إلى الخصائص الصوتية والخصائص المرئية اللتان تمثلا سمات كل منهما. وبالمثل فإنك قد تسمع آلة التنبيه الخاصة بالسيارة التي تنتظرها وتوقن بقدومها بالقرب من منزلك على رغم عدم ضرورة ذهابك للنافذة أو الشرفة لتراها رأي العين.ولما كانت آلات النطق الإلكترونية تتطور ويحاول مصنعوها محاكاة الصوت البشري، كان من الضروري إدراجها في أدوات مفيدة للإنسان وإلا فلا حاجة لنا بمثل هذا الانتصار العلمي الفائق. وبالطبع لا يقتصر مفهوم الصوت المنبعث من آلات النطق الإلكترونية على تحويل النص المكتوب إلى نص منطوق عن طريق التحليل النحوي واللفظي كما أسلفنا في مقالاتنا السابقة، وإنما يمكن تلقين آلة النطق حروف أو أرقام بعينها لتقرأها عند تنفيذ شرط برمجي ما، ولهذا انتشرت ساعات اليد وساعات الحائط الناطقة لتعلم مستخدمها بالوقت دون الحاجة للنظر إليها وهذا ما يفيد منه طوائف عديدة لا تنحصر في ضعاف البصر والمكفوفون وإنما تتسع لتشمل كبار السن وتشمل أيضا الأفراد الذين يستغلون أبصارهم في أعمال مهمة تمنعهم من الالتفات إلى مراقبة الوقت بالعين طالما كانت هناك وسائل تنطقها لهم وهكذا.ولم يتوقف الأمر عند نطق الوقت الحالي بواسطة ساعات اليد وساعات الحائط وإنما اتسع ليشمل المنبهات الوقتية وآلات التليفونات الأرضية التي تنطق الأرقام الواردة كما تنطق الأرقام الصادرة بالإضافة إلى أجهزة قياس ضغط الدم والضغط الجوي وأجهزة قياس الحرارة والرطوبة بأنواعها، علاوة على إدراج الآلات الناطقة في المصاعد وعدادات السيارات والطائرات وأجهزة التحكم عن بعد التي تتحكم في التليفزيونات ومستقبلات الأقمار الصناعية ومكيفات الهواء والأجهزة المنزلية المختلفة.
ومن أهم التطبيقات الرائعة لاستخدام آلات النطق الإلكترونية بكافة إمكانياتها تلك التطبيقات التي تقوم بإدراج آلات النطق الإلكترونية في الحزم البرمجية لبرامج قراءة شاشة الحاسبات الآلية أو الهواتف المحمولة أو برامج قراءة المستندات أو أي برامج لتحويل المحتوى الإلكتروني النصي إلى محتوى إلكتروني صوتي أو مسموع.
والجدير بالذكر أن ذوي الإعاقات من المكفوفين لا يتسنى لهم استخدام الحاسبات الآلية ولا التليفونات المحمولة بأنواعها إلا عن طريق برامج تقرأ لهم النصوص والرسوم الواردة على شاشات هذه الابتكارات المبهرة ويعلمهم بحالات الكائنات الفاعلة أو النشطة على الشاشة. ولا ينقضي المقام بالحديث عن آلات النطق إلا بذكر برامج قراءة الشاشة والمستندات التي جعلت من الأدوات التكنولوجية أدوات وبرمجيات تعويضية ومعاونة تساعد المكفوفين باختلاف أدوارهم الاجتماعية على تأدية المهام المنوطة بهم، فالطالب المكفوف يستخدم الحاسب الآلي في الاستذكار وإعداد الأبحاث العلمية ويستخدم الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي المحمول لتسجيل كافة البيانات وكأنه يحمل مفكرة إلكترونية ومكتبة ومحبرة وساعة وتقويم وغير ذلك في آلة واحدة يحملها في جيبه.أنواع آلات النطق الإلكترونية بعد أن تعرضنا لكيفية وماهية آلات النطق التي تهدف لمحاكاة الصوت البشري من خلال الحاسبات الآلية والأدوات التكنولوجية
تعالوا نتعرف على بعض أنواع آلات النطق الإلكترونية ودورها في حياة البشر.تنقسم آلات النطق إلى:
أولا: آلات نطق ملموسة (hardware synthesizers)وهي عبارة عن أدوات خارجية أو داخلية تتصل بالحاسب الآلي وتستطيع إخراج صوت محاكي للصوت البشري ونطق النصوص الواردة على شاشة الحاسب من خلال أحد برامج قراءة الشاشة، ومنها:Accent ExternalApollo2DECtalk expressDECtalk USBdoubletalk LTLighttalktripple talk PCItripple talk
USBثانيا: آلات نطق برمجية (software synthesizers)وهي عبارة عن برامج يمكن تثبيتها على الحاسب الآلي أو الهاتف المحمول ثم دمجها للعمل مع أحد برامج قراءة الشاشة، ومنها:BrightspeechEloquenceESpeakMicrosoft Speech EngineorphiusRealSpeak SOLO directremote Access speechوليس من شك في أن الآلات المذكورة في كل من النوعين ليست إلا أشهرها، وأن معظم الآلات البرمجية المذكورة تعمل في ظل نظام التشغيل ويندوز.ويجدر بنا أن نذكر أن بعض آلات النطق تعتبر من البرمجيات مفتوحة المصدر التي تخضع لتراخيص تسمح بتوزيعها وتطويرها مثل ESpeak وغيره من آلات النطق البرمجية الإلكترونية
ما هي التحديات التقنية التي تواجهها صناعة آلات النطق الإلكترونية؟
تتباين التحديات التقنية في إنتاج وتصنيع آلات النطق الإلكترونية بتباين المرحلة التي يمر بها النص بدأً من تحويل النص إلى شكله الحاسوبي المألوف للحاسبات ثم التحديات البرمجية عند تحويل النص إلى رموز صوتية حتى يمكن نطقها لاحقا ثم التحديات الخاصة بتقييم آلات النطق على المستوى اللغوي والاستخدامي والأدائي، بالإضافة إلى تحديات أخرى غير تقنية إلا أنها تؤثر على المسيرة التكنولوجية في تطوير مثل هذه الآلات الناطقة التي تحاكي الصوت البشري.
وفيما يلي سرد موجز لأهم العراقيل التقنية التي تواجه المبرمجين في هذا المضمار:
أولا: تحديات تحويل النص الآلي إلى نص طبيعي مفهوم، فعملية تحويل النص الآلي إلى نص طبيعي عملية غاية في التعقيد والصعوبة بقدر ما تحمل اللغة المستهدفة بالنطق مغايرات في النطق عنه في الهجاء، وبعض هذه التحديات تشمل التحدي في تحويل كلمة يتفق هجاؤها وتختلف طريقة نطقها حسب السياق النصي الواردة به، مثل: "فَجْر" و"فُجْر"، أو مثل: "إنْ" و"إنّ" أو "ظَهَرَ" و"ظُهْر" أو "كِتاب" و"كُتّاب"، فاللغة العربية، على سبيل المثال، لا تخلو من تشابه هجائي واختلاف نطقي كما هو موضح بالأمثلة المذكورة، وهذا ما يمكن تداركه بكتابة الخط العربي بضبطه ضبطا كاملا أي إدخال العلامات التشكيلية المتمثلة في الفتحة (َ) والكسرة (ِ) والضمة (ُ) والسكون (ْ) وعلامات التنوين على الفتح (ً) والضم (ٌ) والكسر (ٍ) بالإضافة إلى الشدة (ّ) إلا أن الكاتب العربي ما يكاد يكتب بالضبط والتشكيل لتعوده على قراءة وكتابة النص العربي بغيرها ولاختصار الكتابة وتوفير الجهد المبذول والحبر المنثور في تحمل عبء الكتابة بهذا النمط، ولا شك أن الترجيح النطقي يمثل عقبة عند تحديد نطق دون آخر لهجاء واحد وإن تغير المعنى والمبنى للكلام المنطوق عندئذ، ولا تنتهي التحديات اللفظية عند ذلك ولكنها تمتد لترجمة الأرقام بشكل صحيح فمن السهل نطق الأرقام منفردة كأن ننطق "واحد" عند مصادفة رقم 1، ولكن العقبة تأتي عند تحويل الأرقام إلى أعداد منطوقة لفظا مثل "1234" والتي ننطقها "ألْف ومئتين وأربعة وثلاثون" خاصة لوجود دلائل إعرابية تقضي بمطابقة المعدود أو مخالفته للعدد جنساى حسب مجموعة من القواعد النحوية، ولا شك في أن الأرقام ذاتها تنطق بطرق مختلفة حسب السياق التي ترد فيه فقراءة الأرقام في تاريخ اليوم والشهر والسنة يختلف عن قراءة أرقام الساعه والدقيقة والثانية والذي يختلف بدوره عن قراءة الأرقام التي تحمل كسور عشرية وما إلى ذلك، ولا تخلو التحديات الخاصة بتحويل النص الآلي إلى نص طبيعي من وجود بعض الاختصارات أو الاختزالات اللفظية مثل اختلاف النطق في: "ذلك"، و"هذان" و"الرحمن"، بالإضافة إلى تحدي الوقوف على أهم القواعد الهجائية المتعلقة بالنطق مثل اللام الشمسية واللام القمرية وما إلى ذلك.ثانيا: تحديات الترميز الصوتي، وهي التحديات التي يواجهها المبرمجون عند تحويل النص الطبيعي إلى نص رمزِي يحمل الدلالات الصوتية لكل صوت فيه، وهنا نتعرض باختصار وإيجاز لمنهجين في التعامل مع الترميز الصوتي يقضي أحدهما بإنشاء قاموس صوتي كامل يحمل الألفاظ ومقابلها الصوتي حتى يتسنى للباحث عن كلمة معينة العثور على كيفية نطقها طبقا لمجموعة من الرموز المتفق عليها، أما المنهج الثاني فيقضي باستنباط القواعد النطقية من الهجاء الوارد بالألفاظ محاكاة لعملية تعلم القراءة طبقا لقواعد محددة، ولكل من المنهجين ميزاته وعيوبه، فعلى الرغم من دقة المنهج القاموسي في نطق الكلمات إلا أنه يفشل فشلا ذريعا في نطق كلمات غير موجودة بقاموسه (وهو أمر كثير الحدوث إذ لا يخلو نص من اسم علم أو من اسم مكان أو كلمة مستقاة من لغة أجنبية)، أما المنهج التقعيدي في نطق الكلمات فإنه يزج بنا في زخم من القواعد المركبة والمعقدة التي تحتاج إلى معالجة حاسوبية عالية السرعة ودقيقة الأداء، إلى جانب وجود ألفاظ شاذة لا يمكن تقعيد نطقها مثل الكلمة الإنكليزية "of" التي لا يخلو نص إنكليزي من وجودها وهي التي تنطق فيها ال"f" على أنها "v" وغير ذلك من التحديات الهجائية، ومن هنا تستخدم كافة آلات النطق المنهجين القاموسي والتقعيدي في إنتاج نص ترميزي صحيح يمكن نطقه تباعا.ثالثا: تحديات تَقييم مخرجات آلات النطق، وفي هذه المرة يكمن التحدي في الحكم الدقيق على مدى صحة ومطابقة النطق الآلي لمثيله البشري من عدمه، وينتج ذلك عن عدم وجود قاعدة بيانات متكاملة وصحيحة وموضوعية يمكن للباحثين في مجالات الصوتيات اللجوء إليها عند الحاجة لتقييم إنتاج صوتي آلي، فالمعاهد العلمية والمعامل الصوتية كل يستخدم قاعدة بيانات خاصة به لا تخضع لمعايير قاطعة موضوعية يمكن الاستعانة بها في تقييم الإنتاج الصوتي الآلي، إلا أن العلماء المتخصصين يلجأون في الآونة الأخيرة إلى قاعدة بيانات محددة ويسعون لتطويرها وتزويدها بكافة المعلومات المستحدثة في هذا الحقل المعرفي.رابعا: التنغيم والتفعيلات والمحتوى الانفعالي للنص، وهي التحديات الخاصة بتحديد الجُمَل الطلبية من أمر ونهي واستفهام وتعجب وغير ذلك من الجُمَل التي تزداد فيها حدة الصوت وتقل حسب موقع الكلمة في الجملة، وإن كان للاستفهام علامة تظهره وللتعجب علامة تبديه إلا أن بقية أنواع الجُمَل الطلبية لا تكاد تتضح من الجُمَل الخبرية إلا من خلال محلل دلالي (وهو أمر معقد ولا مجال لاستخدامه لمجرد النطق طالما وجدت طرق سهلة وبديلة)، ولا يقف نطق العبارات عند هذا الحد وإنما يمكن تحديد الحالة الانفعالية لقارئ النص بالفرح أو الأسى أو التهكم أو اللامبالاة من خلال سياق النص المقروء وهو ما يدعو علماء اللغة في العالم إلى تجديد محاولاتهم في الوقوف على القواعد اللغوية التي تحدد الحالة الانفعالية لنص ما بدقة تساعد آلات النطق الإلكترونية إصدار أصوات محاكية للأصوات البشرية في حالات الابتسام أو العبس أو الإرهاق وما إلى ذلك.قد يظن القارئ بأن تلكم التحديات تمثل كل التحديات التي تواجه المبرمجين في إعدادهم لآلات ناطقة تحاكي الصوت البشري، ولكن الأمر يختلف كثيرا عن ظنونهم، فالمشكلات اللغوية لا تمثل إلا عقبة بحثية علمية واحدة من عقبات أخرى تضم المشكلات الاقتصادية في إنتاج معالجات حاسوبية أكثر سرعة وأكبر دقة من سالفتها ومشكلات رياضية مثل العقدة الرياضية عند مد الحاسوب بكمية هائلة من القواعد التي يجب عليه الالتزام بها ومشكلات فنية دقيقة تتمثل في تشفير قواعد البيانات بصورة تقلل من ضخامة حجمها وغير ذلك من المشكلات التي تقف حجر عثرة أمام إنتاج صوت آلي يضاهي الصوت البشري، ولكن الآمال في الوصول إلى الحل الأمثل في إنتاج صوت آلي يحاكي الصوت البشري لا تزال كبيرة خاصة لوجود فئات عديدة تسعى بدأب لحل المشكلات وتخطي التحديات المذكورة من أجل دمج آلات النطق في كافة المجالات التي تنتظرها. كيف تعمل آلات النطق الإلكترونية (speech synthesizers) إن من مستحدثات الأدوات والبرمجيات التقنية ما نُسمّيه بآلات النطق الإلكترونية أو (speech synthesizers) وفي هذا اللقاء نلقي الضوء على ماهية وكيفية النطق الآلي والفوائد العلمية والاستخدامية لهذا النوع من النطق الآلي أو ذاك كما نتطرق لأهمية تصنيع آلات النطق الإلكترونية في حياة ذوي الإعاقة من المكفوفين ودورها كذلك في حل مشكلات صعوبات التعلم وكذلك التسهيلات العامة التي تقوم آلات النطق الإلكترونية بها في حياتنا العامة، إلى جانب إلقاء الضوء على التحدياتِ البرمجيةِ واللغويةِ في إنتاج الصوت الآلي المُحاكي للصوت البشري.تهدف صناعة آلات النطق الإلكترونية إلى استغلال المعالِجات الحاسوبية في إنتاج صوت آلي لغوي يحاكي الصوت البشري على أن يتّصِف هذا الصوت الصناعي بالطبيعية والنقاء: أما الطبيعيةُ فهي مقدار محاكاة الصوت الآلي للصوت البشري، وأما النقاء فهو مدى سهولة إدراك الأذن البشرية للصوت الآلي ومدى قُدرتها على التعامل معه. وتقوم آلة النطق الإلكترونية بأربعة مهام داخلية حتى تقوم بإنتاج الصوت البشري: العملية الأولى هي عملية ما قبل معالجة النص وهي التي يتم من خلالها تحويل الرموز والاختصارات والأرقام إلى مُقابلها الطبيعي المكتوب أي أن هذه العملية تستهدف تحويل الخطوط والأرقام المختلفة إلى مُقابلها اللغوي حسب اللغة البشرية المناسبة. والعملية الثانية هي الترميز الصوتي وهي عملية محاكاة النص الطبيعي بمقابله من الترميز الصوتي أي محاكاة النص الطبيعي بمثيله من الرموز الصوتية الدالة عليه. والعملية الثالثة هي التقسيم التفعيلي للنص ويتم من خلالِه تقسيم النص إلى وحدات صوتية لغوية متكاملة أي جُمَل وعبارات وتراكيب لغوية مستقلة.
وتُكون عمليتَي الترميز الصوتي والتقسيم التفعيلي ناتجا من الرموز اللغوية المتسقة لكي تستغله العملية الرابعة في إنتاج الصوت المُحاكي للصوت البشري فالعملية الرابعة إذن هي عملية النطق الآلي الذي ينتج عن تحويل الرموز اللغوية سالفة الذكر إلى أصوات تُحاكي الصوت البشري.وبهذا نصل إلى السؤال الذي يطرح نفسه على ساحة الحوار: ما هي الأساليب التقنية المستخدمة في إنتاج الصوت الآلي المُحاكي للصوت البشري؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن نسترجع الخاصيتين السابقتين للصوت الآلي وهما الطبيعية والنقاء، وكما ذكرنا أن الطبيعية هي مقدار محاكاة الصوت الآلي للصوت البشري في ترددِه وطبقتِه وخصائصِه الصوتيةِ المختلفة، أما النقاء فهو مدى إمكانية استقبال أو إدراك الأذن البشرية لهذا الصوت حتى يتمكن السامع من تحليل الصوت وفهمه وتمييزه عن غيرِه، ويقاس نجاح وتفوق آلة صوتية عن غيرها بمدى تحقيقها لهذين الشرطين وإن باتت التحديات البرمجية والمنطقية أكبر من مواجهتها إلى يومنا هذا، فالطبيعيةُ تقضي بمحاكاة الصوت البشري والنقاءُ يحتاج لتحكم غير مسبوق في الإنتاج الصوتي، وهما منهجان مختلفان ومتباينان ذلك لاختلاف أساليب تحقيق سمات كل منهما، ولِإنتاج الصوت الآلي يتبَع المبرمجون إحدى طريقتين هما: الدمجية أو التكوينية.
أولا: الطريقة الدمجية وتقضي باستدعاء الجُمَل الصوتية المسجلة سلفا من قِبَل أحد الأصوات البشرية وتجميعها لإنتاج صوت آلي يقرأ ما يلقفه من نص مكتوب، وهذه الطريقة تنتِج لنا صوتاً أقرب للصوت البشري بشكل رائع إلا أنّ الفروق الزمنية الحادثة ما بين جملة صوتية وأخرى تليها يخرج لنا ذَبذبات صوتية توحي بعدم الاستقرار والثبات للصوت المُنتَج، وتنقسم الطريقة الدمجية إلى ثلاثة أساليب فرعية هي: الإنتاج الصوتي بتحديد الوحدة الصوتية، والإنتاج الصوتي ثنائي الصوت، والإنتاج الصوتي مخصص المجال، أما عن الإنتاج الصوتي بتحديد الوحدة الصوتية فهو عبارة عن إنشاء قاعدة بيانات صوتية هائلة الحجم تحتوي على الإشارات الصوتية والأصوات الطبيعية وأنصاف الأصوات سواء كانت متحركة أو ساكنة بالإضافة إلى مقاطع صوتية وكلمات وجُمَل وعبارات صوتية كلها يمكن استدعاؤها عند الحاجة لتكوين صوت آلي مُحاكي للصوت البشري، إلا أنّ هذه الطريقة تستلزم تسجيل ساعات طويلة من الصوت الطبيعي ثم تقسيمه عن طريق أدوات صوتية متطورة ومتخصصة جدا وبعد ذلك تخزينه في مساحات هائلة ربما تتجاوز بضع جيجات من وسائط التخزين وبالتالي تستغرق وقْتاً في عملية استدعائها وإن قَل احتمال الحاجة لمعالجة آلية معقدة إذ أن هذا النوع، على رغم مثالية إنتاجه للصوت المُحاكي للصوت البشري، إلا أنه يخفَق في بعض المهام مثل نطق الكلمات الصغيرة التي يحتاج لتكوينها وربما تكون موجودة بالفعل في مقاطع لغوية أخرى في نفس قاعدة البيانات، وأذكر لكم أَخيرا أنّ قاعدة البيانات المذكورة لا يجب أن تخلو من كافة السمات الصوتية لكل سِجِل فيها مثل طبقة نطقه وتردد النطق والوقت المستغرق في النطق وما إلى ذلك، وأما إنتاج الصوت بالثنائية الصوتية يحتاج إلى إنشاء قاعدة بيانات صغيرة تشتمل على الثنائيات الصوتية للغة بمعنى أنّ مثل هذه القاعدة للبيانات الصوتية تشتمِل على أصوات مقطعية في مقابل رموز صوتية ثنائية يتم استدعاؤها وإجراء بعض المعالجة الآلية لإشاراتها قبل إنتاج الصوت النهائي منها، وهذا النوع ينتِج لنا صوتا أردأ من سابقِه وإن كان أقرب للطبيعية عن استخدام الطريقة التكوينية في إنتاج الصوت الآلي، فهذه الطريقة تَجمَع ما بين مميزات الصوت الطبيعي الذي تُنتِجه طريقة تحديد الوحدة الصوتية وبين الطريقة التكوينية حيث يتم التحكم في سرعة وطبقة الصوت المنطوق، ولا شك من إفادة هذه الطريقة في إنتاج برمجيات صوتية تجارية ومجانية في أسواق البرمجيات نظرا لإمكانياتها في التحكم في الصوت الناتج عنها، وأما طريقة الإنتاج الصوتي مخصص المجال يَشتمِل على قاعدة بيانات صوتية بمجموعة من الكلمات والجُمَل والعبارات الكاملة ولهذا فهو لا يصلح إلا لنطق عبارات مختصة بمجال محدد دون غيرِه كمثل نطق جدول زمني برحلات الطيران أو قراءة التقارير المناخية وغيرها.
ومن هنا يتبين لنا أنّ الطريقة الدمجية بكافة أساليبها تعتمد على إنشاء قواعد بيانات صوتية تَشتمِل على السمات الصوتية المختلفة لِلُغةٍ ما ثم استدعاؤها عند الحاجة لإنتاج صوت آلي مُحاكي للصوت البشري، إلا أن الطريقة الدمجية تخفَق في إنتاج الصوت الآلي في حالات شتى مثل عدم تضمين صوت لغوي معين أو طبقة صوتية بعينها في قاعدة البيانات التي يلجأ إليها محرك التشغيل الخاص بآلة النطق، أو تصادف وجود مجموعة متسلسلة من الأصوات الساكنة التي لا قِبَلَ لآلة النطق بإدراكها نظرا لعدم قدرة آلة النطق على إنتاج أصوات متفرقة إلى هذا الحد من الدقة، وهنا يكمن التحدي البَرمجي في إنتاج حل صوتي يحقق الطبيعية والنقاء في آن واحد، لا سيما ضرورة وجود محلل دلالي في بعض اللغات لِإدراك الفارق ما بين كلمة تحمل مَعنيَين وبالتالي تحتاج لإنتاج صوتين متباينَين عندئذ
.ثانيا: الطريقة التكوينية وهي طريقة تخلو من تسجيل الصوت البشري تماما وتلجأ لتخليق الصوت المُحاكي للصوت البشري عن طريق إنتاج صوتي تكويني يخضع لعدة معاملات فيزيقية مثل: تردُّد الصوت وحِدّته والوقت المنصرم عند نطقه وغير ذلك من السمات الصوتية لِلُغة بشرية بعينها، والطريقة التكوينية تعتمد في إنتاجها للصوت على قواعد برمجية أكثر دقة من تلك الموجودة في الطريقة الدمجية وإن كانت الطريقة الدمجية لا تخلو من تراكيب تكوينية مثل التي ذكرناها لكم في طريقة إنتاج الصوت بالثنائية الصوتية والتي تعد إحدى الطرق الفرعية للطريقة الدمجية.
ويُعَد إنتاج الصوت الآلي الصناعي بهذه الطريقة التكوينية مجالً متميزً عند الحديث عن نقائهِ وقدرتِه الفائقة على نطق النص المكتوب بصوت مفهوم وإن زادت سرعته أو حِدّته، وهذا ما يدعو الشركات المنتِجة لبرامج قراءة الشاشة الخاصة بالمكفوفين وضعاف البصر للاستعانة بمثل هذا النوع من آلات النطق طمعا في أعلى درجة من النقاء والتحكم، ومع ذلك فإن آلات النطق التكوينية لا تطْمح في تحقيق أعلى مستويات الطبيعية في مُحاكاة الصوت البشري ذلك لأنها لا تعتمد في الأساس على صوت بَشَري في إنتاج الصوت الخارج منها وإنما تقوم بذاتها بتصنيع الصوت طِبقا لمجموعة من القواعد المنطقية والبرمجية كما أسلفنا، ونظرا لخلو هذا النوع من قواعد البيانات الضخمة يمكن الاستعانة به في العمل ضمن منظومات برامج أخرى تتضاءل فيها إمكانيات المعالجات الحاسوبية والذاكرة المستخدمة مثل بعض ألعاب الأطفال التي تحتاج لنطق الكلمات أو العبارات، ونظرا لعِظَم قدرِ التحكم الذي تمنحه الطريقة التكوينية لإنتاج الصوت للمبرمجين، يمكن للصوت الناتج عن هذه الطريقة تنغيم العبارات المختلفة طبقا لمحتواها اللغوي كأن ترتفع حدة الصوت في نهاية السؤال وتنخفض عند التعجب بل وتُبدِي فرحِها أو أساها عند صدور عبارات معينة منها دَليلا على عِظَم قدر التحكم البَرمجي في مكونات هذا النوع من آلات النطق.ولا ينقضي الأمر بالأنظمة المذكورة وإنما تختلف المعامل الصوتية وتتنوع أساليبها في إنتاج الصوت فمنها ما ينتج الصوت باستخدام المنهج النطقي عن طريق قياس الأصوات الحلقية والأنفية ثم محاكاتها، ومنها ما يحاكي الميتافيزيقا الصوتية للأصوات البشرية، ومنها ما يحاكي الأصوات البشرية بصوت صفير مضخم لكي ينتج لنا صوتا آليا مضاهيا للصوت البشري، وهكذا. المكفوفون وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بات الحديث عن دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حياة الإنسان أمر يدعو للدهشة، فما عاد الحديث عن الحاسب الآلي بالأمر الغريب أو المدهش، بل إن كثرة الحديث عن المجالات التكنولوجية ودورها صار باعثا على السأم إلا أن تكون هناك فكرة جديدة أو خبرة مضافة للقارئ في هذا المضمار.لقد صار الحاسب الآلي بأحجامه المختلفة والهاتف المحمول بإمكانياته المبهرة سببا في حياة جديدة يعيشها كل داخل إلى هذا المجال، إذ أن الحاسب الآلي لم يعد يقبع في المنزل كما كان حاله من سنوات قلائل، ولم يعد التليفون المحمول وسيلة للاتصال والتواصل فحسب بل صار مفكرة آلية وساعة جيب وحافظة معلومات من كل نوع، بل صار الحديث عن الخدمات التي تؤديها أدوات تكنولوجيا المعلومات أمر لا يمكن توقعه أو احتماله.
أضحى المعلم يستعين بالحاسب الآلي في إعداد ملازم الدروس وتحضير الجلسات والحصص، وصارت الإنترنت وسيلة تعليمية وتثقيفية ومصدر عالمي للحصول على التدريب والتعليم والشهادات الدولية المعتمدة، كما صار الحاسب الآلي بما يحوي من برمجيات ملاذا لكل طفل يبغي اللعب، وملاذا لكل كاتب يريد نشر فكره للعالم عبر الإنترنت، ومنفذا لكل بائع يريد التوسع في بيع منتجاته، ومرتع لكل هاوٍ أو محترف في مجال تكنولوجيا المعلومات، فما من فرد إلا وصار الحاسب له طوعا إما بمساعدته في القيام بأعماله الخاصة به، أو بجذبه إلى التفوق في مجال تكنولوجيا المعلومات. فالطبيب الماهر في عمله والمتقن للحاسب الآلي أرقى من الطبيب التقليدي الذي لا يمتلك هذه الأداة الفائقة، وكذلك المعلم، والمهندس، والتاجر، والحرفي، وما إلى ذلك.
ومن الفوائد الجمة التي عادت على بني البشر من صناعة وتطوير مجالات تكنولوجيا المعلومات نطل على مجال التكنولوجيا التعويضية أو المعاونة وهي الأدوات التكنولوجية والحلول البرمجية التي تهدف لمعاونة ذوي الإعاقات في تحقيق مآربهم، فهذا برنامج ينطق الرسائل والنصوص الواردة على شاشة الحاسب الآلي وهذا برنامج يستكبر الشاشة ليعين ضعاف البصر على رؤية المحتوى الموجود عليها بشكل يسير، وهذه طباعة تقوم بترجمة الخط المرئي على شاشة الحاسب الآلي إلى خط مطبوع بالخط البارز على الورق المثقول لكي تعين المكفوفين على قراءة المواد المطبوعة، وهذا ماسح ضوئي يستغله المكفوفون أيضا في إدخال النصوص المطبوعة بالحبر إلى الحاسب الآلي لكي يتسنى لهم قراءتها، وهذا برنامج آخر يقوم بترجمة الأوامر الصوتية إلى أفعال يقوم بها الحاسب الآلي مما يفيد غير القادرين على تحريك أيديهم لاستخدام الوسائل التقليدية في التعامل مع الحاسب الآلي كذلك. مما لا شك فيه أن كل هذه الوسائل وغيرها الكثير مما سنبادر بعرضه من خلال هذه المدونة يقدم يد العون لكل صاحب إعاقة أو صاحب حاجة ويعين مستخدمه على أداء مهام وأدوار حياته بشكل استقلالي غير مسبوق، ومع ذلك فإن قطاع التصنيع العربي وقطاع تكنولوجيا المعلومات العربي وقطاع طب العيون والآذان والعظام وغيرها ممن لهم دور في تشخيص المرض من الإعاقة لا يكادون يدركون أهمية هذه الأدوات ولا هذه الحلول البرمجية وربما لم يسمعوا عنها شيئا، وإننا لنعجب أن يعود لنا أساتذة الطب والعلوم الحاسوبية من الخارج وقد امتلأت حلوقهم بالحديث عن المستحدثات التقنية في مجالات تخصصاتهم ولا يكادون يذكرون ما نعرفه من أدوات وبرمجيات معينة!ومن هنا كان حتم علينا نشر كل ما نطالع أو نستخدم أو يستخدم أقراننا حتى نثري المعرفة العربية بشتى تخصصاتها ذات الصلة بما يجب عليهم معرفته ولكي نثري كم المحتوى الإلكتروني العربي المفيد الهادف إلى نشر العلم والمعرفة بدلا من الهراء الجاري على جل مواقع الإنترنت العربية التي لا تنشر إلا ما لا يسمن ولا يغني من جوع باستثناء بعض المواقع العربية الأصيلة التي قل ذيوعها بين زوار الإنترنت.